ما احتمالات توجيه هجوم إسرائيلي أمريكي أو دولي على أهداف في اليمن عقب تصعيد الحوثيين؟
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
غداة تصعيد حوثي من خلال التهديد باستهداف كل السفن المتجهة صوب إسرائيل، بعدما كان التهديد مقتصرًا على السفن التي ترفع العلم الاسرائيلي أو تملكها أو تديرها شركات مرتبطة بإسرائيل، أعلنت فرنسا، اليوم الأحد، أن إحدى سفنها الحربية في البحر الأحمر استهدفت بطائرتين مسيّرتين قالت إنهما قادمتان من اليمن، وتم اعتراض كلاهما وإسقاطهما.
البيان القصير الصادر عن هيئة الأركان للقوات الفرنسية لم يذكر مَن أطلق الطائرات بدون طيار على الفرقاطة البحرية الفرنسية (لانغدوك) مساء السبت. وحسب البيان فان الطائرات بدون طيار جاءت مباشرة نحو السفينة واحدة تلو الأخرى، بفارق ساعتين من اتجاه اليمن. وأضاف أن السفينة الحربية دمرتهما على بعد حوالي 110 كيلومترات قبالة ميناء الحديدة على البحر الأحمر على الساحل اليمني.
تتمركز (لانغدوك) في المنطقة البحرية بالمحيط الهندي منذ أغسطس/آب، وتلعب دوراً حاسماً في مرافقة حاملة الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” عبر مضيق هرمز الحيوي استراتيجياً إلى الخليج العربي.
وكان الناطق باسم القوات العسكرية التابعة للحوثيين، يحيى سريع، أصدر، السبت، تحذيراً هدد فيه بمهاجمة أي سفينة (من أي جنسية) تتجه صوب إسرائيل. وحث سريع كافة السفن والشركات على تجنب التعامل مع الموانئ الإسرائيلية حفاظًا على سلامة الملاحة البحرية.
ويمثل القرار الحوثي الأخير بمثابة إعلان فرض حصار تجاري بحري مباشر على تل أبيب من خلال البحر الأحمر، في وقت صارت بعض السفن المتجهة صوب إسرائيل تسلك طريقًا عبر البحر الأبيض المتوسط تجنبًا لهجمات الحوثيين، لكن هذا الطريق رفع رسوم الشحن، وفق أحد مواقع تتبع حركة السفن، بما نسبته 9 % وأكثر.
وشهدت الأسابيع الأخيرة تصاعداً في هجمات جماعة الحوثيين على السفن المدنية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن التي تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، كما أن الجماعة ما تزال تطلق صواريخ باليستية باتجاه اسرائيل، فيما أفادت البحرية الأمريكية بنجاحها في اعتراض طائرات بدون طيار من اليمن.
بلا شك إن القرار الحوثي الأخير يمثل تصعيدًا قويًا؛ ولهذا خرجت على إثره إسرائيل لتتحدث بلهجة تهديد مرتفعة لأول مرة من بدء الهجمات الحوثية ضدها. وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، السبت، “إن إسرائيل مستعدة للتحرك ضد جهود الحوثيين في اليمن لتعطيل الملاحة في البحر الأحمر إذا فشل المجتمع الدولي في القيام بذلك”.
وأضاف هنغبي للقناة 12 الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وكذلك القادة الأوروبيين بشأن استهداف الحوثيين للسفن التجارية التي لها صلات إسرائيلية مزعومة.
وأضاف: “إن إسرائيل تمنح العالم بعض الوقت للتنظيم من أجل منع ذلك، ولكن إذا لم يكن هناك ترتيب عالمي، لأنها قضية عالمية، فسنتحرك من أجل إزالة هذا الحصار البحري”.
يأتي هذا في الوقت الذي تجري واشنطن محادثات لتشكيل قوة مشتركة لمرافقة السفن التجارية في البحر الأحمر. إزاء ذلك هدد عضو المجلس السياسي الأعلى الحاكم في مناطق سيطرة الحوثيين، محمد علي الحوثي، بشكل غير مباشر بمهاجمة تلك السفن الحربية الأمريكية والتابعة للتحالف الدولي في المنطقة، في حال مرافقتها للسفن المتجهة الى اسرائيل.
وقال الحوثي في تدوينة على منصة “إكس”، “القوات المسلحة (التابعة للجماعة) ستعتبر أي مرافقة عسكرية للسفن الإسرائيلية تعرض أمن الجمهورية اليمنية للخطر. ومن هذا المبدأ سيكون من حق القوات المسلحة مواجهة هذا الخطر”.
في ذات السياق: هل بمقدور قوات الحوثيين تنفيذ تهديدهم باستهداف كل السفن المتوجهة إلى إسرائيل؟ وهل بمقدور واشنطن منع الحوثيين من استهداف السفن؟
قال الباحث المصري، سامح عسكر، في تدوينة على منصة إكس: سيكون (الحوثي) بحاجة لترسانة سلاح متطور وثقيل في ظل ردة الفعل الدولية المتوقعة التي ستقودها الولايات المتحدة على الأرجح بتحالف دولي بباب المندب، ونفس السؤال سيوجه للأمريكيين، هل بمقدورهم منع الحوثي من استهداف السفن؟ الأيام القادمة صعبة”.
تعليقًا على الموقف الأمريكي الراهن قال الصحافي اليمني، عبد السلام محمد، رئيس مركز ابعاد للدراسات في تدوينة على منصة إكس متسائلا: “هل واشنطن تجهز قوات لمرافقة السفن أثناء مرورها في البحر الأحمر، أم تنشئ تحالفا دوليا، أم توجه ضربة للحوثيين؟ لأول مرة تبدو الولايات المتحدة تتألم بدون صوت. لا تريد التورط في حرب اليمن، ولا تريد توسعة الصراع في المنطقة، ولا تريد أن تخسر علاقتها مع إيران والحوثيين، لكنها أيضًا لا تريد المزيد من الإهانات لحليفتها إسرائيل، ولو على سبيل المزاح!”.
الموقف الأمريكي
وفق تقرير نشرته منصة “شيبا انتلجنس”، وهي منصة استخباراتية مفتوحة المصدر، “تبنت الولايات المتحدة وستتبنى طرقًا معينة للحفاظ على أمن ممرات الشحن البحري واحتواء تهديدات الحوثيين. حتى الآن، اتخذت واشنطن إجراءين ردًا على التصعيد المستمر في البحر الأحمر. وهناك خطوتان أخريان قيد النظر”.
وأضاف التقرير: “عززت الولايات المتحدة تواجدها العسكري في البحر الأحمر، خاصة بعد 19 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما استخدمت جماعة الحوثي مروحية نزل منها مسلحون إلى السفينة (غالالكسي ليدر) ووجهوها إلى ميناء خاضع لسيطرتهم في الحديدة.
واستطرد: أجرت مدمرة الصواريخ الموجهة من فئة يو إس إس ميسون (DDG87) والمدمرة من فئة موراسيم التابعة لقوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية مناورة ثنائية في خليج عدن في 25 نوفمبر. تم نشرها في منطقة عمليات الأسطول الخامس الأمريكي لدعم الأمن البحري والاستقرار في الشرق الأوسط. وتشمل منطقة عمليات الأسطول الخامس الأمريكي الخليج العربي وخليج عمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي وثلاث نقاط اختناق حرجة في مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب.
وقال التقرير: “وفقًا لأسطول USNI News Fleet and Marine Tracker، عبرت حاملة الطائرات يو إس إس دوايت إيزنهاور (CVN-69) مضيق هرمز في 26 نوفمبر، حسبما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية. كانت تلك هي المرة الأولى التي تبحر فيها حاملة طائرات أمريكية في الخليج العربي منذ أن عملت يو إس إس نيميتز CVN-68 هناك في أواخر عام 2020. علاوة على ذلك، تم إرسال المدمرة يو إس إس كارني إلى الشرق الأوسط في أكتوبر. وفي 19 أكتوبر، أسقطت المدمرة ثلاثة صواريخ كروز وعدة طائرات مسيرة أطلقها الحوثيون في اليمن”.
بالإضافة إلى تكثيف واشنطن وجودها في البحر الأحمر في مواجهة تهديدات الحوثيين فقد بدأت في فرض عقوبات على من اعتبرتهم الداعمين الماليين لجماعة الحوثيين. “وأعلنت واشنطن في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، فرض عقوبات على 13 شخصاً وشركة يُزعم أنهم يقدمون دعمًا ماليًا إلى الحوثيين في اليمن. وتعيق العقوبات الوصول إلى الممتلكات والحسابات المصرفية الأمريكية وتمنع الأشخاص والشركات المستهدفة من التعامل مع الأمريكيين”.
بموازاة اتخاذ الولايات المتحدة خطوات عملية لمواجهة التهديدات التي تواجه الملاحة الدولية في البحر الأحمر فإنها تدرس إمكانية انشاء قوة مشتركة عالمية أو قد تقوم بشن ضربات على أهداف للحوثيين في اليمن، حسب تقرير منصة (شيبا انتلجنس).
وقال البيت الأبيض في 5 ديسمبر/كانون الأول إن الولايات المتحدة قد تشكل قوة عمل بحرية لمرافقة السفن التجارية في البحر الأحمر لحماية السفن التجارية الدولية. وقال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، إن الولايات المتحدة تُجري محادثات نشطة مع الحلفاء حول إنشاء المرافقين، واصفًا مثل هذه الخطوة بأنها رد فعل “طبيعي” على الهجمات المستمرة على السفن.
وقالت “شيبا انتلجنس”: “قد تنفذ القوات الأمريكية هجمات على الحوثيين في اليمن في أي وقت، ولا يجوز للأمريكيين انتظار تشكيل تحالف دولي. ووفقًا لمسؤولين أمريكيين تحدثا إلى صحيفة نيويورك تايمز، أعدت القوات الأمريكية أهدافًا أولية للحوثيين في اليمن في حالة أمرت إدارة بايدن بضربات انتقامية. لكن المسؤولين أشارا إلى أن واشنطن لا تريد تحويل الصراع بين غزة وإسرائيل إلى حرب إقليمية”.
وهددت تل ابيب أمس السبت بتنفيذها هجوما على الحوثيين في حال لم تتحرك إدارة بايدن في هذا الاتجاه. لكن كيف ستستطيع إسرائيل شن هجوم ضد الحوثيين؟ من الصعب تحريك مقاتلاتها من داخل إسرائيل لتقطع أكثر من 2000 كيلومتر حتى تصل إلى اليمن، بينما يتاح لها ذلك من خلال القاعدة الإسرائيلية الضخمة في اريتريا، وهي قاعدة دهلك، لكن حتى هذا الاحتمال فهو مرتبط بمحاذير أمريكية وخشيتها من توسع دائرة الحرب؛ لأن استهداف الحوثيين، وبخاصة من قبل الإسرائيليين أو الأمريكيين سيوسع دائرة الصراع في المنطقة؛ نظرًا لحساسية الوضع حاليًا مع العدوان الهمجي المستمر على قطاع غزة. كما أن الحوثيين لن يتورعوا عن استهداف السفن الحربية لأمريكا وبريطانيا وفرنسا وكذلك قواعد واشنطن وإسرائيل في المنطقة… وبالتالي فواشنطن تدرك جيدًا ماذا تعني الحرب الإسرائيلية على غزة حاليًا، وماذا يعني اندلاع حرب إسرائيلية أمريكية أخرى في المنطقة؟ إذ إن ذلك سيؤلب الشعوب العربية بموازاة أن التوقعات بشأن رد الحوثيين ما زالت غير معروفة بالدقة؛ مما يعني أن الباب سيكون مشرعًا على المفاجآت.
وسبق وهدد الحوثيون بسلاح ردع جديد “مخصص للدفاع عن اليمن” وفق تدوينة لنائب وزير الخارجية في حكومتهم غير المعترف بها، حسين العزي، الذي أضاف: “نتمنى ألا نضطر لاستعماله”.
يقول الصحافي اليمني، خالد سلمان، في تدوينة على منصة إكس: “الولايات المتحدة تضغط لإشراك السعودية في تشكيل القوة الدولية في البحر الأحمر (حديث وزير الدفاع الأمريكي مع نظيره السعودي)، وإيران تضغط في حديث عبد اللهيان السبت، بأن التقارب الدبلوماسي مع الرياض “لا يعني التخلي عن تحفظاتنا تجاه سياستها في اليمن”، ما يعني أن استنزافها ثانية، رهن بمواقف الرياض الدولية ذات الصلة بحسابات ومصالح طهران، وروسيا تضغط على السعودية في موضوع القوة الدولية متعددة الجنسيات المزمع تشكيلها، والحوثي يرفع سقف تهديداته، يفاوضها ويعيد تحديث بنك أهدافه الخاص بالداخل السعودي، ومصالح السعودية في إنهاء تواجدها في قلب صراع اليمن، يضغط هو الآخر للانسحاب الآمن، كاستحقاق سياسي اقتصادي مُلِح، ووسط كل هذه الضغوط لا وصفة جاهزة لهروب صانع القرار السعودي، من كل مطارق الضغط، أو لنقل الخروج بأقل الخسائر الممكنة. السعودية عالقة في المنتصف”.
مما سبق فالاحتمالات واردة لكن محاذيرها كثيرة ومخاطرها أكبر.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا اسرائيل الحوثي البحر الأحمر الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الحوثیین فی فی المنطقة فی الیمن یو إس إس لا ترید
إقرأ أيضاً:
قصف أمريكي عنيف يستهدف صنعاء.. واشنطن تزعم قصف منشآت للحوثيين
ذكرت وسائل إعلام تابعة لجماعة أنصار الله "الحوثيين"، مساء السبت أن العاصمة اليمنية صنعاء تعرضت لعدوان دون أن تحدد مصدره.
وذكرت قناة المسيرة التابعة للجماعة في خبر عاجل أوردته نقلا عن مراسلها في صنعاء بوقوع العدوان على العاصمة دون أن تورد تفاصيل إضافية.
في المقابل قالت القيادة الوسطى الأمريكية، إنها نفذت ضربات جوية دقيقة ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وتحكم للحوثيين في صنعاء.
وبينت القيادة أن القصف يهدف لتعطيل وتقليص عمليات #الحوثيين كالهجمات ضد السفن الحربية بالبحر الأحمر، لافتة إلى أن الضربة تعكس التزامها بحماية القوات الأمريكية والشركاء الإقليميين والشحن الدولي
كما زعمت أنها أسقطت خلال العملية مسيرات تابعة للحوثيين وصاروخ كروز مضاد للسفن فوق البحر الأحمر
وفي وقت سابق اليوم، قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن تل أبيب تستعد لشن هجوم آخر في اليمن، يتضمن مشاركة دول أخرى، لإيجاد "تعبئة كاملة" تزيد الهجوم على الحوثيين.
يأتي ذلك بعد أن كشف تحقيق لسلاح الجو الإسرائيلي عن إجراء عدة محاولات اعتراض فاشلة للصاروخ الباليستي الذي أُطلق السبت من اليمن وسقط في ملعب بتل أبيب، مخلفا 30 مصابا وأضرارا بعشرات الشقق في المنطقة.
واعترفت وسائل إعلامية إسرائيلية بالفشل استخباريا وفنيا في مواجهة الهجمات التي تنطلق من اليمن، منذ بدء الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقالت صحيفة "معاريف" العبرية، السبت، إن "إسرائيل فشلت منذ بداية الحرب على غزة في التصدي لتهديدات الحوثيين الذين أطلقوا على أراضيها أكثر من 200 صاروخ باليستي و170 مسيّرة".
جاء ذلك في تقرير للصحيفة عقب إصابة 20 إسرائيليا جراء سقوط صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على تل أبيب وسط دولة الاحتلال. دون أن يتمكن "الجيش" من اعتراضه.
وقالت "معاريف": "يجب أن ننظر إلى الواقع ونعترف بصوت عال أن إسرائيل فشلت في مواجهة تحدي الحوثيين من اليمن، واستيقظت متأخرة جداً في مواجهة التهديد القادم من الشرق".
وأضافت: "الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة في مواجهة التهديد من اليمن، في الدفاع والهجوم. ومنذ أكثر من عام، ألحق الحوثيون أضرارًا جسيمة في الاقتصاد الإقليمي بشكل عام، وفي الاقتصاد الإسرائيلي بشكل خاص".
وصباح أول أمس الخميس، شن الاحتلال سلسلة غارات على العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظة الحُديدة المطلة على البحر الأحمر غربي البلاد.
و"تضامنا مع غزة" التي تتعرض لحرب إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قالت جماعة الحوثي إنها بدأت منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، استهداف سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات.
كما بدأت واشنطن ولندن منذ مطلع العام الجاري، شن غارات جوية وهجمات صاروخية على مواقع للحوثيين، وهو ما قابلته الجماعة بإعلان أنها تعتبر كافة السفن الأميركية والبريطانية ضمن أهدافها العسكرية.