حرب بريطانيا الخاسرة ضد "قنابل القاهرة"!
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
من بين العمليات الجريئة التي نفذت بجنوب اليمن ضد الاستعمار البريطاني، واحدة جرت في 10 ديسمبر عام 1963، وتسببت في إصابة المندوب السامي البريطاني وأكثر من 35 من المسؤولين الآخرين.
إقرأ المزيد تفاصيل مقتل وزير فلسطيني!في تلك العملية قام قيادي في المقاومة اليمنية بالمنطقة ويدعى خليفة عبد الله حسن خليفة بإلقاء قنبلة في مطار المدينة فيما كان مسؤولون بريطانيون ومحليون يستعدون للصعود إلى الطائرة والسفر إلى لندن للتباحث بشأن مستقبل الاتحاد الفيدرالي.
العملية تسببت في إصابة المندوب السامي البريطاني كنيدي تريفاسكس، ومقتل نائبه جورج هندرسن، وجرح أكثر من 35 من المسؤولين الآخرين في حكومة اتحاد جنوب الجزيرة العربية.
اللافت أن خليفة عبد الله حسن خليفة على الرغم من أنه اعتقل وآخرين في المطار عقب الانفجار إلا أنه شارك في انتخابات المجلس التشريعي واكتسح منافسيه، ثم انتقل لاحقا للعيش في دولة الإمارات العربية إلى أن توفى في عام 2007.
يشار إلى أن بريطانيا كانت ضمت على مراحل 17 ولاية بما في ذلك عدن ومحميات تابعة لها فيما بات يعرف لاحقا باليمن الجنوبي بين عامي 1962 - 1964 في اتحاد جنوب الجزيرة العربية، وفي 30 نوفمبر 1967، ألغي هذا الاتحاد رسميا باستقلال البلد.
حرب التحرير ضد الاستعمار البريطاني فيما يعرف في وقت لاحق بمنطقة اليمن الجنوبي بدأت في خريف عام 1963 في عدة مناطق نائية جبلية ثم امتدت إلى عدن، المدينة والميناء الاستراتيجيين.
المقاومة اليمنية شنت بدعم من مصر في عهد الزعيم جمال عبد الناصر حرب عصابات ضد القوات البريطانية في المنطقة، وتمثلت الهجمات في إلقاء المقاومين قنابل يدوية على الدوريات البريطانية.
في البداية استعمل ثوار جنوب اليمن قنابل يدوية كانت القوات البريطانية خلفتها وراءها في السويس أثناء العدوان الثلاثي في عام 1956، وكانت تعرف باسم "قنابل الطواحين"، ثم استبدلت بالقنابل اليدوية السوفيتية "إف – 1" المعروفة أيضا باسم "ليمونكا".
في ذلك الوقت كانت السلطات البريطانية لا ترى في الثورة المسلحة في المنطقة ضدها إلا عمليات من مصر الناصرية ضد نفوذها، وكانت تسمي تلك الهجمات "قنابل القاهرة"!
الثوار المقاتلون ضد الاحتلال البريطاني في عدن وما حولها استخدموا أيضا قذائف الهاون، وقيل إن المدربين المصريين العسكريين قاموا بتعليم "التمردين" طريقة صنعها بأعداد كبيرة في وقت واحد من أنابيب المياه العادية.
واجهت القوات البريطانية عمليات المقاومة المسلحة بعنف شديد، وقام الجنود البريطانيون بمداهمات بحثا عن الأسلحة، وتم القبض على "المتمردين" بشكل جماعين وجرى إرسالهم إلى مراكز الاعتقال والاحتجاز.
وسائل الإعلام البريطانية في ذلك الوقت تحدثت عن أساليب تعذيب وحشية اتبعتها القوات البريطانية، كما سجلت أن "أساليب الاستجواب التي استخدمها الجيش البريطاني في تلك المراكز سرعان ما أصبحت موضع انتقادات حادة من منظمة العفو الدولية والصليب الأحمر الدولي".
كما تم الكشف عن وحدات سرية بريطانية من قوات المشاة تعمل منذ عام 1966 وكان كان أفرادها المسلحون يتنكرون في زي العرب ثم يقومون باصطياد المقاومين في الأزقة الضيقة ليلا، علاوة على محاولتهم العثور على مخابئ الأسلحة.
تواصل الكفاح المسلح ضد البريطانيين، وحاولت السلطات البريطانية، برئاسة المفوض السامي ريتشارد تورنبول، تشكيل دولة جديدة في المنطقة، ووعد خلال المؤتمر الدستوري الذي عقد في لندن في عام 1964، بمنح الدولة الجديد الاستقلال في عام 1968 بشرط ارتباطها باتفاقية دفاع مشترك مع بريطانيا، وأن تمنح لها قاعدة عسكرية في عدن.
خطط لندن تغيرت في 23 فبراير عام 1966 بإعلان حكومة هارولد ويلسون العمالية بمنح المنطقة استقلالها الكامل قبل عام 1968، مع مغادرة القوات البريطانية بالكامل وتخليها عن فكرة "تحويل عدن إلى غوانتانامو بريطانية"، بسبب الأوضاع المالية الصعبة!
بريطانيا بدأت في إجلاء قواتها من منطقة جنوب الجزيرة العربية صيف عام 1967، وبحلول سبتمبر استولت جبهة التحرير الوطني على معظم أرجاء البلاد.
خلال تلك الفترة من الصراع المسلح بين عامي 1963 – 1967، قتل حوالي 200 بريطاني، منهم 98 من الوحدات النظامية، وأصيب 1500، فيما تقدر الخسائر في صفوف المقاومين المحليين بحوالي 2000 قتيل.
حرب التحرير تلك يعدها العديد من المؤرخين البريطانيين الوحيدة "في تاريخ الاستعمار البريطاني التي ألحقت الهزيمة بالجيش البريطاني والدولة البريطانية".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف جمال عبد الناصر عدن القوات البریطانیة فی عام
إقرأ أيضاً:
مستشفى كمال عدوان.. قنابل مستمرة على رؤوس 66 مريضا ومصابا
غزة- في تصعيد جديد للأزمة الإنسانية في شمال قطاع غزة، يتعرض مستشفى كمال عدوان لضغوط إسرائيلية مكثفة بهدف إخلائه، وذلك ضمن الحملة التي يشنها جيش الاحتلال على المنطقة منذ نحو 77 يوما.
ويُعدّ المستشفى شريان حياة لعشرات الآلاف من المدنيين الذين بقوا في شمال القطاع، ويواجه حاليا خطر التوقف عن تقديم خدماته الطبية، وسط استهداف عسكري مباشر وتهديد بنقل المرضى إلى مستشفى آخر.
وقال مدير المستشفى الطبيب حسام أبو صفية إن الاحتلال بدأ منذ مساء أمس السبت هجوما جديدا على المستشفى بكافة أنواع الأسلحة، مطالبا بإخلائه.
وأضاف أبو صفية للجزيرة نت "أتحدث لكم، وطائرات الكواد كابتر منذ الصباح وحتى الآن، لا تكاد تغادر سماء مستشفى كمال عدوان، وتلقي قنابل على مدار الساعة، واستهدفوا مولد الكهرباء، وأحدثوا حريقا فيه، ويلقون قنابل مباشرة على خزان الوقود الخاص به".
المرضى يختبئون داخل ممرات المستشفى خوفا من استهدافهم من قبل الاحتلال (الجزيرة) أوامر إخلاءوذكر الطبيب أبو صفية أنه تلقى بلاغا من الاحتلال يأمره بإخلاء المستشفى خلال الساعات المقبلة، وأوضح أن هذا الأمر ترافق مع مهاجمة الاحتلال للمستشفى دون سابق تحذير باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، مستهدفا جميع الأقسام وخاصة العناية المركزة والحضانة والولادة.
إعلانولفت إلى أن إخلاء المستشفى سيكون "كارثة"، لكونه الوحيد الذي يقدم الخدمات الصحية في شمال القطاع. وقال إن المستشفى يقدم الخدمات لـ66 مريضا، و"من المستحيل نقلهم في ظل الظروف الحالية، لعدم وجود سيارات إسعاف، أو تأمين للطرقات".
وأضاف "لا نعرف أين يمكننا نقل مرضانا، ولكن من المحتمل أن يكون المستشفى الإندونيسي بديلا، ومع ذلك فإن نقل المرضى إليه وتوفير الموارد ليس بالأمر السهل"، حيث ذكر أن المستشفى الإندونيسي غير مؤهل للعمل، لتعطّل مولدات الكهرباء ومحطة الأكسجين فيه.
ويبعد المستشفى الإندونيسي قرابة 3 كيلومترات عن "كمال عدوان"، وسبق أن أخرجه الاحتلال عن الخدمة في بداية عدوانه على شمال القطاع.
وحمّل الطبيب أبو صفية "المجتمع الدولي" مسؤولية جرائم الاحتلال، مطالبا بتدخل دولي عاجل، لإجبار الاحتلال على التخلي عن قراره بإخلاء المستشفى ونقله.
استهداف متعمد
ويروى الطبيب محمد بريك تفاصيل العدوان الذي تعرض له قسم العناية المركزة، حيث يقول إن ليلة أمس وصباح اليوم الأحد كانت "شديد القسوة"، حيث تم استهداف القسم بشكل مباشر، لدرجة أن النيران اشتعلت داخل القسم جراء القصف.
وأوضح بريك، في حديثه للجزيرة نت، أن قسم العناية المركزة كان مكتظا بالمرضى خلال القصف، علما أنه الوحيد الذي يقدم العناية الطبية المكثفة للذين يعانون من أوضاع صحية خطيرة في شمال القطاع.
ويقول "لا مبرر لاستهداف العناية المركزة، فالمرضى فيها على أجهزة التنفس الصناعي، ولا يشكلون خطرا على أحد".
وفي السياق ذاته، يكشف الصحفي إسلام أحمد الموجود داخل المستشفى، بعض جوانب المأساة التي يعيشونها. ويقول للجزيرة نت "بالأمس خرجت طفلة تُدعى آمنة المُفتي لساحة المستشفى لتعبئة قارورة مياه، وتم استهدافها بصاروخ استطلاع، واستشهدت على الفور".
ويضيف "أيضا الجثث ملقاة في الشوارع المحيطة بالمستشفى، لأن الاحتلال يستهدف كل من يتحرك"، كما كشف أن مجموعة من المواطنين ذهبوا قبل يومين لدفن شهيد وصل إلى المستشفى، فتم استهدافهم بعد دفنه، فاستشهد اثنان منهم وأُصيب ثالث.
إعلانكما أشار إلى أن الاستهداف المتكرر للمستشفى خلال الفترة الماضية أدى إلى تعطيل شبكة المياه ووحدة الأكسجين ومولدات الكهرباء.
المستشفى يتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة تهدف إلى إخلائه (الجزيرة) أحوال المرضىوحول إخلاء المستشفى ونقل المرضى للمستشفى الإندونيسي، قال الصحفي إسلام إن ذلك يعتبر أمرا "كارثيا" نظرا لافتقار الأخير لمقومات العمل الطبي، حيث إنه من دون غرف عمليات ومحطة أكسجين ومولدات كهرباء، بالإضافة إلى صعوبة نقل المرضى دون سيارات إسعاف، وتأمين الطرقات لهم، في ظل استهداف الاحتلال لكل ما يتحرك في شمال القطاع.
وحول أوضاع المرضى الموجودين داخل المستشفى، قال إسلام إن عددهم بلغ 66 شخصا، ويعانون أوضاعا صحية ومعيشية مزرية للغاية، مضيفا "لا تتوفر أدوية ولا مستهلكات طبية ولا أطباء متخصصون لإجراء عمليات جراحية".
وتابع موضحا أن "بعض المرضى تعفنت جراحهم، وتم بتر أطرافهم لعدم وجود جراحين متخصصين، وبعض المرضى توفوا لعدم وجود أخصائيين في بعض المجالات مثل المخ والأعصاب، كما أن الاحتلال اعتقل عددا منهم أثناء اجتياحه الأول للشمال في أكتوبر/تشرين الأول 2023″، ولفت إلى أن قلة الأدوية والطعام يؤخر شفاء المرضى كثيرا.
وردا على سؤال الجزيرة نت حول كيفية وصول الأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفى، أجاب الصحفي أن "إمدادات الغذاء والماء والدواء تأتي عن طريق منظمة الصحة العالمية عبر سيارات إسعاف، لكنها قليلة جدا ولا تكفي إلا لعدة أيام"، وذكر أن جنود الاحتلال يصادرون بعض هذه الإمدادات الغذائية والدوائية على الحواجز المؤدية للمستشفى.
وفي هذا الصدد، يقول "هناك بعض الأطباء مثل هاني بدران ونهاد غنيم، وصلهم نبأ فقدان عائلاتهم جراء جرائم الاحتلال وهم على رأس عملهم"، كما تطرق إلى حادثة استشهاد الطبيب سعيد جودة الذي كان آخر أخصائي عظام في شمال القطاع، حيث أصابته رصاصة قاتلة في رأسه أدت إلى استشهاده على الفور، في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
إعلانبدوره، يصف الصحفي محمد الشريف الموجود داخل المستشفى الأوضاع داخله بالكارثية، ويقول "الأوضاع المعيشية صعبة جدا، والناس هنا يواجهون خطر الموت والعطش والجوع".
وحول ما جرى مساء أمس وصباح اليوم، قال الشريف للجزيرة نت "منذ الأمس وحتى الآن يحاصر الجيش المستشفى ويستهدف كل من يخرج أو يتحرك، بالإضافة إلى أن القصف المدفعي لا يزال مستمرا، وإطلاق النار مستمر حتى هذه اللحظات، كما أن الطيران المُسيّر يلقي القنابل على المستشفى وساحاته وأقسامه، ما أدى الى دمار هائل داخل أروقة كمال عدوان".