حكاية تجسس الهند - إسرائيل على قطر
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
حكاية تجسس الهند - إسرائيل على قطر
ستتردد دول الخليج مستقبلًا في التعاون مع الهند في المجالَين الدفاعي والاستخباري، أو في العمل مع شركات توظّف مسؤولين هنودًا متقاعدين.
الهند تعتمد بشدّة على استيراد المنتجات النفطية من الخليج، وتمنح التحويلات المالية من الجاليات الهندية في بلدان الاغتراب زخمًا كبيرًا للاقتصاد الهندي.
حُكم محكمة قطرية على ثمانية ضباط سابقين بسلاح البحرية الهندي بالإعدام بتهمة التجسس، سيؤدّي لمزيد من التدهور في العلاقات بين الدوحة ونيودلهي.
أعرب مودي منذ 7 أكتوبر، عن تضامن كامل مع إسرائيل، وامتنعت الهند عن التصويت على مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان هدنة إنسانية بغزة.
قضية التجسس نتيجة التعاون الدفاعي والاستخباري بين الهند وإسرائيل، والحكم على الضباط الثمانية السابقين في البحرية الهندية بالإعدام سيهدّد علاقات الهند بقطر.
ترغب قطر بتعزيز قواتها البحرية وسلاح الغواصات بعد الحصار الذي فُرِض عليها بقيادة السعودية والإمارات بين عامي 2017 و2021، وسبب مخاوف جدّية بشأن أمنها القومي.
* * *
تصدّرت شركة الظاهرة العالمية للخدمات والاستشارات، وهي شركة خاصة للاستشارات الدفاعية مقرها في قطر، العناوين الدولية في آب/أغسطس 2022 حين أُلقي القبض على ثمانية موظفين هنود ووُجِّهت إليهم تهمة تمرير وثائق حسّاسة إلى إسرائيل.
وبعدما أمضى الموظفون الثمانية فترات طويلة في الحبس الانفرادي – وجميعهم ضباط سابقون في سلاح البحرية الهندي – حكمت عليهم محكمة قطرية بالإعدام في 27 أكتوبر الماضي.
وبما أن قطر تطبّق قوانين صارمة ضد التجسس وإفشاء الأسرار الوطنية، أُغلِقت الشركة وطُلِب من موظفيها الهنود، وعددهم أكثر من خمسة وسبعين موظفًا، مغادرة البلاد.
تشير التقارير إلى أن شركة الظاهرة العالمية كانت تقدّم المشورة لسلاح البحرية القطري بشأن برنامج للحصول على غواصات هندية الصنع، وأن ضابطًا واحدًا على الأقل من الضباط السابقين في سلاح البحرية عمل سابقًا على مشاريع غوّاصات.
وكانت قطر مدفوعة على الأرجح برغبتها في تعزيز قواتها البحرية ومواصلة مشروع الغواصات بعد الحصار الذي فُرِض عليها بقيادة السعودية والبحرين والإمارات ومصر منذ عام 2017 حتى عام 2021، والذي تسبب للإمارة بمخاوف جدّية بشأن أمنها القومي.
ولكن إسرائيل تنظر إلى أي محاولة تقوم بها دول الخليج لتطوير التكنولوجيات العسكرية بأنها تهديد لتفوّقها العسكري النوعي في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أنه ليس هناك تاريخ من النزاع المباشر بين قطر وإسرائيل، فالعلاقات بين الدولتَين ليست ودّية.
وقد أبقت السلطات القطرية تفاصيل قضية التجسس طي الكتمان، في ظل احتمال بأن يكون ضباط سلاح البحرية المتهمون قد تصرّفوا بناء على طلب الحكومة الهندية لجمع معلومات استخبارية لصالح إسرائيل.
فالدولتان الإسرائيلية والهندية تعملان على توطيد شراكتهما منذ إقامة العلاقات الرسمية بينهما في عام 1992. وقد أصبحت الهند أكبر جهة شارية للمعدات العسكرية الإسرائيلية منذ تسلّم رئيس الوزراء ناريندرا مودي منصبه، وتعمل الدولتان أيضًا على توسيع الروابط بينهما من خلال اتفاقات تتعلق بالأمن السيبراني والإنتاج المشترك للأسلحة.
ولكن إذا كانت قضية التجسس هي على الأرجح نتيجة للتعاون الدفاعي والاستخباري بين الهند وإسرائيل، فالحكم على الضباط الثمانية في سلاح البحرية الهندي بالإعدام سيهدّد العلاقات الهندية مع قطر. العام الماضي، أتمّت العلاقات بين البلدَين عامها الخمسين، وقد بلغت قيمة التجارة الثنائية 15.03 مليار دولار أميركي في الفترة 2021-2022.
وفي حين يعيش ما يزيد عن 750000 وافد هندي، معظمهم عمّال غير ماهرين، في قطر ويشكّلون نحو 25 بالمئة من سكان البلاد فإن الهند تعتمد أيضًا بشدّة على استيراد المنتجات النفطية من الخليج، وتمنح التحويلات المالية من الجاليات الهندية في بلدان الاغتراب زخمًا كبيرًا للاقتصاد الهندي.
حتى لو تصرّف ضباط سلاح البحرية من تلقاء أنفسهم، فقد تتردد دول الخليج مستقبلًا في التعاون مع الهند في المجالَين الدفاعي والاستخباري، أو في العمل مع شركات توظّف مسؤولين هنودًا متقاعدين.
وفي ضوء حكم الإعدام الصادر مؤخرًا، قد تواجه الحكومة الهندية أيضًا ضغوطًا داخلية لبذل جهود دبلوماسية مع قطر من أجل إنقاذ ضباط البحرية السابقين. ولكن تجدر الإشارة إلى أن رد الحكومة الهندية على القرار فور صدوره كان ضعيفًا، لا سيما مقارنةً بالرد على الاتهامات الكندية الأخيرة بضلوع الهند في مقتل مواطنين كنديين على أراضيها.
فقد صرّحت وزارة الخارجية الهندية، في 26 أكتوبر، أن "الحكم شكّل صدمة كبيرة لها"، وأنها تنوي إثارة المسألة مع السلطات القطرية. في المقابل، لم تكتفِ الهند فقط بإبداء رفضها القاطع لاتهامات رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بل اعتبرت أيضًا أنها ذات دوافع سياسية وطردت ثلثَي الدبلوماسيين الكنديين من البلاد.
ختامًا، قد يتسبب النزاع الدائر في غزة بتعقيد الجهود الهندية لممارسة الضغوط لدى قطر وحملها على العودة عن أحكام الإعدام. لقد أعرب مودي، منذ 7 أكتوبر، عن تضامن كامل مع إسرائيل، وامتنعت الهند في 27 أكتوبر عن التصويت على مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان هدنة إنسانية في غزة.
من شأن هذه الممارسات أن تتسبب بمزيد من التدهور في العلاقات بين نيودلهي والدوحة التي تستضيف مسؤولين كبارًا من حركة حماس على أراضيها والتي اضطلعت بدور فاعل في المفاوضات بين حماس وإسرائيل للتوصل إلى هدنة وتمديدها.
ولكن إذا لم يتمكن مودي من إعادة ضباط البحرية السابقين إلى ديارهم، فقد يواجه ردود فعل غاضبة في الداخل، مع ما يترتب عن ذلك من تداعيات على حزبه في الانتخابات العامة المقبلة المزمع إجراؤها في عام 2024.
*محمد علي بايج باحث بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في إسلام أباد.
المصدر | كارنيغيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قطر الهند إسرائيل تجسس مودي الخليج سلاح البحریة العلاقات بین الهند فی
إقرأ أيضاً:
حكاية سيلين.. من حلم النجومية إلى ضحية في الحرب اللبنانية
كانت سيلين حيدر، لاعبة كرة القدم اللبنانية، على وشك تحقيق حلمها باللعب مع الفريق الوطني للسيدات، لكن القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، جعل الشابة البالغة من العمر 19 عاما في غيبوبة، أوقفت مسيرتها الرياضية الواعدة.
فبعد اندلاع الحرب الشاملة على لبنان في سبتمبر/أيلول الماضي، كانت عائلة حيدر من بين أكثر من مليون شخص فروا من الجنوب، بينما كانت صواريخ الاحتلال الإسرائيلي تتساقط على المنطقة، لكن سيلين اضطرت للعودة ومتابعة تدريباتها الرياضية.
سيلين حيدر، لاعبة كرة القدم اللبنانية (الفرنسية)اتصل والدها لتحذيرها من الخطر المحتمل، لكن بعد فترة وجيزة، تلقت العائلة اتصالا يفيد بأن سيلين في المستشفى ومصابة بجروح خطيرة بسبب استهداف الاحتلال حيها السكني في منطقة الشياح.
ويتابع الأطباء حالة سيلين في مستشفى سانت جورج في بيروت، حيث تعاني من نزيف دماغي وكسور في الجمجمة، ويأملون في تعافيها تدريجيا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيبن بارلو للجزيرة نت: التاريخ سيكون أكثر قسوة على إسرائيلlist 2 of 2الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.. لماذا تخشى أميركا "تحالف الرعب"؟end of listوقال والدها عباس حيدر إنهم يدفعون ثمن شيء لا ذنب لهم فيه، بينما وصفت والدة سيلين -سناء شهرو- ابنتها بالبطلة والقوية وأنها ستنهض وتلعب مجددا.
وكانت سيلين لاعبة أساسية في أكاديمية كرة القدم "بي إف إيه" (BFA)، الفائز بالدوري النسائي اللبناني لكرة القدم الموسم الماضي دون أي خسارة.
كما كانت في الفريق الوطني للسيدات تحت 18 سنة الفائز ببطولة اتحاد غرب آسيا لكرة القدم لعام 2022.
سيلين حيدر، كانت تحلم بالنجومية وأصبحت ضحية من ضحايا الحرب الإسرائيلية على لبنان (الفرنسية)سيلين حيدر، التي كانت تحلم بالنجومية، أصبحت ضحية أخرى من ضحايا الحرب الإسرائيلية على لبنان، لكن تأمل عائلتها وزميلاتها في تعافيها وعودتها إلى الملعب.
وتقول السلطات اللبنانية إن أكثر من 3544 شخصا قُتلوا منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان.