بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
كان الجميع يبكي والمحيطون بالموسيقار الألماني بتهوفن في غرفته وهو ينازع الموت ينظرون إليه ليودعوه وهو يغادر الحياة طلب منهم التوقف عن البكاء والتصفيق صاح فيهم صفقوا صفقوا صفقوا صفق الجميع .. قال لهم وهو يبدو في راحة : ( إنتهت المهزلة ) ورحل من الدنيا .
يبدو هذا أمراً لا يلائم الفكري الديني والذين يفكرون في الغيب والموت والآخرة والحساب والعقاب والجنة والنعيم فهم يعتقدون بوجود حياة أخرى ، ولكني يروق لي أن ألف وأدور حول تلك الكلمة ( المهزلة ) وأبحث في مقاصد بيتهوفن وما إذا كان يقصد الكفر ورفض الغيب أم إنه لا يعني بذلك أصلاً وكأنه يريد أن يصف معركة الحياة البائسة وتكرار المعاناة وما نفعله في حياتنا يومياً ( بالمهزلة ) .
وبينما كنت حزيناً أنظر إلى طفليها الصغيرين الذين أصبحا يتيمين كان المعزون يحضنوني ويواسونني ويذكرونني بأننا جميعاً ميتون ويقولون أين أجدادك أين أصدقاؤك الذين غدرتهم الحروب وبعضهم ماتوا واحداً تلو الآخر فهذا سرقه المرض اللعين وذاك دهسته سيارة وهذا وهذا وهذا عدد لا يحصى ممن أعرف وممن لا أعرف . فالموت خطف الجميع وظل يتحرش بي ويبعث إلي بجنوده محاولين إختطافي إلى عالم المجهول وأنا أقوم وأبحث عن مزيد من الوقت لأواصل الحياة في هذه ( المهزلة ) المستمرة التي نراوغها ونحتال عليها ونتصنع من أجل أن لا نغادرها ونبقى في خضمها نعتاش على المعاناة والمرض والأطماع والرغبة في المزيد و المزيد . بالرغم من كوني وأنا الذي يئست وتجرعت مرارة تلك ( المهزلة ) أبحث عن منفذ نحو الآخرة التي أجهلها للتخلص من هذه الكارثة فقد عشت ما يكفي من أزمنة الخديعة والزيف والأكاذيب والمطامع وإنتظار ما سياتي مكرراً بائساً وأتذكر من رحلوا وأخمن أسماء من سيرحلون ولعلي أسبقهم جميعاً إلى العالم الآخر متمنياً الخلاص من عذاباتي تلك التي تتحكم بي وتسيطر على مشاعري وحواسي بالكامل .
الآن وقد رحلت زوجتي ومضى على ذلك الرحيل 25 عاماً ولحق بها مصطفى الذي تركته أمه رضيعاً ثم جاورها في المقبرة وهو شاب في ربيع العمر ، بعد ذلك لم يعد من سبب يجعلني أتشبث بالحياة ، فالطعام والشراب عادة يومية لكن الأمل لم يعد يهمني ، فقد قرأت جيداً كيف سيكون الغد وحتماً سيكون كئيباً بائساً ليس له وجه جميل كما كنت أظن بل شاحباً مكتئباً تملؤه البثور والأمراض بينما عيناه ذابلتان وكأنه مريض بمرض عجيب وغريب لا شفاء له وهي ربما سنة حياتية كاملة لا خلاص منها إلا بالموت والمغادرة السريعة ، فلم يعد يعنيني شيء ولا يغريني شيء في الحياة فمظاهر الفرح بائسة والناس تغيروا فأغلبهم محتالون كذابون فاسدون منافقون طماعون لا يكتفوا بشيء وحياتنا الجميلة التي تحولت إلى بؤس كامل وحقير ولا روح فيها فلماذا نتشبث بشيء لا نكسب من ورائه سوى العذاب والألم والدموع .. و ( المهزلة ) كما وصفها بتهوفن . Fialhmdany19572021@gmail.com
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
وزير الثقافة والاعلام “الأعيسر” يتسلم مهامه ويؤكد التعاون مع الجميع لخدمة الوطن
تسلم وزير الثقافة والإعلام الأستاذ خالد علي الأعيسر مهام عمله الثلاثاء من سلفه دكتور جرهام عبد القادر بحضور وكيل الوزارة سمية الهادي وعدد من مديري الهيئات التابعة للوزارة. وأشاد الوزير بعد ان تلقى تقريرا شاملا عن الوزارة، بجهود سلفه د. جرهام والمجموعة التي عملت معه خلال الفترة الماضية خاصة وانهم قدمو تجربة إعلامية وفق الإمكانيات المتاحة في ظل الحرب. وقال وزير الإعلام إنه سيواصل العمل بنية صادقة مع الجميع ويسعى لإحداث انفراج ومد جسور التواصل الخارجي مع اصحاب النوايا الطيبة تجاه السودان . واثنى الاعيسر على جهود دكتور جرهام ووزارة الإعلام و الهيئات الإعلامية التي ظلت تعمل رغم ظروف الحرب الضاغطة. وقال إن إنتاج رسالة إعلامية في هذا التوقيت يعد إنجاز تاريخي يحسب لهم، وشكر حكومة وتلفزيون واذاعة البحر الأحمر لاتاحة الفرصة للإعلام لأداء دوره. وجدد تأكيده بالعمل سويا مع الجميع لبناء مؤسسات جديدة أكثر اشراقا موعودة بكثير من التفاصيل الفنية والتقنية. وشدد الأعيسر على أن السودان يمر بظروف معقدة تحتاج تعاون وتضافر جهود الجميع، مبينا أن إصلاح الملف الإعلامي والثقافي ينطلق من التجارب المتوفرة للكوادر الإعلامية التي عملت في هذه الظروف، مجددا السعي لتأسيس مؤسسات تخدم البلاد والكادر البشرى الذي يعمل في سياق تهيئة البيئة والمنافسة، مجددا حرصه على تقديم تجربة إعلامية تخدم السودان في مواجهة التحديات، واعدا الشعب السوداني بالعمل جاهدا بالتعاون مع الجميع. من جهته أحاط د. جراهام الوزير بمجريات العمل خلال المرحلة الماضية وتأثير الحرب على الوزارة وعلى المؤسسات التي تشرف عليها بجانب المشكلات التي تعترض عمل الوزارة، معربا عن سعادته بتولي خالد الاعيسر مهام الوزارة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ السودان. سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب