اليونيفل نقلت تهديدات متبادلة حول قواعد الاشتباك عند الحدود؟
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
كتبت" الاخبار": بعد شهرين من المعارك المستمرّة بين حزب الله واسرائيل تدخل المعركة طوراً جديداً أكثر ضراوةً، مع تعمّد العدوّ تكثيف ضرباته على بيوت المدنيين في القرى الحدودية.
وفي هذا الاطار ، ذكرت «الأخبار» أن جهات معنيّة في القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفل»، نقلت بداية الأسبوع الماضي، رسالةً رسميّة من العدوّ الإسرائيلي إلى حزب الله، مفادها أن «إسرائيل تعتبر كل ما يتحرّك على الحدود مع لبنان، بعمق يصل حتى 3 كلم، مدنياً كان أو عسكرياً، هدفاً مشروعاً لقواتها».
وتأتي هذه الرسائل الملتهبة، ضمن النقاش السياسي المفتوح بين الدول الغربية الأساسية، حول ما يمكن فعله لتجنّب الحرب بين لبنان والعدوّ، وفي الوقت ذاته تأمين ضمانات أمنية للكيان الصهيوني بأن ما حصل في طوفان الأقصى لن يتكرّر من الجبهة اللبنانية.
ويحمل الموفدون الغربيون رسائل تهديد من العدوّ إلى المسؤولين اللبنانيين، بتدمير بيروت، والمطالبة باستنساب تطبيق القرار الدولي 1701 وانسحاب المقاومة من منطقة جنوب نهر الليطاني. بينما يسعى من يلتقي من الموفدين الغربيين مع المقاومة، إلى البحث عن تصوّر مشترك لما يمكن فعله لـ«تهدئة إسرائيل»، مع الأخذ في الاعتبار قرار المقاومة بالدفاع عن السيادة اللبنانية ودعم غزّة مهما كلّف الأمر
وعلى الرغم ممّا يتمّ تداوله من أفكار، إلّا أنّ أحداً لم يطرح حتى الآن تصوّراً واضحاً عن شكل المشهد المستقبلي في الجنوب، إذ تتمسّك المقاومة بموقفها من أن وقف العدوان على غزّة هو المقدّمة لأي تهدئة محتملة ورفض تقديم أي ضمانة أمنية للعدوّ، بينما يقف الغربيون خلف ذريعة الجنون الإسرائيلي لطرح أفكار مرّ عليها الزمن.
ويصطدم أيّ كلام عن تعديل الـ 1701، من التعديلات البسيطة إلى الفصل السابع، بالأزمة التي يمرّ بها مجلس الأمن الدولي من انقسام حادّ منذ الحرب الروسية ـ الأوكرانية، وبخشية الدول الأوروبية الأساسية المشاركة في اليونيفل من التداعيات الأمنية والعسكرية على قواتها. فمع المعارضة الروسية والصينية ــ وصولاً إلى الفيتو ــ لأي تعديل في مهمة اليونيفل، يصبح مستحيلاً على الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إحداث أيّ تغيير في المهمة بغطاء دولي. وبحسب المعطيات الحالية، سترفض روسيا أيّ تغيير جوهري في مهمة اليونيفل في حال طُرح الأمر على مجلس الأمن، لما قد تعتبره تحايلاً من حلف «الناتو» لتوسيع الصلاحيات العسكرية لقوات تابعة بغالبيتها لجيوشه، يشبه التحايل الذي قام به الأميركيون والأوروبيون عشية العدوان على ليبيا. وإذا كان من الممكن مراهنة إسرائيل والغرب على الموقف الصيني، لغضّ النظر عن هذه المساعي واحتواء أيّ معارضة صينية محتملة، فإن «المعاناة» الصينية مع اليونيفل، تكفي لكي يرفض الصينيون منح دول «الناتو» صلاحيات إضافية. فعلى الرغم من مشاركة كتيبة صينية بفعّالية ضمن القوات البرية لليونيفل في جنوب لبنان، تتضامن الدول الأوروبية لرفض طلب الصين المساهمة في القوة البحرية لليونيفل عبر إدخال سفينة حربية صينية مخصّصة لأعمال المراقبة البحرية ضمن مجموعة السفن التابعة لليونيفل العاملة قبالة السواحل اللبنانية. وفي حين تضم المجموعة حالياً عدّة سفن بقيادة ألمانيا بينها سفن تابعة للبرازيل وتركيا واليونان وألمانيا وفرنسا، أكّد مصدر عسكري غربي لـ«الأخبار» أن «رفض الطلب الصيني للانضمام إلى القوة البحرية مردّه إلى الخشية الغربية من المعدات الإلكترونية التي تحملها السفينة الصينية وقدرتها على فهم ورصد وربما قرصنة المعلومات حول الحركة العسكرية للقوات الغربية على شاطئ المتوسّط والدخول إلى أنظمة السفن الغربية».
وفيما يخصّ الحديث عن تعزيز قوات الجيش اللبناني في منطقة جنوب نهر الليطاني، بالتوازي مع طلبات غربية بانسحاب المقاومة إلى شمال النهر، فإن هذا المنطق يصطدم بعائقين اثنين قبل الاصطدام بموقف المقاومة، الأوّل، أن الدول الغربية نفسها لا تملك أي تصوّر عن كيفية ردع أو ضمان عدم استمرار العدوّ الإسرائيلي بالاعتداء على السيادة اللبنانية، فضلاً عن وقف العدوان على غزّة. والثاني، هو صعوبة ضخ قوات إضافية من الجيش في الجنوب لأسباب عديدة. فضلاً عن أن الجيش وعلى الرغم من عدم اشتراك أيّ من قواته بالمعركة ولا بأيّ شكل من الأشكال، تعرّض منذ 7 تشرين الأول وحتى اليوم إلى حوالي 60 استهدافاً مباشراً متعمّداً لمواقع الألوية والأفواج المنتشرة على الحدود وفي القرى الحدودية، فيما صمت الغربيون ــ الداعمون المفترضون للجيش ــ صمت القبور عن هذه الاعتداءات.
إذا قام الافتراض على القاعدة ذاتها التي ردّت بها المقاومة على التهديد الإسرائيلي الأخير، فإن المطالبة بخروج المقاومة إلى شمال الليطاني، يعني حكماً مطالبة المقاومة بخروج جيش العدو الإسرائيلي إلى جنوب حيفا.
وكتبت " اللواء":ونقل عن النائب السابق وليد جنبلاط ان الفرنسيين لم ينقلوا تهديدات بل تمنيات بعدم السماح للفصائل الفلسطينية في التواجد في مناطق العمليات على الجهة الجنوبية او المشاركة في المواجهة.
وحسمت مصادر دبلوماسية ان لا نية دولية لادخال تعديلات على ١٧٠١، بل هناك مساع اميركية لاحياء هذا القرار والتوصل الى تسوية لتطبيقه بالكامل،كاشفة عن عدم وجود تنسيق فرنسي مع واشنطن حول الرسائل التي نقلتها باريس مؤخرا الى جهات لبنانية بينها حزب الله.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الحرب في غزّة إلى أين؟
سؤال يلحّ على جميع المهتمّين بما يحدث في قطاع غزّة من الطرفين؛ المقاوم وحلفائه وأنصاره، والمشروع الاستعماري وأدواته وأنصاره.
في غزّة يطرح المقاومون الصمود والتمسّك بالأرض وفرض وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار وإطلاق سراح الأسرى كشروط لنهاية الحرب، وتتفرّع عن هذه النهاية خطط ومشاريع من قبيل لجنة مختصة لإدارة شؤون القطاع بإشراف حكومة رام الله (لجنة الإسناد المجتمعي)، وكذلك لجان عربية أو دولية تشرف على عملية إعادة الإعمار.
أما العدو، فيطرح أهدافه بتصفية جميع قوى المقاومة سواء كانت منظّمات أو دولاً، وتحرير الأسرى في قطاع غزّة بالقوة، والاحتفاظ بقوات من “جيش” العدو في مناطق محدّدة من قطاع غزّة مثل محوري فيلادلفيا ونتساريم، وخلق منطقة عازلة في جنوب لبنان. تتفرّع عن هذه الأهداف مشاريع مثل عودة الاحتلال الكامل للقطاع، وإعادة حركة الاستيطان فيه، وتتصدّر هذا النشاط حركة “حباد” الصهيونية الأرثوذكسية التي أعلنت عن قيام أول مستوطنة “بيت حباد” في مبنى بلدية بيت حانون في شمال قطاع غزّة.
بين الموقعين يستمر مشهد المجزرة وسط صمت عالمي مدوٍ، صامدون يقدّمون التضحيات، وقتلة لا يتردّدون في قتل المدنيين وتدمير البنى التحتية، مطاردة كلّ من يقف إلى جانب محور المقاومة في كلّ مكان في العالم. معظم الأنظمة العربية متواطئة سواء بالعمل على الأرض أو بالصمت والتظاهر بأن القضية إنسانية بحتة تقع ضمن اختصاصات الأمم المتحدة ومنظّماتها غير الحكومية. المطلوب استعمارياً تحقيق هدفين، القضاء على المقاومة بجميع أشكالها، وبثّ اليأس والاستسلام في نفوس جماهيرها، لتتحوّل هذه الجماهير إلى أقلية مسالمة تندمج في الكيانات الناتجة عن المشروع الاستعماري، وتصبح ما يمكن أن نسمّيه “أقلية مهملة” .
هذا السيناريو الذي قد يبدو للبعض وكأنه يحمل الكثير من المبالغة، كرّره المستعمرون أكثر من مرة عبر تاريخهم، خاصة في المرات التي احتلوا فيها أراضي الآخرين تحت شعارات ووعود دينية كما حدث في أمريكا وأستراليا ونيوزلندا. لقد اعتبر المستوطنون الأوائل أن أميركا هي “أرض الميعاد” المسيحية، وأنهم حجّاج أرسلهم الرب لإقامة مملكته، والقضاء على المتوّحشين الوثنيين. الشعارات نفسها أطلقتها حركة “حباد” الصهيونية التي اعتبرت العرب كفّاراً، لا بدّ من قتلهم لإقامة “دولة إسرائيل” من النيل إلى الفرات.
عبّرت هذه المشاريع عن نفسها سياسياً في الخرائط التي يرفعها غلاة الصهاينة من وزراء وقادة حركة الاستيطان، وتجد دعماً لدى الدوائر الاستعمارية كما حدث في تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حول صغر مساحة الكيان الصهيوني وضرورة توسيعها.
تمرّ عملية التدجين بثلاث مراحل: الهزيمة العسكرية من خلال ارتكاب مجازر بحقّ الشعوب بحيث تتحوّل المطالبة بالبقاء على قيد الحياة مطلباً للشعوب المقهورة، في المرحلة الثانية يقوم العدو بفرض التسويات بشروطه من خلال بثّ روح الهزيمة واليأس من المستقبل.
وقد تحتاج هذه المرحلة إلى المزيد من المجازر غير المبرّرة، واحتلال المزيد من الأراضي كما يحدث اليوم في غزّة وسوريا ولبنان، وعند الوصول إلى المرحلة الثالثة يكون مصير الأقلية المهملة بعد تدجينها بالكامل، الحصول على ميزات اجتماعية واقتصادية على اعتبارات إثنية أو دينية أو ثقافية، فيعيش أفرادها في محميات خاصة، ويسمح لهم بممارسة طقوسهم وثقافاتهم بهدف تفتيت الهوية الوطنية، وتحويل الدول إلى ائتلاف من الهويات والثقافات الفرعية.
هذا ما فعله الاستعمار الأبيض مع أصحاب البلاد الأصليين، بل إن هذا المستعمر قد يلبس قناع الإنسانية ويتظاهر بالدفاع عن حقوق الأقليات المهملة، ويمجّد تاريخهم وينتج أفلاماً ودراسات عن تاريخهم.
إذا قبلنا بإمكانية حدوث هذا السيناريو، فإنه يلقي على عاتقنا مسؤوليات جساماً، تنبع من حقائق التاريخ والجغرافيا. الشعب الفلسطيني، الذي تشكّل قضيته مركزاً للصراع مع المشاريع الاستعمارية، يختلف عن سكان البلاد الأصليين الذين أبادهم المستعمر الأبيض في أكثر من مكان من العالم، فالشعب الفلسطيني يمتلك امتداداً عربياً في الجغرافيا، وامتداداً إسلامياً في التاريخ، هذان البعدان تجسّدا خلال معركة طوفان الأقصى، من خلال انخراط جبهات الإسناد العربية في اليمن وسوريا والعراق، وجبهة الإسناد الإسلامية التي مثّلتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعمها المستمر للمقاومة الفلسطينية.
أدرك المستعمرون بعد الهزيمة المذلّة في شمال فلسطين، أن مخطّطاتهم مهما كان شكلها لن تجد طريقها إلى التنفيذ إلا بقطع التواصل بين أطراف محور المقاومة كخطوة أولى، ثم الانتقال إلى تدمير قوى محور المقاومة بشكل منفرد.
وفي هذا السياق وافق العدو على وقف إطلاق النار في لبنان، ويتجه إلى القبول ببعض التنازلات مقابل وقف إطلاق النار في غزّة بناء على المبادرة المصرية، في الوقت نفسه كان التحالف الاستعماري يعمل بمشاركة تركية على إسقاط الجبهة السورية لقطع خطوط إمداد المقاومة، وتفتيت جبهاتها، وكذلك فصل الحرب في سوريا عمّا يحدث في غزة وما حدث في لبنان.
لقد فتحت الحرب على غزّة أبواب منازلنا لقنوات الربيع الاستعماري، التي بادرت منذ اللحظة الأولى لانطلاق الحرب على سوريا إلى تبديل سياساتها، وشنّ هجوم إعلامي مركّز على الدولة السورية، والتركيز على فكرة “تحرير” المدن السورية، وتحميل الدولة السورية المسؤولية عمّا يحدث برفضها التعاون مع تركيا لمناقشة مستقبل سوريا، الفكرة التي طرحها الرئيس التركي أردوغان، ولقيت رواجاً لدى الكثيرين بمن فيهم بعض المثقّفين المناصرين لمحور المقاومة، ناسين أو متناسين أن الهدف الأصلي للحرب التي انطلقت عام 2011م كان مصادرة سيادة الدولة السورية ووضعها بيد آخرين سواء كانت التنظيمات الإرهابية أو داعميها في الغرب وتركيا، وهو ما تحقّق يوم 8 ديسمبر.
الهدف من الحرب على سوريا اليوم، هو توسيع مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية وصولاً إلى الحدود اللبنانية، لقطع التواصل بين أطراف محور المقاومة، وعزل المقاومة في لبنان تمهيداً للاستفراد بها عسكرياً وسياسياً، وإلحاق قطاع غزّة بالنظام العربي المطبّع بواجهة فلسطينية مرتبطة بحكومة رام الله المنخرطة في التنسيق الأمني مع العدو.
وصل العدو الصهيوني إلى الحدود السورية اللبنانية والأردنية، واندفع الغرب والولايات المتحدة للتواصل مع حكومة الأمر الواقع في دمشق.
وواجب كلّ المقاومين وجمهورهم التصدّي للمشروع الاستعماري الجديد، عسكرياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً. هذا ما عبّرت عنه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمقاومة اللبنانية واليمنية، وما على كل القوى السياسية في الوطن العربي المبادرة إليه، فهذه هي المعركة الأخيرة التي تحمل في طيّاتها إمكانية النصر أو الهزيمة وترسم ملامح مستقبل المنطقة.
كاتب سياسي أردني