اتسعت دائرة التصعيد في الجنوب وبرزت استباحة واسعة للأجواء نفذتها طائرات حربية إسرائيلية من خلال تحليقها في سماء لبنان من الجنوب إلى الشمال مروراً بالعاصمة والجبل والبقاع.
ولم يكن التهاب الجبهة الجنوبية في اليومين الماضيين تفصيلا عاديا في سياق قراءة دلالات اقدام اسرائيل خصوصا على "تثقيل" نوعية القصف المدفعي والجوي بقذائف ذات قدرات تدميرية كبيرة استخدمتها للمرة الأولى في اعتداءاتها واستهدافاتها لأحياء في قرى حدودية، اذ انطوى الامر بشكل واضح على رسائل تهويلية لا تنفصل عن سياقات المناخات التي تحذر لبنان وحزب الله من مغبة الانزلاق الى حرب شاملة.



وبحسب" النهار" فان صورة الدمار الواسع الذي ألحقته الغارات الإسرائيلية تباعا بعيتا الشعب السبت ومن ثم بعيترون امس بدت اشبه بنماذج تدميرية ارادت من خلالها إسرائيل تصديرصورة نموذج غزة المدمرة وتعميمها واقران تهديداتها للبنان و"حزب الله" بمصير مماثل لدمار غزة. وفي الدلالات السياسية ايضا حصل التصعيد الواسع جنوبا متزامنا مع إخفاق مجلس الامن الدولي في اقرار قرار لوقف النار في غزة، بفعل الفيتو الأميركي . كما ان ايران عاودت التلويح بالأسوأ، مع اشارة وزير خارجيتها حسين امير عبد اللهيان الى انه "ما دامت أميركا تدعم جرائم النظام الصهيوني فهناك احتمال بخروج الوضع عن السيطرة بالمنطقة". كما ان تحرك الوفد الأمني الفرنسي في بيروت بعد تل ابيب لم يبلور أي مؤشرات إيجابية ملموسة لجهة الدفع نحو التزام الأطراف المتحاربين تنفيذ القرار 1701 .
وكل هذه المعطيات أضفت مزيدا من الظلال القاتمة على مصير الوضع عند الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل بما يبقي المخاوف، بل يزيدها، من ازدياد احتمالات الانزلاق الى مواجهة حربية واسعة رغم كل الضغوط والتحذيرات الدولية الهادفة الى تجنيب لبنان هذا الخطر المخيف.

وكتبت" نداء الوطن": ما شهدته أمس الحدود الجنوبية من تصعيد لم يعد يتناسب ووصف المواجهات هناك بأنها خاضعة لـ«قواعد الاشتباك». وهذا ما كان سائداً منذ 8 تشرين الأول الماضي، عندما قرّر «حزب الله» مباشرة مواجهات وصفها آنذاك بأنها «لإشغال» إسرائيل على حدودها الشمالية، من أجل تخفيف الضغط عن حركة «حماس» في حرب غزة، لكن ما شهدته أمس نحو 40 بلدة وقرية من الناقورة ساحلاً حتى شبعا شرقاً، قلب صورة هذه المواجهات رأساً على عقب، وكانت بلدة عيترون في القطاع الأوسط نموذجاً عن التغيّر في المشهد الجنوبي، فهذه البلدة المحاذية لمدينة بنت جبيل، منيت بتدمير حيّ من أحيائها بكامله بفعل قصف الطيران الإسرائيلي، ما أدى الى سقوط جرحى.
وهذه هي المرة الأولى التي يدمر فيها حيّ بكامله في بلدة جنوبية، ما يثير القلق من أنّ نموذج حرب غزة في التدمير الواسع الذي يتكرر يومياً هناك، بدأ يطل برأسه في الجبهة اللبنانية. ووفق معلومات «نداء الوطن» من أوساط مواكبة لجبهة الجنوب، أنّ هناك مؤشرات الى تصعيد متدحرج بدأ يأخذ طريقه الى التنفيذ منذ أيام. والسبب أنّ التصعيد سيواكب ما طرحته إسرائيل في شأن انسحاب «حزب الله» من منطقة القرار 1701، الى شمال نهر الليطاني، وعلى الرغم من تكرار إسرائيل هذا الطلب، فقد أعلن «الحزب» أنّ لا شيء سيتغيّر في شأن وجوده في المنطقة الحدودية.

وكتبت" الديار": ردت مصادر واسعة الاطلاع التصعيد «الاسرائيلي» على جبهة لبنان الى «سعي تل ابيب لتوجيه رسائل حازمة للداخل اللبناني، مرتبطة بتنفيذ القرار 1701» ، لافتة لـ «الديار» الى انه «وبعد فشل كل مساعيها الديبلوماسية للضغط للعودة الى تنفيذ القرار، تلجأ اليوم الى القوة ظنا بأنها بذلك تحقق ما لم تنجح فيه عبر الوسطاء الدوليين»، واضافت «يصح هنا المثل القائل حلم ابليس بالجنة».

وقالت مصادر ميدانية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط»، إن وتيرة القصف الجوي «هي الأعنف منذ بدء الحرب في الجنوب»، موضحة أنه في الأيام العشرة السابقة التي تكثف فيها القصف، «اعتمدت فيها القوات الإسرائيلية على القصف المدفعي والغارات بالمسيرات، بينما كانت تقع غارات جوية ضخمة في أوقات ومناطق متباعدة».
وقالت المصادر إن ما تبدل يوم الأحد أن «وتيرة القصف في القطاع الأوسط كانت الأعنف، واعتمدت فيها إسرائيل على الغارات الجوية بشكل أساسي، بما يعيد إلى الأذهان مشاهد وتطورات حرب عام 2006»، حيث كانت الغارات الجوية أساس الحملة العسكرية في الحرب، واستهدفت فيها المنازل والأحياء السكنية بشكل مكثف في الجنوب والضاحية.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی الجنوب

إقرأ أيضاً:

صواريخ اليمن تقلق وتربك إسرائيل وجهات فيها تنبّه: "العنوان في طهران"

ترجّح تقديرات المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية أن يواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ الباليستية من اليمن نحو تل أبيب الكبرى وسط دعوات لعدم الاكتفاء بـ ضربات في اليمن بل الذهاب لـ ضربة كبيرة في إيران رغم الجدل في إسرائيل حول حقيقة دورها ومسؤوليتها وحول استقلالية الحوثيين في هذا المضمار.

 

المؤكد أن استئناف إطلاق الصواريخ والمسيّرات من اليمن في هذه المرحلة المتأخرّة من الحرب، تفاجئ وتقلق وتربك إسرائيل.

 

وجاء الصاروخ الأخير في شمال مدينة يافا التاريخية،على الحدود بينها وبين تل أبيب،فجر السبت الماضي مباغتا ، وفشلت القبة الحديدية في اعتراضه خاصة أنه أعقب صاروخا آخرا كان وصل تل أبيب قبل يومين وتسبب بهدم مدرسة بالكامل كانت فارغة. وفي الحالتين لعب الحظ دورا حاسما في منع نتائج وخيمة، ووقوع أعداد كبيرة من المصابين والقتلى، فقد سقطا على مسافة أمتار من عمارات سكنية مأهولة بعضها بدون ملاجئ، لقدمها.

 

وهذه الحقيقة هي مصدر قلق إسرائيلي بالغ كما ينعكس أمس الأحد في الصحف العبرية، فخطورة الصواريخ لا تقاس بنتائجها فحسب بل بما كان بالإمكان أن تسببّه.واستراتيجيا ينبه رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب الجنرال في الاحتياط تامير هايمن في تصريحات صحفية أمس إلى ضرورة اعتماد إسرائيل على نفسها هنا لأن «التحالف الغربي» طبيعته دفاعية فقط، محذّرا من أن بقاء التهديد الحوثي عبرة مهمة ملهمة لـ إيران ولذا على إسرائيل أن تصمّم في القضاء عليه».

 

تهديد حقيقي

 

بيد أن الضرر والتحّدي الناجمين عن إطلاق صواريخ «اليمن السعيد» البعيد يكمنان أيضا بكونها مصدرا حقيقيا فوريا آنيا لـ تشويش وتيرة الحياة، فصافرات الإنذار التي جاءت بعد سقوط الصاروخ في يافا هذه المرة،يدفع أعداد كبيرة جدا من الإسرائيليين للاستيقاظ خائفين أو قلقين ويهرولون للملاجئ بعد منتصف الليل وفي ساعات الفجر. علاوة على تشويش دورة الحياة اليومية والخوف فإن استمرار مثل هذه الصواريخ من شأنه أن يتسبب بأضرار اقتصادية من ناحية تراجع الاستثمار جراء قلة الاستقرار.

 

ويكفي أن يطلق الحوثيون صاروخا واحدا كل أسبوع أو كل أسبوعين حتى تتكّرس حالة الطوارئ المربكة هذه. وما يزيد من قلق المؤسّسة الأمنية في إسرائيل هو فشل منظومة القبة الحديدية بكل طبقاتها من اعتراض الصاروخين. في المقابل يوضح مسؤول سابق لمنظومة الصواريخ الاعتراضية الجنرال في الاحتياط تسفيكا حايموفيتش في حديث للإذاعة العبرية صباح أمس الأحد أن خللا تقنيا تسبب في ،عدم اعتراض الصاروخين مؤكدّا قيام الجيش بـ تصليحه».

 

 وردا على سؤال تابع حايموفيتش»نعم الامتحان سيكون في اعتراض الصاروخ التالي وهو سيأتي». من جهة أخرى يشار إلى أن القبة الحديدية فشلت في اعتراض عدد كبير من الصواريخ الباليستية الإيرانية في ليلة الصواريخ الكبيرة في الأول من أكتوبر/تشرين أوّل الماضي،فقد أفادت تسريبات إسرائيلية أيضا بأن الصواريخ الإيرانية سقطت في عدة مطارات عسكرية وتسبّبت بأضرار بالغة. وكانت منتديات للتواصل الاجتماعي قد وثقّت وقتها هذه الصواريخ وهي تتساقط بكثافة في النقب.

 

إغلاق الثغرة

 

ويدعو مراقبون إسرائيليون لـ الإسراع في «سدّ الثغرة» لمنع اختراق الصواريخ في المستقبل للأجواء المحلية والسقوط المحتمل في تل أبيب ومحيطها خاصة أن إيران ما زالت تهدّد بالانتقام من إسرائيل وأن خطر إطلاقها هي الأخرى صواريخ باليستية ما زال قائما،كما يؤكد المحلل العسكري البارز في موقع «واينت» رون بن يشاي.

 

بيد أن بن يشاي وغيره من المراقبين الإسرائيليين يدعون للقيام بـ خطوات وقائية استباقية تتمثّل في قصف اليمن ومنع إطلاق الصواريخ منه بدلا من الاعتماد على القبة الحديدية فقط.

 

على خلفية كل ذلك(الأضرار والتهديدات والاحتمالات بـ استمرارها) تكشف مصادر في إسرائيل عن استعداداتها لـ شنّ هجمات جوية جديدة في اليمن لا تكتفي باستهداف الموانئ أو البنى التحتية، إنما تطال منظومات عسكرية وتحاول اغتيال القيادات السياسية والعسكرية الحوثية.

 

وينقل المراسل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية يوسي يهوشع عن مصادر عسكرية إسرائيلية تقديراتها بـ ازدياد وتيرة الصواريخ نحو تل أبيب الكبرى بعدما طوّر الحوثيون هذا الطراز من الصاروخ بإضافة كمية البنزين في محركه مما يزيد مداه. كما ينقل عنها ترجيحها أن القبة الحديدية ستفشل أحيانا، ولذا فإن الحل سيكون بإطلاق أكثر من صاروخ اعتراضي بشكل متزامن.

 

مع ذلك يقول يهوشع:»لكن عندما لا تستطيع إسرائيل الرد بقوة كبيرة وكافية على الحوثيين فهذا امتحان لدول الغرب». يشار أن الولايات المتحدة وبريطانيا قامتا في الليلة قبل الماضية بقصف أهداف في صنعاء وفي جنوب الحديدة ، وقد سبق أن قصفتا اليمن عدة مرات منذ اندلاع الحرب قبل سنة وثلاثة شهور لاسيما أن الحوثيين أغلقوا البحر الأحمر حتى تتوقف الحرب على غزة.

 

مصادر صحافية عبرية كشفت قبل أيام عن تقديرات أمريكية تفيد بأن القوة ضد الحوثيين غير مجدية فهم عنيديون ومصممّون على موقفهم رغم الضربات والأثمان الباهظة. وهذا ما أكده نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله نصر الدين عامر بقوله «إننا نتوقع ضربات جديدة من الغرب فإسرائيل هي إبنته المدللة ونعي أن الثمن باهظ بيد أننا مستمرون».

 

وهذا التصريح يتقاطع أيضا مع تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن التهديد الحوثي مقلق لأن إسرائيل لم تنجح بردع الحوثيين علاوة على الفشل في اعتراض الصاروخ،وفق ما يؤّكده عاموس هارئيل المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» .

 

وفي ظل التسريبات عن استعدادات إسرائيل لتوجيه ضربة جديدة في اليمن بعد الصاروخ الأخير تشير مصادر صحفية عبرية أن ضربة إسرائيلية في إيران هي واحدة من الخيارات المطروحة فعلا ،كما تكشف الصحيفة العبرية المذكورة.ويثير هذا الموضوع نقاشات في إسرائيل حول الخيار الأصح فهناك من يشكّك بجدوى مواصلة إسكات الحوثيين في اليمن ويدعون للذهاب لما ما يصفونه «رأس الأخطبوط» لأن العنوان هو في طهران ولأن ضربة كبيرة في إيران هي الطريق لوقف «الإزعاج اليمني»،وفق ما يقول المحلل السياسي بن درور يميني ، زاعما أن اليمن هي لبنان الثاني ،دولة ضعيفة يسيطر عليها تنظيم معاد لنا». وهذا ما يشير ويدعو له رسم كاريكاتير الصحيفة حيث يبدو المرشد الروحي الأعلى في إيران علي خامنئي وهو يحمل إبريقا ويسقي الحوثيين ومن خلفه نباتات حماس وحزب الله والأسد قد ذبلت.

 

تأثيرها على الصفقة؟

 

وهل تؤثر صواريخ اليمن على احتمالات الصفقة العالقة؟ علاوة على محاولات إسرائيلية محتملة جدا لاغتيال قيادات الحوثيين كما فعلت في الجبهتين الفلسطينية واللبنانية رغم الحاجة الكبيرة للمعلومات الاستخباراتية ولتعاون دول أخرى، من غير المستبعد أن تؤدي صواريخ اليمن في حال استمرت وفشلت القبّة الحديدة باعتراضها ،أن تؤّدي لزيادة الضغط الداخلي على رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو نحو وقف التهرب واستكمال الصفقة وإنهاء الحرب متجانسا مع رغبة 74% من الإسرائيليين وفق آخر استطلاعات الرأي.

 

إن استمرار تشويش الحياة في تل أبيب الكبرى،قلب إسرائيل،من شأنه زيادة غضب الشارع الإسرائيلي على استمرار النزيف وترجيح حكومتهم كفة اعتبارات فئوية غريبة. كذلك ربما يكون هذا النزيف سببا لزيادة ضغط الإدارة الأمريكية الجديدة على حكومة الاحتلال من أجل وقف الحرب خاصة أن استمرار إغلاق البحر الأحمر يهدد مصالح أمريكا وحليفاتها في المنطقة.


مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء اللبناني يزور بلدة الخيام في الجنوب بعد انسحاب إسرائيل منها
  • صواريخ اليمن تقلق وتربك إسرائيل وجهات فيها تنبّه: "العنوان في طهران"
  • حركة فتح: إسرائيل تواصل عدوانها على الفلسطينيين وسط صمت دولي من العالم
  • الإعلام العبري: صواريخ اليمن معضلة كبرى وتهديد استراتيجي غير مسبوق لـ “إسرائيل”
  • تحديات تواجه إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل في لبنان
  • رسالة مكتوبة مؤثرة من نصر الله إلى حفيده.. إقرأوا ما فيها (صورة)
  • إسرائيل تواصل هدم وجرف المنازل والبساتين في الجنوب اللبناني
  • قصف إسرائيلي مباشر وغير مسبوق لمستشفى كمال عدوان ببيت لاهيا
  • 3 حالات يجوز للزوجة فيها الامتناع عن طاعة زوجها
  • بعد التوغل فيها..إسرائيل تعتقل مدنيين في جنوب سوريا