عربي21:
2024-11-12@19:41:33 GMT

انتخابات مصرية صورية محسومة

تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT

في عام 1954 وبعد مطالبة اللواء محمد نجيب للضباط في مجلس قيادة الثورة بالعودة إلى ثكناتهم العسكرية وتسليم السلطة للمدنيين، قام جمال عبد الناصر من خلال أحد المشرفين على هيئة التحرير، وهي التنظيم الحزبي الذي تم تكوينه بعد إلغاء الأحزاب، بدفع مبلغ مالي لبعض القيادات العمالية بمجال النقل العام، للقيام بإضراب لشل الحركة.



وشارك في المظاهرات جنود من البوليس الحربي يرتدون الملابس المدنية، وعمال مديرية التحرير المسلحون بالعصي والذين كانوا يعملون تحت قيادة أحد ضباط حركة تموز/ يوليو 1952، وجنود الحرس الوطني المرتدون الملابس المدنية، وتجولت المظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهوري ومجلس الدولة تهتف: لا أحزاب ولا برلمان، وبعدها قامت مظاهرات عمالية باقتحام مجلس الدولة والاعتداء على الدكتور السنهوري رئيس المجلس، كما دبر عبد الناصر ستة انفجارات في أماكن متفرقة لإثبات عدم استقرار البلاد.

وهكذا تم إجهاض دعوة اللواء محمد نجيب للديمقراطية وبعد شهور قليلة تم اعتقاله، ووضعه رهن الإقامة الجبرية لمدة 29 عاما، وهكذا أدرك ضباط حركة الجيش في تموز/ يوليو 1952، أهمية تلك التنظيمات الشعبية في تنفيذ مخططاتهم وتمرير قراراتهم، فبعد تكوينهم لهيئة التحرير بدايات عام 1951، فقد تلاها الاتحاد القومي عام 1957 ثم الاتحاد الاشتراكي عام 1962، ثم عودة الأحزاب عام 1976 وظهور الحزب الوطني في 1978.

سار النظام الحالي في مصر على نفس المنوال بتأسيس عدد من الأحزاب التابعة له، وحظر وجود الأحزاب المعارضة، بينما سارعت الأحزاب الصغيرة القائمة بإعلان الولاء لحكم العسكر لتضمن استمرار وجودها. وبالفعل استخدم نظام العسكر تلك الأحزاب في الانتخابات التي جرت في عهده، حيث تتولى تجميع الناخبين بالتعاون مع الأمن، ولو بإنزال ركاب السيارات العامة وإجبارهم على التصويت، لاصطناع مشاهد تلفزيونية لطوابير الناخبين
وهكذا استخدم كل من جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، تلك التنظيمات الحزبية في توجيه الجماهير وحشدها لتأييد قراراتهم، وكذلك مع الاستفتاءات الرئاسية والانتخابات البرلمانية. وسار النظام الحالي في مصر على نفس المنوال بتأسيس عدد من الأحزاب التابعة له، وحظر وجود الأحزاب المعارضة، بينما سارعت الأحزاب الصغيرة القائمة بإعلان الولاء لحكم العسكر لتضمن استمرار وجودها. وبالفعل استخدم نظام العسكر تلك الأحزاب في الانتخابات التي جرت في عهده، حيث تتولى تجميع الناخبين بالتعاون مع الأمن، ولو بإنزال ركاب السيارات العامة وإجبارهم على التصويت، لاصطناع مشاهد تلفزيونية لطوابير الناخبين.

رجال أعمال يمولون الإنفاق الانتخابي

وتم افتعال مشاهد رقص للنساء أمام اللجان الانتخابية وحمل الناخبون صور الجنرال التي يتم توزيعها عليهم، ومع توالي الاستحقاقات الانتخابية تراكمت خبرات حشد الجماهير للجان، وتم استخدام المال والسلع الغذائية كوسائل لاستقطاب الفقراء، وكذلك دفع مبالغ مالية للشباب للوقوف أمام اللجان للتنظيم، ومع الحاجة لمورد مالي مستمر قامت الأجهزة السيادية باختيار عدد من رجال الأعمال لعضوية كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ليقوموا بتمويل الحملات الانتخابية وجلب الناخبين الفقراء.

وهكذا استعدت السلطات المصرية للانتخابات الرئاسية الحالية، التي يترشح بها الجنرال للمرة الثالثة بعد أن قام بتعديل الدستور الذي كان يقصر الترشح على فترتين رئاسيتين كل منهما لأربع سنوات، وليزيد الفترة إلى ست سنوات، وقبل موعد الانتخابات بشهرين قامت الأحزاب الموالية للنظام بتوظيف الاحتفال بمرور خمسين عاما على حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، لحشد الجمهور في الميادين العامة بالمحافظات وتحويل الاحتفالات إلى مطالبة للجنرال بإعادة ترشحه.

كما واكب ذلك حشد الموظفين في الحكومة وأصحاب المعاشات من الفقراء لمكاتب الشهر العقاري، لعمل توكيلات لترشيح الجنرال، ليبدو الرجل الذي كان يعقد وقتها مؤتمرا لعرض إنجازاته استمر ثلاثة أيام وكأنه يستجيب لمطلب الجماهير، حين أعلن ترشحه بنهاية المؤتمر، والذي تلاه الاتفاق مع ثلاثة شخصيات حزبية للتقدم لمنافسته بالانتخابات، ورغم أن أحد هؤلاء يقتصر عدد أعضاء حزبه في مجلس النواب على سبعة أعضاء دخلوا بنظام القائمة، بينما يتطلب القانون لترشحه تزكية عشرين نائبا، فقد دبرت السلطات له موافقة 23 نائبا آخرين ليدخل المنافسة بثلاثين نائبا.

وتكرر ذلك مع رئيس حزب الوفد الموالي للنظام بتدبير موافقة ستة نواب آخرين بخلاف نواب حزبه، وكذلك مع رئيس الشعب الجمهوري الموالي للنظام بتدبير 18 نائبا إضافيا له، رغم حصوله على 68 ألف توكيل عبر الشهر العقاري، وهي التوكيلات التي منعت السلطات شخصا آخر حاول الحصول عليها للترشح، وظل أنصاره يحتشدون على أبواب الشهر العقاري لأيام، لكن السلطات تعللت بأعطال بالكمبيوتر حتى انتهت الفترة المحددة للتوكيلات.

مؤتمرات حزبية للتأييد بكل المحافظات

وتحركت الأحزاب على مستوى المحافظات لعمل ندوات ومؤتمرات تعرض إنجازات الجنرال، ومع نشوب حرب غزة وطلب الجنرال تفويضه في اتخاذ الإجراءات لمنع تهجير الفلسطينيين لسيناء، نظمت تلك الأحزاب مؤتمرات في عواصم المحافظات بدعوى مساندة فلسطين، لكن هتافاتها كانت تهتف للجنرال بدلا من فلسطين، مما دعا بعض الجماهير التي وجدت فرصة سانحة للتظاهر بعد سنوات طويلة من الحظر، أن تهتف: "مظاهرة بجد مش تفويض لحد".

استغل الجنرال المؤتمرات الانتخابية المؤيدة له للتغطية على موقفه المتخاذل إزاء معاناة أهل غزة، مع إشادة تلك المؤتمرات ولقاءات قيادات تلك الأحزاب بوسائل الإعلام بمواقفه المساندة لغزة ودعمه لها! وحتى عندما فشل المؤتمر الدولي الذي دعا له راحت تلك القيادات الحزبية تشيد بنجاح المؤتمر في تحقيق أهدافه
واستغل الجنرال المؤتمرات الانتخابية المؤيدة له للتغطية على موقفه المتخاذل إزاء معاناة أهل غزة، مع إشادة تلك المؤتمرات ولقاءات قيادات تلك الأحزاب بوسائل الإعلام بمواقفه المساندة لغزة ودعمه لها! وحتى عندما فشل المؤتمر الدولي الذي دعا له راحت تلك القيادات الحزبية تشيد بنجاح المؤتمر في تحقيق أهدافه.

وهكذا نجد حزب مستقبل وطن الذي يرأسه رئيس مجلس الشيوخ، والذي يسمونه حزب الأغلبية في البرلمان، قد عقد مؤتمرات للدعاية للجنرال في كل المحافظات، وكانت كل محافظة تشهد مؤتمرا لأمانة الحزب فيها يليها مؤتمر للحزب المركزي، بخلاف المؤتمرات القطاعية التي تعقدها لجان الحزب المختلفة، مع القطاعات التي تتعامل معها مثل لجان: العمال والفلاحين والمرأة والشباب والمهنيين والعمل الجماهيرى والصناعة والسياحة والصحة وغيرها، وعادة ما يحضر تلك المؤتمرات رموز السياسة والإعلام والرياضة والفن، مع الحرص على حشد أعداد كبيرة بالمال لإعطاء انطباع عن التأييد الجماهيري للجنرال.

وكرر حزب حماة الوطن الذي يرأسه ضابط سابق إقامة مؤتمرات في كل المحافظات، ونفس الأمر لأحزاب صغيرة مثل حزب مصر الحديثة والحرية المصري والجيل والمصريين الأحرار وإرادة جيل والمؤتمر، بإقامة مؤتمرات في عدد من المحافظات وبعضها يقتصر على بعض القرى والمدن. وشارك حزب الإصلاح والتنمية في المؤتمرات والفعاليات التي تنظمها الأحزاب، ونفس الأمر لتحالف الأحزاب المصرية الذي يضم 42 حزبا وتنسيقية شباب الأحزاب، كما أعلنت أحزاب أخرى تأييدها للجنرال مثل النور والتجمع.

تجاوز حدود الإنفاق القانوني على الدعاية

وقام التحالف الوطني للعمل الأهلي والذي أنشأه الجنرال مؤخرا لتوزيع المساعدات على الفقراء لتسهيل حشدهم في الانتخابات، بتنظيم مؤتمرات للتشجيع على المشاركة في الانتخابات، ونفس الأمر قامت به وزارة الشباب والرياضة من خلال المتطوعين، وقامت العديد من الجهات النقابية العمالية بتنظيم مؤتمرات لدعم ترشيح الجنرال، كوسيلة من قبل قياداتها لإثبات الولاء للنظام.

والنتيجة أن الشوارع الرئيسية والكبارى والطرق السريعة مليئة بصور الجنرال، رغم أن القانون يحدد سقف الإنفاق على الدعاية للمرشح بعشرين مليون جنيه، بينما كانت تكلفة وسيلة واحدة وهي الإعلانات الخارجية (آوت دور) وحدها 380 مليون جنيه للجنرال، بخلاف باقي الوسائل الدعائية من فضائيات وصحف وإعلام رقمي، ورغم أن القانون يؤكد على أن الدعاية تكون على نفقة المرشح، إلا أنه من المعروف أن الأجهزة الحكومية تجبر أصحاب المحلات التجارية على تعليق لافتات تأييد ودفع إتاوات مالية كذلك بمبر تكاليف يوم الانتخابات.

وكذلك رغم إخفاق الجنرال في التصدي للملف الاقتصادي وارتفاع الدين الخارجي والداخلي، وارتفاع أسعار السلع والوقود، والسوق السوداء للدولار، وارتفاع نسب الفقر، واستمرار الانقطاع اليومي للكهرباء منذ شهر تموز/ يوليو الماضي وحتى الآن، وحالة الانسداد الديمقراطي، وغضب الشارع من مشاركته في الحصار على غزة، مما يدعو إلى مقاطعة الانتخابات، إلا أن تلك الأحزاب والأجهزة الرسمية ستصنع مشهدا انتخابيا مضللا بما لدى تلك الأجهزة من أدوات.

وذلك بداية من التهديد بفرض غرامة مالية قدرها 500 جنيه على من لا يصوت في الانتخابات، مما يدفع الكثيرين خاصة أصحاب المعاشات والبالغ عددهم حوالي عشرة ملايين شخص للذهاب، خاصة مع توفير وزارة التضامن الاجتماعي سيارات مجهزة لنقل المعاقين والمسنين، وكذلك إجبار العاملين في الحكومة على التصويت، وإثبات الذهاب للجان بأية طريقة سواء بالحبر الفوسفورى على الأصبع أو التصوير داخل اللجنة، وعدد هؤلاء أكثر من خمسة ملايين، كذلك إجبار أصحاب الشركات الصناعية والتجارية على تسيير حافلات للعاملين لديهم إلى اللجان الانتخابية للتصويت، إلى جانب تهديد أصحاب المساعدات الحكومية والمسماة تكافل وكرامة، بقطع المساعدات إذا لم يذهبوا للتصويت وعدد هؤلاء 4.7 مليون شخص، إلى جانب من يتم جمعهم من على المقاهي ومن سيارات النقل الجماعي وإجبارهم على التصويت، كأحد مظاهر جمهورية الخوف المستمرة بمصر منذ منتصف عام 2013.

twitter.com/mamdouh_alwaly

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الانتخابات غزة مصر السيسي غزة انتخابات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الانتخابات تلک الأحزاب على التصویت عدد من

إقرأ أيضاً:

الخوجة تشارك في مراقبة انتخابات مجلس نواب موريشيوس

شاركت عضو مجلس النواب عضو البرلمان الإفريقي ” أسماء الخوجة” بتكليف من قبل البرلمان الإفريقي في مراقبة الانتخابات العامة في جمهورية موريشيوس.

و استقبلت مراكز الاقتراع في موريشيوس أمس الأحد الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي بلغ عدد الناخبين فيها ما يقارب مليون ناخب ادلوا بأصواتهم لاختيار 62  نائب من نواب البرلمان، وفي هذه الانتخابات يسعى تحالف يقوده رئيس الوزراء “برافيند كومار جوجنوث” إلى ولاية جديدة.

الجدير بالذكر أن اليوم الاثنين سيشهد  فرز للأصوات و من المتوقع الإعلان عن النتائج النهائية غدٍ الثلاثاء .

مقالات مشابهة

  • الأحزاب السياسية الكبرى في ألمانيا تتفق على انتخابات تشريعية مبكرة
  • موعد إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة في ألمانيا
  • هل يصبح أردوغان مرشحًا للرئاسة التركية للمرة الثالثة؟
  • السيناريو المجنون!
  • لحل الأزمة.. رئيسة جورجيا تريد انتخابات جديدة
  • لحل الأزمة.. رئيسة جورجيا تريد تنظيم انتخابات جديدة
  • من أجل إجراء انتخابات عامة.. المستشار الألماني يرفض التصويت على الثقة
  • الخوجة تشارك في مراقبة انتخابات مجلس نواب موريشيوس
  • هذه هي الأوهام التي نحيا فيها ويكشفها لنا فوز ترامب
  • أول مصرية تصل للمنصب منذ 32 عامًا.. منال هلال عضوًا في الأمانة الدولية للجمعية البرلمانية الأورثوزوكسية