مكتظة وخطرة.. كيف يعيش الفلسطينيون داخل مناطق اللجوء بجنوب غزة؟
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
تلقت الطالبة الجامعية، مرح جمالة (21 عاما)، هذا الأسبوع، مكالمة هاتفية تحذيرية مسجلة من الجيش الإسرائيلي، تفيد بأن الحي الذي تسكنه مع أسرتها في خان يونس، بجنوب قطاع غزة، سيكون غير آمن بسبب القتال بين الجنود الإسرائيليين وعناصر حركة حماس.
وطلبت المكالمة منها وعائلتها المغادرة إلى منطقة أخرى، قال الجيش إنها ستكون أكثر أمانا، بحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وبالفعل، سرعان جمع أفراد عائلتها أمتعتهم فوق عربة يجرها حمار، في ظل نقص شديد للوقود في القطاع، وتوجهوا إلى مدينة رفح الواقعة على حدود القطاع مع مصر.
القتال في غزةويوميا، يطلب الجيش الإسرائيلي من السكان الفلسطينيين مغادرة مساحات جديدة من غزة، يتم تحديدها بواسطة خريطة المناطق (البلوكات)، التي تقسم القطاع إلى مناطق وأحياء، ويحثهم على البحث عن مأوى في مناطق أخرى يقول إنها ستكون أكثر أمانا.
ويأتي هذا فيما يتعرض قادة إسرائيل لضغط من الولايات المتحدة وآخرين، لإيجاد سبل للحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وتقول الصحيفة إن نجاح نظام "البلوكات" يمكن أن يحدد مسار دعم الحرب في واشنطن وعواصم أخرى، إذ تقول إسرائيل إن حربها ستطول من أجل القضاء على حركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
وتوعدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعدما اقتحم مسلحون السياج الحدودي وهاجموا بلدات في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر. وتقول إسرائيل إن الهجوم أسفر عن مقتل 1200 شخص، واقتياد 240 رهينة إلى غزة، أفرج لاحقا عن أكثر من 100 منهم.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن نحو 18 ألف شخص قتلوا في الهجمات الإسرائيلية منذ ذلك الحين مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين.
ولم تعد أعداد القتلى والمصابين، تشمل أرقاما من الأجزاء الشمالية من القطاع البعيدة عن متناول سيارات الإسعاف وحيث توقفت المستشفيات عن العمل.
وبعد أسابيع من تركز القتال في الشمال، شنت اسرائيل هجومها البري في الجنوب باقتحام خان يونس. مع استمرار القتال حاليا على طول قطاع غزة بأكمله تقريبا. وتقول منظمات الإغاثة الدولية إن هذا التطور ترك سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مكان يلوذون به.
والأحد، أفادت وكالة رويترز، بأن الدبابات الإسرائيلية شقت طريقها إلى وسط خان يونس، في توغل جديد كبير في قلب أكبر مدن جنوب قطاع غزة التي تؤوي مئات الآلاف من المدنيين الذين فروا من مناطق أخرى من القطاع.
وتقول إسرائيل إنها تنشر أخبار نظام "البلوكات" الجديد من خلال المكالمات الهاتفية، وإسقاط المنشورات من الطائرات، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبث الإذاعي والتلفزيوني.
ومنذ إطلاق النظام الأسبوع الماضي، أصدرت إسرائيل إشعارات إخلاء لـ28 في المئة من إجمالي مساحة أراضي قطاع غزة، وفقا للأمم المتحدة.
وجاء في رسالة نقلت باللغة العربية من خلال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بأن "نشر الخريطة من أجل مساعدتكم على فهم وإدراك التوجيهات الصادرة والانتقال من مواقع محددة بدقة إذا ما لزم الأمر، حفاظاً على أمنكم وسلامتكم".
#عاجل نداء عاجل إلى سكان أحياء الكتيبة والمحطة ووسط المدينة في محافظة #خان_يونس في البلوكات رقم 47, 55, 104-106:
⭕️ندعوكم إلى اخلاء أماكن تواجدكم بشكل عاجل نحو المآوي المعروفة غرب مدينة خان يونس.
⭕️نذكركم أننا نشرنا خريطة المناطق (البلوكات) التي تقسم القطاع إلى مناطق وأحياء… pic.twitter.com/BSXU2NU9bK
لكن صحيفة "وول ستريت جورنال"، ترى أن تنفيذ الخطة محفوف بالتحديات والمخاطر، مشيرة إلى أن الأيام الأخيرة شهدت اكتساح المدنيين لمدينة رفح، حيث ينام الآلاف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم حديثا في الشوارع، ويتكدسون في المدارس المكتظة بالفعل، ويقيمون مخيمات في المباني المهجورة، "وهو أمر يفوق قدرة وكالات الإغاثة على الاستجابة"، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
وأغلقت إسرائيل ومصر حدودهما مع غزة، في الوقت الذي لم يترك فيه الفلسطينيون أمام أي خيار سوى التدافع من مكان إلى آخر مع استمرار الحرب.
وتقول الأمم المتحدة ومسؤولون فلسطينيون وشهود في غزة إن الضربات أصابت منطقة واحدة على الأقل تم تصنيفها كملاذ آمن، بموجب نظام "البلوكات" الجديد.
وأسفرت غارة وقعت في رفح يوم السادس من ديسمبر عن مقتل 22 شخصا، وفقا لمسؤولين فلسطينيين حملوا الجيش الإسرائيلي المسؤولية عن الهجوم. وقبل ذلك بيومين، أمر الجيش الإسرائيلي سكان خان يونس بالتوجه إلى المنطقة.
وردا على سؤال بشأن الغارة، قال الجيش الإسرائيلي إنه "يتخذ الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمدنيين"، بحسب ما نقلت الصحيفة.
وتضيف "وول ستريت جورنال" أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، يقرون بأنه لا يوجد مكان آمن تماما في غزة، لكنهم يقولون إن المناطق المحددة أكثر أمانا.
وبحسب مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين، فإن الخطة الإسرائيلية تواجه تحديات أخرى. ويقولون إنه إذا كانت مناطق الإخلاء واسعة للغاية، فقد تطغى موجات النازحين المدنيين الذين يبحثون عن ملاذ للهرب، على المناطق القليلة المتبقية.
فلسطينيون يفرون من أحيائهم نحو جنوب قطاع غزةوفي المقابل، يرى مسؤولون إسرائيليون، إنهم من خلال منح المدنيين فرصة للفرار من مناطق القتال، يضحون بميزة عسكرية رئيسية، إذ يتيح ذلك تحرك عناصر حماس إلى مناطق في الجنوب خلال مطاردتهم. وقال الجيش الإسرائيلي الخميس إن حماس أطلقت صواريخ من المواصي، وهي منطقة فارغة إلى حد كبير من ساحل غزة، خصصتها إسرائيل للمدنيين النازحين.
وتقول الصحيفة إن الجيش الإسرائيلي يراقب الجهود من غرفة تحكم صغيرة في القيادة الجنوبية الواقعة بالقرب من مدينة بئر السبع. ويحدث خريطة رقمية، تظهر عدد السكان التقديري الحالي في كل منطقة، من خلال إشارات الهاتف المحمول.
وتحدثت إدارة بايدن باستحسان عن نظام "البلوكات" الجديد، ووصفته بأنه علامة على أن الإسرائيليين يستجيبون للدعوات لمنع سقوط ضحايا بين المدنيين. لكن بعض المسؤولين الأميركيين أعربوا أيضا عن قلقهم من أن الخطة لا تسير على النحو المنشود.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الخميس: "يظل من الضروري أن تعطي إسرائيل الأولوية لحماية المدنيين. ولا تزال هناك فجوة بين (..) النية في حماية المدنيين والنتائج الفعلية التي نراها على الأرض".
ويبدو من الواضح أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي تشمل مناطق في خان يونس، والمناطق الواقعة شمال وشرق المدينة التي تضم مجتمعة حوالي 600 ألف شخص، وفقا لمسؤولي الإغاثة الدوليين، أمر يثقل كاهل نظام المساعدات الإنسانية في غزة.
والأحد، اعتمد المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، بالإجماع، قراراً يدعو لإرسال مساعدات فورية إلى غزة لمواجهة الوضع الصحي المتدهور في القطاع الفلسطيني.
وبعدما فشل مجلس الأمن الدولي في الدعوة لوقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس بعد استخدام الولايات المتّحدة حقّ النقض، تبنّت الدول الـ34 الأعضاء في المجلس التنفيذي للمنظمة بالإجماع قراراً يدعو إلى "مرور فوري ودون عوائق للمساعدة الإنسانية" إلى قطاع غزة.
كما واجه نظام "البلوكات"، واقعا فوضويا من نوع آخر، إذ اتجه العديد من الفلسطينيين إلى الجنوب بدلا من اتباع الخرائط.
وتقول الصحيفة إن السبب يعود في ذلك ببساطة إلى افتقار سكان غزة إلى الكهرباء والوصول المنتظم إلى الإنترنت، مما يمنع العديد من رؤية الخرائط التي ينشرها الجيش الإسرائيلي، فيما تتضمن المنشورات الورقية فقط تعليمات عامة بالمغادرة والذهاب إلى منطقة أخرى، من دون تحديد.
La terreur, les assassinats , et l’agression reprennent dans la bande de #gaza . L’armée de l’occupation israélienne tue partout dans la bande de gaza depuis le matin. 30 civils sont déjà assassinés depuis ce matin. ???????? a distribué des tracts dans le sud “sécurisé “ pour évacuer !… pic.twitter.com/U8AfA3wx7u
— Hala Abou-Hassira (@HalaAbouHassira) December 1, 2023كما أعرب سكان في غزة عن ارتباكهم بعد أن أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء متعددة لمنطقة خان يونس، طلب في بعضها التوجه نحو رفح، فيما طلبت أوامر أخرى التوجه نحو أجزاء أخرى من خان يونس.
وعند منزل في خان يونس دمره القصف أثناء الليل، كان أقارب قتلى يبحثون بين الأنقاض وهم في حالة ذهول. وانتشلوا جثة رجل في منتصف العمر يرتدي قميصا أصفر اللون من تحت الأنقاض.
واكتظ مستشفى ناصر، المستشفى الرئيسي في خان يونس، بالقتلى والجرحى.
والأحد، لم يكن هناك أي مكان في قسم الطوارئ حيث كان الناس ينقلون المزيد من الجرحى ملفوفين بالبطانيات والسجاد. وبكى محمد أبو شهاب وأقسم على الانتقام لابنه الذي قال إنه قُتل برصاص قناص إسرائيلي، بحسب ما نقلت وكالة رويترز.
وأدى الحصار الإسرائيلي إلى قطع الإمدادات وحذرت الأمم المتحدة من انتشار الجوع والمرض على نطاق كبير.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی خان یونس قطاع غزة من خلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
حرب الإبادة.. إسرائيل تواصل عدوانها على غزة وغرق خيام «خان يونس»
يواصل الاحتلال الإسرائيلى عدوانه على غزة، إذ استُشهد وأُصيب عدد من الفلسطينيين، أمس، جراء قصف طائرات الاحتلال الحربية منزلاً فى جباليا النزلة شمال القطاع ليصل عدد الشهداء إلى 44 ألفاً و235 مواطناً، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 104 آلاف و638 آخرين، فى حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفى الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم، فيما يواصل الاحتلال قصفه المدفعى شمال ووسط وجنوب القطاع.
وفى خان يونس، تطايرت أكثر من 10 آلاف خيمة فى خان يونس نتيجة الرياح الشديدة والأمطار، ما اضطر النازحين إلى نقل خيامهم إلى مناطق بعيدة عن الشاطئ فى ظروف صعبة وقاسية جداً، وفقاً لمدير البرامج الصحية، مدير مستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر فى قطاع غزة بشار مراد، لإذاعة «صوت فلسطين»، مشيراً إلى أن المواطنين يعانون أمراضاً صدرية مختلفة، خاصة كبار السن والأطفال نتيجة عدم توفر الملابس الشتوية ووسائل التدفئة والأغطية فى ظل تدنى درجات الحرارة بشكل كبير، منوهاً بانتشار المجاعة فى غزة، ووصول نسبة الأطفال الذين يعانون سوء تغذية إلى 40% فى الجنوب، نتيجة منع سلطات الاحتلال دخول المساعدات الإغاثية وارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير.
وحذر رئيس شبكة المنظمات الأهلية فى قطاع غزة أمجد الشوا، ومدير الإغاثة الطبية فى الجنوب بسام زقوت، من خطورة الأوضاع بسبب الجوع والأمطار، مطالباً المجتمع الدولى بالتدخل العاجل لوقف العدوان وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإغاثية والغذائية، وإنقاذ حياة النازحين خاصة الأطفال وكبار السن إذ يشهد القطاع غرق المزيد من الخيام مع تعمق المنخفضات الجوية خلال فصل الشتاء، مشيراً إلى أن العديد من النازحين عادوا إلى ما تبقّى من أنقاض منازلهم، بسبب غرق خيامهم، كما أن الاحتلال يتعمد خلق الفوضى بين النازحين فى القطاع عبر استخدام عصابات منظمة خارجة على القانون تسرق المساعدات الغذائية.
وقال «زقوت» إن الأوضاع الإنسانية تزداد كارثية، مبيناً أن الجوع والبرد آفتان تقتلان المواطنين فى القطاع فى هذه المرحلة، مشيراً إلى مناشدات من عشرات العائلات النازحة خلال ساعات الليل لإيوائها بعد أن أغرقت مياه الأمطار خيامها وباتت بلا مأوى، وأن ما يحدث ظاهرة خطيرة بدأت تتصاعد وتتمثل بقيام مجموعات منظمة فى القطاع بالسيطرة على المساعدات التى تدخل إلى غزة فى إطار فوضى عارمة تعمد الاحتلال إحداثها ضمن حرب الإبادة المستمرة.
وفى الضفة الغربية، كشف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، الوزير مؤيد شعبان، أن جيش الاحتلال والمستعمرين نفذوا 407 اعتداءات ضد قاطفى الزيتون منذ بدء الموسم فى الأسبوع الأول من الشهر الماضى وحتى الآن، وشملت الاعتداءات عنفاً جسدياً، أدى إلى استشهاد مواطن ومواطنة فى نابلس وجنين على التوالى، إضافة إلى حملات اعتقالات ومنع وصول وترهيب، موضحاً أن الاعتداءات توزعت بين 120 اعتداءً نفذها جيش الاحتلال، 242 اعتداءً من قبل المستعمرين، و45 اعتداءً مشتركاً بين الجانبين، كما تركز معظم الاعتداءات فى نابلس (160 حالة)، تلتها سلفيت (58) ثم الخليل (54)، موضحاً أن الموسم الحالى شهد تصاعداً غير مسبوق مقارنة بالسنوات السابقة، حيث زادت الاعتداءات من 333 فى موسم 2023 إلى 407 هذا العام، بينما سجل موسم 2022 ما مجموعه 108 اعتداءات، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
وفى سياق منفصل، لا تزال ردود الفعل العالمية متباينة على قرار الجنائية الدولية، إذ ألمحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أمس، على هامش اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى فى مدينة فيوجى الإيطالية، إلى احتمال تنفيذ مذكرة الاعتقال الدولية الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إذا دخل الأراضى الألمانية، وأن «الحكومة الفيدرالية تلتزم بالقانون لأنه لا أحد فوق القانون»، وأن «استقلالية القضاء سارية، وقد توصل القضاء فى هذه الحالة إلى نتيجة مفادها أن هناك ما يكفى من القرائن لاتخاذ هذه الخطوة الآن».
وكانت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت الخميس الماضى، بالإجماع، قرارين برفض الطعون المقدمة من قبل دولة الاحتلال بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسى، وأصدرت أوامر اعتقال بحق كل من نتنياهو ووزير جيشه السابق يواف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ 8 أكتوبر 2023 على الأقل حتى 20 مايو 2024، وهو اليوم الذى قدمت فيه النيابة العامة طلبات إصدار مذكرات الاعتقال.