هي جريمة لا تشبه رواية "الجريمة والعقاب" التي كتبها الروائي الروسي الراحل فيودور دوستويفسكي عام 1866 وفق رؤيته الأدبية والفلسفية تجاه مجتمعه، لأنها كانت جريمة وعقابًا معا، وهي ليست جريمة كسائر الجرائم التي عرفتها الإنسانية بسبب وحشيتها وفظائعها وطول مدتها إلى حد يفوق الوصف، إنها جريمة تتعلق بقتل الإنسان لأخيه الإنسان بظلم وبدون وجه حق، إنها جريمة احتلال واغتصاب الصهاينة الأرض الفلسطينية، إنها جريمة اعتقال وقتل بدم بارد، وتهجير وتجويع وحصار شعب، والتحكم في مصيره وأنفاسه لما يزيد على القرن، إنها جريمة دولة الاحتلال الإسرائيلي التي شارك في إجرامها ومخططاتها دول الغرب وعلى رأسها بريطانيا ومن بعدها أمريكا.
فما تزال تلك الجريمة النكراء التي تدور رحاها الآن ضد الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين في قطاع غزة، بل وفي الضفة الغربية أيضا على مرأى و مسمع من العالم. فلقد شهد شعب فلسطين الأبيّ لأكثر من مائة عام أبشع وأفظع المجازر والحروب والاغتيالات والقتل والدمار والتهجير، والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية التي تتوفر لسائر البشر، وظل هذا الشعب المعزول والمقهور يضحي ويخسر شبابه وأبناءه ورموزه من أجل المطالبة باسترجاع أرضه وكرامته وإقامة دولته المغتصبة، ما جعل فلسطين الحضارة تخرج عن الركب العالمي الذي كان من الممكن أن تكون فلسطين بأبنائها وعلمائها ومبدعيها إيجابية لخدمة هذا العالم، وللأسف فإن تلك الجريمة التي يديرها الصهاينة والمتطرفون من قيادات وحاخامات ومستوطني دولة إسرائيل ضد أبناء غزة ليست من أجل إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف، بل من أجل التخلص منهم سواء بالقتل أو بالاعتقال أو التهجير، ويرجع ذلك إلى إيمانهم المزعوم بمخطط توراتي قديم لا تقره الأديان ولا التوراة نفسها، وبالرغم من ذلك فإن هذا المخطط الصهيوني المزعوم تدعمه أمريكا ودول الغرب من أجل السيطرة الكاملة على كل الأراضي الفلسطينية، ومن أجل أن يظل هذا الورم السرطاني ينتشر في فلسطين و الدول العربية.
إن تلك الجريمة طويلة الأمد ومعدة سلفا مع سبق الإصرار والترصد من أجل إبادة الشعب الفلسطيني، ومن الصور الدالة على ذلك تلك الجريمة التي تدور منذ ما يقارب ثلاثة أشهر في قطاع غزة، إنها الجريمة التي أقرتها غالبية بلدان وشعوب العالم الحر، ومعهم المؤسسات الدولية والحقوقية وعلي رأسها الأمم المتحدة ورئيسها أنطونيو غوتيريش الذي يطالب الآن مجلس الامن من على منبر الأمم المتحدة بتفعيل المادة التاسعة والتسعين المتعلقة بتهديد الحرب والسلم والدوليين، أي برفضه الانتهاكات الإسرائيلية المخالفة للقوانين والأعراف الدولية في الأمم المتحدة، الأمر الذي عرّضه لانتقاد قادة إسرائيل الذين اتهموه بالانحياز للشعب الفلسطيني مطالبين إياه بالاستقالة، لم لا وهي الدولة المزعومة التي لا تحترم العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بالحروب والأسرى وحقوق المدنيين، ولا حتى بامتثال إسرائيل لمحكمة العدل الدولية، ويرجع ذلك لتصبح هي الدولة الوحيدة المارقة والمتعالية على القوانين الدولية، إلا أن إسرائيل محمية من الفيتو الأمريكي والغرب الذين يساندونها ويحمونها طوال أكثر من قرن.
إن الأصوات الحرة في العالم لم تتوقف، وحتى الأصوات الحقوقية والمظاهرات الغاضبة والمستنكرة لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة مستمرة ولن تتوقف، ما أجبر قادة أمريكا والغرب على التراجع عن مواقفهم المتشددة تجاه أبناء غزة والشعب الفلسطيني، ومع زيادة عدد القتلى و تنكيل قوات الاحتلال الإسرائيلي بأبناء غزة طالبت غالبية الدول بإجراء محاكمات ثورية لقادة وحاخامات ومستوطني إسرائيل بسبب كل تلك الجرائم التي ارتكبوها طوال تلك السنوات ولكن بلا جدوى، ما يعني فشل العالم بسبب دوله المهيمنة والظالمة في محاسبة إسرائيل على جرائمها، أو حتي بوقف الحرب والعدوان على قطاع غزة، ومع أن الصرخات العالمية ترتفع فى وجه الجناة في إسرائيل فإن أمريكا والغرب ما يزالون ملتزمين برغم التعاطف والخجل الذي يبدونه الآن بموقفهم العنصري ضد العرب والمسلمين، والتزامهم بسياسة ازدواجية المعايير والدفاع عن إسرائيل بحجة حقها في الدفاع عن النفس دون أي اعتبار لإراقة الدماء الطاهرة من أبناء شعب غزة، لتظل جرائم إسرائيل الآثمة طوال كل تلك السنوات جرائم بلا عقاب.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تلک الجریمة إنها جریمة من أجل
إقرأ أيضاً:
العفو الدولية: الكيان الإسرائيلي يرتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في قطاع غزة
الثورة نت/
أكدت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، اليوم الثلاثاء، أن قوات العدو الإسرائيلي ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في قطاع غزة.
وأوضحت الأمينة العامة للمنظمة أنييس كالامار في تقرير قائلة: “وثقت منظمة العفو الدولية الإبادة الجماعية التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة”، موضحة أن نظام الفصل العنصري والاحتلال غير القانوني الذي يمارسه الكيان الإسرائيلي في الضفة الغربية تحوّل إلى أعمال عنف متزايدة.
وتابعت: “لقد شاهدت الدول، كما لو أنها عاجزة تمامًا، الكيان الإسرائيلي وهو يقتل آلاف الفلسطينيين والفلسطينيات، ويرتكب مجازر بحق عائلات بأكملها، وتدمّر منازل ومستشفيات ومؤسسات تعليمية”.
ونوّهت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية إلى الهجمات المتصاعدة على المحكمة الجنائية الدولية في الأشهر الأخيرة، بعدما أصدرت أوامر تدابير مؤقتة في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الكيان الإسرائيلي، وإصدارها رأيًا استشاريًا يعلن أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، غير قانوني.
وأكدت كالامار أنه “يجب على جميع الحكومات أن تبذل كل ما في وسعها لدعم العدالة الدولية، ومحاسبة الجناة، وحماية المحكمة الجنائية الدولية وموظفيها من العقوبات”.