مرة أخرى.. وهْم "شعب الله المختار"
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
تعرضنا في مقال الأسبوع الفائت إلى وهْم "شعب الله المختار" عند الصهاينة استنادًا إلى نصوص توراتية وتلمودية، فضلا عن أقوال الحاخامات. ونكمل هذه المرة بإضافة مهمة عن حاخام آخر يُدعى "برديتشيف" (توفي عام 1810م)، والذي عزف على وتر ذلك الوهم نفسه، حيث رأى أن كل العوالم في الأعالي والأسافل، إنما خلقها الرب فقط من أجل شعبه المفضل "بني إسرائيل".
وقد تجاوز هذا الحاخام حدود العقل، إذ زعم أن الرب يحكم طبقا لرغبات اليهود، بل بلغ إيغاله في مدح اليهود توجيه العتاب الشديد لربه، بل ونقده له على ما عاناه اليهود.ومما يقال عن "برديتشيف إنه" كان قد أحب الله وأحب اليهودية، ولكن حبه لليهود قد فاق الاثنين.
إذًا.. وهْم "شعب الله المختار" طاغٍ عند أصحابه من اليهود المتطرفين، ولكن السؤال: ألم يتم نقد هذا الوهم؟.. والإجابة: نعم. وسوف نتعرض هنا لنموذجين: الأول- الكاتبة والمؤرخة الإنجليزية "نيستا هيلين ويبستر" (1876- 1960م)، والتي رأت أن المفهوم اليهودي السائد عن فكرة "شعب الله المختار" هو مفهوم سياسي محض، ابتكره الحاخامات لحض اليهود على السعي الدؤوب للسيطرة على العالم. ويعتبر هذا الشعار أساس "الديانة الحاخامية التلمودية".
أما النموذج الثاني (والأهم)، فيمثله أبرز فلاسفة القرن السابع عشر الميلادي وهو "باروخ سبينوزا" (1632- 1677م)، وهو يهودي هولندي من أصول برتغالية، نشأ في أمستردام وتعلم في مدرسة يهودية أصولية، ودرس التوراة والتلمود بعمق شديد، ولكن طبيعته الناقدة والمتعطّشة للمعرفة جعلته يرى أن اليهود لا يتميزون عن الآخرين برجاحة العقل، ففكرتهم عن الرب - مثلا- وعن الطبيعة كانت عادية، ولذلك فلا يمكن أن يكونوا مختارين من قِبل الرب في هذا الأمر بشكل مطلق وأبدي، ولا يمكن أن يكونوا مُختارين كأصحاب فضائل ومعرفة بالحياة الحقيقية.
كما رأى "سبينوزا" أن اليهودي كشخص، ليس عنده ما يُفضل به على الفرد غير اليهودي. وفي هذا السياق يكون اليهود متساوين مع الشعوب الأخرى، فضلًا عن أن الرب لا يفرق بين الشعوب، وأن هذه الشعوب كان عندها أنبياء أيضًا، إذ إن النبوة لم تكن مقتصرة على العبرانيين.
وقد كانت لـ "سبينوزا" آراء تخالف معتقدات اليهود عامًة - وخاصة المتشددين منهم (الحريديم)- حول التوراة والشريعة اليهودية. وبسبب هذه الآراء، صدر بحقه من قِبل الحاخامات حِرم (طرد) من اليهودية. وعندما توفي رفضوا دفنه في مقابر اليهود، فدُفن في مقابر المسيحيين، كما منع الحاخامات أهله من الحداد عليه، بل وأمروهم أن يلبسوا عليه لباسًا أبيض.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
واشنطن تطرح صفقة طويلة الأمد مع إيران.. لا حرب ولكن!
بغداد اليوم - بغداد
كشف مصدر مطلع، اليوم الثلاثاء (28 كانون الثاني 2025)، عن رسالة شفوية مقتضبة من البيت الأبيض إلى طهران تتضمن رؤية الرئيس الأمريكي الجديد لطبيعة العلاقة مع إيران.
وقال المصدر، لـ"بغداد اليوم"، إن "رسالة شفوية وصلت مساء الأحد من البيت الأبيض إلى بغداد، ومنها إلى وسطاء عراقيين لنقلها إلى طهران، تضمنت نقاطًا محددة تمثل خلاصة موقف واشنطن تجاه إيران".
وأضاف المصدر أن "الرسالة أكدت أن الرئيس الأمريكي لا يسعى إلى الحرب مع طهران، بل يهدف إلى التوصل إلى صفقة طويلة الأمد تنهي حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مع التشديد على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة".
وأشار إلى أن "رؤية الرئيس الأمريكي تتركز على منع إيران من الوصول إلى القدرة على إنتاج أسلحة نووية، في إطار صفقة شاملة تضمن تفوق حليفته في المنطقة، في إشارة إلى إسرائيل".
ولفت إلى أن "إيران تضررت بشدة في العديد من المحاور الإقليمية، مما يتيح فرصة جديدة لواشنطن لتحقيق تفاهمات طويلة الأمد معها، رغم أن الرسائل الأمريكية لا تزال غير علنية وتعتمد على وسطاء متعددي الأطراف".
وفي 22 كانون الأول الجاري، كشف مصدر مقرب من حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أن الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب سلم طهران رسالة عبر سلطنة عمان في الأيام القليلة الماضية بهدف التفاوض على ملفات عديدة من بينها الملف النووي.
وقال المصدر مشترطاً عدم الإفصاح عن هويته لأنه غير مخول بالتصريح الرسمي لـ"بغداد اليوم"، إنه "في الأيام القليلة الماضية تسلمت إيران رسالة من الإدارة الأمريكية المنتخبة عبر سلطنة عمان وهي من القنوات المهمة في تبادل الرسائل بين طهران وواشنطن".
وأضاف، إن "رسالة ترامب التي كتبها إلى المسؤولين الإيرانيين يؤكد فيها استعداد للتفاوض مع طهران وإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي غير الاتفاق الذي جرى التوصل إليه عام 2015 وانسحب منه ترامب شخصياً عام 2018".
وأوضح المصدر الإيراني إن "ترامب لن ينتظر أكثر من بضعة أشهر لتسلمه الرد من المسؤولين الإيرانيين بشأن استعدادهم للتفاوض على جملة من الملفات من أبرزها الملف النووي".
ووفق المصدر إن الرسالة الأمريكية توحي بأن "ترامب جاد للغاية لحوار مباشر ورفيع المستوى مع إيران في بداية عمله، وإذا قبلت إيران فإن هناك احتمالاً للتوصل إلى اتفاق، رغم أنه لن يكون هناك ما يضمن أنه حتى في حال التوصل إلى اتفاق فإن أمريكا ستلتزم به".
ويرى المصدر إن حكومة بزشكيان تعتقد بأن مواصلة التصعيد النووي من قبل طهران لن يؤدي إلى نتيجة وربما سيتم إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي وعلى شكل فصول سبعة من مواثيق الأمم المتحدة باعتبارها تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وستقع البلاد في فخ العقوبات الدولية واسعة النطاق، كما ستنضم روسيا والصين إلى الغرب في هذا الأمر، وللأسف ما كان يجب أن يحدث وخلال أقل من ثماني سنوات، انخفضت قيمة العملة الوطنية للبلاد بحوالي 300%".
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي خلال الاثنين الماضي خلال مؤتمر صحفي على ما ذكرته "بغداد اليوم"، بالقول إنه "لا يعلم بتسلم طهران رسالة من ترامب".
وفي الأسبوع الماضي، سافر الوفد التجاري العماني برئاسة نائب وزير التجارة العماني إلى طهران والتقى وناقش مع وزير الصناعة والتعدين والتجارة.
من جانبه، قال سفير إيران لدى عُمان موسى فرهنك، أول أمس الأحد، "على أعتاب العام الجديد، ومع زيارة وزير خارجية سلطنة عمان إلى طهران، سنشهد مرحلة جديدة من العلاقات بين طهران ومسقط وجولة جديدة من التعاون الإقليمي بين إيران وجيرانها".
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن لدى إيران خلافات مع الولايات المتحدة "جوهرية وأساسية للغاية" و"قد لا يتم حلها، لكن يجب علينا إدارتها بحيث يتم تقليل التكاليف والتوترات".
وأكد على هامش لقاء الوفد الحكومي أن قناة سلطنة عمان نشطة، وقال إن هناك دائما قنوات اتصال بين إيران وأمريكا، مبيناً "إن إمكانية تبادل الرسائل بين البلدين عبر السفارة السويسرية وطرق أخرى لا تزال قائمة".