يقتضي التعامل مع الأزمات تبني إجراءات عاجلة لمواجهة الآثار السلبية والعمل على استمرار دوران النشاط الاقتصادي، إلا أن الأمر يتطلب في الوقت ذاته الاستعداد للغد وما بعده لتأمين استدامة التنمية في الأجلَين المتوسط والطويل. كما أن التخطيط للتعافي بعد الأزمة يتطلب التكيُّف مع التغيرات المتوقعة على المستويات المحلية والعالمية، وعندما تحدث الأزمات، يكون لدى الدولة خطط واستراتيچيات ونهجٌ محددٌ في إدارة التنمية وسياسات للتنفيذ، إلا أن المهم هو كيف تتمكن هذه المناهج والسياسات القائمة من مواجهة الأزمات الطارئة وقدرتها على التوقُّع والتحوُّط.

لقد أدتِ الصدمات الخارجية الأخيرة التي اجتاحتِ العالم إلى تزايد الاهتمام بالأمن الاقتصادي، مما ألجأ الحكومات إلى تحجيم التجارة وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. كما أصبح هناك حاجة ملحة للتركيز على أمن الواردات من السلع ذات الأهمية الحيوية، والاعتماد على الذات بدرجة أكبر واستقلالية أكبر خاصة في مجال التكنولوچيا. كذلك تزايد الاهتمام بإعادة تقييم مدى أمان سلاسل القيمة، وخاصة مع ما أظهرته الأزمة من تزايد الاعتماد على الخارج في توفير المواد اللازمة لمواجهة الأزمة. ومن أهم متطلبات تأمين مسارات التنمية: اقتصاد كُلي مستقر (معدلات ادخار مرتفعة- احتياطي نقدي قوي- مستويات الدين وهيكله ليست في حالة هشاشة أو خطورة- تعاون إقليمي ودولي فعال- التحوط وإنشاء صناديق من إيرادات الموارد الطبيعية الناضبة وخاصة النفط)، هيكل اقتصادي قوي ومرن، هيكل تجارة خارجية متنوع وتنافسي، بنية تحتية ولوجستية وتكنولوچية. وفيما يتعلق بدرجة استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي في مصر ومدى ما تعكسه من صلابة الاقتصاد، فإنه مما لا شك فيه أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الدولة منذ عام 2016 والمشروعات التي تم إنجازها (بصفة خاصة في البنية التحتية والطاقة والمرافق وشبكات الطرق والمدن الجديدة، والتوسع في الخدمات الإلكترونية والشمول المالي) كان لها أثر واضح في المساعدة على مواجهة التداعيات السلبية والأزمات. ومع ذلك، هناك بعض المشكلات الجوهرية التي يتعين التعامل معها، ومن أهمها: انخفاض معدل الادخار المحلي، انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي عن المستويات المناظرة في الدول التي استطاعتِ الصمود في مواجهة تلك الأزمات، حيث إن هذه العوامل تُضعف القدرة على تمويل الاحتياجات العاجلة لمواجهة الأزمات مع ما يلزم لاستمرار النشاط الاقتصادي، وبالتالي تضطر الدولة إلى اللجوء للاستدانة، ومن ثم زيادة عبء الدين العام، خاصة إذا كان معظم هذه الاحتياجات يتعين استيرادها من الخارج. ومن ثم يتطلب تأمين مسارات التنمية في الأزمات في مصر توجُّه السياسات الاقتصادية نحو إنجاز مزيد من التحسن في المؤشرات الاقتصادية الكلية، خاصة مؤشرات: الادخار، والدين العام، والاحتياطيات من النقد الأجنبي. وقد وضعت مصر المرحلة الثانية من برنامج «الإصلاح الاقتصادي»، وهو «البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية»، والمطلوب في المرحلة الحالية الإسراع في التنفيذ والانطلاق إلى آفاق أكثر رحابةً وطموحًا. ويُعتبر مؤشر نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي أحد المؤشرات الاقتصادية الكلية الهامة التي ينبغي أن تعمل مصر جاهدة على إنجاز تحسُّنٍ فيه. ومن المعروف أن الاقتراض يمكن أن يكون مفيدًا للدول، وخاصة الدول النامية والأسواق الناشئة التي تواجه تحديات تنموية كبيرة، إذا تم استخدامه لتمويل الاستثمارات المحفزة للنمو. ولكن على الرغم من ذلك، فإن الديون المرتفعة تنطوي على مخاطر كبيرة، حيث تكون الدولة في هذه الحالة أكثر عُرضة للصدمات الاقتصادية والمالية، بما في ذلك الارتفاع في تكاليف إعادة التمويل.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

"شباب الأعمال" تطالب بخطة لزيادة مساهمة القطاع الخاص لـ70% وخفض التضخم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

هنأ مجلس إدارة الجمعية المصرية لشباب الأعمال برئاسة بسام الشنواني، الوزراء الجديد بالحكومة الجديدة للدكتور مصطفي مدبولي، معربًا عن تطلعه للتعاون والمشاركة مع مختلف الوزارات في تنفيذ تكليفات  الرئيس عبد الفتاح السيسي ورؤية الدولة نحو دعم القطاع الخاص وتحقيق التنمية الاقتصادية لمصرنا الحبيبة.

وثمن بسام الشنواني رئيس مجلس الإدارة، اختيار الوزراء الجدد وتولى حسن الخطيب أحد ابرز الرواد والرؤساء السابقين للجمعية المصرية لشباب الأعمال وزيرا للاستثمار والتجارة الخارجية حيث يعبر عن فكر القطاع الخاص وشباب الأعمال داخل الحكومة الجديدة ويعطي طمأنينة لمجتمع الأعمال في الاستماع لمطالبه.

وقال: الحكومة الجديدة امامها تحديات إقليمية وعالمية ومحلية والعديد من الملفات الهامة والتي نأمل من خلال الفكر التشاركي للحكومة والقطاع الخاص تجاوزها وتحويلها الي فرص في التجارة والاستثمار والخدمات.

واضاف، نتطلع مع الحكومة الجديدة العمل على تنمية مناخ الأعمال وتشجيع ريادة الأعمال مما يزيد فرص جلب الاستثمار الاجنبي ، و العمل علي دعم التحول الاخضر للشركات والمصانع بما يضمن استدامة تصدير منتجاتنا المحلية خاصة للاسواق الأوروبية والتي سوف تبدأ بتطبيق الضرائب الكربونية.

واكد أن من اهم مطالب مجتمع الأعمال المصري أن تكون المشاركة الاكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد القومي من خلال خطة عمل لزيادة مساهمته من 30% حاليا الي 70% الي جانب الحياد التنافسي بين شركات قطاع الأعمال العام وشركات القطاع الخاص.

واضاف، كذلك من اهم مطالبنا الثبات التشريعي خاصة للقوانين الاقتصادية مثل قوانين الضرائب وكل ما يتعلق بوزارة المالية لمدة لا تقل عن 5 سنوات، بما يعزز من وجود رؤية أوسع واشمل للمستثمر حول ثبات الاقتصاد ما يجعل من مناخ الأعمال المصري اكثر جاذبية للاستثمار المحلي والخارجي.

وشدد علي ضرورة إشراك القطاع الخاص في سن القوانين ومناقشاتها والتي تطبق على القطاع الخاص ومنها قانون الاستثمار وقانون العمل والقوانين الداعمة للقطاع الصناعي والقطاعي الزراعي والتشريعات المنظمة لجميع القطاعات والانشطة الاقتصادية.

واكد الشنواني، ضرورة وضع الحكومة الجديدة أولوية لخفض معدلات التضخم وغلاء الأسعار والمعيشة لأنه يؤثر بشكل سلبي على القطاع الخاص من حيث المنتجات والتكلفة ويزيد من أعباء الصناعة والتجارة والحالة الاقتصادية للمواطن بجانب تسهيل الحصول علي الأراضي الصناعية واعادة النظر  في آلية تسعيرها.

واضاف، كما لا بد من حل مشكلة ارتفاع فوائد البنوك حيث أن الأسعار الحالية لا تساعد الشركات علي الاقتراض، كما تجعل السوق غير قابل للاستثمار نتيجة التكلفة الكبيرة خاصة علي المصنعين، مطالبا بتوجيه جزء من الاستثمارات الاوروبية وضمانات الاستثمار التي أعلنت في مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي لخدمة الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وتابع، نطالب الحكومة الجديدة بإعادة النظر في قانون 152 لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر خاصة المتعلقة بالمحاسبة الضريبية المبسطة التي يمكن للشركات الاستفادة منها والتي لا يمكن تطبيقها حاليا في ضوء ما حدث في فرق العملة حيث فقدت الكثير من الشركات حوافز التي اقرها القانون بعد تعويم الجنيه بسبب الظروف الاقتصادية. 

مقالات مشابهة

  • رئيس الدولة يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الكيني
  • قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة – محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، (1- 15)
  • القطاع الخاص العراقي وتحسين بيئة الاستثمار في خطة التنمية الوطنية 
  • المشاط: تحقيق الاستفادة القصوى من أدوات التخطيط والتعاون الدولي لدعم أولويات الدولة لتوطين الصناعة
  • وزير التخطيط تؤكد استمرار مسيرة الإصلاح الاقتصادي ودعم خطط التنمية
  • تفاصيل لقاء «حماة الوطن» مع المركز الصيني للتعاون الاقتصادي
  • حزب الجيل الديمقراطي: القطاع الخاص شريك الدولة في عملية التنمية
  • "شباب الأعمال" تطالب بخطة لزيادة مساهمة القطاع الخاص لـ70% وخفض التضخم
  • عضو بـ«الشيوخ»: الحكومة الجديدة قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة
  • ماذا تريد الحكومة من المواطن؟