خالد الشناوي يكتب: أغاني المهرجانات لطمة على جبين الفن
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
لا شك أن أغاني المهرجانات في غالبيتها فيروس خطير، جاء وفق مخطط ممنهج، لهدم الثوابت القيمية، والمجتمعية لمجتمعنا الشرقي ذا العادات والقيم الأصيلة.
ولا أكاد أن أكون مبالغا إذا ما جذمت أن فيروس هذه الأغاني، بما تحمله من ألفاظ خادشة للحياء العام والعام، لا يقل خطورة عن فيروس كورونا اللعين.
إنها بذلك جاءت لتهدم أهراماتنا الثقافية، والفكرية الشامخة عبر تاريخ مصرنا الفياض بالمبدعين جيلا بعد جيل.
حقيقة ما يحدث هو جرم كبير في حق هذا الوطن الكبير، الذي قدم عشرات المبدعين، مثل كوكب الشرق أم كلثوم والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ومحمد فوزي ونجاة، وفيروز، وفايزة أحمد، وعلى الحجار، وهاني شاكر ومحمد ثروت ومحمد منير وغيرهم الكثير والكثير من نجوم الفن والطرب الأصيل.
ناهيك عن نجوم الغناء الشعبي، محمد عبد المطلب، ومحمد طه، وخضرة محمد خضر، والعزبي، ومحمد رشدي الذي ما زالت الآذان تنتشي طربا لسماع دفء أصواتهم.
فمن ينادون اليوم دفاعا عن هذا القيح بزعم حرية التعبير قولهم مردود عليه(أنت حر ما لم تضر) فهذا ليس تعبيرا، ولا فنا، ولا يستطيع أن يرقى حتى إلى أي لون من ألوان الابداع، وما هو سوى انبطاح فكري، وتردي ثقافي، والسكوت عن ذلك، جرس إنذار، وناقوس خطر، وطريق يسير بنا جميعا، هبوطا وانحدارا نحو الهاوية القيمية والأخلاقية، ومن ثم ضرب أدبيات المجتمع في مقتل.
إن هذه النوعية لا ترقى إلى المستوى بأن نوصفها (أغاني) بل هي لطمة على جبين الفن، ولطمة على جبين الإنسانية وإذا لم نستطع أن نوقف تمدد هذا الظاهرة عند حدها، فإنها ستأكل الأخضر واليابس، لكونها تسري في عقول الشباب المغيب، سريان النار في الهشيم.
إن أخطر ما تواجهه الدول والشعوب في(حروب الجيل الخامس)،هو محاولة تجريف فكرها، وتجريف ثقافتها، وتجريف قيمها وأخلاقها، ومن ثم خلق حالة من الانفصام الفكري والمعرفي بين ثوابت المجتمع وقيمه ورقيه، وتحضره، تحت مزاعم صفراء، تخفي بين سطور أجنداتها معاول الهدم والتخريب!
مصر دولة كبيرة ولها ريادتها وتواجدها في قلب العالم،وهي اليوم ترسخ القواعد لجمهورية جديدة،
هذه الجمهورية تحتاج لتضافر مثقفيها، وبنى جلدتنا، سندا لها ودعما، وتعرية لكل من يحاول خطفها بعيدا عن مسارها.
تحقيقا لحلم قيادتها السياسية الرشيدة في بناء دولة كبيرة ذات قيم ومبادئ تستطيع أن تواجه التحديات هنا أو خارج هنا.
إن حضارة مصر الممتدة عبر آلاف السنين، والضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، ببصماتها الثابتة، وثوابتها التاريخية التي لا تقبل التشكيك أو المزايدة لا تقبل هذا الهراء ولا ترضيه لأبنائها ولا لغيرهم من بني الإنسانية.
مصر التي رسخت وما زالت ترسخ القواعد نحو حياة كريمة، أنصفت في الداخل ريفها المهمش بمد يد العون والمساعدة وتحقيق الحياة الآدمية اللائقة لمواطنيها، وفي الخارج بعودة مكانتها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، لقادرة على متابعة وملاحقة، كل من يحاول تجريف فكر رعاياها تحت أي زعم أو مسمى.
(لا يليق ولا يقبل أن يكون هذا هو شكل الفن والغناء في مصر وفي الوطن العربي)
أفيقوا يا سادة فالتاريخ لا يرحم.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
محمد كركوتي يكتب: روافد غير نفطية لاقتصاد أبوظبي
كل المؤشرات تدل على أن اقتصاد أبوظبي ماضٍ لتحقيق مستويات نمو مرتفعة بحلول نهاية العالم الجاري، مقابل معدلات متواضعة على الساحة العالمية، التي تواجه مزيداً من الضغوط، من فرط أزمات عدة، كانت آخرها، الحرب التجارية التي انطلقت بالفعل مطلع الشهر الحالي.
نمو اقتصاد أبوظبي بات منذ سنوات يستند إلى عوامل كثيرة، من أهمها القفزات النوعية على صعيد تنويع مصادر الدخل، والحفاظ على وتيرة اقتصاد مستدام، وتعزيز دور القطاع الخاص في الحراك الاقتصادي الشامل، إلى جانب ازدهار كل القطاعات من دون استثناء.
فالأنشطة غير النفطية في الإمارة، تحولت بالفعل إلى المحرك الرئيس للنمو، مثل الصناعات التحويلية والتشييد والبناء وأنشطة المعلومات والاتصالات والتعليم والصحة، وتجارة الجملة، والتجزئة، وغيرها.
في نهاية العام الماضي، توقع صندوق النقد الدولي بلوغ نمو اقتصاد أبوظبي في 2025 نحو 4.2%، معدلاً توقعاته السابقة للأعلى. ولا شك في أن الحراك الاقتصادي في العام الماضي، يشكل الأساس القوي، لكل قفزة في الأعوام المقبلة. ففي 2024 بلغ النمو 3.8%، بقيمة كلية وصلت إلى 1.2 تريليون درهم.
اللافت هنا، أن الاقتصاد غير النفطي نما بقوة وبمعدل 6.2% مقارنة بعام 2023، فكانت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 54.7%. ماذا يعني ذلك؟ نجاح مخططات التنويع الاقتصادي الهادف أساساً إلى تحقيق نمو مستدام. وقد أسهمت الشراكات مع الدول الأخرى، في دفع النمو إلى هذا المستوى، إلى جانب طبعاً المحركات المحورية الأخرى للاقتصاد المحلي.
مع وصول القيمة المضافة للناتج المحلي غير النفطي في أبوظبي إلى 644.3 مليار درهم السنة الماضية، تتعزز التوقعات ببلوغه مستويات مرتفعة هذا العام، في ظل سلسلة لا تتوقف من المبادرات، بما فيها تلك الخاصة بالتحول الصناعي، وما بات يعرف باقتصاد المستقبل.
«ماكينة» النمو ستواصل توليده في الأعوام المقبلة، على أسس مستدامة، وسط اتساع الميادين الحاضنة للفرص والاستثمارات، مع تنامي دور الشراكات الاستراتيجية التي توفر روافد محورية للاقتصاد الوطني للإمارات.
ولكن تبقى النقطة الأهم في هذه «الورشة»، وهي حصة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، التي لا ترتفع فحسب، بل تكرس حقيقة بناء اقتصاد مستدام يليق بكل من أبوظبي والإمارات.