كريمة أبو العينين تكتب: تعبنا يامه !!!
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
بهاتين الكلمتين " تعبنا يامه " واصلت غزة صرخاتها للمجتمع الدولى الظالم الذى غض بصره وصم أذنيه عن قطاع غزة ومعاناته المتواصلة .
فقد ظهرت أمام الشاشات وعلى وسائل التواصل الفلسطينى سيدة فلسطينية ملامحها جمعت كل آيات الحزن والألم وقالت بصوت منكسر " تعبنا يامه " واستطردت فى شرح معاناتها ومعاناة اهالى قطاع غزة المكلوم ، ففى على مدار اكثر من شهرين والاوضاع فى غزة من سيء لأسوأ ، أسر تقطعت أوصالها ، شهداء ، مصابين ، انقاض ، ودمار يرقد تحته المزيد من الضحايا الشهداء ، محاولات بدائية لانقاذ الارواح التى لازالت محاصرة تحت انقاض القصف الرئيسى الوحشي لغزة الصامدة.
اكثر من شهرين وقوات الاحتلال تقصف بجنون وتدمر بلا ادنى انسانية كل ماتقع عليه عينيها فى غزة ،بشر ، شجر ، حجر ، طائر ، حيوان كل شىء لم يسلم من القصف الهمجى الاسرائيلى ، ولم تكتف قوات الاحتلال بذلك بل تواصل جبروتها وحبها لسيل الدماء وتقتحم كل ماهو آمن وتحوله الى خراب ودمار تحت زعم الدفاع عن النفس ، وبنفس الروح الشريرة المنزوعة الانسانية تواصل القوات الصهيونية اجراءاتها التعسفية وسياستها القمعية ؛ وتنقل وسائل التواصل الاجتماعى ووكالات الانباء والقنوات والفضائيات ، صورا وفيديوهات لفلسطينيين مجردين من ملابسهم ، منحنى الرؤوس تنفيذا لتعليمات الصهاينة الذين اقتادوهم من احدى مدارس ايواء النازحين وذهبوا بهم الى جهة غير معلنة ؛ فيما اكدت مصادر مطلعة ان قوات الاحتلال قتلت هؤلاء الاشخاص بدم بارد مثلما تفعل وفعلت على مدار تاريخها الاسود المحفور بدم الابرياء . اكثر من ٦٠ يوما اكتمل قهرهم باعتراض الام الرسمية لدولة الاحتلال الا وهى الولايات المتحدة الامريكية على قرار مجلس الامن الدولي بوقف اطلاق النار ؛ وعليه فقد اعطت واشنطن لتل ابيب ضوءا اخضر لمواصلة قتل المزيد والمزيد من اهل غزة المغضوب عليهم اسراامريكيا .
اكثر من ٦٠ يوما والمظاهرات تجوب العالم كله لوقف اغتيال غزة وابناءها ؛ ولكن الحكومات على غيها وظلمها وتواصل غض الطرف عما يحدث فى غزة ؛ وكأن اهل القطاع ليسوا ببشر يهب اليهم من ينقذهم ويرحمهم من ويلات الالية العسكرية الاسرائيلية الغاشمة ، شهر ثالث وارقام الشهداء تتضخم وخاصة الاطفال والنساء وكبار السن ، الشهر الثالث من الاعتداء الوحشي الاسرائيلى على غزة والتحكم فى دخول كافة المساعدات ؛ لزيادة الخناق والحصار على غزة للوصول الى نقطة وهدف اسرائيل الاسمى وهو التهجير القسري لسكان غزة الى سيناء ، الشهر الثالث من الاعتداء الاسرائيلى على غزة والمجتمع الدولى والعربى يعيش دور المتفرج المندد المنتقد الشاجب فقط ، شهر ثالث من الحرب الاسرائيلية على غزة والدنيا ترفض ان تعامل اهل غزة معاملة اوكرانيا وغيرها من الدول البيضاء ، للشهر الثالث على التوالي من الانتهاك الاسرائيلى للقيم الانسانية والمبادىء الدولية والقوانين والتشريعات الدولية ، شهر ثالث تطمح واشنطن خلاله ان تحقق اسرائيل ماتصبو اليه من القضاء على حماس كما تدعى وتزعم ، مع ان اهداف اسرائيل من اجتياح غزة لاتكمن فيما اعلنته ؛ بل هناك حزمة من الاهداف على رأسها بالطبع الابادة الجماعية لاهل غزة والقضاء على جيل كامل من الفلسطنيين عن طريق استهداف الاطفال ، وايضا وضع نهاية لعنصر الانجاب والنماء وهى المرأة التى تستهدفها قوات الاحتلال فى قصفها الهمجى ، ثلاثة اشهر قد يكتملوا شحنت خلالهم الام امريكا الى ابنتها اسرائيل عشرات الالاف من المتفجرات والملايين من الاسلحة والمعدات العسكرية ، ثلاثة اشهر قد يكتملوا من الحرب الاسرائيلية استعرضت فيهم واشنطن قدراتها العسكرية فى البر والبحر من طائرات حديثة وحاملات طائرات وسفن وغيرهم من الدعم لاسرائيل فى مواجهة حماس ؛ تلك الفئة القليلة التى تحارب العالم كله اسرائيل وامريكا وانجلترا وفرنسا والمانيا وكندا وغيرهم ممن يجتمعون فى مسمى اتحاد اوروبى او حلف اطلنطى . ثلاثة اشهر قد يكتملوا واسرائيل تتفنن فى اظهار قوتها التى نعلمها كلنا بانها قوة ظاهرية لاتستطيع مواجهة قوة العقيدة ، حرب العقيدة دوما منتصرة لانها على حق ،اسرائيل ستهزم وتنتهى ؛ وغزة ستنتصر فذلك وعد الله …ولا يخلف الله وعده
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
د. رهام سلامة تكتب: البابا فرانسيس رجل سلام في زمن الحياد المزيف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في زمنٍ تصاعدت فيه أصوات الصمت، وتخاذلت فيه قوى الضمير عن أداء واجبها الأخلاقي، سطعت شخصية نادرة في المشهد العالمي: البابا فرنسيس، الرجل الذي لم تكن رسالته مقتصرة على جدران الفاتيكان، بل امتدت لتلامس جدران الألم البشري، في غزة، وفي بيت لحم، وعلى كل شبر يئن تحت ظلم الاحتلال والعدوان.
عرفت انه استاذًا جامعيا ويعشق الفلسفة.. سعدت بلقائه مرتين.. الأولى أثناء زيارته للقاهرة وفي أثناء مؤتمر السلام الذي نظّمه الأزهر الشريف في عام 2017، والثانية في الفاتيكان عندما استضافنا في دار الضيافة الملحقة بمقر سكنه في اثناء حضوري لمؤتمر عن المشتركات بين الإسلام والمسيحيه والذي نظمه المعهد الملكي للدراسات الدينية برئاسة الأمير الحسن بن طلال بالتعاون مع مركز الحوار في الفاتيكان.
رأيت فيه رجلا حكيمًا ولطيفًا والأهم رجل دين بمعنى الكلمة.. إن ابرز محطاته بالنسبة لنا في الأزهر الشريف والمهتمين بالحوار بين الاديان هي وثيقة الاخوة الإنسانية، إلا أنني سأعرض بعض الملامح العظيمة والتي وجدتها في غاية الأهمية والسمو وتستحق ان نسلط الضوء عليها.
25 مايو 2014 كان تاريخًا لا يُنسى. ففي مشهد فاجأ العالم، وخالف كل بروتوكول، توقّف البابا فرنسيس فجأة عند الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل حول الشعب الفلسطيني، وانحنى للصلاة أمامه. لم يكن ذلك جدارًا عاديًا، بل رمزًا للقهر والعزلة والاحتلال، وقد بدا البابا في تلك اللحظة وكأنه يصلّي على «حائط مبكى» جديد، لكن هذه المرة لأجل شعب يُحاصر، لا لأجل سلطة تُكرّس الاحتلال.
على الجدار، كانت عبارات كتبها الفلسطينيون تطالب بالحرية، وبجانبه رُفعت الأعلام الفلسطينية، ورفرفت الكرامة في لحظة نادرة من الإنصاف الروحي. لم تكن تلك زيارة بروتوكولية، بل شهادة حية، وموقف نبويّ في وجه صمت العالم.
حينها، دعا البابا القادة الفلسطينيين والإسرائيليين للصلاة معًا في الفاتيكان من أجل السلام، مؤكدًا أن “السلام معقد، ولكن العيش بدونه هو عذاب دائم”. وفي وقت صعّدت فيه إسرائيل إجراءاتها القمعية، رفض البابا الانحياز إلى الأقوى، وأصر على أن للفلسطينيين حقًا في وطنٍ ذي سيادة.
لم ينسَ نتنياهو تلك اللحظة. فجن جنونه، وأصرّ على ترتيب زيارة فورية للبابا إلى نصب “ضحايا الإرهاب الإسرائيلي”، في محاولة للتعتيم على رمزية الوقوف أمام الجدار. لكن البابا كان قد قال كلمته، بالصمت، وبلغة العيون، التي قرأها العالم، وارتعدت منها حسابات السياسة.
عشر سنوات مرت، غادر البابا الحياة، لكنه بقي شاهدًا على واحدة من أبشع جرائم العصر: الإبادة البطيئة لشعب غزة، دون تمييز بين مسجد وكنيسة، ولا بين طفلٍ ومسن. ورغم مرضه، تابع البابا تفاصيل الحياة تحت القصف، وسأل كهنة غزة يوميًا عن الماء، والغذاء، والدواء، في وقت كان فيه كثيرون من الزعماء العرب والمسلمين يتساءلون: “أليست هذه حربًا بين طرفين؟”.
قالها البابا دون مواربة: “هذه ليست حربًا، بل وحشية”. وانتقد بصراحة “غطرسة الغازي” و”قصف الأطفال”، بل وصف ما يجري بأنه “مجزرة يجب أن يُحقّق فيها قانونيًا”، مؤكدًا في كتابه الأخير الرجاء لا يخيب أبدًا أن ما يحدث في غزة “يحمل سمات الإبادة الجماعية”.
في كلمات وداعه، كان البابا على سريره، يُقاوم المرض، ويهمس بالحق، ويصلي من أجل أولئك الذين “يفتقدون للغذاء والماء وحتى الأمل”.
فرانسيس لم يكن مجرد زعيم روحي، بل صوتًا نقيًا في زمن الغبار، رجلًا لم يسقط في فخّ التوازنات السياسية، بل اختار الاصطفاف مع الإنسان، أيًا كان دينه أو موطنه.
إن العالم بعد البابا فرنسيس، أشدّ وحدةً، وأفقر إنصافًا، لكنه سيذكره دومًا كأبٍ روحانيٍّ خاض في السياسة حين صمت السياسيون، ووقف مع فلسطين حين هرب الآخرون إلى الحياد المزيّف.
د. رهام سلامة؛ مديرة مركز الأزهر لمكافحة التطرف