قام فريق بحثي من جامعة فاخينينجن (‏Wageningen University) في هولندا، بتطوير نموذج جديد للذكاء الاصطناعي يستخدم صور الأقمار الصناعية للتعرف على المواد البلاستيكية العائمة.

ويعمل النظام الجديد -حسب الدراسة- بدقة أكبر من النماذج السابقة، حتى في الأوقات الجوية الصعبة عندما تكون السماء ملبدة جزئيا بالغيوم أو يعوق الضباب الرؤية التامة.

ويتوقع الباحثون أن تساعد هذه التقنية في الكشف عن البلاستيك المنتشر في المحيطات وإزالته بشكل منهجي، كما سيساهم النظام الجديد في الكشف عن تراكمات القمامة على طول الشواطئ وفي البحار.

نفايات بلاستيكية في المحيطات

وبحسب موقع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فإن محيطاتنا مليئة بالأشياء التي لا تنتمي إليها، حيث تدخل إلى البيئة البحرية كل يوم كميات من المواد البلاستيكية والمعادن والمطاط والورق والمنسوجات ومعدات الصيد التالفة والسفن المهجورة وغيرها من العناصر المفقودة أو المهملة، والتي تشكل ما يعرف بالحطام البحري، وهي إحدى أكثر مشاكل التلوث انتشارا في المحيطات والممرات المائية في العالم.

الباحثون يقدرون أن نحو 500 ألف طن متري من البلاستيك ينتهي بها الأمر في المحيطات كل عام (شترستوك)

ووفقا للبيان الصحفي الصادر من جامعة فاخينينجن، فإنه من المتوقع أن تزداد كمية النفايات البلاستيكية في المستقبل إذا لم يُتخلص منها أو يعاد تدويرها بشكل صحيح، لأن الكثير منها يتراكم في الأنهار والبحيرات، وتتدفق في نهاية المطاف إلى المحيطات.

وفي دراسة سابقة نشرتها دورية نيتشر يقدر الباحثون أن نحو 500 ألف طن من البلاستيك ينتهي بها الأمر في المحيطات كل عام، نصفها تقريبًا يأتي من الأرض، أما النصف الآخر فيأتي من صناعة صيد الأسماك على شكل شباك وحبال وعوامات ومعدات أخرى.

الكشف عن الحطام البحري

يقول البيان الصادر من الجامعة، إنه يمكن رؤية تراكمات الحطام البحري في صور الأقمار الصناعية سينتاينيل 2، وهي صور متاحة بشكل مجاني تلتقطها هذه الأقمار الاصطناعية للمناطق الساحلية كل يومين إلى خمسة أيام في جميع أنحاء العالم.

نظام الاستشعار يعمل على تحديد النفايات البلاستيكية بدقة عالية حتى في الظروف الجوية الصعبة (شترستوك)

وبالنظر إلى أن حجم البيانات قد يكون كبيرا للغاية، توجب تحليلها تلقائيا عبر نماذج الذكاء الاصطناعي مثل الشبكات العصبية العميقة، وهو ما قامحدث بالفعل.

يقول مارك روسورم الأستاذ المساعد في جامعة فاجينينجن: "تتعلم هذه النماذج من الأمثلة المقدمة من علماء المحيطات والمتخصصين في الاستشعار عن بعد الذين حددوا بصريًا عدة آلاف من حالات الحطام البحري في صور الأقمار الصناعية من جميع أنحاء العالم، وبهذه الطريقة دربوا نموذج للتعرف على النفايات البلاستيكية التي تُعرف أيضا بالحطام البلاستيكي".

من ناحية أخرى يقول بيان الجامعة إن نظام الاستشعار هذا يعمل على تحديد النفايات البلاستيكية بدقة عالية حتى في الظروف الجوية الصعبة التي تعوق الرؤية.

يضيف روسورم: "يظل النظام دقيقا حتى في الظروف الأكثر صعوبة؛ فعلى سبيل المثال، عندما يجعل الغطاء السحابي والضباب الجوي الرؤية صعبة للغاية، فمن الصعب على النماذج الحالية تحديد الحطام البحري بدقة، إلا أن النظام الحالي قادر على التعرف عليها بدقة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النفایات البلاستیکیة فی المحیطات الکشف عن حتى فی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية

منذ إطلاق الذكاء الاصطناعي أو ما يُعرف بـ«تشات جي بي تي» في ٣٠ نوفمبر من عام ٢٠٢٢م، بواسطة أوبن أيه آي ـ سان فرانسيسكو المُصَمَم على محاكاة القدرات الذهنية للبشر عبر استخدام تقنيات التعلم والاستنتاج ورد الفعل واتخاذ القرارات المستقلة... منذ ذلك الحين غصّْت الصحف التقليدية ومنصات الكتابة الإلكترونية بالمقالات والأعمدة والتحليلات التي لا تنتمي إلا شكليًا للشخص المُدونُ اسمه في نهايتها.

وبقدر ما يُسهم الذكاء الاصطناعي في حل كثير من الإشكالات في حياتنا بما يمتلكه من قدرات خارقة تساعد الإنسان والمؤسسات على تحسين الأداء وحل المعضلات والتنبؤ بالمستقبل عبر «أتمتة» المهام والعمليات، إلا أنه ساهم في تقويض مهارات الكتابة الصحفية كوسيلة أصيلة للتعبير عن الأفكار وطرح الرؤى الواقعية التي تساعد المجتمع على تخطي مشكلاته... يتبدى ذلك من خلال تقديم معلومات غير موثوقة كونها لا تمر بأيٍ من عمليات التحقق ولا تقع عليها عين المحرر.

يستسهل حديثو العهد بالعمل الصحفي وممن لا علاقة لهم بعالم الصحافة كتابة مقال أو تقرير أو تحقيق صحفي، فلم يعودوا بحاجة للبحث والتحضير وتعقب المعلومات وهو المنهج الذي ما زال يسير عليه كاتب ما قبل الذكاء الاصطناعي الحريص على تقديم مادة «حية» مُلامِسة للهمّ الإنساني، فبضغطة زر واحدة يمكن الآن لأي صحفي أو من وجد نفسه مصادفة يعمل في مجال الصحافة الحصول على المعلومات والبيانات التي سيتكفل الذكاء الاصطناعي بتوضيبها واختيار نوع هرم تحريرها وحتى طريقة إخراجها ليترك للشخص المحسوب على الصحفيين فقط وضع صورته على رأس المقالة أو التحليل أو العمود وتدوين اسمه أسفله.

إن من أهم أخطار الذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي أن الشخص لن يكون مضطرًا للقراءة المعمّقة وتقصي المعلومات والبيانات ولهذا سيظهر عاجزًا عن طرح أفكار «أصلية» تخُصه، فغالبًا ما يقوم الذكاء الاصطناعي بتقديم أفكار «عامة» تعتمد على خوارزميات وبيانات مُخزّنة.. كما أنه لن ينجو من اقتراف جريمة «الانتحال» كون المعلومات التي يزوده بها الذكاء الاصطناعي «مُختلَقة» يصعب تحري صدقيتها وهي في الوقت ذاته «مُتحيزة» وغير موضوعية تأخذ طرفًا واحدًا من الحقيقة وهو بلا شك سبيل لإضعاف مصداقية أي صحفي.

وتقف على رأس قائمة أخطار الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في الكتابة الصحفية ما يقع على القارئ من ضرر، إذ لوحظ أنه يواجه دائمًا صعوبة في استيعاب «السياق» وهي سمة يُفترض أن تُميز بين كاتب صحفي وآخر... كما أنه يُضطر لبذل مجهود ذهني أكبر لاستيعاب عمل «جامد» يركز على كمية المعلومات وليس جودتها، فمن المتعارف عليه أن المادة وليدة العقل البشري تتصف بالمرونة والحيوية والعُمق والذكاء العاطفي ووضوح الهدف.

لقد بات ظهور أشخاص يمتهنون الصحافة كوظيفة وهم يفتقرون للموهبة والأدوات خطرًا يُحِدق بهذه المهنة في ظل ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من قدرات فائقة على صناعة مواد عالية الجودة في زمن قياسي رغم أن القارئ لا يحتاج إلى كثير من الجهد لاكتشاف أن هامش التدخل البشري في المادة المُقدمة له ضئيل للغاية.

بقليل تمحيص يمكن للقارئ استيضاح أن لون المادة التي بين يديه سواء أكانت مقالة أو عمودا أو تقريرا يفتقر إلى «الإبداع والأصالة» وهو ما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي لن يحل في يوم من الأيام محل العقل البشري الذي من بين أهم مميزاته قدرته الفائقة على الابتكار والتخيل والإبداع والاستنتاج عالي الدِقة.

النقطة الأخيرة..

رغم التنبؤات التي تُشير إلى ما سيُحدثه الذكاء الاصطناعي من نقلة هائلة على مستوى زيادة الكفاءة والإنتاجية وتوفير الوقت والتكاليف، إلا أنه سيظل عاجزًا عن تقديم أفكار خلّاقة وأصلية علاوة على المردود السلبي المتمثل في تدمير ملَكات الإنسان وإضعاف قدراته الذهنية.

عُمر العبري كاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • تطورات ديبسيك.. هل أعد الذكاء الاصطناعي لأغراض خبيثة؟
  • أحمد ياسر يكتب: الذكاء الاصطناعي .. سلاح تدمير غزة
  • تحديث iOS 18.3.. قفزة جديدة في تطور الذكاء الاصطناعي من آبل
  • كيف تتأثر الأديان بقدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة؟
  • «ديب سيك» دليل على أنّ الغرب يخسر سباق الذكاء الاصطناعي
  • بريطانيا تجرم استخدام الذكاء الاصطناعي
  • كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في مكافحة الاتجار بالبشر؟
  • ديب سيك الصيني يهدد عرش الذكاء الاصطناعي الأمريكي
  • الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية
  • أوروبا تحظر نموذج الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"