حرب بالذكاء الاصطناعي.. ما الأسلحة الجديدة التي تضرب بها إسرائيل قطاع غزة؟
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي لقطات فيديو لوحدة "ماجلان" وهي تستخدم قذيفة هاون جديدة عالية الدقة، أطلقت عليها "اللدغة الحديدية" (Iron Sting)، في قصفها للمدنيين داخل قطاع غزة. هذه القذائف أعلنت عنها شركة "أنظمة إلبيط" (Elbit Systems) الإسرائيلية منذ مارس/آذار عام 2021، لكنها استُخدمت للمرة الأولى في الحرب الدائرة حاليا على قطاع غزة، وفقا لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية (1).
تستخدم فرق المشاة قذائف الهاون عادة في مناطق القتال، كما تستخدمها كتائب القسام نفسها ضد جنود الاحتلال، لكن دقة قذائف الهاون العادية تظل منخفضة إلى حدٍّ ما، ما يتطلب استخدام أعداد كبيرة منها، وهنا تأتي قيمة هذه القذائف المتطورة التي تذكر الشركة أنها صُممت للاشتباك مع "أهداف ثابتة بدرجة عالية من الدقة، باستخدام التوجيه بالليزر أو بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)".
تلك القذيفة المتطورة هي فقط أحد الأسلحة الجديدة التي تستخدمها إسرائيل في حربها الطاحنة على غزة الآن، ولكنها ليست السلاح الجديد الوحيد الذي تجربه في الحرب الحالية، والواقع أن دولة الاحتلال طالما لجأت إلى تجريب الأسلحة الجديدة في حروبها على الأبرياء العُزّل في غزة وغيرها.
طائرات بالذكاء الاصطناعي (الجزيرة)
أشار تقرير في صحيفة "بوليتيكو" (2) إلى أنه بعد ساعات من هجوم "طوفان الأقصى"، سارع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى مراسلة شركة "سكايديو" (Skydio)، وهي شركة تقنية أميركية تعمل في إنتاج المسيرات، وطلب منها توريد طائرات استطلاع قصيرة المدى تعتمد في تحركها على الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى توجيه بشري، وتُستخدم في إجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل الهندسية المعقدة مثل المباني بمختلف أنواعها.
في غضون الأسابيع الثلاثة بعد "طوفان الأقصى"، أرسلت الشركة الأميركية أكثر من 100 مسيرة جديدة من هذا النوع إلى جيش الاحتلال، مع وعد بإرسال المزيد في المستقبل وفقا لمارك فالنتين، المدير التنفيذي المسؤول عن التعاقدات الحكومية في الشركة. بيد أن "سكايديو" لم تكن الشركة الأميركية الوحيدة التي تتلقى طلبات من جيش الاحتلال لإرسال هذا النوع من الطائرات، فوفقا للصحيفة الأميركية، فإن حرب غزة خلقت طلبا على تلك التقنيات العسكرية المتطورة، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتوفرها شركات تقنية صغيرة الحجم نسيبا.
كل ذلك يأتي في الحين الذي يستخدم فيه جيش الاحتلال بالفعل طائرات ذاتية القيادة من شركة "شيلد إيه آي" (ShieldAI) الأميركية، وهي طائرات "نوفا 2" (Nova2)، لكن هذا النوع من المسيرات يُستخدم داخل المباني فقط، إذ يعتمد على تخطيط المسارات وخوارزميات الرؤية الحاسوبية للتحرك ذاتيا داخل المباني بدون الحاجة إلى نظام "جي بي إس" (GPS) أو للتوجيه البشري (3).
كما أشارت تقارير أخرى إلى أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة شراء 200 مسيّرة انتحارية من طراز "سويتش بليد 600" (Switchblade 600)، وهي طائرات تمتلك كاميرا متطورة ويمكنها حمل كمية من المواد المتفجرة، ولديها القدرة على استقبال المعلومات من الطائرات بدون طيار القريبة منها (4). تُستخدم "سويتش بيلد 600" في الأساس لمهاجمة الأهداف القريبة، ويصل مدى هذا النموذج إلى 40 كيلومترا، وقدرة على الطيران لمدة 40 دقيقة، وهي الطائرات نفسها التي كان قد وفّرها الجيش الأميركي لأوكرانيا العام الماضي في حربها ضد روسيا.
قصف بالخوارزميات
لا يقتصر استخدام الجيش الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي على هذه المسيرات الحديثة فحسب، بل يستفيد منه في تحديد الأهداف على الأرض عند القصف. بعد الحرب على غزة في مايو/أيار عام 2021، ذكر المسؤولون أن إسرائيل خاضت "حربها الأولى في مجال الذكاء الاصطناعي"، لكن الحرب الحالية أتاحت الفرصة لجيش الاحتلال لاستخدام هذه التقنيات في مسرح عمليات أوسع كثيرا من المرة السابقة، وخاصة فيما يتعلق بمنصة تحديد الأهداف بالذكاء الاصطناعي المعروفة باسم "جوسبل" (The Gospel).
يستخدم جيش الاحتلال "جوسبل" في تقدير عدد الضحايا المدنيين في القصف، واقتراح الأهداف الأكثر صلة بالهجوم داخل محيط معين، وحساب كمية الذخيرة اللازمة. وتُعَدُّ هذه الخوارزميات إحدى أكثر طرق القصف تدميرا وفتكا في القرن الحادي والعشرين، وفقا لتقرير صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية (5).
نقلت الصحيفة عن وسائل إعلام إسرائيلية أن استخدام هذه الحلول التقنية يفسر كيف تمكن الجيش الإسرائيلي من قصف قطاع غزة بهذه الوتيرة المحمومة، فبحسب أرقام جيش الاحتلال، قُصِف 15 ألف موقع خلال الـ35 يوما الأولى من الحرب على القطاع، واعترف بأن خوارزمية "جوسبل" سمحت له تلقائيا بتحديد الأهداف بوتيرة سريعة. كما ذكرت أن جيش الاحتلال قال إن خوارزمية "جوسبل" تسجل 100 هدف يوميا للقصف، في حين كان الجيش يضع 50 هدفا سنويا في غزة لقصفهم، ووصف ضباط سابقون بالجيش الخوارزمية بأنها "مصنع اغتيالات جماعية".
يعتمد نظام "جوسبل" على معلومات وصور من الطائرات المسيّرة والمعلومات القادمة من اعتراض الاتصالات، كما يستخدم بيانات أبراج المراقبة لرصد تحركات الأفراد المستهدفين، ثم يعطي إرشادات لأهداف يجب مهاجمتها، مع بيان حول عدد الأشخاص المحتمل قتلهم في القصف.
وفي منتصف يونيو/حزيران الماضي، أوضح مسؤول إسرائيلي لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية أنه يجري استخدام نموذجين لبناء مجموعة بيانات تعتمد على خوارزميات بشأن الأهداف المحددة، بهدف حساب كمية الذخيرة المحتملة وتحديد أولويات وتعيين آلاف الأهداف للطائرات، واقتراح جدول زمني للغارات (6). وبحسب المسؤول نفسه فإن تلك الأنظمة تخضع لمُشغِّل بشري يتولى فحص الأهداف وخطط الغارات الجوية والموافقة عليها، ومن اللافت أن البرنامج لا يأخذ القرار بنفسه، بل يتركه لقائد الوحدة الذي يضغط زر التدمير بعد أن تصله قائمة الأهداف.
أسلحة جديدة للتدمير الدمار الكبير الحادث في قطاع غزة نتيجة القصف المستمر والعنيف على القطاع منذ ما يقارب الشهرين. (الفرنسية)
ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أيضا أن عدة أسلحة جديدة، تخص سلاح المشاة تحديدا، تُختبر في الاجتياح البري لقطاع غزة، وجزءا من دعم الإدارة الأميركية المستمر لإسرائيل، أرسل البنتاغون إلى الاحتلال صاروخين جديدين من الصواريخ المحمولة على الكتف وهما "ليو" (Leo) و"إم جي إم -1 ماتادور" (MGM-1 Matador). ستدخل تلك الصواريخ الجديدة ضمن الترسانة الحالية لكتائب المشاة المشاركة في الغزو البري لقطاع غزة، وهي أكبر بنسبة 50% من الصواريخ المتاحة حاليا لدى جيش الاحتلال، وتملك نطاقا أوسع للتدمير (7).
كما أشارت الصحيفة إلى أن قوات المشاة بدأت في استخدام النسخة الأحدث من المدفع الرشاش "آي دبليو آي نقب 7" (IWI Negev 7) في الحرب على قطاع غزة، وهو سلاح من إنتاج شركة صناعات السلاح الإسرائيلية (آي دبليو آي)، ويستخدم رصاصة بقُطر 7.62 ملم مما يمنحه قوة أكبر في اختراق الجدران.
وذكرت الصحيفة أيضا استخدام جيش الاحتلال تقنيات جديدة للرؤية الليلية لأول مرة في الحرب عبر استخدام جهاز الرؤية الليلية الجديد (IDO)، وهو جهاز يقدم صورة ثلاثية الأبعاد ويسهل استخدامه لفترات زمنية طويلة. يمكن تثبيت الجهاز بسهولة على الجزء الأمامي من الخوذة، ويساعد على الرؤية الليلية بعين واحدة أو بكلتا العينين.
إيتان هي مركبة ذات 8 عجلات أخف بكثير من نمر، وهي بالتبعية أرخص منها في التكلفة بفارق كبير. (الصحافة الإسرائيلية)في عام 2019، بدأ جيش الاحتلال باستخدام منظار ذكي على الأسلحة أطلق عليه اسم "الخنجر" (Dagger)، وخلال الحرب الحالية بدأ استخدام الجيل الثالث من هذا المنظار للمرة الأولى، ومن المفترض أنه يملك نظاما متطورا يستخدم أجهزة استشعار كهروضوئية ويعالج الصور بالذكاء الاصطناعي لتتبع الأهداف بدقة. كما استخدم الجيش الإسرائيلي لأول مرة حاملة الجند "إيتان" للعمل بصحبة المدرعات الإسرائيلية مثل "نمر"، وإيتان هي مركبة قتال مدرعة تعتمد على التقنيات المستخدمة في سلسلة دبابات "ميركافا" ومركبات المشاة القتالية المدرعة "نمر"، وهي نسخة مطورة حديثا (8).
تملك مركبة إيتان 8 عجلات، وهي أخف بكثير من المدرعة "نمر"، وأرخص منها في التكلفة بفارق كبير، وربما استُخدمت بسبب التكلفة المرتفعة لاستخدام "نمر" ونجاح قوات المقاومة في تدميرها بمعدلات مرتفعة غير مسبوقة أثناء الغزو البري، ما ضغط على تكلفة الحرب في غزة بالنسبة لإسرائيل.
تحاول إسرائيل إخراج كل ما بجعبتها في هذه المواجهة، وتستخدم أحدث ما في ترسانتها وترسانة حلفائها من أسلحة حديثة ومتطورة، لكن رغم كل هذه الأسلحة، وفي حرب إبادة ضد أطفال ونساء وشيوخ ورجال غزة، فإن جيش الاحتلال لم يتمكن حتى الآن من إنجاز أي أهداف حقيقية تُذكر من وراء تلك الحرب. والأهم أن المقاومة الفلسطينية تقف في وجه كل تلك التقنيات ببسالة وشجاعة منقطعة النظير، لتؤكد للجميع أن التطور والأسلحة لا تنتصر في الحروب وحدها، الأهم هو الإنسان الذي يستخدم تلك الأسلحة.
——————————————————————————-
المصادر:1) IDF makes first operational use of Iron Sting precision mortar munition
2) Israel’s appetite for high-tech weapons highlights a Biden policy gap
3) Nova 2
4) إسرائيل تطلب شراء 200 مسيرة انتحارية من الولايات المتحدة
5) كيف يستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي لقصف غزة؟
6) إسرائيل قصفت 15 ألف "هدف" خلال 35 يوما.. الذكاء الاصطناعي تحت مقصلة المغردين
7) New weaponry used by troops in Gaza
8) ما بعد محرقة الدبابات.. ماذا ستفعل إسرائيل في المرحلة الثانية؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بالذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی الجیش الإسرائیلی جیش الاحتلال قطاع غزة فی الحرب
إقرأ أيضاً:
حماس: إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها وقادرون على بناء غزة
أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، مساء الأربعاء،15 يناير 2025 ، أن إسرائيل فشلت في تحقيق أي من أهدافها في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية، مشددا على أن الفلسطينيين قادرون على بناء غزة من جديد.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده الحية بعد دقائق من إعلان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن نجاح الوسطاء في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة، لافتا إلى أن تنفيذه سيبدأ الأحد المقبل.
أبرز ما جاء في كلمة الحية
في هذه اللحظة التاريخية من جهاد شعبنا ونضاله المستمر على مدار عقود -والتي سيكون لها ما بعدها- نتوجه بكل عبارات الفخر والشموخ والثناء إليكم يا أهلنا وشعبنا في غزة الأبية.
يا دُرّة الطائفة المنصورة، يا أهل غزة العظام، يا أهل غزة الكرام، يا أهل الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين، يا من صدقتم الوعد وصبرتم وتجرعتم الآلام ما سبقكم بها أحد، ولاقيتم ما لم يلاقه أحد، وأديتم الأمانة على حقها وأنتم أهلٌ لها، فديتم لحظة الفداء، وقدّمتم لحظة العطاء، وصبرتم في مواقع الصبر، وجاهدتم في مواطن الجهاد، ونلتم من الشرف أعظمَه بإذن الله.
هنيئا لكم رباطَكم وجهادَكم وصبرَكم وعطاءَكم وتضحياتِكم {سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}.
نقف في هذه اللحظة بالتحية والإجلال أمام قوافل الشهداء، من الأطفال والنساء والشيوخ والعلماء والمجاهدين والأطباء والإعلاميين، ورجال الدفاع المدني ورجال الأمن والحكومة والشرطة، ورجال العشائر والعائلات.
نحيي كل أولئك الذين ارتقوا في أشرف معركة وأعظم قضية، معركة الدفاع عن القدس والأقصى في طوفان الأقصى، والتحية كل التحية لمن بقي بعدهم ثابتاً على العهد، وواصل وأكمل الطريق وحمل الراية من بعدهم.
نقف بإجلال أمام القادة الشهداء الذين تناثرت أشلاؤهم في هذه المعركة القائد الشهيد إسماعيل هنية أبو العبد والقائد الشهيد يحيى السنوار أبو إبراهيم، والقائد الشهيد صالح العاروري أبو محمد، والإخوة في القيادة السياسية والعسكرية للحركة في القطاع.
نقف بإجلال أمام الشهداء من كل الفصائل المقاومة والمجاهدة لا نستثني منهم أحداً، ونقول لهم ولشعبنا ربح البيع قادتنا وشهداءنا ربح البيع بإذن الله، وإنها لتجارة مع الله لا تبور وإننا سنواصل على درب القادة الشهداء حتى النصر أو الشهادة بإذن الله.
لقد شكلت معركةُ طوفان الأقصى منعطفاً مهماً في تاريخ قضيتنا ومراحل مقاومة شعبنا العظيم، وستستمر آثارُ هذه المعركة ولن تتوقف بانتهاء هذه الحرب.
ما حدث في السابع من أكتوبر من إعجاز وإنجاز عسكري وأمني قامت به نخبة كتائب القسام سيبقى مفخرةً لشعبنا ومقاومتنا تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، وقد أصابت كيان العدو في مقتل، وسيستعيد شعبُنا كامل حقوقه، وسيندحر هذا الاحتلال عن أرضنا وقدسنا ومقدساتنا عما قريب بإذن الله تعالى.
إن ما قام به الاحتلال وداعموه من حرب إبادةٍ وحشية، وجرائمَ نازيةٍ، ومعاداة للإنسانية، على مدى 467 يوماً سيبقى محفوراً في ذاكرة شعبنا والعالم وإلى الأبد، كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث، بكل ما فيها من أصناف الألم والعذاب وألوان المعاناة.
فصول حرب الإبادة ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والعالم الصامت المتخاذل، ولن ينسى شعبُنا كل من شارك في حرب الإبادة، سواء من وفر لها الغطاء السياسي والإعلامي، أو من قدموا آلاف الأطنان من القنابل والمتفجرات التي أُسقطت على رؤوس أهلنا وأبنائنا وبناتنا في قطاع غزة، ونؤكد أن كل هؤلاء المجرمين سيلقون جزاء ما قدموا وفعلوا ولو وبعد حين.
بالرغم مما تعرض له شعبنا من أهوالٍ وشدائدَ تشيب لها الولدان، فإننا نرفع رؤوسنا بمقاومتنا ونفخر بأبطالنا ومقاومينا، وبشعبنا الصابر، ولن يرى عدوُّنا منا لحظة ضعف ولا انكسار.
نقول باسم الأيتام والأطفال والأرامل وأصحاب البيوت المهدمة وأهالي الشهداء والجرحى والمكلومين، باسم كل الضحايا، باسم كل قطرة دم سالت، وباسم كل دمعة ألم وقهر، نقول باسمهم: لن ننسى ولن نغفر، نعم، لن ننسى ولن نغفر، وليس منا ولا فينا من يفرط بحق كل هذه الآلام والتضحيات.
لقد حاول الاحتلال منذ بَدء العدوان تحقيقَ العديد من الأهداف، أعلن بعضها وأخفى البعض الآخر، فقال صراحةً أنه يسعى لإنهاء المقاومة والقضاءِ على حماس، واستعادةِ الأسرى بالقوة العسكرية، وتغييرِ وجه المنطقة، فيما كان هدفُه المبطن، تصفيةَ القضية وتدميرَ القطاع والانتقامَ من أهله وتهجيرَهم، والقضاءَ على إرادة شعبنا بالحرية، وتدميرَ كلِ معاني الأملِ، وإنهاءَ آثارِ العبورِ المجيد في السابع من أكتوبر.
لكنَّ الاحتلالَ المجرم اصطدم بصلابة شعبنا، وتشبثه بأرضه، ففشل في تحقيق أيٍّ من أهدافه السرية أو المعلنة، فقد ثبتَ شعبُنا في أرضه، لم يرحل أو يهاجر، وكان الدرعَ الحصينَ لمقاومته.
تَمترسَ مقاومونا أبناءُ كتائب القسام، أولئك الأبطال الذين أذهلوا العالم أجمع ببطولاتهم وعملياتهم الاستثنائية، واستمروا حتى آخر لحظة من لحظات هذه الحرب، يقاومون بشرف وأخلاق، في الدفاع والهجوم، ونفذوا عملياتٍ نوعيةً، بجرأةٍ لم يرَ العالمُ مثلَها، واستبسال قَلّ نظيرُه، وهم يضعون العبوات ويطلقون القذائف وينصبون الكمائن ويقاتلون من نقطة صفر، ويثخنون في العدو حتى جعلوا آلياتِ الاحتلال توابيتَ متفحمةً.
نحيي كلُّ المقاومين من فصائل المقاومة الأبطال، ونخصُّ منهم أبناءَ سرايا القدس إخوةَ الدرب والسلاح في الجهاد الإسلامي، وكانوا نموذجاً للمقاتل الفدائي الحر، وباعوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله ومن أجل وطنهم ودفاعا عن شعبهم.
نحن اليوم نُثبت أن الاحتلال لم ولن يهزم شعبَنا ومقاومتَه بفضل الله ومعيتِه، ولم يحقق سوى الخرابِ والدمارِ والمجازرِ بحق شعبِنا، ولم يأخذ أسراه إلا باتفاق مع المقاومة بوقف الحرب والعدوان وصفقة تبادل مشرفة.
نقول بثقة ويقين: إن صمودَ شعبِنا وعظيمَ تضحياتِه وبسالةَ مقاومتِه قد أجهض وأفشل أهداف الاحتلال المعلنة والمستترة من هذه الحرب، ولا زالت إرادة شعبنا حرةً أبية نقية، لا تشوبها شائبةٌ من تخاذل أو ضعف، بل بقي عزيزاً شامخاً حتى آخر لحظة بفضل الله.
شعبَنا الوفيَّ المعطاء .. إننا ونحن نعلن عن الوصول لاتفاق وقف الحرب والعدوان، نستذكر بكل كلمات الشكر والامتنان، كلَّ من وقف معنا ومع شعبنا ومقاومتِنا في اللحظات القاسية.
نخص بالذكر هنا الإخوةَ في جبهات الإسناد: في لبنان الشقيق، حيث الإخوةُ في حزب الله الذين قدموا مئات الشهداء من القادة والمجاهدين على طريق القدس، وعلى رأسهم سماحةُ الأمين العام السيد حسن نصر الله وإخوانه في القيادة.
نستذكر كذلك مساندة الإخوة في الجماعة الإسلامية، وما قدمه الشعبُ اللبناني من مقاومة وتضحياتٍ كبيرةٍ وصبر عظيم، دفاعاً وإسناداً لشعبنا الفلسطيني، وقد أبلَوْا بلاءً حسناً، وحوّلوا حياةَ الاحتلال إلى جحيم وتشريد، في مشهد تضامن وإسناد حقيقي، يجسد أُخوّة الإسلام والعروبة.
كما نستذكر الإخوةَ في اليمن أنصار الله -إخوان الصدق- الذين تجاوزوا البعد الجغرافي، وغيّروا من معادلة الحرب والمنطقة، وأطلقوا الصواريخَ والمُسيَّرات على قلب الاحتلال وحاصروه في البحر الأحمر،
نستذكر أيضا جهد الإخوةَ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي دعمت مقاومَتنا وشعبَنا، وانخرطت في المعركة ودكت قلبَ الكيان في عمليتيْ الوعد الصادق (1) و(2)، والمقاومةَ العراقية التي اخترقت كلَّ العوائق، لتساهمَ في إسناد فلسطين ومقاومتِها، ووصلتْ صواريخُها ومُسيّراتُها إلى أراضينا المحتلة.
نحيي كذلك أهلَنا وشبابَنا الثائر في الضفة الغربية وخاصة في مخيم جنين البطولة، وفي القدس والداخل المحتل، وشعبَنا في المنافي والشتات، وشعوبنا العربية والإسلامية.
نعبر عن عميق شكرنا وتقديرنا للإخوة الوسطاء الذين بذلوا جهوداً مُضنية وجولاتٍ متعددة من المفاوضات منذ اليوم الأول، للوصول إلى وقف العدوان وحرب الإبادة على شعبنا، ونخص منهم الإخوةَ في دولة قطر الشقيقة، وجمهورية مصر العربية الشقيقة.
نستذكر كذلك المواقف المضيئة للعديد من الدول التي وقفت معنا في مختلف الميادين: الإخوةَ في تركيا وجنوب إفريقيا والجزائر وروسيا والصين وماليزيا وإندونيسيا وبلجيكا وإسبانيا وإيرلندا، وأحرارَ العالم.
نشكر كلَ من وقف معنا بالكلمة والقلم والصوت والصورة، والمَسِيرة والمظاهرة، وسلاحِ المقاطعة، وبالجهد السياسي والدبلوماسي والقانوني، ورفع صوتَه ضد العدوان والظلم، على مستوى المنطقة والعالم، أولئك الأحرار الذين كسروا مؤامرة الصمت وفضحوا جرائم الاحتلال ضد الإنسانية في غزة، وأدركوا حقيقة المشهد.
نحن الآن أمام مرحلة جديدة في غزتنا الأبية هي مرحلةُ البناء والمواساة وإزالة آثار العدوان وإعادة الإعمار، مرحلةُ التضامن والتعاطف، التي من خلالها نؤكد للعالم أننا شعب حر يبني ولا يهدم، ويعمّر ما يخربه الاحتلال.
أهلنا في غزة، كما كنتم رجالاً في الحرب ستكونون رجالاً بعد الحرب –كما عهدناكم، نحن أمام مرحلة المرحمة، فنتراحم فيما بيننا ونتكاتف، فَإن مَا أصابنا من لأواءَ وألمٍ كبير، ولكنْ عظمةُ هذا الشعب أكبرُ وأخلاقُه أعظم.
قادرون –بعون الله أولاً- ثم بمساعدة الإخوة والأشقاء والمحبين والمتضامنين، أن نبنيَ غزةَ من جديد، وأن نخففَ من الآلام، ونداويَ الجراح، ونمسحَ على رؤوس الأيتام، ونكفكفَ دموعَ المكلومين، ونرسمَ البسمةَ على الشفاه التي سلبت الحربُ بسمتها، كما أن أسرانا الأبطال على موعد مع فجر الحرية بإذن الله.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين أول تعقيب من الرئيس المصري على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حماس تصدر بيانا حول الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النَّار والعدوان على غزة مخيم جنين - 5 شهداء بقصف إسرائيلي على حارة الدمج الأكثر قراءة سعر صرف الدولار والدينار مقابل الشيكل اليوم الخميس 09 يناير أجواء غائمة وشديدة البرودة - أحوال طقس فلسطين اليوم بالصور: شهداء بينهم أب وأطفاله الثلاثة – آخر تطوّرات الحرب على غزة "اليونيسيف" تكشف عدد شهداء الأطفال بغزة منذ بدء العام 2025 عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025