“سندباد اليمن” يلف العالم على ظهر جمل
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
قد يهوى أحدهم السفر بدراجة بخارية، أو حتى هوائية، لكن أن يقطع شخص آلاف الكيلومترات على ظهر جمل، فإن الأمر يبدو مدهشاً في عصر الفضاء والسرعة والذكاء الاصطناعي، فالرحالة اليمني أحمد القاسمي أمضى أكثر من 30 عاماً، برفقة الجمل سائحاً بين دروب اليمن، ومنه إلى بلدان مختلفة في قارتي آسيا وأفريقيا، وكانت محصلة تلك الرحلات زيارته أكثر من 50 بلداً، قاطعاً مسافات تقدر بـ43 ألف كيلومتر، ولا يزال يتحضر لتنفيذ أسفار أخرى.
في حديثه مع “اندبندنت عربية” يقول القاسمي إن رحلاته على الجمال هي مغامرات وحب وجنون لا ينتهي، مضيفاً “السفر حياة أخرى علمته كيف يعيش في الأرض، ويمشي في مناكبها، ويأكل من رزقها”. وتابع “أسافر لأنني أحب الحرية واكتشاف الأرض ومعرفتها على ظهر الجمال، واستخدم وسيلة الجمل، لأن الجمل صديق العربي، وكان الحامي لي في رحلاتي كلها، فأحببت أن أعيش لحظات لم يعشها غيري، وأردت أن أعيش التجربة التي عاشها من سبقوني في القرون الماضية”.
رفيق المغامرات
القاسمي أحب الجمل فأحبه، والعلاقة بينهما كما يقول “استثنائية” ليست كعلاقته بالبشر، حتى إنه ألف كتاباً عن تلك التجربة بعنوان “الجمل معجزة الخالق وظل الإنسان العربي” سرد فيه أسراراً من المعايشة ورحلات الشغف والاستكشاف، إذ جاب خلالها مساحات شاسعة في شبه الجزيرة العربية وعدداً من الدول الأفريقية والآسيوية. وإلى جانب ذلك الكتاب أصدر خمسة مؤلفات عن أدب الرحلات برفقة وسيلته المفضلة “الجمل”.
في كثير من الأحيان إلى التخلي على جماله في بعض الدول، ومن ثم شراء جمال جديدة عند الوصول
وبسبب الإنهاك جراء الرحلات الطويلة يضطر القاسمي في كثير من الأحيان إلى التخلي على جماله في بعض الدول، ومن ثم شراء جمال جديدة عند الوصول إلى يستأنف رحلاته المتبقية، حيث رافقه 17 جملاً خلال رحلاته طوال 30 عاماً.
وفي كل مغامرة جديدة يقوم بها، يكون الجمل وبفضل امتلاكه حاسة التنبؤ واستشعار الخطر، مستشاره الأمين وصديقه الوفي والصبور “كان الجمل ينقذني من الموت، ومن قطاع الطرق ومن الأماكن الخطرة”.
يتحدث الرحالة اليمني عن سر علاقته بالجمل قائلاً “كل يوم كنت أكتشف معيته شيئاً جديداً، أضف إلى ذلك، فأنا أحب أن أعيش حياة بطيئة، وأسافر في الأرض، وأكتشف الطبيعة، وأعيش اللحظة. وأيضاً مع الجمال كانت أيامي طويلة”. وأردف، “كنت أعيش اللحظة مع الجمال ونسجت معها علاقة حميمية، وكل يوم كنت أكتشف في هذا المخلوق العجيب والبديع شيئاً جميلاً. فكلما كان يقترب مني الجمل أقترب منه أكثر، أغمز له فيغمز لي، أداعبه فيداعبني، ويتمسح في ملابسي. إنها علاقة استثنائية ربما من الصعب أن تحصل بين الإنسان وأخيه الإنسان”.
“رحلة الموت”
يروي القاسمي فصول الرحلة الأصعب في حياته، ويسميها رحلة الموت، حيث قطع نحو تسعة آلاف كيلومتر في القارة الأفريقية، واستغرقت 10 أشهر، وزار خلالها جيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا وموزمبيق وجنوب أفريقيا، قائلاً، “كانت رحلة مليئة بالأخطار والأهوال في الأدغال، وكان الموت يحيط بنا في كل وقت، من الإنسان المتطفل، حيث القبائل البدائية، وكذلك الحيوانات المفترسة التي كانت تجوب المناطق النائية في تلك الدول. وأضاف، “تعرضنا للإصابة ببعض الأمراض والأوبئة كالكوليرا والملاريا، لكن كنا نتحاوز تلك المحن بالإيمان والصبر والمثابرة حتى تحولت من رحلة موت إلى رحلة حياة، وحصلنا على دعم وتكريم من مركز حمدان بن محمد بن راشد لإحياء التراث في دبي”.
ألقاب وأرقام
إلى جانب إنجازه أربعة أرقام على المستويين العربي والدولي، باعتباره أول رحالة وأول فريق عبر القارة الأفريقية بالجمال، وأول من قطع مسافة في رحلاته تصل إلى 43 ألف كيلومتر، وحصوله على لقب أول عربي على مستوى العالم في مهرجان الرحالة العالمية، وكذلك أول من صعد إلى قمة “جبل كلمنجاروا” أعلى قمة في أفريقيا 5900 متر على الجمال، فالقاسمي بطل ألعاب قوى، وشارك في بطولات عربية عدة، من بينها البطولة الأولى للضاحية العسكرية في أبوظبي عام 1990، وحصد المركز الرابع فردي ضمن 173 مشاركاً من 17 دولة عربية.
“سندباد اليمن” كما أطلقوا عليه، ابن مدينة إب، المولود عام 1962، بدأ رحلاته سيراً على الأقدام، برحلة من صنعاء إلى مسقط عام 1992، وتوالت رحلاته تباعاً برفقة الجمال، وفي عام 1994 سجل رحلته الثانية من اليمن إلى المغرب العربي. أما الرحلة الثالثة فقد كانت إلى بلاد الشام ودول الهلال الخصيب، ثم العودة لليمن، بعدها بعام واحد، قاطعاً خلالها تسعة آلاف كيلومترا خلال ثمانية أشهر.
ودشن الرحلة الرابعة بين عامي (1999- 2000)، من اليمن إلى دول شبه القارة الهندية وجنوب شرقي آسيا (السعودية والكويت وباكستان والهند وبنغلاديش وتايلاند وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا وبروناي)، محققاً الرقم 11 ألف كيلومتر في غضون 300 يوم.
أما سفرياته الطويلة عام 2013 إلى دول شرق وجنوب القارة السمراء، فقد شملت جيبوتي وإثيوبيا وجنوب السودان وأوغندا وكينيا وتنزانيا وموزمبيق جنوب أفريقيا، وخاض غمار تسعة آلاف كيلومتر في غضون ثمانية أشهر. وفي عام 2020 خاض رحلة بحثية للأرض والإنسان شملت ولايات جنوب وغرب وشمال كردفان في السودان.
من اليمن إلى الصين
يقول الرحالة اليمني القاسمي إنه سيقوم برحلات في بداية عام 2024 برفقة خمسة رحالة يمنيين ستنطلق من اليمن إلى الصين عبر السعودية وبلاد الشام والعراق وإيران وباكستان وأوزباكستان وقيرغيزستان ومنغوليا وصولاً إلى الصين، وستستمر ثلاث سنوات، مشيراً إلى أن كل رحلة ستستغرق ثمانية أشهر خلال فصلي الصيف والربيع، وفي الشتاء ستتوقف تلك الرحلات، داعياً الرحالة العرب حتى الانضمام لفريقه إذا رغبوا.
اليوم، وإلى جانب رحلاته عبر الأماكن يسعى الرحالة القاسمي إلى القيام ببعض الأنشطة الثقافية كالمحاضرات والندوات، لتعليم الأطفال أدب الرحلات، وكيف يعتمدون على أنفسهم، وكيف يخرجون من المواقف الصعبة التي تواجههم، سواء كانت في حياتهم العملية، أو غيرها.
اندبندنت
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: السفر الصين اليمن رحلة من الیمن إلى
إقرأ أيضاً:
دعت إلى التفكير في سبل جديدة.. “الصحة العالمية” تحذر من مخاطر أدوية إنقاص الوزن
جددت منظمة الصحة العالمية قلقها من مخاطر أدوية إنقاص الوزن، وقالت إنه في حال عدم استعداد الأنظمة الصحية بشكل صحيح قد تؤدي الأدوية إلى تشتيت جهود الاستجابة لأزمة السمنة العالمية، مما يعرض الناس للخطر، ويطغى على تدابير أخرى لتحسين الصحة.
وقال نخبة من خبراء المنظمة إن الأدوية الجديدة قادرة على إحداث تغيير كبير، لكنها لن تكون كافية لمعالجة أزمة السمنة، ودعوا إلى التفكير في سبل جديدة لدفع الأطباء والحكومات وشركات صناعة الأدوية والجمهور نحو اعتبار الحالة مرضًا مزمنًا، يحتاج إلى مزيد من الدراسة لإيجاد أفضل طرق الوقاية منه وعلاجه.
وأشاروا إلى أنه في حين توجد أدلة جيدة على فاعلية السياسات التي تهدف إلى اتباع أنظمة غذائية صحية، وممارسة نشاط بدني منتظم، إلا أنها فشلت حتى الآن في علاج السمنة، والجمع بين التمارين والأدوية الجديدة يمكن أن يُحدث تغييرًا.
وأوردوا معلومة مهمة، تتمثل في أن أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من السمنة، وأن عام 2019 وحده شهد خمسة ملايين حالة وفاة مرتبطة بالسمنة، مما جعل هذا المرض الأكثر شيوعًا في العالم كله تقريبًا.