فوضى عراقية قبل الإنتخابات..!!!
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
آخر تحديث: 10 دجنبر 2023 - 9:53 صبقلم:عبد الجبار الجبوري مع إنطلاقة حملات الدعاية الإنتخابية، لمجالس المحافظات،تصاعدت حدّة الصراعات السياسية، بين الكتل والأحزاب المتنفذة في السلطة،وصلت الى ماقبل مرحلة المواجهة العسكرية بينهم ،وربما كما يخمّن البعض ،أنها ستحصل أثناء يوم الانتخابات أو قبلها بيوم،وذلك للمعطيات التي تجري على الأرض، فقيام جماعة التيار الصدري، بتمزّيق صور المرشحين، ومهاجمة مقرات الأحزاب وحرق قسماً منها، والتلويّح بنشر الفوضى،وإعلان مقاطعة الأنتخابات (بالقوة)،هي إحدى علامات الفوضى المرتقبة يوم الإنتخابات،وهناك مَن يؤجج هذا الصراع بين الصدر وخصومه ،من دولة القانون وتيار الحكمة ومنظمة بدر والفصائل،لغرض إشعال حرب شيعية – شيعية،تماماً كما يقوم نفس المصدر بمحاولة إشعال حرب سنية – سنية، وطرفاها حزب تقدم الحلبوسي، وجماعة الحسم الوطني الكربولي والعيساوي والمشهداني والسامرائي والراوي وو،ويحاول نفس المصدر تعميق هوّة الخلاف بين الحزبين الكرديين، في اقليم كردستان العراق، كما هو نفسه مَن عطّل التفاوض وأفشله بين الإقليم وبغداد، بخصوص رواتب موظفي الإقليم،إنه العامل الإقليمي والدولي،أمريكا وإيران تحديداً، كل من إستراتيجيته بعيد المدى في المنطقة، ومشروعه العسكري والسياسي،وهذا هو جوهر الصراع في العراق، وهو التدخلات الخارجية،إقليمياً ودولياً،ومايعرف ب(لعبة الامم)،إذاً الفوضى السياسية التي يشهدها العراق،هي نتيجة صراعات دولية ،تجري على أرض العراق،وكل مايجري الآن في المنطقة، من حرب غزة الى لبنان والعراق وسوريا واليمن ، هو تمهيد لحرب أقسى وأوسع ، طويلة المدى في الشرق الأوسط، ستسقط فيها أنظمة ،ومايجري من حرب إبادة إنسانية وبشرية حقيقية، ودمار وحشي في غزة، سيماثله في دول أخرى،إنْ لم نقل يماهيه في الوحشية والقسوة،لهذا نحذر الأحزاب العراقية الولائية ، التي تمسك بالسلطة في العراق، من الإنزلاق في هذه الحرب المدمرة،ونحملها كامل المسؤلية،فإيران تعلنها صراحة،أنها غير مسؤولة عن ماتقوم به فصائلها الولائية في المنطقة، ولاتريد أن تدخل أية حرب خارجية، بل تدعمها بالمال والسلاح فقط، لتقاتل نيابة عنها، وتبقي الحرب خارج حدودها،ومانشاهده من قصف صاروخي ،لفصائل ولائية عراقية، للقواعد الامريكية، في قاعدتي اربيل وحريروسوريا،وقصف صاروخي لفصائل حوثية لمدن إسرائيل،وحرب غير معلنة ،لحزب الله في جنوب لبنان مع إسرائيل،هو إعلان هذه الفصائل ،أنها لاتستلم أوامرها من إيران، وأنّ قرارها هو (قرارمستقل عنها)، وذلك لإبعاد إيران من( التهمة) وخطرالحرب،ولكن ماجرى يوم أمس من قصف فصائل عراقية ،للسفارة الامريكية في بغداد ب15 صاروخ باليستي ،هو ‘لان حرب حقيقية، على أمريكا، قد يعجل بقيام امريكا بإعلان الحرب على الفصائل في العراق، وهذا أقرب إحتمال ،لمرحلة فاصلة في صراع امريكا مع الفصائل بجميع المنطقة ،فمرحلة ما قبل قصف السفارة، لن يشبه مرحلة مابعدها،بل ستعلن أمريكا دخولها الحرب ،مع الفصائل ومن يدعمها بشكل مباشر،وستعمُّ الفوضى بأبشع صورها في العراق، بالتزامن مع قرب الإنتخابات المحلية، وربما وهو الأرجح ان الإنتخابات لن تجري في العراق، لأن دعوة الصدر بمقاطعة الانتخابات، تزامنت تماماً في قصف الفصائل للسفارة، فسيتّحد قرار الصدر مع الجانب الأمريكي، في تخريب الإنتخابات، وإفشالها ، ناهيك عن الصراعات الأخرى داخل كل كتلة، والذي يصل حدّ المواجهات،إذن إفتراضية إنتشار الفوضى، وإشتعال حرب بين الأمريكان والفصائل وإيران من جهة، وبين الصدر وخصومه من جهة أخرى، وبقية الكتل في صراع إنتخابي ،قد يتحوّل الى صدامات عسكرية، لاسيما وأن جميع الكتل والاحزاب ،يمتلكون ميليشيات مسلحة،لهذا كله، نقول أن المشهد السياسي العراقي،معقداً جداً وضبابياً وملتبساً، والعراق في عين العاصفة ،ولايمكن التكهّن بمرحلته الحالية الشديدة الفوضى، في ظل الفشل السياسي منقطع النظير، في دولة فساد تأريخي،وإنفلات أمني، لسلاح خارج القانون لأحزاب وعشائر وميليشيات حزبية ودينية وسياسية، لاتخضع لقوانين الدولة ، ولا لحكومة السوداني،في وقت عاجزة حكومة السوداني ،أن تسيّطر على هذا السلاح المنّفلت في اللادولة،نحن لسنا في دولة بمعنى الكلمة، نحن في غابة سلاح، يأكل القوي حق الضعيف، ولاتوجد عدالة إجتماعية ، هناك نار طائفية تحاكي الإنتقام بوحشيتها،وتثير فتنتها لتحقيق مآربها ومنافعها ، وتبقي على سيطرتها فشارع العراقي، بالسلطة والمال والسلاح، حتى وهو خارج القانون، وهذه بئس الدولة التي يحكمها نظام المحاصصة الطائفية المقيت ، والذي بسببه وصل العراق، الى هذا الحال الأسوأ في التأريخ، في جميع النواحي، الاإسانية والإجتماعية والوظيفية والسياسية والعسكرية ، من التدنّي والدونيّة، في عراق يشهد له التاريخ الطويل،بالتعايش واإنفتاح والتسامح والتأخي، مع كل قومية ودينية وعرقية وسياسية،اليوم العراق الفاشل ،هو مثال للتمزق الطائفي السياسي، والطبقي والديني،وبهذا يشهد المجتمع العراقي تراجعاً واضحاً ،في الوحدة والتوّحد ،بسبب غياب العدالة الإجتماعية والقانونية،لانريد أن نكون سوداويين أكثر من الواقع، ولكن كي نؤشر على الخلل والجرم، الذي ترتكبه الطبقة السياسية المتنفذة ،من أخطاء تأريخية ، أثارة حفيضة الآف السنين، وأيقظت أحقاده وأخطاءه وخطاياه،بلا أدنى مبرّر،سوى شهوة الدم والانتقام ونشر الفوضى والإحتراب،نعم أيام الإنتخابات قربت وهي مفصلية بين عهدين، وفيها تتصاعد حدّة الصراع السياسي على السلطة والتسلط،والعراق يشهد أياماً عصيبة جداً، في مقابل ذلك تصرّ الأحزاب الماسكة للسلطة ،على خطأها بمواجهة الشارع العراقي، الذي يبحث عن الخدمات ولقمة العيش والإصلاح،وهو يرى فساد الأحزاب، وصل الى مستويات، لايمكن ولو حتى في الخيال تصوّرها، من أعلى هرم السلطة، الى أدنى مستوياتها،دون أن تتجرّأ الحكومات ،أن تضع حدً للفساد والفاسدين وتضع (حيتان الفساد) في السجون، وتحيلهم للقضاء، وما سرقات القرن،وصفقات السلاح،والمشاريع الوهمية ،وموازنات كاملة سرقتها الأحزاب، وترليونات الدولارات ،تائهة بيد الحرامية ،من الرؤوس الكبيرة في السلطة والأحزاب،كل هذا يدعو للإصلاح ،وشلع الطبقة السياسية من جذورها، وقطع أصولها السياسية، وتبعيتها الذيلية للاجنبي،حتى يتعافى العراق ويخرج من النفق الأسود ،وهذا لن يتحقق في المدى المنظور، مالم يأتي التغيير الخارجي ،متزامناً مع توحّد الداخل ،وإستعداده للتغييرالجذري،حقيقة فوضى الإنتخابات ، فوضى عراقية ، بنكهة أمريكية وإيرانية،إنتظروا طعم خلّطة العطارقريباً،وعلى شاشة إنتخابات مجالس المحافظات،والعرض مستمر ليلاً ونهاراً فقط….
. !!!!
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
بين فوضى السلاح وتيه العقل السياسي
يعيش السودان مرحلة من أكثر مراحله تعقيدًا في تاريخه الحديث، حيث تتداخل خيبات الماضي مع انسداد الأفق الحاضر، وتتضاعف معاناة الناس اليومية أمام عجز النخب السياسية عن تقديم بديل واقعي. السؤال اليوم لم يعد "من يحكم السودان؟" بل "كيف نخرجه من هذه العتمة المتواصلة؟".
منذ انقلاب الفريق إبراهيم عبود في 1958، مرورًا بنميري والبشير، وحتى انقلاب البرهان في 2021، ظل الجيش يتدخل في السياسة تحت شعارات مختلفة، لكن النتيجة دائمًا واحدة: تعطيل المسار المدني، وتآكل مؤسسات الدولة. في كل مرة يُطرح الجيش كمنقذ، لكنه سرعان ما يصبح جزءًا من الأزمة، إن لم يكن جوهرها.
غير أن المشكلة لا تكمن في العسكر وحدهم؛ فالقوى المدنية بدورها أظهرت هشاشة واضحة، وانقسامات عميقة، وغياب مشروع وطني متماسك. بعد ثورة ديسمبر المجيدة، تضاءلت آمال الناس بسبب صراعات النخب، وتعطيل العدالة الانتقالية، والضعف التنفيذي الذي مهّد لانقلاب جديد.
وتزداد الصورة قتامة حين نضيف إلى المعادلة الدور الذي لعبه الإسلاميون منذ 1989، حيث بنوا نظامًا شموليًا قائمًا على التمكين وتفكيك مؤسسات الدولة. وحتى بعد سقوطهم، ظل تأثيرهم ممتدًا في شكل تحالفات خفية ومقاومة لأي تحوّل ديمقراطي، ما عمّق أزمة الانتقال
أما التفكير السائد داخل المؤسسة العسكرية، فقد تشكّل على مدار عقود في بيئة ترى نفسها وصية على الدولة، لا خادمة لها. العقل العسكري في السودان اعتاد النظر إلى المدنيين كمصدر للفوضى، وإلى نفسه كضامن وحيد للاستقرار، مما جعله يرفض التنازل عن السلطة الحقيقية حتى في ظل أنظمة انتقالية. هذا النمط من التفكير يعكس تراكماً تاريخيًا من التداخل بين النفوذ السياسي والمصالح الاقتصادية، وهو ما يفسّر إصرار الجيش على البقاء في المشهد وعدم قبوله الخضوع الكامل للسلطة المدنية.
ويبدو أن أحد أخطر مظاهر الأزمة هو تغلغل "الأنا السياسية" داخل العقل القيادي في السودان، حيث باتت المصالح الذاتية والأجندات الحزبية تتقدّم على المصلحة الوطنية. هذا النوع من التفكير تغذّيه ثقافة تقوم على الشخصنة والولاء الضيق، وتكريس الزعامة الفردية على حساب المؤسسات. كما أن ضعف التربية الديمقراطية، وانعدام آليات المحاسبة، وفشل النخب في بناء دولة قانون ومواطنة، كلها عوامل ساهمت في تعميق هذا النهج الأناني.
لكن، رغم هذا الواقع المعقد، فإن باب الأمل لم يُغلق. يمكن للعقلين العسكري والمدني أن يلتقيا في منتصف الطريق إذا توفرت الإرادة الحقيقية، وتقدم كل طرف بتنازلات شجاعة. المطلوب إعادة تعريف دور الجيش بوضوح، وجعل مهامه الأمنية تحت مظلة مدنية دستورية. كما أن القوى المدنية مطالبة ببناء كتلة سياسية موحدة ذات برامج واضحة وقيادات مؤهلة، قادرة على نيل ثقة الشارع أولًا ثم المؤسسة العسكرية ثانيًا. يجب تجاوز منطق المحاصصة، والانخراط في تسوية تضمن تفكيك النفوذ السياسي والاقتصادي للمؤسسة العسكرية تدريجيًا، ومن جهة أخرى، لا بد من إصلاح الحياة الحزبية، وتوسيع قاعدة المشاركة، وفتح حوار وطني واسع يشمل الجميع بلا إقصاء.
السودان لن يخرج من عتمته الحالية إلا إذا ارتفع الجميع فوق جراحهم وطموحاتهم الخاصة، وقدموا مصلحة الوطن على كل ما عداها. النور ممكن، لكنه لن يأتي إلا بالاعتراف، والتنازل، والتفكير خارج الصندوق.
بقلم: محمد الأمين حامد
rivernile20004@gmail.com