حاز انطلاق جولة الانتخابات الرئاسية المصرية، داخليا، خلال ساعات؛ حيث يدلي نحو 67 مليون ناخب بأصواتهم عبر 11 ألفا و 963 لجنة اقتراع فرعية، في جميع محافظات الجمهورية، على رأس اهتمامات صحف القاهرة الصادرة اليوم /الأحد/، التي أبرزت أيضا إجراء الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل يتولاه 15 ألف قاض، علاوة على متابعة منظمات المجتمع المدني المحلية والعالمية.


وسلطت الصحف الضوء على نشاط الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث استعرض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي أجراه الأخير، الجهود والاتصالات المصرية، للدفع في اتجاه وقف إطلاق النار، لحماية المدنيين، ومنع المزيد من تدهورالأوضاع الإنسانية المأساوية التى يعيشها أهالي القطاع، وداخليا، زار الرئيس السيسي مقر أكاديمية الشرطة، حيث شهد اختبارات كشف الهيئة للطلبة المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة، مؤكد أهمية الدور الأساسي لجهاز الشرطة في حماية الوطن من الأخطار الداخلية، مثمنًا التضحيات الكبيرة، التي قدمها أبناء جهاز الشرطة، على مدار الأعوام الأخيرة في مواجهة الإرهاب، والتي تنبع من إدراكهم أن حماية الوطن شرف لا يضاهى.


هذا ونال النشاط المكثف الذي تقوم به وزارة الخارجية المصرية، في ضوء توجيهات الرئيس السيسي بتكثيف الاتصالات المصرية لمنع المزيد من التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مساحات واسعة من التغطيات الإخبارية للصحف، حيث نقلت الصحف تأكيد وزير الخارجية سامح شكري - خلال لقاء عقده بواشنطن، مع منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكجورك - ضرورة تحمل الأطراف الدولية مسئولياتها لدعم وقف اطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء المعاناة الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين.


وعلى صعيد نشاط الحكومة، سلطت الصحف الضوء على إشادة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، لجهود منظومة الشكاوى الحكومية، خلال الفترة الماضية، من حيث الاستجابة للشكاوى والطلبات المختلفة والتعامل معها على النحو الأمثل، مبرزة توجيه مدبولي بفتح وتنويع قنوات التواصل بين المواطنين والحكومة، لتلقي الشكاوى والاستفسارات وبذل أقصى جهد ممكن للرد عليها والتصدى لأسبابها.


عسكريا، وفي إطار مواصلة تغطيتها الإخبارية لفاعليات المعرض الدولي للصناعات الدفاعية «EDEX 2023»، ركزت الصحف على الإقبال الكبير الذي شهده جناح الإنتاج الحربي، من قبل الوفود الرسمية والزوار والخبراء العسكريين من مختلف دول العالم للتعرف على المنتجات المعروضة، وأبدوا فخرهم بمنتجات الإنتاج الحربي خاصة المنتجات الجديدة التي تعرض لأول مرة داخل المعرض مثل "رعد 200" و"سينا 200" المطورة.
 

وفي التفاصيل، أفردت صحف (الأهرام) و(الأخبار) و(الجمهورية)، صفحاتها الرئيسية والداخلية لتغطية فعاليات الانتخابات الرئاسية المصرية، التي يتنافس فيها 4 مرشحين هم (المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والدكتور عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، وحازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري)، وتجرى الانتخابات الرئاسية في ظل اهتمام إعلامي كبير، حيث حصل 528 متابعًا إعلاميًا دوليًا على تصاريح من الهيئة الوطنية للانتخابات لذلك الغرض، يمثلون 115 وسيلة إعلامية وصحفية، إلى جانب 70 وسيلة إعلامية وصحفية محلية بإجمالي 4 آلاف و218 صحفيًا وإعلاميًا، وكذلك تسجيل 67 دبلوماسيًا أجنبيًا لأعمال المتابعة ينتمون إلى 24 سفارة بالقاهرة، وذلك بعد أن تقدموا بطلب للهيئة في هذا الصدد.


وأوردت الصحف أن ملايين الناخبين يتوجهون اليوم إلى 11 ألفًا و963 لجنة اقتراع فرعية للإدلاء بأصواتهم في ماراثون الانتخابات، حيث تبدأ عملية التصويت في الساعة 9 صباحاً حتى التاسعة مساءً ولمدة ثلاثة أيام، وتقام الانتخابات تحت إشراف قضائى كامل يتولاه 15 ألف قاض، فضلا عن متابعة منظمات المجتمع المدنى المحلية والعالمية. وتحظى الانتخابات الرئاسية باهتمام إعلامى كبير وتتابعها وسائل الإعلام المحلية والعالمية.


ونقلت الصحف ثقة رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار حازم بدوى ـ في تصريح له ـ "في وعي الشباب وحكمة الشيوخ وفطنة المرأة المصرية الأصيلة في كل مدن مصر وقراها باستكمال ما بدأه أبناؤنا في الخارج".. مضيفا "نثق في أداء الواجب الوطنى والحق الدستوري في الاستحقاق الانتخابي الأهم، وهو اختيار رئيس البلاد للسنوات الست المقبلة".


وقامت الهيئة بتركيب اللوحات الإرشادية والتوعوية، أمام اللجان الانتخابية، لكيفية إدلاء الناخبين بأصواتهم خاصة ذوى الإعاقة، وتم تثبيت لوحة برقم اللجنة الفرعية بمكان ظاهر خارج مقر اللجنة حتى يسهل تعرف الناخب على لجنته، كما تم إزالة أى لافتات دعائية لأى مرشح فى محيط مركز الاقتراع.


وفي سياق متصل، أبرزت الصحف قيام محافظي الجمهورية بتفقد بعض اللجان المعدة لاستقبال الناخبين المشاركين بالتصويت في الانتخابات الرئاسية؛ لتأكيد كل التجهيزات باللجان وإمدادها بكل المستلزمات والخدمات الأمنية والصحية واللوجستية، وذلك للتيسير على الناخبين، وتسهيل دخول الأشخاص من ذوى الهمم فى أثناء عملية التصويت.


وعن جولة الانتخابات المصرية التي أجريت في الخارج، ذكرت الصحف أن الهيئة الوطنية للانتخابات قامت بحصر الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم خارج جمهورية مصر العربية، وتم استبعادهم من كشوف الانتخابات حتى لا يقوموا بالتصويت مرة أخري، كما استحدثت الهيئة بطاقات تصويت بطريقة برايل للتيسير على الناخبين المكفوفين الراغبين فى الإدلاء بأصواتهم لتمكينهم من المشاركة فى العملية الانتخابية، كما راعت الهيئة تخصيص الأدوار الأرضية لكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، مع توفير الكراسى المتحركة لنقلهم إلى اللجان، وذلك ضمن الجهود المبذولة للتيسير على الناخبين.


وفي سياق رصدها استعدادات الدولة - بكل قطاعاتها - لإجراء الانتخابات الرئاسية المصرية 2024، أبرزت صحيفة (الأخبار) نبأ إنهاء وزارة الداخلية، استعداداتها الأمنية اللازمة لتنفيذ خطة التأمين التي أقرها وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، وفق أعلى المعايير الفنية والتخطيط الدقيق والتدريب الجيد للعناصر الشرطية المشاركة، ورفع درجة الاستعداد القصوى لهم، من خلال تكثيف الانتشار الأمنى بمحيط اللجان وكل الطرق والمحاور المؤدية لها مع الدفع بقوات التدخل السريع مدعومةً بعناصر من الشرطة النسائية للتعامل الفورى مع كل المواقف الطارئة.


وذكرت الصحيفة أنه جرى تجهيز أقوال أمنية وخدمات مرورية مجهزة بأحدث الوسائل والتقنيات اللوجيستية الحديثة لملاحظة الحركة المرورية بالطرق والمحاور الرئيسية ومحيط اللجان الانتخابية للمساهمة في توفير مناخ ملائم وآمن وتسهيل وصول الناخبين إلى اللجان، والتعامل الفورى مع أية مواقف قد تطرأ أثناء سير العملية الانتخابية، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة للتيسير على المواطنين لاسيما كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة.


أما على الصعيد الصحي، نقلت الصحيفة إعلان وزير الصحة والسكان د.خالد عبدالغفار، إعداد خطة قومية للتأمين الطبي للانتخابات الرئاسية، وبدء عمل غرفة التحكم بوزارة الصحة والسكان فى العاصمة الإدارية لمتابعة إجراءات التأمين الطبي.


ونسبت الصحيفة إلى المتحدث الرسمي للوزارة د.حسام عبدالغفار القول إن خطة التأمين الطبي تقود على رفع درجة الاستعداد والجاهزية، خلال فعاليات الانتخابات الرئاسية، التى تشهد كثافات وتجمعات للمواطنين على الطرق، وأمام وداخل اللجان الانتخابية، في الأماكن التي حددتها اللجنة العليا للانتخابات، مما يتطلب التخطيط والاستعداد لأي طارئ، مضيفا أن الخطة تتضمن الدفع بـ 1699 سيارة إسعاف مجهزة في محيط مقرات اللجان الانتخابية والأماكن، التي تشهد تجمعات للمواطنين، بكل المحافظات، إلى جانب 11 لانش إسعاف نهرية.
 

كما ذكرت صحيفة (الأهرام) أن الرئيس عبدالفتاح السيسي تلقى ، أمس، اتصالا هاتفيا من الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الرئاسة، المستشار أحمد فهمي، القول إن الاتصال ناقش الأوضاع الإقليمية، وبالأخص في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، في ضوء الموقف المتأزم سياسيا وإنسانيا، حيث استعرض الرئيس الجهود والاتصالات المصرية، للدفع في اتجاه وقف إطلاق النار، لحماية المدنيين، ومنع المزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية المأساوية التي يعيشها أهالي القطاع.


وذكرت أن الرئيس استعرض - كذلك - المساعى المصرية المكثفة، لإدخال أكبر قدر من المساعدات الإنسانية اللازمة لإعاشة وإغاثة أهالى غزة من المدنيين الأبرياء.


وأضافت الصحيفة أن الرئيسين توافقا على مواصلة التحرك بجدية، لوقف إطلاق النار، وضرورة اضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته، فى هذا الصدد، مع أهمية تضافر الجهود الدولية، للوصول إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين، وإقامة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفقا لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة.


وفي سياق رئاسي ثان، أوردت صحيفة (الأخبار) أن الرئيس السيسي زار، أمس مقر أكاديمية الشرطة، حيث شهد اختبارات كشف الهيئة للطلبة المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة، حيث كان في استقباله اللواء محمود توفيق وزير الداخلية.


ونقلت الصحيفة عن المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي القول إن الرئيس السيسي تابع اختبارات كشف الهيئة للطلبة والطالبات للالتحاق بكلية الشرطة، مؤكدًا أهمية تطبيق المعايير الموضوعية لضمان انتقاء أفضل العناصر، بما يضمن استمرار جهود الارتقاء بالأداء الشرطى وإعداد جيلٍ جديدٍ من العناصر الشرطية المميزة القادرة على ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار فى البلاد.


وذكرت أن الرئيس السيسي حرص على مناقشة أبنائه الطلبة حول مختلف القضايا الداخلية والإقليمية والدولية، والتعرف على رؤاهم بشأنها، مشددا على ضرورة تكاتف جهود أبناء الوطن لتحقيق أهداف التنمية بالشكل الأمثل وحماية الجهود التنموية الوطنية وجنى ثمارها من خلال توفير الأمن والاستقرار للبلاد وسط التحديات الدولية والإقليمية الجارية، مؤكدًا أهمية الدور الأساسي لجهاز الشرطة في حماية الوطن من الأخطار الداخلية، مثمنًا التضحيات الكبيرة، التي قدمها أبناء جهاز الشرطة، على مدار الأعوام الأخيرة في مواجهة الإرهاب، والتي تنبع من إدراكهم أن حماية الوطن شرف لا يضاهى.


هذا ونال النشاط المكثف الذي تقوم به وزارة الخارجية المصرية، في ضوء توجيهات الرئيس السيسي بتكثيف الاتصالات المصرية لمنع المزيد من التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مساحات واسعة من التغطيات الإخبارية للصحف، حيث نقلت صحيفة (الجمهورية) تأكيد وزير الخارجية سامح شكري - خلال لقاء عقده بواشنطن، مع منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكجورك - ضرورة تحمل الأطراف الدولية مسئولياتها لدعم وقف اطلاق النار فى قطاع غزة، وإنهاء المعاناة الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين.


ونشرت الصحيفة تدوينة السفير أحمد أبوزيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية ومدير إدارة الدبلوماسية العامة - عبر منصة (إكس - تويتر سابقا) - والتي جاء فيها إن اللقاء تركز على تردي الأوضاع الإنسانية والأمنية في غزة .
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة اللجان الانتخابیة الرئیس السیسی حمایة الوطن للتیسیر على أن الرئیس المزید من

إقرأ أيضاً:

أيُّ أفق للانتخابات الرئاسية التونسية في ظل التأسيس الجديد؟

بإصداره أمرا يدعو فيه التونسيين إلى الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر، أنهى الرئيس قيس سعيد الجدل القائم حول إمكانية عدم إجرائها. ولكنّ هذا المعطى الإجرائي الذي كان في السابق من مشمولات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات -باعتبارها الطرفَ المسؤول دستوريا عن تحديد رزنامة الانتخابات وليس السلطة التنفيذية- لا يُنهي الجدلَ حول المناخ السياسي العام الذي ستُجرى فيه الانتخابات، خاصةَ مع الاستهداف الممنهج -في قضايا تآمر على أمن الدولة أو قضايا فساد وحق عام- لأغلب الشخصيات التي أعلنت عزمها الترشح للانتخابات أو لتلك الشخصيات التي يمكن أن تكون منافسا جديا للرئيس في حال ترشحها.

بصرف النظر عن التنقيحات التي طالت القوانين الانتخابية في شكل مراسيم رئاسية (المرسوم عدد 55 لسنة 2022)، وبصرف النظر أيضا عن تعديل القرار الترتيبي عدد 18 لسنة 2014 حتى يتلاءم مع مع الشروط الجديدة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية في الفصل 89 من دستور 2022، فإن للانتخابات الرئاسية رهانين أصليين يتوزعان بين السلطة الحالية وبين مجمل الشخصيات المعنية بالترشح، ويجعلان من إمكانية إجراء الانتخابات بصورة طبيعية أمرا مستبعدا.

فمن جهة السلطة، فإن إجراء الانتخابات يعني قبولها الاحتكام للإرادة الشعبية لتأكيد "التفويض الشعبي الأصلي" الذي حازته يوم 25 تموز/ يوليو 2021 لتصحيح المسار بمحاربة الفساد السياسي والاقتصادي، أما من جهة المعارضة فإنها ترى في الانتخابات فرصةً لتغيير نظام الحكم والقطع مع تصحيح المسار -ومع فلسفته السياسية الرافضة للديمقراطية التمثيلية وأجسامها الوسيطة- في إطار القانون وبمنطق التداول السلمي على السلطة.

إجراء الانتخابات يعني قبولها الاحتكام للإرادة الشعبية لتأكيد "التفويض الشعبي الأصلي" الذي حازته يوم 25 تموز/ يوليو 2021 لتصحيح المسار بمحاربة الفساد السياسي والاقتصادي، أما من جهة المعارضة فإنها ترى في الانتخابات فرصةً لتغيير نظام الحكم والقطع مع تصحيح المسار -ومع فلسفته السياسية الرافضة للديمقراطية التمثيلية وأجسامها الوسيطة- في إطار القانون وبمنطق التداول السلمي على السلطة
إن التعمق في هذين الرهانين يجعلنا نقف على تناقضات جذرية تجعل من إمكانية التعايش أو التنافس الطبيعي بينهما في ظل "تصحيح المسار" أمرا أقرب إلى المحال، ذلك أنهما يتحركان معا بمنطق التنافي أو النفي المتبادل. فالرئيس الذي لم يقبل بوجود "رجل ثان" في نظامه ولم يعين ناطقا رسميا باسم رئاسة الجمهورية، ولم يجد من يستحق أن يكون مدير ديوانه بعد إقالة السيدة نادية عكاشة، لا يمكن أن يقبل بوجود منافس من خارج مشروعه. ولا يبدو أن منطق "الأمانة" و"التفويض الأصلي" و"الوعي المهدوي" وغير ذلك من المفاهيم التي تحكم خطابه السياسي؛ ستجعله يرى في مشروعه مجرد عرض من العروض الممكنة (أي غير الضرورية) في سوق الأفكار السياسية. أما من ينافسونه من مواقع مختلفة، فإنهم حتى عندما لا يعلنون نيتهم محاسبة النظام الحالي ومساءلة رموزه أو العودة إلى ما قبل 25 تموز/ يوليو 2021، فإنهم لا يُخفون تمايزهم عن الفلسفة السياسية للرئيس ورغبتهم في إنهاء فاصلة "تصحيح المسار" بسبب فشله السياسي والاقتصادي.

رغم إعلان "تصحيح المسار" أنه يكتسب شرعيته من تمثيل الإرادة الشعبية بصورة تقبل الضبط الإحصائي -أي بصورة يمكن التأكد منها بمنطق الأرقام- ورغم أنّ هذا المعطى كان حقيقيا في المرحلة الأولى التي أعقبت إعلان "حالة الاستثناء" (أي مع تحويل الاستثناء إلى مرحلة انتقالية للتأسيس الجديد، خاصة بعد صدور الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021)، فإنه لم يتراجع عن خارطة طريقه ولم يُعدّلها بناء على تغير اتجاهات المزاج الشعبي في كل المناسبات التي عبر فيها عن نفسه (الاستشارة الوطنية حول التعليم، الاستفتاء حول تغيير الدستور، الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الأقاليم والجهات). فنسبة المشاركة المتدنية والعزوف الشعبي -بما يعنيه ذلك من عدم اقتناع أو رفض- لم تكن بالنسبة لرأس النظام إلا فرصة لتعميق الانقسام الاجتماعي وشيطنة خصومه لا محاورتهم.

ونحن هنا أمام منطق سياسي جديد لا يؤسس شرعيته على الأغلبية الشعبية (صناديق الاقتراع)، بل على "الأقليّة الصادقة" (الايمان بمشروع الرئيس). ولا شك عندنا في البنية الدينية العميقة لهذا الخطاب السياسي، ولكنها بنية دينية مهجّنة بحكم جمعها بين وعي "المهدي" أو "المجدّد" في المخيال الإسلامي (سفينة النجاة أو حبل الله الممدود بين الأرض والسماء)، وبين وعي "القائد الأممي" أو "الثوري" في المرجعية اليسارية، باعتبار "المجالسية" أو الديمقراطية المباشرة أحد تفريعات المدرسة الماركسية. فخصوصية الرئيس -أي مركز قوته/ ضعفه في الآن نفسه، وسبب صعوبة تصنيفه بالمعايير الحديثة في التصنيف السياسي تكمن أساسا في جمعه بين مرجعيتين مختلفتين وقدرته -إلى حد الآن- على إدارة التناقضات النظرية بينهما.

لو أردنا التعمق أكثر في رهانات الانتخابات الرئاسية، فإننا نرى أنها تطرح قضية "الصوابية السياسية" (Political correctness) لكن مع إجراء بعض التعديلات التي يفرضها السياق المحلي على معاني هذا المفهوم في سياقاته التداولية الأصلية. فإذا كانت الصوابية السياسية تعني في الأصل "اللغة أو السياسات أو الإجراءات التي تهدف إلى تجنب الإساءة أو الحرمان لأفراد مجموعات معينة في المجتمع"، فإن "تصحيح المسار" قد أعاد هندسة هذا المفهوم لكن دون القطع مع أصوله فيما يسمى بعد 25 تموز/ يوليو 2021 بـ"العشرية السوداء". ذلك أن الجملة التي كانت تعتبر صائبة سياسيا عند أغلب النخب "الديمقراطية" (رغم أنها تستهدف جزءا معتبرا من المواطنين على أساس الهوية) هي تلك الجملة التي تشيطن حركة النهضة أو تدعو إلى إقصائها من مركز الحقل السياسي بتعديل الدستور أو حتى بالانقلاب عليه. كما أن الصوابية السياسية كانت مرتبطة بالتطبيع مع ورثة المنظومة القديمة وتضخيم القضايا الهوياتية، والتقاطع الموضوعي مع محور الثورات المضادة.

واقعيا، لم يكن تصحيح المسار إلا دفعا بتلك "الصوابية السياسية" إلى نهاياتها المنطقية غير المقصودة أو غير المتوقعة عند أصحابها. فالرئيس جعل الصواب سياسيا هو إنهاء الحاجة إلى الديمقراطية التمثيلية كلها؛ بديمقراطيتها التمثيلية ونظامها البرلماني المعدّل ودستورها ونظامها الانتخابي وأجسامها الوسيطة (بما فيها تلك الأحزاب والمنظمات النقابية والمدنية والهيئات الدستورية وغير الدستورية التي ساندته بحكم محدودية قدراتها الاستشرافية وحساباتها الانتهازية الضيقة). ولذلك فإن ما يفعله الرئيس من تضييق على معارضيه أو من بحث عن توفير أفضل شروط للفوز بالانتخابات هو أمر منطقي وذو "صوابية سياسية" حين نحتكم إلى الفلسفة السياسية لتصحيح المسار، بل حين نحتكم إلى التاريخ السياسي الانتهازي وغير المبدئي للأغلب الأعم من منافسيه المحتملين.

إن الإشكال الأعظم الذي يواجه منافسي الرئيس هو أنهم يتحركون بمنطق متناقض ذاتيا: نقد المقدمات والقبول بالنتائج. وقد يعترض علينا معترض بأن ترشحهم هو أمر يرتبط بـ"الواقعية السياسية" التي خفّضت سقف تحركاتهم من إسقاط النظام بالمنطق الاحتجاجي إلى محاولة تغييره عبر العملية الانتخابية (أي من داخل النظام وبشروطه). ولكنّ هذا الاعتراض مردود لسببين: السبب الأول هو أن المشاركة تعني الاعتراف بشرعية هذا النظام، كما تعني الاعتراف ضمنيا بتوفر شروط المنافسة النزيهة على الأقل في حدها الأدنى، وهو ما يجعل من أي اعتراض على النتائج أو تشكيك فيها من قبيل اللغو السياسي؛ ثانيا، إن العجز عن تقديم مرشح جامع لكل أطياف المعارضة هو أمر لا يرتبط بالتضييقات التي يسلّطها النظام على معارضيه أو على الشخصيات التي أعلنت عزمها الترشح. فأزمة المعارضة مردودة أساسا إلى الانقسامات الداخلية بين أطيافها الأساسية، وهي انقسامات تجعل من أغلب المترشحين (حتى لو قبلتهم هيئة الانتخابات، بل حتى لو جرت الانتخابات في ظل الشفافية وتحت رقابة قبة محلية ودولية نزيهة) غير قادرين على استمالة الناخبين بصورة جدية قد تهدد حظوظ الرئيس في الفوز.

في ظل التوازنات السياسية الحالية، يبدو أن الرئيس قيس سعيد يتجه إلى الفوز بعهدة رئاسية ثانية. ورغم أن الانتخابات ستجرى في ظل منطق "التفويض" أو "الوكالة" التي لا تقبل السحب (بحكم طبيعة المشروع السياسي للرئيس)، فإن المترشحين لمنافسة الرئيس لم يستوعبوا بعدُ هذا الأمر
في ظل التوازنات السياسية الحالية، يبدو أن الرئيس قيس سعيد يتجه إلى الفوز بعهدة رئاسية ثانية. ورغم أن الانتخابات ستجرى في ظل منطق "التفويض" أو "الوكالة" التي لا تقبل السحب (بحكم طبيعة المشروع السياسي للرئيس)، فإن المترشحين لمنافسة الرئيس لم يستوعبوا بعدُ هذا الأمر. ولذلك فإننا لسنا أمام "واقعية سياسية" بل أمام مغامرات سياسية لا يبدو أن أصحابها محكومين بمنطق الواقع بقدر ما هم محكومون بمنطق الرغبة. فكيف يمكن أن يتصور هؤلاء تخلي الرئيس عن "أمانته" أو عن "رسالته" أو عن "التفويض الأصلي" والقبول بأن يتنازل عن السلطة لأطراف هم عنده -بلا استثناء- من المتآمرين أو الفاسدين أو الطامعين في امتيازات الحكم؟ وكيف يمكن لمن يعتبر نفسه صاحب فكر سياسي كوني جديد أن يسمح لأصحاب الأفكار السياسية البالية (أي من يتحركون بمنطق الديمقراطية التمثيلية) بالعودة إلى مركز الحقل السياسي بعد أن انتهت الحاجة إلى أحزابهم وأفكارهم في زمن "الديمقراطية المباشرة"؟ بل كيف يمكن لشخصيات لا مشروع لها إلا العودة إلى ما قبل 25 تموز/ يوليو 2021 أن يطمعوا في الحصول على دعم شعبي واسع؛ والحال أن أغلبهم كان مساهما في إفشال الانتقال الديمقراطي وشيطنة الأحزاب والبرلمان ورفض التعددية وتسفيه الإرادة الشعبية وتغذية صراع الهويات وما صاحبها من عنف رمزي ومادي؟

إنها أسئلة قد لا تكون الإجابة عنها من أولويات المترشحين المحتملين لمنافسة "المترشح" قيس سعيد، ولكنهم سيرون الجواب عيانا بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية، وكل آت قريب.

x.com/adel_arabi21

مقالات مشابهة

  • مسعود بزشكيان: ماذا نعرف عن الرئيس الإيراني الجديد؟
  • أيُّ أفق للانتخابات الرئاسية التونسية في ظل التأسيس الجديد؟
  • أيُّ أفق للانتخابات الرئاسية في ظل التأسيس الجديد؟
  • بين اهتمامات الشارع المصري والحكومة الجديدة.. هل تتم عسكرة المحافظات؟
  • تحدّي الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية.. ما هي أبرز اهتمامات المواطنين؟
  • بين اهتمامات الشارع المصري والحكومة الجديدة.. هل يتم عسكرة المحافظات؟
  • أبرز الملفات على طاولة أردوغان وبوتين
  • الصحف الكويتية تبرز تأكيد «السيسي» للحكومة الجديدة أهمية التطوير الشامل للسياسات والأداء
  • البيت الأبيض: بايدن لا يعتزم “أبدًا” الانسحاب من الانتخابات الرئاسية
  • الحكومة الجديدة 2024.. أبرز 10 معلومات عن محسن عبدالنبي مستشار رئيس الجمهورية للإعلام