يبدأ الباحث الفرنسي جون بيير فيليو كتابه عن تاريخ غزة بالإهداء إلى أرواح آلاف من المجهولين ممن ماتوا بغزة قبل الأوان، في الوقت الذي كانت لهم حياة يريدون أن يحيوها، مع ذويهم في أمن وسلام.
ويضيف:
غزة مفترق الحضارات، غزة فضاء ليس نتاجًا للجغرافيا بل متفرعًا عن التاريخ، تاريخ يعتوره العذاب والمأساة لإقليم نزحت إليه غالبية السكّان كي تفرّ من العذاب والمأساة.
ثم يشفع:
ومع ذلك، ففي هذا السجن على العراء، يقبع مصير العالم. ولذلك ينبغي تجديد خيط التاريخ، لما وراء الخراب والأسى؛ ترقبًا لأفق المستقبل، من أجل غزة، ومن أجلنا كلنا؛ لأن مصير العالم هو ما يعتمل بشكل رمزي في هذه القطعة من الأرض.
كذلك يقول فيليو في كتاب له عن غزة- صدر قبل عشر سنوات ونيّف (2012)- لم تُبلِ جِدّته الأيام، كما يقول التعبير العربي القديم، أو لا يزال يحتفظ براهينيّته. مصير العالم يتحدد اليوم فيما يجري في غزة. وينبغي رغم الأسى والدمار- الذي تتعرض له غزة- إيقاد شعلة تنفتح على المستقبل، بالحوار، ومن خلال الحوار الجِدي، من غير أحكام مسبقة، أو وصاية.
يعترف فيليو أن الحوار لم يعد ممكنًا على بلاتوهات التلفزيون في القنوات الغربية. ومع ذلك لا بد من الحديث، في هذا المنعرج التاريخي، الذي ينبئ بالأسوأ، فيقول: "الأزمة في أولياتها، ومُرشّحة لأن تلتهب"
حلّ فيليو في المغرب هذا الأسبوع، وأجرى فيه سلسلة محاضرات في ربوع مدن عدة. تحدث على هامش المحاضرات، في لقاءات جانبية، منها لقاء جمعه بكاتب هذه السطور، والأسى يعتصره لما يجري في غزة، ولما نال أصدقاء كانوا له في غزّة لم يعودوا من الأحياء، عرفهم بها، حيث عاش لفترة، فتحوا له قلوبهم، ونقل عنهم شؤونهم، وشهد عنهم، وأيضًا للتقتيل الذي لا يوفر المدنيين والعُزل، وللدمار الذي يصيب المباني والمساكن.
جون بيير فيليو خبير بقضايا العالم العربي، عاش بسوريا، وأحبها، وعاش بالأردن وتعلق به، وأقام في لبنان لفترة وعرف شؤونه، وتجوَّل في بقية أرجاء العالم العربي. أتقن اللغة العربية، فنفذ إلى تجاويف العالم العربي. يقرأ باللغة العربية، ويتحدث بها لا ليرسخ أحكامًا مسبقة، بل ليفهم، ويُعين على الفهم.
يكتب بالفرنسية والإنجليزية ليمد يده لعالم أحبه كي يريه مواطن الزلل، ومكامن القوة، لشيء يؤمن به، هو المصير المشترك، بين ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط، أو بين فرنسا والعالم العربي.
للكاتب سجلّ من الكتابات الرصينة عن العالم العربي، كتب بعضها بالإنجليزية، تفيد في فهم ما يجري بالعالم العربي، وتحمل رسالة أمل ودعوة للتقارب لعالمين- هما: العالم العربي والغرب- أخلفا، غالبًا، المواعيد التاريخية.
ينبغي أن نُقر أن باحثًا من طينة فيليو ليس ممن يُقبل في بلاتوهات التلفزيونات الغربية، أو يستدرون اهتمام أصحاب القرار، ولو أنه اشتغل لفترة في دواليب خارجية فرنسا، لكان من الأصوات الحكيمة التي يمكن أن تنقل خبرتها لأصحاب القرار في الغرب في هذه الظرفية المضطربة وتنقل رؤيتها للعالم العربي الذي يعيش أزمة وجودية.
يعترف فيليو أن الحوار لم يعد ممكنًا على بلاتوهات التلفزيون في القنوات الغربية. ومع ذلك لا بد من الحديث، في هذا المنعرج التاريخي، الذي ينبئ بالأسوأ، فيقول: "الأزمة في أولياتها، ومُرشّحة لأن تلتهب".
الأمور أسوأ من أن تُرَدّ في تقييم ما يجري إلى الداء الوبيل المتمثل في قاعدة "الكيل بمكيالين"، بل إلى "سيكوزفرنيا" مستشرية في الغرب، وعند من يصنعون الرأي العام، من شريحة ترفض أن ترى ما لا تريد أن تراه، وتَشْخَص أبصارها لترى ما تريد أن تراه.
حتى بعض الجامعات الغربية، أو كبريات الجامعات الأميركيّة لم تسلم من نوع من الماكرثية، أو هذا الشعور الذي يشكل عنصرًا من الثقافة السياسية الأميركية: التجني والعار Blame and shame .
ومع ذلك في هذا الظرف الذي يعتريه الغبش، فلا بديل عن الحوار، يتوجب مد الجسور؛ لأن مصير ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط متداخل، ولأن فرنسا الأنوار كانت شريكًا في النهضة العربية، ويؤمن بعض من المتشبعين بقيمها، بمصير مشترك.
طبعًا ليس الحوار هيّنًا، ويكاد أن يكون مستعصيًا في الغرب في الظرفية الراهنة. ولكنه ضروري؛ لأن المنطقة ستدخل سياقًا حرجًا، أو بتعبير فيليو: الأزمة في أولياتها، وهي بالكاد بدأت.
بغض النظر عما أتاحه لقاء جمع فيليو مع ثُلة من الباحثين في الرباط، فالحاجة ملحة إلى حوار مع عقلاء الضفة الأخرى.
من المشروع أن تُعبّر الجماهير في العالم العربي، وفي العالم عما يساورها من غضب جراء العدوان الذي تتعرّض له غزة، ولكن صاحب القرار ينبغي ألا يستسلم للعاطفة، كما يجب أن يُغلّب العقل.
لكن صاحب القرار أو السياسي عمومًا، منغمر في الحدث الآني، وليس لديه مسافة مما يجري؛ ولذلك الحوار الممكن هو مع أصحاب الرُؤى، من يتخذون مسافة من الأحداث، ويزاوجون مع المعرفة الإيمانَ بمصير مشترك.
لا حاجة إلى القول؛ إن العالم لا يُختزل في صورة جاهزة، لأبيض وأسود، أو لـ "نحن خيرون" و"آخرون أشرار". الأمور أعقد من ذلك، وأثبت أحرار العالم، انصياعهم للحق.
ليس من السهل التفكير في السّلم زمن الحرب. ولكنه الأمر الضروري، لتجنّب لعنة المواعيد التاريخية المُخلفة، من خلال حوار يُجرى مع هؤلاء الذين يسميهم التعبير الفرنسي بحاملي التأميل (وهو غير الأمل) Porteurs d’espérance .
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العالم العربی ومع ذلک ما یجری فی هذا
إقرأ أيضاً:
«عالم الشاي».. الذي ينتسب إليه 90% من سكان العالم
يعد الشاي ثاني أشهر المشروبات العالمية بعد الماء، إذ تشير التقديرات إلى أن ما يقارب من ٩٠٪ من سكان العالم يشربون هذا المشروب المميز، ولذا فإذا كنت من الـ١٠٪ الذين لا يتناولون هذا المشروب فأنت من الفصيلة النادرة من البشرية!
وعلى الرغم من انتشاره اليوم فإن العرب لم يتعرفوا عليه إلا في القرن التاسع عشر ويبدو أنه انتشر أولا في سوريا ومصر عن طريق تركيا، ويعتقد أن أصله من الصين وكان البوذيون يتناولونه ومن ثم انتقل إلى اليابان، وبعدها انتقل إلى بقية العالم.
وكما هو معروف فهناك أصناف عدة للشاي منها الأحمر والأخضر والأبيض والأولونج، وجميع هذه الأصناف إنما يتم إعدادها من أوراق نبات الشاي واسمه العلمي Camellia sinensis، إلا أن الفارق بينهما إنما هو في طريقة التصنيع المتبعة، إذ يتم تسخين أوراق الشاي الطرية بعد قطفها من النبات مباشرة للحصول على الشاي الأخضر، أما لإعداد الشاي الأحمر أو الأبيض أو الأولونج فيتم ترك أوراق الشاي تجف لفترة قصيرة لا تتجاوز اليوم الواحد في درجات حرارة معينة.
إن عملية التجفيف التي تتعرض لها أوراق نبات الشاي تؤدي إلى تبخر الماء من تلك الأوراق، مما يؤدي إلى جفاف الأوراق وتكسرها وتعرض المركبات الكيميائية المختلفة والموجودة في خلايا تلك الأوراق إلى الهواء الذي يحتوي على غاز الأوكسجين، ويؤدي ذلك إلى حدوث عدد من التفاعلات الكيميائية المختلفة، فهناك إنزيم يعرف بـبولي فينول أوكسيداس، وهذا الأنزيم يحفز على التفاعل مع الأوكسجين لمواد توجد في الشاي تعرف بالبولي فينول (polyphenol)، ونبات الشاي من النباتات الغنية بهذه المواد وهي مواد تتصف بكونها مضادة للأكسدة ولها تأثير إيجابي على الصحة، ويسمح لهذا التفاعل أن يستمر إلى فترة طويلة، بحيث يقترب إلى نهايته في الشاي الأحمر أما في شاي الأولونج فإن التفاعل يتم إيقافه بعد حدوث التفاعل بفترة زمنية بسيطة، ويتم وقف التفاعلات المشار إليها والتي تحدث بسبب أنزيم بولي فينول أوكسيداس عن طريق تسخين أوراق الشاي، فعملية التسخين تؤدي إلى أن تفقد الأنزيمات فاعليتها وبذلك تتوقف هذه التفاعلات الكيميائية.
وهناك ما يقرب من ألفي مركب كيميائي يوجد في أوراق نبات الشاي من أهمها مركب الكافايين، والذي يصنف كيميائيا ضمن مجموعة من المركبات الكيميائية التي يطلق عليها الكلويدات (Alkaloids)، وهي مجموعة كبيرة من المركبات التي توجد في الطبيعة وتتميز بأنها تحتوي على ذرات النيتروجين والتي غالبا ما تكون مندمجة في حلقات من ذرات الكربون، ففي مركب الكافايين مثلا ستلاحظ وجود أربع ذرات من النيتروجين مرتبة بشكل منظم في حقلتين من حلقات الكربون.
مركب الكافايين
وقد أثبتت العديد من الدراسات أن مركب الكافايين يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، فهو يحسن الأداء البدني والإدراكي عند الإنسان ويزيد من التركيز ويبعد النعاس، كما أن مركب الكافايين أيضا يقوم بتعديل المزاج، ولذا تجد أن الكثيرين يتناولون مشروبي القهوة والشاي عندما يشعرون بنوع من التوتر، ومن الميزات الأخرى للكافايين أنه يزيد من كفاءة عمل بعض الأدوية التي تخفف الألم، فعندما يتم تناول ٤٠٠ ملجم من الأيبوبروفين وهي مادة مسكنة للألم مع ١٠٠ ملغم من الكافايين فإن ذلك يضاعف من كفاءة الأيبوبروفين، كما أن هناك دراسات تشير إلى أن الكافايين يمكن أن يحمي من بعض الأمراض العقلية كمرض الزهايمر، والكافايين مادة طبيعية تنتشر في الكثير من النباتات فهي تنتشر في نباتي القهوة والشاي كما تنتشر في نبات الكولة الذي يتم استخدامه في عدد من المشروبات الغازية لإعطاء المشروب نكهة معينة.
أما سبب إنتاج النباتات لهذا المركب، فلأنه يعد مركبا ساما لكثير من الحشرات والقواقع التي قد تحاول أن تهاجم النبات وتأكله، ولذا تقوم النباتات بإنتاج الكافايين وعدد آخر من المركبات الكيميائية، وعادة يشير طعم المرارة إلى هذا النوع من الوظائف للمركب الكيميائي، ويعد الكافايين أحد المركبات التي تضيف طعما مرا إلى المشروبات التي تحتوي عليه.
ومع تطور العلوم التحليلية أخضع الكيميائيون القهوة والشاي للتحليل الدقيق وتبين أن القهوة تحوي على كميات كبيرة من الكافايين، فكوب القهوة العادية (حوالي ١٥٠ مل) يحتوي بين ١٠٦ إلى ١٦٤ ملغم من الكافايين بينما تتراوح كمية الكافايين في نفس الكمية من الشاي بين ٢١ و٥٠ ملغم، وهذا يعني أنك تحتاج لشرب ثلاثة إلى خمسة أكواب شاي لتحصل على نفس النشاط الذي تحصل عليه من شرب القهوة، لكن الدراسات أوضحت أيضا أن الكافايين له بعض الأضرار أيضا، فهو يرفع من ضغط الدم، والإكثار من تناول مشروبات تحتوي على مادة الكافايين قد يؤدي إلى ارتفاع معدل ضربات القلب والشعور بالأرق والقلق، ولذا فربما يكون الشاي بديلا مناسبا لمن يعاني من ارتفاع ضغط الدم أو ربما يمكنه الاستفادة من القهوة منزوعة الكافايين أما إذا أردت أن تحصل على شاي منزوع الكافايين فيمنك القيام بذلك بسهولة ويسر، وكل ما عليك القيام به بأن تأخذ كيس الشاي وتضيف إليه حوالي ربع كوب من الماء المغلي، ثم تتركه في الماء لمدة نصف دقيقة، ثم تخرج كيس الشاي وتضعه في كوب جديد وتضيف عليه ماء مغليا وتتركه لمدة تصل إلى خمس دقائق، بهذه الطريقة فإن الكوب الأول سيحتوي على حوالي ٨٠٪ من الكافايين بينما سيحتوي الكوب الثاني على حوالي ٢٠ ٪ من الكافايين.
كما أن الشاي غني بالبولي فينولات كما أسلفنا وهذه المركبات تتميز بكونها مواد مضادة للأكسدة، وتلعب مضادات الأكسدة دورا فاعلا في وقف بعض التفاعلات الضارة في الجسم، مما قد يكون له دور إيجابي وخاصة فيما يتعلق بأمراض السرطان، فالجسم لكي يحصل على طاقته، يقوم بتحويل الغذاء إلى الطاقة باستخدام الأوكسجين، ولكن احد نتاج هذه العملية مواد كيميائية سريعة التفاعل مع خلايا الجسم والتي قد تقوم بتدمير هذه الخلايا وهذا قد يكون له اثر سلبي جدا على صحة الإنسان وقد يعرضه إلى أمراض عديدة بعضها في غاية الخطورة.
وللتخفيف من أثر هذه المواد التي قد تفتك بخلايا الجسم ، فإن الجسم يقوم بإفراز مواد تساعد على الحد من هذه التفاعلات الضارة، وهذه المواد تعرف بمضادات الأكسدة، إلا أن الجسم يحتاج إلى مصادر غذائية أخرى تحوي على هذه المواد المضادة للأكسدة.
وعمليات الأكسدة هذه يمكن ملاحظتها في حياتنا اليومية وبشكل متكرر، فمثلا كلنا يلاحظ ويدرك أن فاكهة التفاح بعد تقطيعها يتغير لونها إلى الأصفر ومن ثم إلى البني والسبب في ذلك هو تعرضها لعملية الأكسدة، ويمكن وقف عمليات أكسدة التفاح وذلك بوضعه بعد التقطيع في عصير البرتقال الذي يحتوي على نسبة عالية من فيتامين سي، وهي مادة مضادة للأكسدة، ولهذا تحفظ التفاح وتمنع عمليات الأكسدة. ويتواجد في الشاي عدد من هذه المركبات المضادة للأكسدة من أهمها مجموعة منها تعرف بالكاتشينس (Catechins) ويحتوي كوب الشاي على حوالي ٢٠٠ ملغ من هذه المركبات، وهي المسؤولة عن لون الشاي وتلعب دورا هاما في نكهته أيضا، كما أنها تعد سببا رئيسيا للفوائد الصحية من شرب الشاي، وهناك مركبان من مجموعة الكاتشينس يتواجدان في نبات الشاي وهما (epigollocatechin gallate and epigallocatechin).
وهذان المركبان يعتقد أنهما وراء ارتباط الشاي بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الدم والأوعية الدموية في عدد من الدراسات، وعموما فإن الشاي الأخضر يحتوي على كميات أكبر من هذه المركبات مقارنة بالشاي الأحمر أو الأولونج، وذلك لأن كمية من هذين المركبين يتحولان إلى مركب آخر أثناء عملية إعداد الشاي الأحمر والأولونج وهو مركب (theobrownins)، ويلعب دورا في النكهة واللون المختلف للشاي الأحمر مقارنة بالأخضر.
وهناك عدد من الدراسات تشير إلى أن مركبات الكاتشينس تقوم بالتفاعل مع الحديد المتواجد في الدم، ويؤدي ذلك إلى عدم توفر الحديد والذي يعد عنصرا مهما في تكوين مركب الهيموجلوبين، الذي يقوم بدور مهم في توفير الأوكسجين للأجزاء المختلفة من الجسم، ولذا فمن المهم للمدمنين على شرب الشاي تناول مواد غذائية تحتوي على كميات من الحديد وذلك لتعويض النقص في الحديد الناتج عن شرب الشاي، أو ربما تجنب شرب الشاي بعد الوجبات الغذائية.
ويتواجد عدد من المركبات الأخرى والتي تمتلك خواص مضادة للأكسدة مثل (gallic acid) و (chlorogenic acid) وعدد آخر من هذه المركبات.
ومن المركبات الأخرى والتي تتواجد في الشاي ولها أثر نفسي مركب يدعى لـ -ثيانين (l-theanine)، إذ يشير عدد من الدراسات إلى أنه يقلل من القلق ويحسن الإدراك كما أنه يخفض من ضغط الدم.
وفي عدد من الدول كدول شبه القارة الهندية ودول الخليج العربي وبريطانيا تتم إضافة الحليب عادة إلى الشاي، لإضفاء نكهة معينة، وقد تم عدد من الدراسات حول أثر إضافة الحليب إلى الشاي، ولوحظ في دراسة نشرت في European Heart Journal في شهر يناير ٢٠٠٧ أن إضافة الحليب يؤدي إلى منع العديد من التأثيرات الإيجابية لمضادات الأكسدة الموجودة في الشاي وذلك لوجود بروتين معين في الحليب يدعى بـ caseins، حيث إن هذا البروتين يرتبط بمركبات الكاتشينس ويمنع الاستفادة منها، إلا أن هناك دراسة أخرى تمت سابقا قام الباحثون فيها بتقدير كميات الكاتشينس في الدم بعد تناول الشاي مع الحليب وقارنوها بتناول الشاي وحده وبدون إضافة الحليب، ولوحظ أن تركيز الكاتشينس لا يختلف في الحالتين، مما يعني أن إضافة كميات بسيطة من الحليب لن يؤثر على الفوائد الصحية المتوخاة من شرب الشاي.
كما أن البعض يحب أن يشرب الشاي مع السكر، والبعض قد يستبدل السكر بالعسل أو بسكريات مصنعة أو طبيعية مختلفة، لكن الملاحظ أن جميع السكريات الطبيعية منها والصناعية لا تخلو من بعض الآثار الضارة، فكلاهما ليسا آمنين تماما، ولكن وبالنسبة للإنسان الذي لا يعاني من مرض السكر، فعليه أن يعتدل في تناول السكريات عموما، فإذا أراد أن يقلل من كمية الطاقة البيولوجية الناتجة عن تناول الشاي، فلربما تكون السكريات المصنعة بديلا جيدا ولكن عليه ألا يكثر من تناولها، ولا يعتبرها خالية تماما من الأضرار، بل عليه أن يتناولها باعتدال وبكميات بسيطة، ويرى البعض أن التنويع بينها قد يكون أقل ضررا، وعلى الرغم من أن التنويع ربما يكون أفضلا من الناحية النظرية إلا أنه لا توجد دراسات تعضد هذا الرأي تجريبيا، وهكذا الحال مع السكريات الطبيعية والعسل والدبس وغيرها، فالاعتدال في تناولها هو أسلم الطرق للوقاية من الأمراض التي قد تسببها، فخير الأمور أوسطها.
ومن الطريف أن الشاي الأحمر يعرف لدى شعوب الغرب بالشاي الأسود (Black tea)، والسبب في ذلك هو أن عملية تصنيع الشاي الأحمر تؤدي إلى تغير لون ورق نبات الشاي إلى الأسود، ولهذا فهذه الشعوب تسمي الشاي الناتج من هذه الأوراق بالأسود، أما الشعوب العربية والشرقية عموما فيعرف لديها باسم الشاي الأحمر نظرا للون الشاي المائل إلى الحمرة.
أ. د. حيدر أحمد اللواتي كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس