لماذا شنت حماس هجمات 7 أكتوبر؟
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
كانت هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أكثر الهجمات فتكاً في تاريخ الدولتين، والحرب المترتبة عليها واحدة من أكثر الحروب تدميراً للفلسطينيين، إذ راح ضحيتها 15000 فلسطينيّ إلى الآن.
استغلال الرد العنيف لأي دولة ضدها تكتيك كلاسيكي معروف
ولكن، لماذا شنّت حماس هجومها وهي تعلم أنّ العواقب ستكون وخيمة؟ استناداً إلى تصريحات قادتها والتقارير الموثوقة، وسجل حماس الحافل، استخلص الباحثان دانيال بايمان وماكنزي هولتز، من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، بعض الإجابات في تحليل مشترك نشره المركز البحثي الذي يتخذ من واشنطن مقراً له.
قتلى ورهائن
وقال الكاتبان: "كان من بين أهداف حماس قتل كثير من الإسرائيليين بالطبع. فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست أنَّ التعليمات التي عُثِرَ عليها ضمن أغراض القتلى من حماس تشمل: اقتل أكبر عدد ممكن من الناس، وخذ أكبر عدد من الرهائن".
وجهزت حماس مقاتليها بقنابل حرارية يمكن أن تسبب حرائق هائلة في المنازل بسرعة. ولدى المقاتلين أيضاً ما يكفي من الذخيرة والطعام لمواصلة التوغل في إسرائيل إن استطاعوا. والحقيقة أن جزءاً من مراد حماس كان ينطوي على الانتقام مما عدته هجمات إسرائيلية سابقة واحتلالاً مُستمراً للضفة الغربية واعتقالاً لقادة حماس وعزل غزة وقصفها.
Why did Hamas attack when it knew that the consequences for the Palestinian people would be so deadly? Will Hamas achieve its objectives? @CSIS_Threats experts @dbyman and Mackenzie Holtz unpack why Hamas attacked when it did.
Read their full analysis: https://t.co/ObzNh4ObyF
وحتى 7 أكتوبر، كان بوسع غالبية الإسرائيليين عيش حياتهم وهم يعتقدون أن وضع حماس لا يشكل أهمية كبيرة لهم. لكنّ كراهية حماس لإسرائيل راسخة، ولا تُفسر قرارها بشن هجوم في 7 أكتوبر. ربما يكون جزء من التفسير ما عدَّته حماس مؤشرات على الاعتدال قبل هجمات 7 أكتوبر لم تجلب لها سوى مكاسب محدودة.
وجددت حماس دعاياتها عام 2017 إذ أصدرت ميثاقاً جديداً أشارت فيه إلى قبولها بحل الدولتين إجراءً مؤقتاً. ولا يزال ميثاقها يضمُّ كثيراً من العناصر البغيضة والعدائية، لكنه كان بمنزلة تغيير عن البيان التأسيسي للجماعة عام 1988 الذي رفض أساساً أي تسوية مع إسرائيل.
وبات بعض الإسرائيليين والمحللين الخارجيين يظنون أنَّ عمل الحركة ككيان حاكم لغزة لما يقرب من عقدين قد خفَّفَ حدة موقفها بشأن الصراع.
وبدا ظاهراً على الأقل أن حماس تدعم هذا التغيير الملحوظ بالفعل. فقبل 7 أكتوبر، لم تخفف هجماتها على إسرائيل وحسب، بل عاقبت علناً كل مَن حرّضوا على هجمات تخرق اتفاقات وقف إطلاق النار. وسمحت حماس لحركة الجهاد الإسلامي بمحاربة إسرائيل وحدها في أغسطس (آب) 2022 أو في مايو (أيار) 2023.
هل كانت هذه الإستراتيجية مجرد واجهة في حين كان التنظيم يخطط لهجوم 7 أكتوبر؟ يتساءل الكاتبان مجيبين:" ربما". غير أن إسرائيل والمجتمع الدولي لم يبديا أي تحول كبير في سياساتهما استجابةً لاعتدال حماس. كانت هناك تنازلات اقتصادية محدودة وبيانات تعترف بدور حماس في حكم غزة.
"Hamas, however, has rolled the dice. Israeli operations, both present and future, are a threat to the group’s leadership and control of Gaza. And even if Hamas proves successful, the Palestinian people are paying a massive price." https://t.co/vHhoVIlHJH
— I-CAT (@C4CIOPS) December 10, 2023
وكان هناك خطاب سياسي تحريضي لليمين المتطرف، ومستويات متزايدة من العنف ضد الفلسطينيين، خاصةً في عامي 2021 و2022 اللذين كانا الأكثر دموية للفلسطينيين، إذ أعطت حكومة نتانياهو الضوء الأخضر لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية ازدراءها لحماس. فقد مزَّقَ نتنياهو ميثاق حماس المُعدَّل أمام الكاميرا، ودعا إلى وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وأعطى منبراً لليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش وأمثاله.
وربما كان هذا الافتقار لمحفزات الاعتدال سبباً في التفكير في شن هجوم موسَّع. وتجلى هذا الواقع في المقابلة التي أجراها مسؤول حماس باسم نعيم بعد هجوم 7 أكتوبر إذ قال: "كنا نعلم أن رد الفعل سيكون عنيفاً... لكننا لم نختر هذا الطريق ونترك خيارات أخرى. فلم يكن لدينا أي خيار آخر".
ربما ظن قادة حماس أنهم بدأوا يفقدون الدعم الشعبي في غزة. فمنذ فرض حصار شبه دائم على غزة عام 2007، سيطرت إسرائيل على جزء كبير من كهرباء وغذاء ومياه القطاع. وتعاني غزة أيضاً من نقص مزمن في المياه، وأمست 97% من المياه في منازل غزة غير صالحة للشرب.
ولا يقل الوضع الاقتصادي سوءاً، إذ يعول أكثر من 70% من الأسر في غزة على المساعدات المقدمة من المنظمات غير الحكومية والدولية. وبذلك تفتقر حماس إلى القدرة على الحفاظ على دعمها الشعبي.
ورغم ادعاءات حماس بالشرعية، فإن وجود جماعات كحركة الجهاد الإسلامي في غزة تواصل القتال أثارَ تساؤلات عن مصداقية حماس بوصفها منظمة مقاومة إسلامية.
ومع انحسار الدعم الشعبي، حاولت حماس استعادة مكانتها، سواء بين الفلسطينيين أو على مستوى العالم، بتنفيذ هجوم واسع النطاق. ولعل حماس كانت تعقد الآمال على استغلال الرد الإسرائيلي لزيادة شعبيتها. فقد أشار خالد مشعل إلى أنه يعرف عواقب عملية 7 أكتوبر، قائلاً "لن يتحرر أي وطن دون تضحيات".
إن استغلال الرد العنيف لأي دولة ضدها تكتيك كلاسيكي معروف. فكثير من سكان غزة قد لا يحبون حماس، ولكن عندما يجدون أنفسهم أمام الاختيار بين دعم الجماعة وتأييد العمليات العسكرية الإسرائيلية، فإنهم يلتفون حول قضيتها.
وأبدت حماس استعدادها في الماضي للتضحية بأمن سكان غزة من أجل تعزيز مصالحها، وحشدت أصولها العسكرية بجوار المستشفيات والمساجد والمدارس. وحين تتعرض البنية الأساسية المدنية للدمار ويُقتل الآلاف من أهل غزة، يرى العالم مدى همجية إسرئيل ووحشيتها.
إذا نجحت حماس في تعزيز مصداقيتها، فستقوِّض مصداقية غريمتها السلطة الفلسطينية التي جنحت دوماً للتفاوض والتعاون مع إسرائيل. غير أن رئيسها، محمود عباس، فقدَ مصداقيته بقدر أكبر إذ شهد الفلسطينيون الرد الإسرائيلي المُدمِّر.
ويعزز ذلك ادعاء حماس بأنها الحركة الوطنية الفلسطينية، لا في غزة وحسب، وإنما في الضفة وبين الفلسطينيين في الشتات أيضاً. لقد بلغ عباس من العمر 88 عاماً وتدهورت حالته الصحية، ولا يوجد بديل واضح له. ولذلك، تعمل حماس على تقوية شوكتها في وقتٍ يعاني فيه منافسوها من حالة من الفوضى.
ثمن باهظ
واختتم الكاتبان مقالهما بالتساءول التالي: هل ستحقق حماس أهدافها؟ حيث تغير الخطاب الإقليمي لصالح الجماعة التي استعادت مصداقيتها بين كثير من الفلسطينيين. أشعلت الجماعة فتيل الأزمة، وأمست العمليات الإسرائيلية تشكل تهديداً لقيادة الحركة وسيطرتها على غزة. وحتى لو أثبتت حماس نجاحها، فإن الشعب الفلسطيني يدفع ثمناً باهظاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی غزة
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي لـ «الأسبوع»: تصريحات إسرائيل حول موافقة دول على استقبال الفلسطينيين تستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما
قال وسائل إعلام عبرية، أن عدة دول أبدت استعدادها لاستقبال فلسطينيين من غزة لكن لديها مطالب استراتيجية، وأن المفاوضات مستمرة مع أكثر من دولة لاستيعاب فلسطينيين من قطاع غزة، وأن إسرائيل جادة في تنفيذ خطة ترامب بنقل سكان القطاع إلى دول أخرى.
وتعليقا على ذلك، أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن هذه التصريحات تكشف بوضوح عن المخطط الإسرائيلي الهادف إلى تهجير السكان الفلسطينيين وإحداث تغيير ديموغرافي قسري في المنطقة، وهو أمر يتنافى مع كافة القوانين الدولية ويعد استكمالا لنهج الاحتلال القائم على طرد السكان الأصليين والاستيلاء على أراضيهم.
وأشار أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، إلى أن إسرائيل تحاول منذ سنوات فرض سياسة التهجير القسري كأحد الحلول التي تتماشى مع «صفقة القرن»، التي رفضها الفلسطينيون والمجتمع الدولي، مؤكدا أن هذه الخطوات تمثل جريمة في حق الإنسانية، وتكرس سياسات التطهير العرقي التي سبق أن مارسها الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الحديث عن وجود استعداد من بعض الدول لاستقبال فلسطينيين من غزة مقابل «مطالب استراتيجية» يكشف أن هناك ضغوطا تمارس على بعض الحكومات لقبول هذا السيناريو الخطير، وهو ما يستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما لمنع تنفيذ هذا المخطط الذي يهدد السلم والأمن في المنطقة.
وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر أن التهجير القسري لشعب غزة ليس مجرد انتهاك إنساني، بل هو محاولة لضرب أساس القضية الفلسطينية بإنهاء وجود الشعب الفلسطيني على أرضه، وهو ما لن يقبل به أحد، مشددا على أن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وليس في تشريد الفلسطينيين وإجبارهم على مغادرة وطنهم.
وأوضح «فرحات» أن مصر كانت وما زالت صامدة في موقفها الرافض لأي خطط لتهجير الفلسطينيين، وقد عبرت القيادة المصرية بوضوح عن رفضها القاطع لمحاولات دفع الفلسطينيين نحو سيناء أو أي أراض أخرى، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة إنسانية بل هي قضية وطن وشعب وأرض، وحلها لا يكون إلا بإنهاء الاحتلال وليس بتفريغ الأرض من أهلها.
وشدد على أن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك العاجل لوقف هذه المخططات ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المستمرة، مؤكدا أن أي حلول لا تستند إلى العدالة الدولية وحق الفلسطينيين في أرضهم لن تحقق سوى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.
اقرأ أيضاًفرحات: خطاب الرئيس يعكس إيمانا بقدرة المصريين على مواجهة التحديات
اللواء رضا فرحات: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية عكست بوضوح موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية
«اللواء رضا فرحات»: الشعب المصري كله يدعم الرئيس رفضا للتهجير.. والمشككون هدفهم تفتيت الدولة