حماس تنفي صحة الصور التي نشرتها إسرائيل وتقول إنها لمدنيين اعتقلهم جيش الإحتلال.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

كيف اعترض بايدن طريق مكافحة المجاعة في غزة؟

ترجمة: أحمد شافعي -

في استجابته لحرب غزة على مدى أكثر من 8 أشهر، بدا الرئيس بايدن في كثير من الأحيان ضعيفا - منزعجا من الخسائر الإنسانية دون أن يتصرف بحزم للحد منها.

ولكنه بدا في حالة واحدة حاسما على غير المعهود: بعد أن زعمت إسرائيل أن موظفين في وكالة تابعة للأمم المتحدة ممن لهم دور جوهري في الجهود المبذولة لتجنب المجاعة في غزة هم متورطون في الإرهاب، سارع بايدن إلى تعليق تمويل الوكالة. ثم قام الكونجرس بتمديد تجميد التمويل.

ومع ذلك، يبدو الآن أن بايدن أنهى ذلك، إذ ثبت أن الأساس الواقعي الذي قامت عليه الاتهامات الموجهة إلى الوكالة غير يقيني. ويؤلمني أنه في إطار سعي ضال للإرغام على المحاسبة، يبدو أن الولايات المتحدة قد تسببت في مزيد من البؤس لشعب جائع.

يضغط السياسيون الإسرائيليون المنتمون إلى اليمين المتطرف من أجل إلغاء الوكالة المعنية، وهي وكالة الأونروا، أي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي توفر المدارس والعيادات وغيرها من الخدمات في المنطقة. فقد أجيز بسهولة في القراءة الأولى مشروع قانون في البرلمان الإسرائيلي يقضي بحظر الأونروا باعتبارها منظمة إرهابية، ما أدى إلى إدانة دولية. إذ وصفت منظمة (أطباء بلا حدود) هذه الخطوة بأنها «هجوم شنيع على المساعدات الإنسانية»، ووصف الاتحاد الأوروبي الأونروا بأنها «ضرورية ولا يمكن استبدالها».

وقد قضيت يوما في الضفة الغربية مع فريق من الأونروا، معظمه في مخيم الجلزون للاجئين، فتبين لي بوضوح أن الوكالة تقدم خدمات صحية وتعليمية ضرورية، وأنها في مأزق. وقد قال فيليب لازاريني، مسؤول الشؤون الإنسانية السويسري الإيطالي الذي يقود الوكالة إن «الأونروا تترنح تحت وطأة هجمات متواصلة». وحذر من أنها قد «تنهار» على نحو «يزرع بذور الكراهية والاستياء والصراع في المستقبل».

بدت الأرض المحيطة بمقر وكالة الأمم المتحدة في القدس الشرقية متفحمة من جراء هجوم متظاهرين إسرائيليين عنيفين على المجمع وإضرامهم النار فيه مرتين. وخلال الهجمتين العمديتين كان حشد المتظاهرين يهتفون بالعبرية، «فلتحترق الأمم المتحدة».

وبينما كنت في سيارة تابعة للأونروا، منعتنا نقطة تفتيش إسرائيلية من المرور وأعادتنا أدراجنا بينما سمحت لسيارات أخرى بالمرور. وقامت إسرائيل بتأخير تأشيرات دخول مسؤولي الأونروا، أي بمنعهم عمليا من أداء عملهم. والأكثر مأساوية هو أن ما يقرب من مائتين من العاملين في مجال الإغاثة في الأونروا قد لقوا مصرعهم من جراء التفجيرات وإطلاق النار في غزة.

وطالما كانت إسرائيل عدائية تجاه الأونروا، لكن الاتهامات ارتفعت إلى مستوى جديد بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت إن «الأونروا هي حماس بوجه آخر».

في يناير، زعم مسؤولون إسرائيليون أن 12 من موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألف موظف شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل. واستجابت الأونروا على نحو مسؤول: فصلت عشرة من موظفيها المتهمين (إذ لقي الاثنان الآخران مصرعهما)، ودعت إلى إجراء تحقيقات مستقلة وكررت «إدانتها بأشد العبارات الممكنة للهجمات البغيضة التي وقعت في السابع من أكتوبر».

وجهت إسرائيل اتهامات أخرى، منها أن حوالي 10% من موظفي الأونروا البالغ عددهم ثلاثة عشر ألف موظف في غزة هم أعضاء في حماس وأن مدارس الأونروا تحرض على الكراهية. وزعمت الحكومة الإسرائيلية في تصريح لها أن «الأونروا في غزة لا يمكن إصلاحها».

ومنذ ذلك الحين، تم إجراء تحقيقين مستقلين، يشيران إلى وجود نمط من الاتهامات الإسرائيلية الجامحة للأونروا والعجز عن دعم هذه الاتهامات بأدلة ذات شأن. وقد أوصى أحد التحقيقين، بقيادة وزير خارجية فرنسي سابق، بإجراء إصلاحات، لكنه برأ الأونروا من الاتهامات بالتواطؤ مع حماس وأضاف أنه «لا غنى عن الأونروا ولا بديل لها» وبأنها «محورية في تقديم المساعدات الإنسانية التي يتوقف عليها إنقاذ الحياة». أما التحقيق الآخر فنظر في أمر الموظفين الاثني عشر الذين يفترض أنهم انضموا إلى هجوم حماس، وتبين له عدم وجود أدلة كافية ضد أربعة منهم ولا يزال التحقيق مستمرا مع الثمانية الآخرين، فضلا عن ستة غيرهم متهمين منذ ذلك الحين.

أشار المحققون إلى أن الأمم المتحدة تقدم قوائم بأسماء جميع موظفيها في غزة إلى إسرائيل. وإذا كانت عمليات فحص الخلفية التي تجريها الأمم المتحدة قد فشلت في الكشف عن مقاتلي حماس، فإن الاستخبارات الإسرائيلية أيضا لم ترصدهم.

من المؤكد أن لدى أحد كبار شخصيات الأونروا علاقات عسكرية، لكنها ليست مع حماس، فمدير الأونروا في غزة، وهو سكوت أندرسون، أمريكي تقاعد من الجيش الأمريكي بعد 21 عاما من العمل.

في زياراتي للضفة الغربية وغزة على مدار السنين، بدت الأونروا بالنسبة لي قوة للحد من الاضطرابات، وليس لتأجيجها. فمدارسها هي أحد أسباب حصول الفلسطينيين على تعليم جيد نسبيا في العالم العربي. وبرامجها تعمل على تمكين النساء، وتساعد رواتبها على إبقاء الاقتصاد الفلسطيني واقفا على قدميه.

خلال هذه الزيارة، قالت لي منار بشارات، منسقة الأونروا في مخيم الجلزون للاجئين إن «الأونروا تساعد ماليا، وتوفر التعليم والأدوية وتجعل المنطقة أكثر استقرارا... وإذا لم يكن لدينا مدارس تابعة للأونروا، فسيكون ذلك كابوسا للجميع».

في منطقة شديدة الاستقطاب، وأغلبية موظفيها من الفلسطينيين، حاولت الأونروا التمسك بمبادئ الحياد. فموظفو الصحة العامة في الأونروا أخبروني أنهم يأخذون بجدية التعليمات بعدم التعليق علنا على السياسة حتى في صفحات فيسبوكهم الخاصة بهم.

وفي ضوء أن الأونروا تبدو قوة استقرار، فمن الصعب أن نرى الحملة الإسرائيلية المناهضة لها إلا باعتبارها مجرد جهد إضافي لإسكات أصوات الفلسطينيين. وهكذا يرى لازاريني الحملة المناهضة للمنظمة التي يديرها.

لقد قال لي «إن هناك، في نهاية المطاف، هدفا سياسيا لتجريد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، وإضعاف تطلعاتهم المستقبلية إلى تقرير المصير... وهي أيضا وسيلة لتقويض الحل السياسي القائم على الدولتين».

من الصعب على المنظمات الإنسانية التنقل في أماكن مثل غزة التي تديرها حماس، وقد رأيت على مدار السنين تحديات مماثلة في كوريا الشمالية والسودان وإثيوبيا وجنوب السودان والكونغو. هناك مشكلة تتمثل في استغلال المجرمين للجهود الإنسانية.

وبالمثل، يجدر بنا طرح أسئلة محددة حول الأونروا: هل من المنطقي أن تكون هناك وكالة منفصلة تدعم اللاجئين الفلسطينيين في حين أن هناك أيضا وكالة تابعة للأمم المتحدة تدعم الجميع؟ هل ينبغي لوكالة أنشئت بصفة مؤقتة منذ 75 عاما أن تستمر إلى أجل غير مسمى لخدمة أحفاد اللاجئين؟ هل هذه محاباة لمجموعة واحدة من النازحين، هي مجموعة الفلسطينيين، في حين أن آخرين من السودان أو جنوب السودان أو إريتريا يكونون في بعض الأحيان أسوأ حالا؟

لكن حملة التحرش التي يشنها اليمين المتطرف في إسرائيل على الأونروا لا تكتفي بأسئلة مخلصة. فعلى إسرائيل إما أن تقدم الأدلة على سوء السلوك أو أن تعرض عن الأمر.

قد يكون من المفهوم أن يهدف الإسرائيليون، المصدومون نفسيا من هجوم السابع من أكتوبر، إلى تدمير وكالة تابعة للأمم المتحدة تخدم الفلسطينيين. لكن هذا لن يساعد إسرائيل أو أي جهة أخرى، كما أن وقف الولايات المتحدة تمويل الأونروا يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في الأراضي المحتلة.

لذا يجب أن يعترف بايدن بخطئه. وبينما تهدد المجاعة غزة، ينبغي أن تدعم الولايات المتحدة الوكالة التي يقع دورها في قلب الجهود الرامية إلى مكافحة المجاعة، لا أن تقوضها.

نيكولاس كريستوف من كتاب الرأي في نيويورك تايمز منذ 2001

خدمة نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • جنرال إسرائيلي يهاجم نتنياهو ويدعو للخروج من رفح
  • الأوضاع الحربيّة والتفاوض بين الشروط
  • حماس تنفي إصدار بيان يهاجم مصطفى البرغوثي
  • كيف اعترض بايدن طريق مكافحة المجاعة في غزة؟
  • "حماس" تنفي "اعتقال أحد عناصرها بتهمة التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية"
  • شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تبهر المتابعين بأناقتها وتستشير إبنتها “ننة” في أزيائها قبل ظهورها بها في إحدى المناسبات وتقول: (بنلبس اولادنا وهم صغار ولمن يكبرو بنشاورهم في لبسنا)
  • %48 نموا في سجلات خدمات مناولة الحاويات خلال الربع الثاني من 2024
  • “حماس” تنفي “اعتقال أحد عناصرها بتهمة التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية”
  • مظاهرات حاشدة بعدد من المدن اليمنية تضامنا مع فلسطين وتنديدا بجرائم الإحتلال
  • تقرير: جرائم القتل والسرقة تعمّق الفوضى في قطاع غزة