مشاريع «شبابية» تفتح آفاق النمو المستدام
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
طه حسيب (أبوظبي)
لا تقتصر تطبيقات الاستدامة على البعد البيئي فقط، بل هناك أبعاد أخرى تجعل منها فرصةً استثمارية تضمن الربح، وفي الوقت نفسه تصون الموارد وتحافظ على الطبيعة، وتضمن حق الأجيال المقبلة في مستقبل أفضل. الاستدامة تراعي أيضاً سبل العيش وتسعى قدماً لتحسين جودة الحياة، وهذا ما دأبت عليه القيادة الرشيدة في مسيرتها التنموية الرائدة في المنطقة.
وأطلق البرنامج بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ليكون منصة للخبراء المتخصصين في دولة الإمارات ممن يرغبون في القيام بدور رائد في تحول قطاعات النمو المستقبلية، بما يتوافق مع الأولويات الوطنية لدولة لإمارات.
وركزت النسخة الثالثة من البرنامج على ثلاثة محاور استراتيجية، تشمل النمو الاقتصادي، والتنمية الاجتماعية، والاستدامة والبنية التحتية. ويهتمُّ البرنامج بالاستدامة، والاستفادة من استضافة الدولة «كوب 28» بهدف الإسهام في دعم الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية في مختلف القطاعات، من خلال إعداد المواهب الإماراتية المتميزة وتأهيلهم في المجالات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسة، كما يركِّز «برنامج خبراء الإمارات» على التفكير الإبداعي والتجارب التفاعلية بين الموجّهين والمشاركين، من خلال الحوارات والأنشطة التجريبية المتنوّعة.
يأتي «برنامج خبراء الإمارات» لتعزيز التحول في قطاعات النمو التي تواكب المستقبل. ويقود خريجو النسخة الثالثة من برنامج خبراء الإمارات 7 مشاريع رائدة لتسريع جهود الإمارات في مجال التنمية المستدامة ومواجهة التغير المناخي، وجميعها جهود من شأنها المساهمة في معالجة انبعاثات الكربون وتعزيز الأمن الغذائي وحماية البيئة الطبيعية، وتوفير فرص عمل إضافةو وتعزيز توسّع الشركات في قطاعات الطاقة النظيفة والبيئة.
انطلقت النسخة الثالثة من البرنامج في نوفمبر 2022 واستمرت حتى يونيو 2023، بمشاركة خمسة عشر شاباً، يمثلون 15 قطاعاً رئيساً في الاستراتيجية المئوية لدولة الإمارات لدورة تدريبية مدتها ثمانية أشهر من تجارب التعلم الأكاديمي وخبرات العمل المكثفة والتدريس، تحت إرشاد وتوجيه قادة خبراء مؤثرين في قطاعاتهم. ولقد تم تصميم البرنامج بشراكة مع عدد من المؤسسات الأكاديمية المرموقة والمعروفة على مستوى العالم، ويعمل البرنامج على تمكين المشاركين من خلال شحذ العقليات والقدرات الاستراتيجية وصقل المهارات القيادية اللازمة لإسهامهم في دفع عجلة التنمية في قطاعاتهم وفي تحقيق تقدم وازدهار الوطن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتقني. ومن بين أهم النماذج في هذه النسخة من «برنامج خبراء الإمارات»:
البصمة الكربونية والنفايات الإلكترونية
يؤسس مشروع عبدالله الرميثي، المتكامل مع المئوية البيئية 2071 في إمارة أبوظبي، الهوية البيئية الإماراتية، مستهدفاً إيجاد معدل قياس محدد للبصمة البيئية للأفراد على مستوى الدولة، ويسعى المشروع لتوفير بيانات ذات قيمة عالية تمكّن صناع القرار في جهودهم الرامية إلى تخفيف الانبعاثات، وتحسين جودة البيئة.
ويساعد مشروع عزة الريسي، في مجال في إدارة النفايات الإلكترونية، دولة الإمارات العربية المتحدة على خفض البصمة الكربونية الناجمة عن النفايات الإلكترونية. ويهدف هذا المشروع إلى زيادة إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، وتقليل التداعيات البيئية الناجمة عن ذلك، وإمكانية تحقيق إيرادات تصل إلى نحو 2 مليار درهم سنوياً.
وتُعد النفايات الإلكترونية واحدة من أسرع مصادر النفايات نمواً في العالم، حيث تم إنتاج 53.6 مليون طن عالمياً في عام 2019. ويمكن إعادة تدوير هذه النفايات لتحقيق إيرادات محتملة تبلغ 57 مليار دولار.
تعزيز الزراعة المستدامة
وفي مجال الزراعة المستدامة، تعمل نور المهيري على مشروع يربط المستهلكين المهتمّين بالمنتجات الصديقة للبيئة بالمزارع المحلية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتعزيز الزراعة المستدامة والأمن الغذائي والمنتجات الصحية والحفاظ على البيئة.
الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي للدولة تهدف إلى جعل الإمارات الأفضل على مستوى العالم في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051. ويخصص مؤتمر الأطراف COP28 يوماً حول «الغذاء والزراعة والمياه» والذي يشكل فرصة كبيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة لعرض التقدم الذي أحرزته في هذا المجال.
حلول مبتكرة للطاقة
وفي مجال الطاقة، يتضمن مشروع عمر البريكي منصة سحابية تدمج بسلاسة قدرات موارد الطاقة الصغيرة الموزعة، مثل الأسطح الشمسية في المشاريع الصناعية والتجارية والتنموية، والبطاريات. وتهدف هذه المنصة المبتكرة إلى تعزيز إنتاج الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والحد من انبعاثات الكربون، وتلبية متطلبات الكهرباء المستقبلية، وخفض التكاليف والرسوم على المستهلكين الصناعيين.
أما مشروع علي الشمري، والذي يتوافق مع الاستراتيجية الوطنية الشاملة للهيدروجين التي أعلنت عنها وزارة الطاقة والبنية التحتية، فيهدف إلى تعزيز مكانة الإمارات كقوة رائدة في إنتاج الهيدروجين على الصعيد العالمي.
وفي السياق ذاته، يهدف مشروع سعود النوري إلى دفع أجندة العمل الرئاسي لمؤتمر الأطراف COP28 لمضاعفة كمية الهيدروجين على مستوى العالم، وتوفير التمويل اللازم لتحقيق هذا الهدف الطموح. ويساهم المشروع في تحقيق تطلعات مؤتمر COP28 المتمثلة في الاستفادة من جميع التقنيات والمصادر القابلة للتطبيق للمساعدة في تحقيق انتقال منصف وواقعي وعملي في مجال الطاقة.
حماية التنوع البيولوجي
وفي مجال حماية التنوع البيولوجي، يستخدم مشروع ميثاء الهاملي الذكاء الاصطناعي لدراسة الثدييات البحرية؛ بهدف تعزيز كفاءة هذا النوع من الدراسات، ودعم فهم دولة الإمارات لتأثيرات تغير المناخ على الحياة البحرية والتخفيف من تأثيره على هذه الكائنات.
مبادرات فردية
وبالإضافة إلى «برنامج خبراء الإمارات»، هناك بعض المبادرات الفردية التي أطلقها الشباب في قطاعات جديدة تنسجم مع تطلعات الدولة في التنمية المستدامة من خلال مشروعات صديقة للبيئة، وفي إطار استثمار المناخ المحفز على الابتكار الذي نجحت الدولة في ترسيخه عبر مبادرات حكومية وسياسات متكاملة.
تدوير البطاريات
هيا الغصين خريجة علوم سياسية، لديها اهتمام بالسياسات البيئية والمناخية. من خلال الرؤية الثاقبة للحوكمة العالمية، تدعم هيا الغصين الاستدامة وتطوير الأعمال، من خلال تقديم خدمات استشارية. قادت هيا مبادرة لإعادة تدوير النفايات، وتتركز استشاراتها على تقييم دقيق للأثر البيئي والاقتصادي والاجتماعي للمنظمات. ومن خلال قياس بيانات كخفض انبعاثات الكربون وإنتاج النفايات، تعمل «هيا» على تمكين الشركات من اتخاذ خطوات واسعة نحو مستقبل أكثر استدامة.
أسست هيا شركة استشارية تقدم الإرشادات اللازمة للمؤسسات كي تتواءم مع معايير الاستدامة، عبر خطوات عملية ممنهجة تضمن مواكبة أعلى المعايير. قدمت الشركة استشارات لمصنع يعد الوحيد المتخصص في إعادة تدوير بطاريات الرصاص الحمضية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بشهادة وموافقة من بلدية دبي، ووزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات العربية المتحدة، ودائرة الاقتصاد والسياحة في دبي. وهو يتماشى مع استراتيجية دبي المتكاملة لإدارة النفايات 2021-2041، والتي تُظهر الالتزام بمعايير الاستدامة الدولية. وتقدم الشركة الخطوات اللازمة لضمان الالتزام بهذه المعايير الدولية، وتجنب المخاطر البيئية والصحية المرتبطة بممارسات إعادة تدوير البطاريات غير القانونية.
الشركة تهدف إلى تقديم استشارات للحد من توليد النفايات إلى الحد الأدنى، لتضمن تفعيل الالتزام ليس فقط باللوائح الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بل المضي قدماً لضمان المزيد من معايير السلامة البيئية.. بالإضافة إلى ذلك، طرحت الشركة مبادرة يستطيع المصنع من خلالها شراء البطاريات المستهلكة بنفس سعر أسعار البيع الحالية، وتوفر شهادة خضراء للمصنع مجاناً، وتعمل كقناة قانونية ومستدامة للتخلص من البطاريات في قطاع الشركات. ومن خلال الدور الاستشاري الذي تقدمه الشركة، يمكن التحقق من امتثال المؤسسات لاتفاقية بازل التي وقعت عليها الدولة في 22 مارس عام 1989 والتي تتعلق بالتحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها من أجل مستقبل أكثر خضرة واستدامة.
استثمار في النخيل
وتقول لميس الهاشمي إن اكتشاف حل محلي مستدام لمشكلة عالمية بمثابة امتياز لفريقي الذي يعمل ضمن شركة مقرها دبي لصناعة أدوات المائدة التي بمكن التخلص منها، كونها تتكون من مواد طبيعية بما في ذلك أوراق أشجار النخيل). الفكرة بدأت خلال إكسبو 2020، ومن خلال ورشة عمل بسيطة نجحنا في إطلاق منتجنا، أثناء معرض إكسبو العالمي في دبي قبل عامين.
وأضافت لميس الهاشمي: كانت كل خطوة من رحلتنا التي استمرت سبع سنوات مليئة بالأهداف والمثابرة. لقد كنا نطمح دائماً إلى استخدام الموارد المحلية، والتصنيع محلياً، وإنشاء ابتكارات إماراتية من شأنها زيادة الوعي بالمبادرات المستدامة وتشجيع الآخرين على فعل الشيء نفسه.
نمط حياة مستدام
وقالت الهاشمي: نحن ممتنون للغاية لأن حكومة الإمارات العربية المتحدة ترسخ دوماً قيمنا الرامية إلى إرساء نمط حياة مستدام ومسؤول، ضمن رؤية تحدد الخيارات التي نتخذها كل يوم من أجل حماية الموارد والحفاظ على الطبيعة للأجيال المقبلة. في هذه الشركة نكرس جهودنا لمواجهة التحديات التي تتعرض لها بيئتنا، خاصة مواجهة خطر الآثار السلبية للمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
وأضافت: من خلال اكتشاف قيمة المخلفات الحيوية لنخيل التمر، وجدنا طريقة لإعادة تدوير أوراق نخيل التمر المهملة واستخدامها لتصنيع أدوات المائدة القابلة للتحلل عضوياً. كما نسعى جاهدين لنقدم لعملائنا الاختيار والبديل للمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، حتى يتم تمكينهم من الاضطلاع بدورهم في قيادة أسلوب حياة أكثر استدامة. وأكدت لميس الهاشمي أنها مواطنة إماراتية فخورة بالجهود الرائدة التي نراها في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة حيث تطمح إلى قيادة المنطقة نحو عقلية أكثر استدامة في جميع القطاعات، واستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (كوب 28) التي طال انتظارها هي شهادة على التزامنا بتحقيق هذا الهدف المستدام.
النفايات الإلكترونية
بمبادرة شبابية، دشن محمد الحمادي ومحمد الكربي وإبراهيم سعيد مشروعاً لتدوير النفايات الإلكترونية، فبعد تخرجهم عام 2020 اعتمدوا على فكرة بدأت من مشروع تخرج جامعي ركز على مشكلة النفايات الإلكترونية المتزايدة وإيجاد حلول مستدامة لهذه المشكلة، فقام أصحاب المشروع بتحويل الفكرة إلى شركة ذ.م.م لتكون الشركة الإماراتية الأولى من نوعها المختصة في هذا المجال.
تشكل النفايات الإلكترونية نسبة 80% من النفايات الخطرة والسامة التي يتم التخلص منها في مكب النفايات، وتتصدر النفايات الإلكترونية كأعلى نوع من النفايات تزايداً في العالم حيث إن كمية النفايات التي ستنتج في عام 2030 تعادل وزن 148 مبنى بحجم برج خليفة، وتحاول الشركة التي أسسها المهندسون الثلاثة تقليل كمية النفايات التي تذهب إلى مكب النفايات، وتعزيز مفهوم الاستدامة والاستفادة من المواد الخام التي تخرج من الإلكترونيات، وهذا ما يدشن مساراً للاقتصاد الدائري المستند إلى حماية الموارد.
تحفيز الاستثمارات الخاصة
«بيل فريست»، جراح زراعة القلب والرئة، وزعيم الأغلبية السابق بمجلس الشيوخ الأميركي، ورئيس «المجلس العالمي لمنظمة الحفاظ على الطبيعة»، استنتج في مقال نشرته مجلة «فوربس» خلال أبريل 2023 أن قانون الحد من التضخم لعام 2022 أوضح أنه كيف يمكن للسياسة العامة أن تستفيد من استثمارات خاصة في العمل البيئي. هذا القانون عزز الثقة في استثمارات الطاقة النظيفة وأعطاها الأولوية، وبالتالي تسريع الانتقال إلى السيارات الكهربائية، مما يقلل بشكل كبير مخاطر تتعرض لها العديد من الشركات في إزالة الكربون وخفض الانبعاثات. وبالفعل، فقد ولّد قانون الحد من التضخم ما يقرب من 110 مليارات دولار في مشاريع الطاقة النظيفة المحلية، و86 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة، و51 مصنعاً جديداً أو موسعاً لإنتاج الألواح الشمسية، و10 مصانع جديدة لصنع البطاريات، وأكثر من 100 ألف وظيفة في مجال الطاقة النظيفة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الاستدامة الإمارات المناخ مؤتمر المناخ مؤتمر الأطراف كوب 28 فی دولة الإمارات العربیة المتحدة برنامج خبراء الإمارات النفایات الإلکترونیة الطاقة النظیفة مؤتمر الأطراف إعادة تدویر فی قطاعات على مستوى من خلال فی مجال
إقرأ أيضاً:
إيتيدا تفتح باب التقديم في الدورة الخامسة من معسكر الشركات الناشئة
تعلن هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) عن فتح باب التقديم في الدورة الخامسة من برنامج "معسكر الشركات الناشئة في مصر" الذي ينعقد بالتعاون مع شركة "500 جلوبال" في الفترة من 15 إلى 19 فبراير.
ويستهدف البرنامج الشركات الناشئة في مصر في مراحل ما قبل التأسيس أو التأسيس الأولي، ويهدف إلى تمكين مؤسسي الشركات لاكتساب رؤى وخبرات، وتسريع وتيرة النمو، ووضع خطط قابلة للتنفيذ لمعالجة تحديات مختلفة، ذلك من خلال العمل مباشرة مع مرشدين وخبراء وتنظيم ورش عمل وجلسات توجيه فردية.
ويوفر البرنامج للشركات الناشئة والمبتكرين فرصًا محلية وعالمية من خلال إتاحة النفاذ لبرامج شركة "500 جلوبال" وفعاليات مخصصة وشراكات استراتيجية.
آخر موعد للتسجيل يوم 30 ديسمبر.