صحيفة الاتحاد:
2024-11-18@21:49:49 GMT

الإنسان والطبيعة.. فلسفات جديدة لإنقاذ الكوكب

تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT

الفاهم محمد

أخبار ذات صلة رئيس الوفد الصيني إلى مؤتمر الأطراف في حوار خاص مع «الاتحاد»: «COP28» حقق نتائج مهمة بجهود ودعم قيادة الإمارات ‏COP28 يشهد نتائج أول حصيلة عالمية للشباب لبناء إرث عالمي للعمل المناخي مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

تقف حضارتنا المعاصرة في مواجهة أزمة غير مسبوقة. ظاهرة لم يتمكن الفكر البشري من معاينتها.

إنها الأزمة البيئية والتي تدعى أيضاً بالمشكلة الإيكولوجية. نحن لا نجد، على سبيل المثال، محاورة لأفلاطون تتحدث عن الاحتباس الحراري، ولا مصنفاً لأرسطو يتناول فيه قضية الطاقات المتجددة، ولا تأملاً لديكارت يعالج مأساة الانقراض الجماعي للكائنات.
لأول مرة في تاريخ البشرية، أصبحت الأرض برمتها في كف عفريت. «منزلنا يحترق» تقول الطفلة السويدية المناضلة العالمية من أجل البيئة غريتا تونبورغ. مع ذلك، ليس البيئيون والعلماء هم وحدهم من يجهرون عالياً، بل كل شيء يصرخ اليوم: الأشجار، الحيتان، الحيوانات... الأرض برمتها تئن طلباً للنجدة مما آلت إليه أوضاعها.
نعتقد عادة أننا محصنون داخل مدننا محاطون بجدران الإسمنت التي تحمينا، غير أن الضعف الذي نعيشه، يضرب عميقاً في جذور الحضارة التي نحيط أنفسنا بها. المحاذير كثيرة: ارتفاع نسبة الكربون في الغلاف الجوي، الاضطرابات المناخية، ذوبان القلنسوة الجليدية، ولكن رغم كل هذا يصر البعض على تجاهل التخريب المنهجي لأمنا الأرض. 
نحن أبناء هذا العصر، نجد أنفسنا رهائن للحظة تاريخية غير مسبوقة. لقد ورثنا إرثاً تقيلاً يتطلب الأمر منا، أن نقرر ما يجب أن نفعله بصدده. إرث الميتافيزيقا الغربية التي بلغت أوجها واكتمالها، في المشروع التقني الذي يطمح إلى الهيمنة الشاملة على الكرة الأرضية. لذلك، فما نحن مطالبون به يتجاوز مجرد إجراءات بسيطة وتدخلات محدودة. الأمر يرتبط بإيجاد عالم جديد، حضارة بديلة لهذه الحضارة، التي تعيش المراحل الأخيرة لشيخوختها، أو هي بكلمة واضحة آيلة إلى السقوط، حسب الأطروحة الشهيرة للكولابسولوجيا.
عصر الأنثروبوسين
لم يبخل علينا العلماء بمنح تسمية لهذه الأزمة. الأنثروبوسين The Anthropocene هذا هو المصطلح الذي راج منذ عام 2000، حيث تمكن الحائز على جائزة نوبل بول كروتزن من نحت هذا المفهوم، الذي يدل على أن الأنشطة البشرية، وعلى رأسها تلك المرتبطة بالثورة الصناعية، قد غيرت بشكل ملحوظ التاريخ الجيوفيزيائي للكرة الأرضية. لقد أثار هذا المفهوم في بداية ظهوره بعض الشكوك، لكنه أصبح الآن مقبولاً في المجتمع العلمي. لا يصف الأنثروبوسين الوقائع الآنية فقط، بل أيضاً ما يحتمل أن تعيشه الأرض في المستقبل. على سبيل المثال، توصي جل المؤتمرات البيئية بضرورة تخفيض درجة حرارة الأرض إلى حدود 1.5 درجة مئوية، أو الاستقرار في حدود درجتين على أكثر تقدير. غير أن الدراسات المستقبلية تؤكد أن الأمور ستزداد استفحالاً في المستقبل، إذ من المنتظر أن ترتفع درجة حرارة الأرض، لتصل إلى ما بين 3 و5 بحلول سنة 2100، وهذا من شأنه أن يفاقم الكوارث البيئية التي بدأنا نعيش مقدماتها الآن: الجفاف والاضطرابات المناخية، وانتشار موجات الحرارة، الصيف الطويل كما يحمل عنوان كتاب بريان فاغان. وانخفاض المحاصيل الزراعية، حرائق الغابات واللائحة طويلة. في المحصلة النهائية يمكن التأكيد على أن «ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي ليس مجرد ظاهرة نظرية، ولكنها ظاهرة تم قياسها والتحقق منها، عبر التخصصات العلمية، وترتبط بشكل قاطع بالانبعاثات البشرية».
التنمية المستدامة 
من الحلول الجدية التي تطرح من أجل الخروج من عنق الزجاجة، التنمية المستدامة والمقصود بهذا المفهوم محاولة إيجاد التوازنات الضرورية والأساسية، بين الموارد الطبيعية والأنشطة البشرية، بما يحفظ البيئة بكل مكونتها، ويحفظ كذلك حقوق الأجيال القادمة. ثمة عدة تعريفات قدمت لهذا المفهوم، لكن جلها يركز على ضرورة احترام الأنظمة البيئية، والتعامل معها بشكل متوازن، بما يتطلبه ذلك من ترشيد للاستهلاك، وتخفيض استخدام الطاقة، خاصة الطاقات الأحفورية، واعتماد الطاقات البديلة سواء في عملية التصنيع، أو في الاستهلاك اليومي، كتدفئة المنازل وقيادة السيارات، بل والقيام بتغيير جذري لنمط الحياة المعاصرة.
هكذا تسعى التنمية المستدامة إلى تحقيق مجموعة من الإجراءات، مثل تلك التي تعمل على مكافحة التغيرات المناخية أو الحفاظ على التنوع البيولوجي، سواء في الغابات أو المحيطات، ومكافحة التصحر، وانقراض الحيوانات، والعمل على تشجير الغابات. 
بصورة مجملة، تتحطم أسطورة الذات المطلقة، التي اعتدت بها الفلسفة الأنوارية. ذلك أن التنمية المستدامة لا تهدف فقط إلى البحث عن رفاهية الإنسان، بل أيضاً الحفاظ على هذا العالم الذي يعيش فيه. هذا الأمر يتطلب بطبيعة الحال مراجعة مفهوم الذات الأنوارية المتمكنة، والوعي بأن الكائنات جميعها متساوية في الحق في الحياة. فالإنسان جزأ من الكل، ولا يمكنه أن يتوهم يوماً أنه يعلو على هذا الكل.
بطريقة أخرى، نقول إننا نتجه اليوم إلى بناء فلسفة شمولية، يتقاطع ويتكامل فيها ما هو اقتصادي وسياسي، مع ما هو اجتماعي وبيئي ضمن بوتقة واحدة. هذه الفلسفة الجديدة لم يعد بإمكانها بأي حال من الأحوال تجاهل الطبيعة، ومنح وضع اعتباري خاص للإنسان مقارنة مع بقية الكائنات.
فلسفات جديدة
هناك العديد من الأمثلة على مثل هذه المنظومات الفكرية المستحدثة، التي تحاول أن تؤسس لعلاقة جديدة بين الإنسان والطبيعة، نذكر من بينها فلسفة هانس يوناس الذي يتحدث عن مفهوم موسع للمسؤولية، بحيث لا يضطلع الإنسان بمسؤولية القرارات التي تهم شؤونه الخاصة، بل عليه أن يفكر أيضاً بما يمكن أن يؤول إليه فعله في المستقبل، بحيث لا يتعارض مع حقوق الأجيال القادمة.
لدينا أيضاً فيلسوفة البيئة الأميركية راشيل كارسون، صاحبة الكتاب الشهير: «ربيع صامت»، والتي ينسب لها وضع اللبنات الأولى لما سيعرف لاحقاً بعلم البيئة المتقدم. تؤكد كارسون في هذا الكتاب أن المبيدات الحشرية التي استعملها الإنسان لعقود طويلة، قد ألحقت أضراراً جسيمة بالتوازنات البيئية. وبما أن جل الكائنات الحية مترابطة ضمن السلسلة الغذائية، فإن هذه المبيدات الحشرية لابد أن ينتهي بها المطاف إلى الاستقرار داخل جسم الإنسان والمس بصحته. ليس هناك شيء ثانوي في الطبيعة، سواء كان من النباتات أو الكائنات الحية. كل شيء له مكانته ودوره الحيوي الذي يجب أن يصان ويحترم. تقول الكاتبة: «هذه النباتات ليست «أعشاباً ضارة» إلا بالنسبة لأولئك الذين يكسبون المال من مبيدات الأعشاب الكيميائية».
في السياق نفسه، يذهب الفيلسوف النرويجي أرون ناييس، صاحب مفهوم الإيكولوجيا العميقة، فهو لا يتوقف فقط عند إيجاد التدابير اللازمة لمكافحة الخراب الذي أحدثه التلوث على النظم البيئية، بل يذهب إلى ضرورة مراجعة الأسس الفكرية والحضارية التي قادتنا إلى ما نحن عليه اليوم. فمعالجة المشاكل البيئية بالنسبة له ليست مجرد إجراءات تقنية، بل هي أكثر من ذلك بكثير، إذ تتطلب تغييراً عميقاً في نمط الوعي البشري.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات المناخ مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ الاستدامة الاحتباس الحراري كوب 28 التنمیة المستدامة هذا المفهوم

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء يتفقد جناح المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"

 زار الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ومرافقوه، جناح المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"، وذلك خلال جولته بمعرض ومؤتمر مصر الدولي للتكنولوجيا للشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT’24” تحت شعار"The Next Wave ".

 وخلال تواجده بجناح المبادرة، أكد رئيس مجلس الوزراء أن الدولة تستهدف من هذه المبادرة، التي يأتي تنفيذها بتوجيه من  الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، تكثيف عمل الجهات الحكومية، والجهات الشريكة؛ من أجل تحسين مؤشرات التنمية البشرية واستعادة الشخصية المصرية الحقيقية، موضحا أننا نسعى إلى أن يشعر المواطن بالمردود الإيجابي في فترة قصيرة، وذلك من خلال التعاون والتنسيق بين جميع أعضاء المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والأمانة الفنية للمجموعة الوزارية والمعنية بالرقابة على تنفيذ أهداف المبادرة وفقًا للمستهدفات المحددة، التي شاركت في رسم خارطة طريق للمواطن المصري نحو التنمية الذاتية والصحية والتعليمية والرياضية والثقافية والسلوكية.

فيما أشار الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، إلى أن المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان" يشارك فيها جميع أجهزة الحكومة والوزارات المعنية، إضافة إلى المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، لافتا إلى أن المشروع القومي للتنمية البشرية يستهدف رفع مؤشرات التنمية البشرية، وتطوير الخدمات الحكومية، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، موضحًا في الوقت نفسه أن برامج المشروع القومي للتنمية البشرية تتضمن (الأم والجنين، والأطفال، والشباب، والكبار، وكبار السن ما فوق ٦٥ عامًا، وتحسين جميع مؤشرات الصحة العامة للمواطنين بمختلف أعمارهم).  

 وحول جناح المبادرة بالمعرض، أوضح الدكتور خالد عبد الغفار أن هذا الجناح يقدم تجربة تفاعلية فريدة تسلط الضوء على دور التكنولوجيا والبيانات في تعزيز التنمية البشرية من خلال محاكاة مبتكرة.

وفي هذه الأثناء، استعرض الدكتور خالد عبدالغفار طرق وأساليب مساهمة المبادرة في تحسين التعليم، والصحة، والتشغيل والطفولة المبكرة عبر التكامل بين المؤسسات الحكومية؛ حيث يوفر الجناح للزوار فرصة لاكتشاف حلول عملية تسهم في بناء مستقبل أكثر شمولاً واستدامة، كما تم إلقاء الضوء على أهمية المبادرة في استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، من خلال التشخيص الطبي الدقيق أوالتوعية الصحية للمرضى، وتوقف رئيس الوزراء عند أحد النماذج لهذا التطبيق واطلع عليه.

وخلال تواجده بجناح مبادرة " بداية " أيضا، اطلع رئيس الوزراء على نموذج لما يطلق عليه " بداية ذهبية"، حيث أوضحت/ منى زغلول، منسق رياض الأطفال في مبادرة " بداية" أن هذا النموذج يختص بتنفيذ حضانات للأطفال من عمر سنة إلى 6 سنوات، تقوم فكرته على تعليم الأطفال في هذه السن المبكرة كيفية استخدام التكنولوجيا وتعلم البرمجة، بجانب تعليم الأدوات التقليدية، موضحة أنه يمكن تعميم هذا النموذج في مناطق عديدة، وفي هذا الصدد تم التنويه إلى أن وزارة العدل قامت بتنفيذ أول حضانة متكاملة من هذه النوعية من الحضانات لخدمة الموظفين.

كما اطلع رئيس مجلس الوزراء خلال تواجده بجناح مبادرة " بداية" على نموذج " مدرستنا"، حيث استمع لشرح من الدكتور أحمد ضاهر، نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عن تجربة محاكاة لنموذج " مدرستنا" التابعة للقنوات التعليمية، والذي يقدم البرامج التعليمية والأنشطة الأخرى باستخدام الذكاء الاصطناعي.

مقالات مشابهة

  • ضمن «بداية جديدة».. 915 مواطنًا يستفيدون من قافلة طبية بأبو قرقاص
  • بايدن: الطاقة النظيفة تحمي الكوكب والأجيال المقبلة
  • برلماني: قانون لجوء الأجانب خطوة جديدة لإنجازات مصر في ملف حقوق الإنسان
  • نائب: قانون لجوء الأجانب خطوة جديدة لإنجازات مصر فى ملف حقوق الإنسان
  • رئيس الوزراء يتفقد جناح المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"
  • الشمس أيضا تمتلك دوامات قطبية شبيهة بالأرض
  • عالم يكشف عن المخلوق الذي “سيحكم الأرض” في حال انقراض البشرية!
  • نظرية جديدة صادمة حول أصل القمر
  • تعليم أسوان تنظم ورشة عمل "المعلم الموهوب" ضمن مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"
  • طيارون أمريكيون يكشفون تفاصيل جديدة عن هجوم إيران على إسرائيل