تكرار الحج أم التصدق على الفقراء.. أيهما أفضل؟ دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (أيهما أفضل تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين؟
استشهدت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، بقول الله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: 125]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» رواه أحمد، وقال صلوات الله وسلامه عليه وآله: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ» متفق عليه.
ذكرت دار الإفتاء، أن معنى الآية الكريمة السابقة: أن الله تعالى جعل البيت الحرام مثابة للناس يعودون إليه شوقًا بعد الذهاب عنه أي أن الله جعله محلًّا تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه ولا تقضي منه وطرًا ولو ترددت إليه كل عام؛ استجابة من الله تعالى لدعاء إبراهيم عليه السلام في قوله: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [إبراهيم: 37]، إلى أن قال: ﴿رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ [إبراهيم: 40]. فهناك تطمئن الأفئدة وترتاح النفوس وتزول الهموم وتتنزل الرحمات وتغفر الزلات.
أوضحت، أن معنى الحديث الأول: أن الحج فرض على القادر المستطيع مرة واحدة في العمر، فمن زاد فتطوع ونافلة في التقرب إلى الله، وكذلك العمرة مطلوبة في العمر مرة وتسمى الحج الأصغر وهي في رمضان أفضل لمن أرادها دون حج، ولا يكره تكرارها بل يندب ويستحب تكرارها للحديث الثاني: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ.. إلخ» متفق عليه. لأنها كما ورد تمحو الذنوب والخطايا. وقد أداها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربع مرات.
أما بشأن التصدق على الفقراء والبائسين: فقد روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رواه مسلم، وقال الله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].
وتابعت: مما سبق: يتبين أن الحج والعمرة ليسا واجبين على السائل بعد أداء الحج والعمرة الأولين، بل يكونان تطوعًا ونافلةً في التقرب إلى الله، وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالى في توجيه عباده إلى فعل الخير على أساس تقديم الأهم والأصلح، وذلك يقتضي بأن يقدم السائل وأمثاله مصالح وحاجات إخوانه المسلمين المعدمين الذين هم في مسيس الحاجة إلى ما يؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية، فليس لله حاجة في الطواف ببيته من شخص يترك إخوانه البائسين فريسة للفقر والجهل والمر.
أكدت أن المسلمين جميعًا يجب أن يكونوا يدًا واحدةً يتعاونون على البر والتقوى، وإذا تألم عضو من جماعة المسلمين يجب على إخوانه المسلمين أن يتجاوبوا معه ليزيلوا ألمه أو يخففوا عنه، وإننا نرى أنه من الأولى بالأخ السائل ما دام قد وفقه الله وأدى حجة الإسلام مرة، فأولى به أن يوجه ما يفيض عن حاجته إلى أوجه الخير والإنفاق على الفقراء والمساكين.
وقالت، فإن يسر الله عليه واستطاع أن ينفق في وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة مرة بعد مرة فلا مانع شرعًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الحج العمرة الفقراء صلى الله علیه وآله وسلم على الفقراء دار الإفتاء الله تعالى ال ق ی ام ة ال ع م ر ة
إقرأ أيضاً:
حكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام الست من شوال.. الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء إن من أكل أو شرب ناسيا أثناء صيام الست من شوال، فإن صيامه صحيح شرعا، ولا يترتب عليه قضاء أو كفارة، موضحة أن صيام هذه الأيام من السنن المستحبة، كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر»، كما رواه مسلم.
جاء ذلك في رد «الإفتاء» على سؤال حول حكم من أكل أو شرب ناسياً وهو صائم، وما إذا كان هناك فرق بين صيام الفرض والنفل، حيث استندت الدار إلى حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (رواه مسلم)، وكذلك ما رواه الدارقطني: «إذا أكل الصائم ناسياً أو شرب ناسياً فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه».
وشددت الدار على أن تلك الأحاديث تُعد دليلاً واضحاً على صحة صيام من أكل أو شرب ناسياً، وأنه لا يجب عليه القضاء، مشيرة إلى أنه لا فرق في ذلك بين صيام الفريضة كرمضان، أو صيام النفل كالست من شوال، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة.
من جانبه، أوضح الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، أجمعوا على أن من أكل أو شرب ناسياً، فإن صومه لا يفسد، سواء كان ذلك في فرض أو نفل، وسواء أكان الطعام أو الشراب قليلاً أو كثيراً.
واستدل عاشور بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من أكل ناسياً وهو صائم فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (رواه البخاري ومسلم)، بالإضافة إلى قول الله تعالى: «وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً» [الأحزاب: 5]، وقوله: «ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا» [البقرة: 286]، وهي الآية التي ورد في الصحيح أن الله قد استجاب لها.
كما أشار إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه» (رواه ابن ماجه والبيهقي عن ابن عباس)، مؤكداً أن هذه النصوص تدل بوضوح على أن من أكل أو شرب ناسياً، فصومه صحيح ولا إثم عليه.