موقع النيلين:
2025-04-29@04:41:23 GMT
????المعقول واللاّ معقول في العلاقات الدبلوماسية (44) لندن (7)
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
السفير عبد الله الأزرق يكتب:
????المعقول واللاّ معقول في العلاقات الدبلوماسية (44)
لندن (7)
الذي يفرّق ويُمَيّز بين الدبلوماسي المهني الناجح ونقيضه، هو المبادأة والمبادرة والابتكار والتصدي.
ومن ثم فإن الذي يقبع في مكتبه منتظراً توجيهات الرئاسة أو قيادة الوزارة، سيبقى عبئاً على المهنة، ظالماً لبلده الذي شرّفه بتمثيله.
وقد سجّل التاريخ العالمي وتاريخ الدبلوماسية السودانية مبادرات لسفراء نحتوا لأنفسهم سجلاً من فَخَار.
ويعرف تاريخ الدبلوماسية العالمية السفير الأميركي جورج كينان George Kennan صاحب سياسة الاحتواء المزدوج Dual Containment Policy، التي تبناها الرئيس ترومان وأصبحت إرثه ( Truman Legacy ) بل غدت تمثل سياسة أميركا تجاه الاتحاد السوفيتي حتى انهياره، إذ واصلها الرؤساء بعد ترومان.. وهكذا عُرف كينان كسفير غير التاريخ بل غير الجغرافيا السياسية لبلاد كثيرة وغير أنظمة . وسبق أن أشرنا لبعض لهذا.
مما يجدر ذكره أن كينان نشر مبادئ سياسة الاحتواء باسم مستعار هو (X) في مجلة فورن بوليسي، أول الأمر؛ كما أنه انتقد تطبيقات أميركا لسياسة الاحتواء المزدوج فيما بعد، وقال: إنها لا يمكن تطبيقها على كل الدول التي ترغب أميركا في إرْكَاعِهَا؛ ولا يمكن تطبيقها بالوسائل العنيفة فقط، وأنه لا مندوحة من استخدام المقاربات السياسية.
ورغم ذلك طبقتها أميركا بكل جفائها وغِلظتها، على كوبا وكوريا الشمالية والعراق والسودان وإيران وغيرهم.
وفي السودان، تحمد الدبلوماسية السودانية لوكيل الخارجية الأسبق السفير عمر بريدو، مبادرته بفكرة منظمة الإيقاد IGAD.
وتحمد للسفير علي يوسف أنه أبو مشروع البترول السوداني عبر إقناعه الصينيين.
وتحفظ للسفير عبد المحمود عبد الحليم أستاذيته في الدبلوماسية كفن ؛ وكذلك تعليمه للدبلوماسيين كيف يكونون مثالاً لثقافة وطن يمجد العِزّة ويَعْتَدُ بالكرامة ، ويأبى الخنوع والضَيْم .
وكان للرعيل الأول من الدبلوماسيين بصمات في علاقات السودان الخارجية. ويتحدث قدامى السفراء عن السفير عمر عديل ودوره في دعم حركة التحرر في الكنغو والدول الأفريقية الأخرى، حتى أصبح رقماً في الأمم المتحدة في نيويورك.
ولكن لأننا نعمل بسياسة: “كل ما جاءت أمةٌ لعنت أختها” فُصل ذلك السفير العظيم بعد ما سميناه ثورة أكتوبر، واعتبر من فلول نظام عبود.
وهي سياسة بائسة، وداء وبيل لم نبرؤ من ويلاته حتى اليوم.
ليس من المهم أن يبلغ الدبلوماسي درجة السفير ليبادر ويبتكر. فقد حفظت ذاكرة الخارجية أن المستشار (وقتها، ثم محافظ الخرطوم، ثم السفير في زمن الإنقاذ) مهدي مصطفى الهادي، كان هو من لعب دوراً أساسياً في إقامة السودان علاقات مع الصين. وكانت مبادرته هي العامل الذي مكن وزير الخارجية أحمد خير، وزير خارجية نظام الجنرال عبود، من هندسة علاقات مكنت عبود من الجمع بين المتناقضات؛ فزار عبود الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وبريطانيا. وزار السودان بريجنيف، وزاره تيتو رئيس يوغسلافيا، وشوان لاي نائب ماو تسي تونج؛ واعترف السودان بجمهورية الصين عام 1959 وأقام علاقات معها.
وكان للمستشار طارق فضل، فضل المبادرة باقتراح فتح سفارتنا في تايلاند.
ومثل هذا كثير.
وقد بادرتُ وأنا سكرتير أول بسفارتنا بالرياض بتمديد تقديم المعاملات القنصلية من الساعة 12 ظهراً حتى الساعة 3 عصراً. وكان المغتربون يعانون أشد العناء من قفل الخزينة الساعة 12 ظهراً وإيقاف تقديم المعاملات؛ خاصة أولئك الذين يأتون من مدنٍ بعيدة ولم يسمح لهم الكفيل إلاّ بغياب يومٍ واحدٍ.
وبادرت عام 1996 بإنشاء صندوق التكافل بوزارة الخارجية؛ الذي يمنح كل العاملين ما هو أكثر من مرتباتهم الشهرية؛ ويتواصل لست سنوات بعد التقاعد.
وأسهم ذلك في عون كل الموظفين خاصة أن رواتب الخارجية ضعيفة.
وأفاد ذلك العمال وصغار الموظفين خاصةً.
ولايزال الصندوق يواصل عمله؛ فقط أوقفته الحرب الحالية.
وتبنت وزارة الخارجية اقتراحي بترفيع القنصلية العامة في بلغاريا إلى سفارة.
وكان للوجود الدبلوماسي السوداني بصوفيا فوائده على السودان، خاصة فيما يتعلق بإنشاء السودان لستة مصانع حربية سدت حاجة القوات المسلحة لكثير من احتياجاتها؛ بل أصبح السودان يصدر بعض انواع السلاح فيما بعد.
كما تبنت وزارة الخارجية مبادرتي بفتح سفارة للسودان بأيرلندا؛ وكنت اقترحت فتح تلك السفارة منذ كنت سفيراً ببريطانيا، ثم تابعت الأمر من بعدُ؛ وذلك لأن الجالية السودانية بأيرلندا كانت تعاني أشد العناء؛ إذ يضطرون للسفر للندن – التي كانت تغطي أيرلندا – لقضاء أصغر معاملة قنصلية، ويكلفهم هذا مالاً وجهداً وزمناً.
وحين كنت وكيلاً للخارجية جعلت العاملين في سفاراتنا في مناطق شِدّة يستمتعون بإجازتين في العام. وحصرناها ذلك الوقت في ست سفارات.
وحين كنت مسؤولاً عن عملية شريان الحياة في نيروبي قمت بعدة مبادرات خففت من غلواء وتحيز موظفي المنظمات الدولية، الذين يديرون العملية، وعظّمت مكاسب السودان من العملية.
وبادرت بمنح كل من يقدم عملاً طوعياً أو خيرياً للسودان تأشيرة دخول إكرامية Gratis في كل السفارات التي كنت سفيرا فيها؛ وطبقت ذلك كمثال على القوافل الطبية الذاهبة لعلاج أهلنا في السودان تطوعاً ؛ وعلى الإنجليز الذين يتطوعون لتدريس الإنجليزية في السودان . وجرى تبني هذا الاتجاه من بعدي حتى أصبح تقليداً راسخاً في البلاد التي عملت بها.
ولعديد من السفراء والدبلوماسيين مبادرات وابتكارات في العمل الدبلوماسي السوداني أفادت السودان اقتصادياً، أو عرفت به ثقافياً، أو قوّته سياسياً على النطاق العالمي، وصدت عنه مشكلات واستهدافات.
وفي لندن كان مجلسا العموم واللوردات قلعة محصنة ضد وجهة النظر السودانية.
وكان أعضاء المجموعة البرلمانية الخاصة بالسودان المسماة All-Party Parliamentary Group في قسوة الوحوش في كل شأن سوداني.
وكان أساطينها لورد إلتون والبارونة كوكس والبارونة كينوك والايرل أوف ساندوتشت واللورد جيقدي ، ويرأسها وليم بين Bain .
وقد وجدت أن المعارضة السودانية وحركة قرنق قد لعبت بهذه المجموعة وأعمتها من أن ترى أي حق لدينا؛ فقد حشوها بادعاءات الرق (الذي روّجته منظمة التضامن المسيحي التي ترأسها البارونة كوكس) واستخدامنا للأسلحة الكيماوية التي لا نملكها، واضطهاد السودان وقتله لكل من يعارض الحكومة، وسلب حقوق المسيحيين!!
بدأت بمخاطبة المجموعة عبر الرسائل.
وفي ردودهم كانت تصلني بعض رسائل موغلة في العداء.
فقررت أن ألجأ للمواجهة المباشرة؛ وطلبت لقاءات معهم للحوار..
وكانت حوارات ساخنة؛ خاصة مع كوكس التي تسللت إلى جنوب السودان دون تأشيرة من حكومة السودان. وكانت مواجهتها بهذا الخرق غير القانوني صادماً لها ومُضْعِفَاً لحجتها.
السفير عبد الله الأزرق
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الكوارث الطبيعية والحروب وتأثيرها على عمل الإعلام في السودان
تقرير خاص سودانايل: قد لا يوجد تأثير مباشر للفيضانات والجفاف على عمل الإعلام بشكل واضح كما في حالة الحروب لذلك نجد أن الإعلام في معظمه يتم في نطاقات خارج دائرة كوارث الفيضانات والجفاف... فالفيضان في السودان في الغالب يؤثر على نطاق محدود هو النطاق النيلي وخاصة الزراعي، وعلى المساكن في الولايات الكبرى مثل الخرطوم التي تبنى بشكل غير مخطط... من المعروف أن مدن ولاية الخرطوم (العاصمة) وطوال امتداد حرب الجنوب وحرب دارفور ظلت تستقبل اعدادا معقولة من النازحين اضطر معظمهم للسكن في حرم الأنهار وفي مساكن ليست بها أدنى مقومات القدرة على الصمود.هنالك تأثير يمكن أن يكون مباشر على قطاع واسع من العاملين في الإعلام نتيجة تساقط الأمطار والسيول في مناطق سكنهم فغالبية الصحفيين يسكنون في مدينة الصحفيين وهي منطقة بعيدة من وسط الخرطوم تم توزيع أراضيها على مجموعة كبيرة من العاملين في الإعلام والصحافة حيث تتقطع بهم السبل أثناء السيول والأمطار لأنها منطقة سكنية منخفضة تتجمع فيها مجاري السيول التي تجرف المنازل أحيانا ولا توجد بها خدمات متكاملة مثل الاحياء في وسط الخرطوم.
أما الجفاف فهو يعتبر كارثة ماحقة في السودان لأن تأثيره يمتد لسنوات وهو أكبر مسبب لموجات النزوح وغالبا ما يؤثر على أنماط الإنتاج وعمليات الاستقرار في المدن الكبرى لأنه يدفع بالكثير من سكان القرى الذين يفقدون وسائل سبل كسب معيشتهم وينزوحون للمدن الكبرى مما يؤثر على الاستقرار وتتزايد على الأثر معدلات الجريمة... بالإضافة الي أنه ينقل طابع الريف للمدن وقبيل الحرب الحالية كان يصدق القول على مدينة الخرطوم أنها عاصمة تم ترييفها وبالتالي تأثرت كل أشكال الخدمات فيها بما في ذلك الإعلام.
التغطية الاعلامية لقضايا البيئة والمناخ
معروف ان الإهتمام بقضايا البيئة يرتبط بمستوى الوعي الجمعي.. كما أنه يرتبط أيضا بمعدلات الفقر، ولما كانت نسبة الفقر مرتفعة للغاية نتيجة للتشوهات الاقتصادية فإن عملية الإهتمام بالبيئة يظل أمر ثانوي جدا بالنسبة لمتخذي القرار ويمكن هنا أن نلاحظ ظاهرة في منتهى الخطورة البيئية وهي تنامي انشطة ما يسمى بالتعدين الأهلي وهو من أكثر النشاطات الضارة بالبيئة وقد غضت الدولة نظرها عن هذه الظاهرة ولم تعمل على مكافحتها بل بالعكس وجد التعدين العشوائي للذهب تشجيع مبطن وأحيانا ظاهرا من الدولة خاصة في الولاية الشمالية ونهر النيل وولاية جنوب كردفان وأحدث إستخدام السياني والزئبق خسائر وأضرار بشرية مباشرة خاصة على المعدنين أنفسهم. وقد كان تناول الإعلام لهذه الظاهرة تناولا شكليا في بعض التغطيات المتفرقة وهي تغطية خجولة لا ترقى لمستوى بث الوعي المجتمعي ناهيك عن مكافحة الظاهرة.. ويعزى ذلك لتوجهات الحكومة في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي لم يكن فيه الإعلام يتمتع باي قدر من الحرية.
دور الإعلام في التوعية بالتغيّر المناخي
من المفترض أن يلعب الإعلام دوراً مهماً تبصير المجتمع وارسال رسائل تحذيرية للمواطنين لأنه شريك في عملية إدارة الكوارث بكل مراحلها وعليه تقع مسئولية التبصير والتوجيه من خلال ما يبثه من رسائل تحذيرية أو تطمينية، ولكن بكل أسف توجد فجوة كبيرة بين خبراء الحد من مخاطر الكوارث والاعلامييين خاصة الاعلام الرسمي من اذاعات وتلفزيون وقنوات فضائية والذي بكل أسف جل اهتمامه هو البعد السياسي ولا توفر الدولة أية امكانيات مادية أو بشرية للاعلام البيئي أو تدرب اعلاميين متخصصين في المجال البيئ.
فالإعلام في السودان للأسف الشديد اعلام غير متخصص ويركز جل اهتمامه على القضايا السياسية اليومية وبالرغم أن قضية التغير المناخي في السودان قضية مهمة وقد تأثرت به معظم ولايات البلاد الا انه لم يلق الإهتمام والتغطية الاعلامية الكافية.. ونجد على سبيل المثال أن عملية التغيرات المناخية أثرت على معظم ولايات السودان تأثيرا كبيرا خاصة في النواحي الزراعية والحيوانية، إلا أن الإعلام اهتم أكثر بإفرازات الظاهرة كالحرب والقبائل المؤثرة والمتأثرة بها أكثر من الولوج لعمق الظاهرة المتمثل في التغيرات المناخية.
الإعلام ودوره في تسليط الضوء على العلاقة بين النزاعات والضغوط البيئية (مثل النزاع على الموارد؟)
يعتبر السودان نموذج للدولة التي تجري فيها النزاعات على الموارد بشكل كبير فمعظم النزاعات التي نشبت في السودان كان عنوانها الابرز مرتبط بقسمة الموائد وذلك لأن السلطة السياسية في السودان ذات طابع مركزي وتهيمن على معظم واردات الأقاليم، ولا تقوم بعمليات تنمية حقيقية لتلك المناطق المنتجة للموارد الطبيعية ويعزى ذلك لعامل أساسي وهو طبيعة السلطة القابضة التي تتطلب انفاقا أمنيا متزايدا.. وهذا الأمر بالتحديد ما حدى بالكثير من الجماعات على التمرد على الدولة وحمل السلاح.. في مثل هذه البيئة بالتأكيد يصعب الحديث على فكرة استدامة الموارد لذلك ظل الطابع العام هو استنزاف الموارد لا إستدامتها.
الممارسة الصديقة للبيئة في عمل المؤسسات الإعلامية
لا توجد اي ممارسات جيدة مستقرة أو أي نظام SOP Standing Operations Procedures لعمل الإعلام فيما يلي التعامل مع البيئة، ونتيجة لكثرة انقطاع التيار الكهربائي فإن معظم الصحف في السودان لديها مولدات كهرباء خاصة بها ومعظم هذه المولدات قديمة ومتهالكة وربما تشتريها المؤسسة الاعلامية بعد أن يكون قد تم استخدامها من قبل second hand وهذه المولدات تعمل على انبعاث ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير وهو احد اكبر عوامل التلوث في السودان وهذا يشمل أيضا كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة.
في الآونة الأخيرة وخاصة أثناء هذه الحرب اتجهت معظم الصحف التي لم تتوقف عن الصدور لأن تكون صحف إلكترونية وهذه في حد ذاتها تطور إيجابي لأن الصحف الالكترونية لحد كبير صديقة للبيئة ولا تستخدم الطاقة بصورة كبيرة.
الإعلام ودوره الهام في مرحلة ما قبل وبعد الكارثة
للاعلام دوره الهام قبل وحدوث الكوارث الطبيعية والحروب فقبل وقوع الكارثة يلعب الاعلام دورا هاما في التبصير بأبعاد الكارثة وكيفية تلافيها والحد منها باتباع الارشادات المطلوبة وهذه الخطوة من شأنها تعزيز قدرات أفراد المجتمع وجعلهم ذا مرونة وقدرة عالية لمواجهة الكارثة.
أما دور الإعلام أثناء الكارثة له أهميته القصوى في الحد من الخسائر في الأرواح والممتلكات والتخفيف من حالات الصدمات النفسية وبث الأمن والطمأنينة وتهدئة الرعب والخوف في النفوس وإزالة عوامل الفزع مع إبراز أهمية دور النفير والتطوع وظهر ذلك جليا في الدور الهام الذي قامت به (التكايا) أثناء هذه الحرب وهي عبارة عن موائد أطعام تكفل بها بعض المواطنين خاصة من ابناء السودانيين بالخارج وبعض الميسورين من الداخل ولا زالت تقوم بها من تقديم وجات غذاء متكاملة للمواطنين الذين فقد معظمهم كل ما يملكون من ممتلكات واصبحوا لا يملكون قوت يومهم وقد ساهمت هذه الموائد كثيرا في تخفيف المعاناة عن المواطنين بل انقذت أرواح العديد من المواطنين من الموت جوعا خاصة وسط الاطفال والنساء وظهر ذلك جليا من خلال الطوابير الطويلة التي يقفها المواطنين انتظارا لدورهم في الحصول على وجبة، كما شملت (التكايا) برامج ترفيهية وتنويرية مثل الغناء والمسرح وألعاب للاطفال مما خفف كثيرا على المواطنين.
كان من المفترض أن يلعب الاعلام دورا حاسما في التصدي للشائعات السالبة من طرفي الحرب وتنوير المواطنين بحقيقة ما يحدث بكل تجرد، وأثناء هذه الحرب تلاحظ انقسام الإعلام إلى طرفي نقيض، طرف يعمل بموضوعية وتحرى الدقة والشفافية في نقل المعلومة من مصادرها الأصلية وتوخي البعد الإنساني في نقل وتحليل الأخبار ومراعاة المصلحة الوطنية وهو طرف بكل اسف محدود ومنبوذ من طرفي الحرب ومطارد وملاحق ومغلوب على أمره وقد دفع بعض الصحفيون أثمانا غالية نتيجة لذلك بل تعرض بعضهم للاغتيال والسجن والتعذيب ومصادرة ممتلكاته وبعضهم دفعت أسرهم الثمن خاصة الذين يعملون من خارج السودان، وطرف اخر من الاعلاميين ينساق ويسوق ويصور حسب ما تمليه عليه الجهة التي تخدمه وتصرف عليه وتوفر له الحماية والامتيازات وهذا الطرف بكل اسف يقدم خدمة مضللة لا علاقة لها بالاعلام ولا بالمهنية ولا بالاخلاق وهنا تكمن الكارثة ويدفع ثمن ذلك المجتمع أرواحا وممتلكات.
أما دور الاعلام المفترض بعد الكارثة هو شحذ الهمم والتعافي النفسي لدى الفرد والمجتمع الذي هو في امس الحاجة لذلك لتجاوز اثار الكارثة والإنتقال من مرحلة الدمار النفسي والعيني الى التماسك والإعمار وهذا الدور ضعيف جدا أو يكاد يكون معدوما بكل أسف ونأمل أن يلعب الاعلام دوره هذا عقب انتهاء الحرب والتي لا يظهر في الافق ما يشير إلى قرب انتهاءها.