القدس المحتلة – مع دخول العدوان على قطاع غزة الشهر الثالث، يواصل الإسرائيليون البحث عن ملجأ في الخارج وتحديدا في أوروبا، خاصة مع إقبالهم على شراء العقارات في عدة دول أوروبية، وأظهرت معطيات سلطة الهجرة والسكان أن نحو 370 ألف إسرائيلي غادروا البلاد منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وسلط تقرير لصحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الضوء على ظاهرة اهتمام العائلات الإسرائيلية بشراء العقارات والمنازل في الخارج وتحديدا في أوروبا، وهو الاهتمام الذي اتسع مع استمرار العدوان على قطاع غزة.

وهاجر نحو 230 ألفا و309 إسرائيليين منذ بداية العدوان حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في حين غادر نحو 139 ألفا و839 خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حسب معطيات سلطة الهجرة والسكان التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية.

هروب من الحرب

تشير تقديرات الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، إلى أن أكثر من 500 ألف إسرائيلي غادروا البلاد خلال العدوان المتواصل، وهو أكبر من عدد العائدين والمهاجرين الجدد. ورجح الموقع أن أعداد المغادرين مرشحة للارتفاع، خصوصا أن هناك العديد من الإسرائيليين الذين عاشوا في الخارج قبل العدوان، أو سافروا إلى الخارج خلال العطلات الأعياد اليهودية في سبتمبر/أيلول الماضي.

في حين خفض العدوان على غزة بشكل كبير استقدام اليهود، فمنذ بدء العدوان وصل إلى إسرائيل نحو 2000 مهاجر فقط، مقارنة بنحو 4500 في المتوسط شهريا قبل العدوان، وهو ما يشير إلى انخفاض أكثر من 70% في معدلات الهجرة إلى إسرائيل، بحسب المحرر في الموقع الإلكتروني تاني غولدشتاين.

وعززت هذه التقديرات والتحليل للبيانات والمعلومات التي أجراها غولدشتاين، ما وثقته أيضا الصحفية شلوميت لين في تقرير لها في صحيفة "ذا ماركر".

تزايد مغادرة الإسرائيليين نحو أوروبا ترافق تراجع هجرة اليهود إلى إسرائيل بنسبة 70% تقريبا (شترستوك) من عسقلان إلى البرتغال

انضمت جولي (34 عاما) إلى الجالية الإسرائيلية في البرتغال قبل بضعة أيام فقط، مباشرة من عسقلان بعد أن هربت منها بسبب الحرب على غزة، وليس لديها أي نية للعودة للعيش في البلاد، بحسب ما نقلت عنها صحيفة "ذا ماركر".

وسردت جولي تجربتها قائلة "لقد هاجرت إلى إسرائيل مع والدي عام 1995 من فرنسا إلى عسقلان، التي ما زالت في مرمى النيران والصواريخ التي تطلق من غزة، حيث هربت منها وعادت إلى هناك عدة مرات، والآن حصلت على وظيفة في لشبونة، كمشرفة على فلترة للمحتوى المسيء والعنيف باللغتين العبرية والإنجليزية على إحدى القنوات بالشبكات الاجتماعية".

وتقول شلوميت لين إن "الإسرائيليين الذين فروا من البلاد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي شرعوا بالبحث -بالفعل- عن إمكانية شراء العقارات باليونان وقبرص والبرتغال، ليس فقط للاستثمار، ولكن أيضا للعيش والاستقرار، إنهم يريدون العيش بالقرب من مجتمع إسرائيلي، ويبحثون عن فرص عمل".

ومثل جولي -وفقا للصحيفة- هناك الكثير ممن غادروا إسرائيل، لفترات طويلة أو قصيرة، ويعيشون في خيارات إيجار مختلفة، والسؤال الكبير هو ماذا سيفعل الإسرائيليون الذين يستطيعون شراء شقة، هل سيستمرون في التدفق إلى اليونان وقبرص والبرتغال كما فعلوا قبل الحرب؟.

شراء منازل بالخارج

عندما وصلت عائلة فيتال وعومر لفئي، صاحبا شركة استثمارات عقارية، إلى بورتو في البرتغال قبل 6 سنوات، كانت واحدة من 5 عائلات إسرائيلية هناك، ومنذ ذلك الحين وتوافد آلاف الإسرائيليين إلى البرتغال في ارتفاع.

خلال الحرب على غزة، جاء كثير من الإسرائيليين إلى اليونان وقبرص والبرتغال، لكن يبدو لي -تقول فيتال- إنهم "جاؤوا بشكل أساسي للهروب، ولاستئجار شقة مدة شهر أو شهرين ومعرفة ما سيحدث، بعضهم وخاصة أولئك الذين جاؤوا من غلاف غزة والنقب الغربي، حصلوا على شقق مجانية في بورتو من المستثمرين، وبينهم من يستفسر عن سبل توطينهم بالبرتغال".

وبشأن عودة الاهتمام الإسرائيلي بشراء العقارات في الخارج، استشهدت صحيفة "ذا ماركر" باستطلاع أجرته مجموعة رسم الخرائط الجغرافية للمركز العقاري في سبتمبر/أيلول الماضي، إذ أظهرت النتائج أن نحو 20% من الأسر في إسرائيل أصبحت مهتمة بشراء شقة خارج البلاد.

ويفسر ذلك أساسا بتصاعد التوتر الأمني مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والأزمة السياسية بسبب التعديلات على الجهاز القضائي الإسرائيلي، حيث كانت الاستثمارات العقارية في الخارج لافتة قبل العدوان، وكانت اليونان الأولى من حيث عدد المهتمين نحو 38%، تليها الولايات المتحدة الأميركية 30%، ثم قبرص والبرتغال.

خيارات العمل والإقامة الدائمة

بعد شهر من العدوان، عادت مكاتب العقارات للإسرائيليين بالخارج إلى تلقي 4 إلى 10 استفسارات يوميا من الأطراف المعنية والعائلات الإسرائيلية لشراء عقارات بالبرتغال واليونان وحتى في قبرص.

وقبل أن يتحدث كثير من الإسرائيليين بشكل أساسي عن الاستثمار في العقارات والشقق السياحية، أصبحوا الآن "يبحثون عن شقق تحتوي على 3-4 غرف، والتي يمكن أن تناسب عائلاتهم أيضا"، بحسب نير شمول الرئيس التنفيذي لشركة عقارية في أثينا أثناء حديث له لصحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية.

وأشار شمول، حسب المصدر ذاته، إلى أنه "خلال الحرب على غزة انتقل العديد من الإسرائيليين للعيش في شقق سياحية في أثينا وقبرص والجزر اليونانية وبورتو ولارنكا (في قبرص) وأيضا كوبنهاغن في تايلاند، حيث توجد جالية إسرائيلية كبيرة".

والآن ومع دخول الحرب الشهر الثالث، أضاف شمول، في التصريح ذاته، أن مئات العائلات الإسرائيلية بدأت تفكر في ما إذا كانت الإقامة في المستقبل بشكل ثابت في اليونان مناسبة.  وخلص الفاعل العقاري للقول "إنهم يريدون العيش بين الجالية اليهودية، ويتحققون من خيارات العمل والإقامة والاستقرار مستقبلا بالخارج".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من الإسرائیلیین شراء العقارات إلى إسرائیل فی الخارج على غزة

إقرأ أيضاً:

كاتب من تل أبيب: انتصار إسرائيل «وهم خطير» والفلسطينيون باقون بأرضهم

في تصريحات لافتة من قلب “تل أبيب”، قال كاتب إسرائيلي، “إن الفلسطينيين لن يذهبوا إلى أي مكان”، مؤكّدا أن “انتصار إسرائيل الكامل وهم خطير“.

وفي مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، حذّر الكاتب والباحث الإسرائيلي دان أريلي، “من خطورة السعي لتحقيق “نصر كامل” على الفلسطينيين”، معتبرا أن هذا “النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من الصراع والعنف المستمرين”.

وأوضح أريلي، “أن التفكير في المستقبل يتطلب الابتعاد عن منطق الإذلال أو محاولة سحق الطرف الآخر بالكامل”، مشددا على أن “القوة الحقيقية لا تكمن في الانتصار الكامل، بل في العظمة والقدرة على جعل الآخرين يشعرون بأنهم انتصروا”.

وأشار إلى أن “منح الشعور بالنصر للطرف الآخر من شأنه أن يفتح الباب لتحسين العلاقات في المستقبل”، قائلاً: “عندما يشعر الشخص الآخر بأنه قد فاز، هناك فرصة أكبر لأن يشعر انطلاقا من هذه النقطة بتحسن تجاهك، ما يؤدي إلى بناء علاقة أفضل”.

وتساءل أريلي في مقاله: “هل النصر الكامل هو الاتجاه الصحيح؟ هل الإذلال هو الطريق الصحيح؟” ليجيب بشكل قاطع: “برأيي، لا.. هذا ليس الحل الصحيح على الإطلاق”.

ووفق الصحيفة، “دعم الكاتب رأيه بالتجربة التاريخية، مستشهدا بما حدث لألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى”، قائلا: “إذلال ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى أدى مباشرة إلى الحرب العالمية الثانية، هذه دروس يجب أن نتعلم منها”.

وأكد أريلي أن الفلسطينيين “لن يذهبوا إلى أي مكان، وحماس ستظل قائمة بشكل أو بآخر، كما سيبقى “حزب الله” و”الحوثيون” وإيران جيرانا لنا”، مضيفا أن “السعي لتحقيق نصر كامل ليس سوى محاولة لإذلال الطرف الآخر، وهي رؤية خاطئة تماماً”.

واعتبر أن أي “انتصار من هذا النوع سيمنح الإسرائيليين، شعورا مؤقتا بالرضا، لكنه في المدى الطويل سيخلق المزيد من الكراهية والانتقام، ويؤسس لمزيد من الحروب”.

مقالات مشابهة

  • استطلاع: 70 بالمئة من الإسرائيليين يرون إعادة الأسرى الهدف الأهم
  • عودة الحرب "على مراحل".. خيار إسرائيل البديل إن فشلت المفاوضات
  • فضيحة تهز إسرائيل بطلها جنود مشاركون في الحرب على غزة (فيديو)
  • أغلبية في إسرائيل تفضل إعادة الأسرى على القضاء على حماس
  • حماس تدعو إسرائيل إلى تحمل مسؤولياتها لإنهاء الحرب
  • كاتب من تل أبيب: انتصار إسرائيل «وهم خطير» والفلسطينيون باقون بأرضهم
  • طريق اللازورد.. شريان تجاري يربط أفغانستان بأوروبا ويعزز نفوذ تركيا
  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة توجه مطالبة مهمة لنتنياهو
  • أغلبية في إسرائيل تؤيد إنهاء الحرب على غزة