احتفل العالم منذ أيام قليلة باليوم العالمى للأشخاص ذوى الإعاقة والذى يصادف الثالث من شهر ديسمبر من كل عام، وترجع بداية الاحتفال بهذا اليوم إلى عام ١٩٩٢ عندما أعلنته الأمم المتحدة لدعم ذوى الإعاقة، بهدف السعى نحو ضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وزيادة الفهم لقضاياهم، وبما يعمل على دمجهم فى الحياة المجتمعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
وقد استوقفنى كثيرًا الاحتفال العالمى بهذا اليوم، خصوصًا فى ظل ما تشير إليه تقديرات منظمة الصحة العالمية من معاناة أكثر من مليار شخص–أى حوالى 15 فى المئة من سكان العالم– من شكل أو آخر من أشكال الإعاقة، وقد جعلنى ذلك أفكر فى نماذج كثيرة رغم إصابتهم بعجز أو إعاقة جسدية، إلا أن إعاقتهم لم تمنعهم من تحويل حياتهم العادية إلى قصص نجاح ناتجة عن إرادة صلبة وإصرار على تحقيق الأمل والوصول إلى الهدف، دوِنت أسمائهم بحروف من نور، وتحولوا إلى مؤثرين يُحتذى بهم ويحكى عنهم على مر السنين داخل مصر وخارجها، اكتسبوا شهرة على مستوى الوطن العربى والعالم.
يأتى فى المقدمة عميد الأدب العربى «طه حسين» ضرير البصر إلا أنه مستنير البصيرة، استطاع أن يتغلب على عتمة الظلام ليخرج إلى نور الحياة، هو صاحب البصمة الكبرى فى الثقافة العربية، افترش قمة الهرم الأدبى، وأصبح يمثل سمة بارزة للأدب المصرى وركنا أساسيًا فى حقبة التنوير للفكر العربى. والموسيقار عمار الشريعى، رغم أنه ضرير أيضاً إلا أنه بدأ حياته الموسيقية عام 1970 م عقب تخرجه من الجامعة كعازف لآلة الأكورديون، ثم تحول إلى الأرج رغم صعوبة وتعقيد هذه الآلة واعتمادها بدرجة كبيرة على حاسة البصر، ثم اتجه إلى التلحين والتأليف الموسيقى وزادت ألحانه عن 150 لحنًا لمعظم مطربى ومطربات مصر والعالم العربى، كما تميز فى وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات، وحصل العديد منها على جوائز على المستويين العربى والعالمى.
نموذج آخر لتحدى الإعاقة هو عبدالله البردونى، أو كما يُطلق عليه «معرى اليمن»، وقد ولد البردونى دون أية إعاقة، لكن عندما بلغ الخامسة من عمره أصيب بالجدرى، وسلب هذا الوباء حياة الآلاف، إلا أنه اكتفى من البردونى ببصره، ولم يسلب عزمه الذى مكنه من أن يصبح منارة للعالم ورمزا من رموز اليمن والعالم العربى، ليترك إبداعات أدبية أنارت عقول كل من تناولها.
كذلك الحال مع الكاتب المصرى من أصل سورى مصطفى صادق الرافعى، فقد أصيب بمرض «التيفود» ليشفى من هذا المرض مصابًا فى أذنيه، حتى فقد سمعه نهائيًا فى الثلاثين من عمره، وقد أعاقه الصمم عن التعليم النظامى فلم يحصل على أكثر من الشهادة الابتدائية، غير أنه بإرادته الحديدية تعلم على يد والده ليكتب الشعر والنثر، فيحول إعاقته إلى نبوغ مكنه من أن ينير العالم بكتبه.
كل هذه النماذج وأكثر فى مصر والعالم العربى أكدت بوضوح أن الإعاقة الأكبر ليست إعاقة الجسد؛ بل إعاقة الفكر، فقد يكون الأهم من البصر هى البصيرة، والأهم من السمع هو النبوغ، والأهم من الحركة هى الإرادة، فالإعاقة الحقيقية هى إعاقة الروح، وضعف الهمة، وعندما تتوفر الإرادة القوية يستطيع المرء أن يوظف قدراته ويتجاوز كل التحديات، وبذلك فاستحق اليوم العالمى للأشخاص ذوى الإعاقة (٣ ديسمبر من كل عام) أن يسمى باليوم العالمى للخارقين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د أحمد عثمان العالم للأشخاص ذوى الإعاقة اليوم العالمي السياسية والاقتصادية الیوم العالمى ذوى الإعاقة إلا أن
إقرأ أيضاً:
تفاعل كبير في المهرجان الرياضي لذوي الإعاقة
سجل المهرجان الرياضي لذوي الإعاقة لمدارس محافظة مسقط تفاعلا كبيرا ومشاركة واسعة بين الطلاب والطالبات، واستطاعت النسخة الثالثة من المهرجان تعزيز دمج طلاب وطالبات ذوي الإعاقة مع أقرانهم الأصحاء، وفي اكتشاف المواهب وتعزيز القدرات البدنية والرياضية، وذلك في الملتقى الذي نظمته لجنة الرياضة المدرسية بمحافظة مسقط بالتعاون مع دائرة التربية الخامسة والتعليم المستمر بالمديرية العامة للتربية والتعليم بالمحافظة، وشهد مشاركة ١٥٠ طالبا وطالبة من 9 مدارس هي "قنتب للتعليم الأساسي وغلا للتعليم الأساسي ومدرسة الخوير وزينب الثقفية والنهضة للتعليم الأساسي ومدرسة بهجة الأنوار وضياء المستقبل الخاصة ومدرسة أروى بنت عبدالمطلب" وذلك بالصالة الفرعية بمجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر.
وتضمن المهرجان عددا من الأنشطة والفعاليات المتنوعة بين الأنشطة الرياضية والألعاب الترفيهية ذات البعد التربوي الهادف المعتمد على التوافق العضلي والعصبي، وسرعة الحركة والتمرير والمرور من خلال استخدام الكرة والحواجز المختلفة، واستطاع المهرجان تحقيق جملة من الأهداف المخطط لها ومنها تعزيز قوة الملاحظة والرشاقة والسرعة والمرونة والتفاعل الكبير بين الطلاب الأصحاء وطلاب ذوي الإعاقة، ما أسهم في تعزيز قيم المساواة والاحترام وتعزيز التعليم الشامل وكسر الحواجز النفسية والاجتماعية وتنمية روح الفريق الواحد.
وأقيم حفل ختام المهرجان تحت رعاية السيدة نائلة بنت حمد البوسعيدية، رئيسة اللجنة العمانية لرياضة الصم بحضور عدد من أعضاء لجنة الرياضة المدرسية، حيث يعَد المهرجان في نسخته الثالثة امتدادا للمهرجانات السابقة، وفي ختام المهرجان قامت راعية الحفل بتكريم جميع المشاركين.
وعقب حفل التكريم أكدت مريم بنت سيف الحوسنية، أمينة سر اللجنة الرياضية بمحافظة مسقط على أهمية المهرجان الرياضي لذوي الإعاقة في تعزيز قدرات الأطفال من ذوي الإعاقة، وقالت: نؤمن بأهمية الرياضة في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة في الكشف عن قدرات المشاركين البدنية والرياضية، وبالتالي جعل الرياضة منهج حياة أساسيا لديهم، يسهم في بناء شخصياتهم واكتساب مهارات الثقة والقيادة والإيمان بقدراتهم المختلفة.
وأضافت: أسهم المهرجان في توفير بيئة ممكنة لدمج الطلبة والطالبات من ذوي الإعاقة مع أقرانهم الأصحاء وهو هدف أساسي سعى المهرجان الرياضي الخاص لذوي الإعاقة لتحقيقه من خلال المشاركة الفاعلة في فعاليات المهرجان، وسجل المهرجان بالفعل عددا من المواهب في مختلف الإعاقات، بفضل الرغبة الكبيرة التي شهدتها مختلف المسابقات والألعاب الرياضية، حيث كان الحماس حاضرا وبذل الجميع جهودا كبيرا من أجل التميز واكتشاف ما لديهم من قدرات مختلفة، مؤكدا استمرار جهود اللجنة في دعم وتشجيع الأطفال من ذوي الإعاقة بما يسهم في تعزيز قدراتهم الرياضية وخلق بداية تنافسية لهم.