بين القوى الكبرى.. هكذا تسير الإمارات على حبل جيوسياسي مشدود
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
لتحقيق مصالحها الوطنية، تسير الإمارات على حبل جيوسياسي مشدود؛ إذ تتلاعب بالتنافس بين القوى الكبرى وتفاقم عدم الاستقرار الإقليمي الذي تغذيه الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفقا لجيمس دورسي في تحليل بمركز "أوراسيا ريفيو" للأبحاث (Eurasia review) ترجمه "الخليج الجديد".
دورسي اعتبر أن "الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإمارات (في 6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري) هي الدليل الأول على ذلك؛ فتحركات بوتين خارج حدود روسيا مقيدة؛ لأن الموقعين على نظام روما الأساسي، المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، ملزمون باعتقاله بموجب مذكرة أصدرتها المحكمة بحقه فيما يتعلق بأوكرانيا".
ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا حربا في أوكرانيا تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
وأضاف دورسي أن "زيارة بوتين إلى الإمارات والسعودية كانت رهانا آمنا، إذ لم توقع أي من الدولتين على نظام روما الأساسي، إلا أن الزيارة تضع الإمارات على خلاف مع شريكها الأمني الأول، الولايات المتحدة، التي تريد من حلفائها تنفيذ العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا".
واستدرك: "لكن زادت التجارة بين روسيا والإمارات بنسبة 68% على أساس سنوي لتصل إلى 9 مليارات دولار في عام 2022، وشكلت الصادرات الروسية إلى الدولة الخليجية 8.5 مليار دولار من هذا الإجمالي، وزار نحو مليون روسي الإمارات العام الماضي".
اقرأ أيضاً
زيارة بوتين للسعودية والإمارات.. شكوك تلقي بظلالها على تطبيع الرياض وتل أبيب
تسليح وتطبيع
كما "مارست الولايات المتحدة ضغوطا على الإمارات لوقف إمدادات الأسلحة المزعومة إلى قوات "الدعم السريع" المتمردة في السودان، والتي تقاتل الجيش منذ أبريل/نيسان الماضي، بينما نفت أبوظبي دعمها لهذه القوات"، كما تابع دورسي.
وزاد بأنه على الرغم فرض الولايات المتحدة عقوبات على شركات إماراتية لانتهاكها العقوبات المفروضة على روسيا، "إلا أن الإمارات نجحت حتى الآن في الاستفادة من قيمتها بالنسبة لواشنطن وأوروبا لضمان عدم قطع العلاقات".
وأوضح أن "الإمارات تحظى بمكانة لدى واشنطن بفضل اعترافها بإسرائيل (حليفة الولايات المتحدة) في عام 2020 إلى جانب البحرين والمغرب، ورفضها دعوات قطع العلاقات مع تل أبيب احتجاجا على حرب غزة، وإدانتها لهجوم (حركة) حماس في 7 أكتوبر".
وفي ذلك اليوم، وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية بمحيط غزة، فقتلت حوالي 1200 إسرائيلي وأصابت نحو 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
و"بهدوء، تعمل الإمارات على وضع تلميذها محمد دحلان، الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة والمثير للجدل والمعارض لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كحل وسط محتمل لإدارة غزة بمجرد صمت المدافع"، بحسب دورسي.
ويصر قادة الاحتلال الإسرائيلي على استمرار الحرب، على أمل إنهاء حكم "حماس" المتواصل للقطاع منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تقاوم الاحتلال.
ويشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت 17 ألفا و487 شهيدا، و46 ألفا و480 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية، و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
اقرأ أيضاً
صناعات روسيا العسكرية تظهر بمعرض دبي للطيران.. لماذا لم تحتج أمريكا لدى الإمارات؟
موالون لإيران
دورسي قال إنه "بعيدا عن النفط والتجارة وأوكرانيا، احتلت غزة مكانة عالية في أجندة بوتين، وأشارت تقارير إعلامية عربية إلى أن الإمارات طلبت مساعدة من موسكو في نقل الميليشيات الإيرانية في سوريا بعيدا عن مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، في محاولة لمنع التوسع الإقليمي لحرب الخليج".
وعسكريا ودبلوماسيا، دعمت كل من روسيا وإيران نظام الأسد ضد احتجاجات شعبية اندلعت في مارس/ آذار 2011، للمطالبة بتداول سلمي للسلطة، وزج القمع العسكري للمحتجين بسوريا في حرب أهلية مدمرة.
وتضامنا مع غزة، شنت جماعات موالية لإيران هجمات بصواريخ وطائرات مسيرّة على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية، وبينهم "حزب الله" في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا.
وأضاف دورسي أنه "في أكتوبر (الماضي)، حذرت الإمارات الرئيس السوري بشار الأسد من التدخل في الحرب أو السماح بشن هجمات على إسرائيل من الأراضي السورية، فمنع توسع الحرب هو مصلحة أمريكية وإماراتية رئيسية".
وتابع أـنه "في إشارة إلى نيتها الحفاظ على العلاقات (مع أبوظبي)، وافقت إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن قبل أيام على بيع 18 نظام رادار AN/TPQ-50 للإمارات بقيمة 85 مليون دولار".
و"مع ذلك، حذر تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي في وقت سابق من العام الجاري من أن "الدرجة التي قد تستفيد بها الإمارات من قوتها الناعمة بطرق مفيدة لمصالح الولايات المتحدة لا يزال يتعين متابعتها"، كما لفت دورسي.
اقرأ أيضاً
تقييد أمريكا صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي للشرق الأوسط.. ما علاقة السعودية والإمارات؟
المصدر | جيمس دورسي/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الإمارات حبل مشدود روسيا أمريكا الولایات المتحدة الإمارات على
إقرأ أيضاً:
التحديات التي تواجه الشراكة بين روسيا وإيران في مجال الطاقة
الاقتصاد نيوز - متابعة
من بين التحديات العديدة التي تواجهها إيران مع انهيار تحالفاتها الإقليمية، أنها تعاني أيضاً من أزمة طاقة حادة على الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطيات من الغاز في العالم.
أدت هذه الأزمة إلى اضطرابات واسعة النطاق في المنازل والقطاعات الصناعية ومحطات الطاقة. في خريف العام الماضي، بلغ العجز اليومي في الغاز 90 مليون متر مكعب. ومن المتوقع أن يتسع الفارق بين الإنتاج والاستهلاك إلى 300 مليون متر مكعب هذا الشتاء.
تباطأ نمو إنتاج الغاز إلى حوالي 2% سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية، مقارنةً بـ 5% سنويًا في العقد السابق . في الوقت نفسه، ارتفع الاستهلاك بشكل حاد. ويتفاقم النقص بسبب تقادم البنية التحتية، لا سيما في حقل غاز جنوب فارس ، الذي يُمثل 75% من إنتاج الغاز الإيراني، بالإضافة إلى العقوبات التي تُقيد الوصول إلى التكنولوجيا والخبرات المتقدمة. ويقدر الخبراء أن إنعاش قطاع النفط والغاز الإيراني سيتطلب استثمارًا لا يقل عن 250 مليار دولار.
من بين عواقب الأزمة انقطاعات متكررة للكهرباء، وتشغيل مصافي البتروكيماويات بنسبة 70% فقط من طاقتها، وانخفاض إنتاج الصلب بنسبة 45% . كما أن هناك آثارًا سلبية كبيرة على صحة الإيرانيين، إذ يؤدي اعتماد إيران المتزايد على وقود المازوت الرخيص والقذر إلى تلوث هواء شديد.
واستجابة جزئية لهذا النقص، وقعت شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة غازبروم، وهي شركة طاقة تسيطر عليها روسيا، مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار في يوليو/تموز 2022 بهدف تسهيل تطوير حقول النفط والغاز البحرية.
وقعت روسيا وإيران اتفاقية جديدة لاستيراد الغاز الروسي عبر أذربيجان خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى موسكو.
صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي عقب محادثاته مع بزشكيان بأن العمل جارٍ على إنشاء خط أنابيب غاز من روسيا إلى إيران . وأضاف: “يُعد ممر الشمال-الجنوب وخط أنابيب الغاز إلى إيران مشروعين قيد التنفيذ، يتمتعان بأهمية بالغة وجاذبية كبيرة”. وتابع : “فيما يتعلق بمستويات التوريد المحتملة، نعتقد أنه ينبغي البدء بكميات متواضعة، تصل إلى ملياري متر مكعب، ثم زيادة كمية الغاز المُسلّم إلى إيران إلى 55 مليار متر مكعب سنويًا” .
بعد انخفاض واردات الغاز من الاتحاد الأوروبي نتيجةً للصراع الدائر في أوكرانيا، تسعى روسيا إلى تنويع أسواقها للطاقة. ومن شأن شحنات الغاز إلى إيران أن تُعزز العلاقات الثنائية ذات البعد العسكري والأمني الكبير والمتنامي . إلا أن هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها.
شهد إنتاج الغاز الطبيعي في إيران اتجاهات متقلبة في السنوات الأخيرة. ارتفع الإنتاج من 262.3 مليار متر مكعب في ديسمبر 2022 إلى 275 مليار متر مكعب في ديسمبر 2023. ومع ذلك، شهدت الدولة انخفاضًا طفيفًا في الإنتاج على مدى السنوات الخمس السابقة، بمعدل نمو سنوي مركب ( CAGR) بلغ -0.03 في المائة. إن التوقعات للمستقبل أكثر تفاؤلاً، حيث تشير التوقعات إلى معدل نمو سنوي مركب بنسبة 3 في المائة من عام 2024 إلى عام 2028. ويؤكد هذا التفاوت بين الأداء التاريخي والتوقعات المستقبلية على التحديات التي تواجه قطاع الغاز الطبيعي في إيران، بما في ذلك الاستثمار غير الكافي والقيود التكنولوجية وتأثير العقوبات الدولية. ومع ذلك، يشير النمو المتوقع إلى إمكانية التحسن إذا عالجت إيران هذه العقبات واستفادت من احتياطياتها الضخمة إلى جانب الاستثمارات المخطط لها في أنشطة الاستكشاف والإنتاج.
لمعالجة النقص الحالي، اقترح المسؤولون الحكوميون إعادة توجيه صادرات الغاز إلى محطات الطاقة المحلية وتشجيع تحديث المركبات ووسائل النقل العام. وأعلن وزير النفط الإيراني آنذاك، جواد أوجي، في يوليو/تموز 2024 أن إيران ستستورد 300 مليون متر مكعب من الغاز الروسي يوميًا عبر خط أنابيب بحر قزوين المُخطط له. ويأمل المسؤولون الإيرانيون في ترسيخ مكانة إيران كمركز إقليمي للغاز من خلال إعادة تصدير الغاز الروسي إلى باكستان وتركيا والعراق.
تعكس مذكرة التفاهم بين إيران وروسيا تنامي توافقهما الجيوسياسي. فهما تسعيان إلى تقويض الهيمنة الغربية في أسواق الطاقة من خلال العمل معًا في منصات مثل مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون لإنشاء ممرات طاقة بديلة. وقد يشهد هيكل تجارة الطاقة العالمية مزيدًا من التقلبات من خلال مبادرات استخدام العملات المحلية، مما سيقلل الاعتماد على الدولار الأمريكي.
من خلال إنشاء مسارات جديدة وتعزيز الروابط بين الدول ذات موارد الطاقة الوفيرة، يُمكن لاتفاقية الغاز بين روسيا وإيران أن تُغير ديناميكيات تجارة الطاقة. ومع ذلك، فإن طموحات إيران في أن تصبح مركزًا إقليميًا للغاز تُثير الشكوك بسبب اعتمادها على الغاز المستورد لتلبية الطلب المحلي. ويزداد عدم اليقين بسبب تزايد التوترات الجيوسياسية، وضعف البنية التحتية، والعقوبات الإضافية المحتملة إذا فرضت إدارة ترامب الجديدة سياسة “الضغط الأقصى” الثانية على إيران.
هناك مخاوف جدية أخرى بشأن الجدوى الاقتصادية للصفقة. فنظرًا لانخفاض إيراداتها من العملة الصعبة بسبب العقوبات، فإن قدرة إيران على سداد ثمن وارداتها الكبيرة من الغاز موضع شك. كما أن إعادة بيع فائض الغاز إلى الدول المجاورة مثل العراق وتركيا وباكستان تواجه تحديات عملية وجيوسياسية. وتُعدّ الديناميكيات الإقليمية المعقدة وإنشاء بنية تحتية جديدة لدعم هذه الصادرات الثانوية أمرًا أساسيًا لنجاح هذه الاستراتيجية. علاوة على ذلك، يتجلى حجم مشاكل الطاقة المحلية في إيران بوضوح في الحجم المتوقع لواردات الغاز الروسي، والتي ستمثل ما يقرب من ثلث الإنتاج اليومي لإيران.
علاوة على ذلك، لا يزال الإطار القانوني والتنظيمي لمثل هذه الصفقة الضخمة لتجارة الغاز غير واضح. كان من أبرز بنود اتفاق يوليو/تموز بناء خط أنابيب جديد تحت بحر قزوين، والذي من المفترض أن تتحمل روسيا تكلفته. إلا أن هناك قيودًا تقنية وسياسية على مد خطوط الأنابيب تحت بحر قزوين، وهي منطقة ذات جوانب جيولوجية وبيئية معقدة.
قررت روسيا وإيران الآن بناء خط أنابيب غاز عبر أذربيجان، ربما كبديل لخط أنابيب تحت البحر يمر عبر تركمانستان أو بحر قزوين. يبدو الطريق البري أكثر عمليةً نظرًا لانخفاض تكلفة إنشائه وصيانته، وعدم الحاجة إلى موافقة جميع دول بحر قزوين. يمكن أن تصبح أذربيجان مركزًا لتبادل الغاز، مما يعزز أهميتها الاستراتيجية في الممر الشمالي الجنوبي .
هناك مسألة حاسمة أخرى، وهي تكلفة إمدادات الغاز إلى إيران. فهناك تساؤلات حول جدوى نقل الغاز من احتياطيات روسيا السيبيرية إلى إيران من حيث التكلفة.
من غير الواضح أيضًا ما إذا كانت الإمدادات الروسية قادرة على حل مشاكل الطاقة المزمنة في إيران. سيكون من الصعب التغلب على نقص الاستثمار في البنية التحتية، وسوء الإدارة المنهجي، والعقوبات الأجنبية، وقد يعيق ذلك نجاح المشروع.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام