لتحقيق مصالحها الوطنية، تسير الإمارات على حبل جيوسياسي مشدود؛ إذ تتلاعب بالتنافس بين القوى الكبرى وتفاقم عدم الاستقرار الإقليمي الذي تغذيه الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفقا لجيمس دورسي في تحليل بمركز "أوراسيا ريفيو" للأبحاث (Eurasia review) ترجمه "الخليج الجديد".

دورسي اعتبر أن "الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإمارات (في 6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري) هي الدليل الأول على ذلك؛ فتحركات بوتين خارج حدود روسيا مقيدة؛ لأن الموقعين على نظام روما الأساسي، المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، ملزمون باعتقاله بموجب مذكرة أصدرتها المحكمة بحقه فيما يتعلق بأوكرانيا".

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا حربا في أوكرانيا تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.

وأضاف دورسي أن "زيارة بوتين إلى الإمارات والسعودية كانت رهانا آمنا، إذ لم توقع أي من الدولتين على نظام روما الأساسي، إلا أن الزيارة تضع الإمارات على خلاف مع شريكها الأمني الأول، الولايات المتحدة، التي تريد من حلفائها تنفيذ العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا".

واستدرك: "لكن زادت التجارة بين روسيا والإمارات بنسبة 68% على أساس سنوي لتصل إلى 9 مليارات دولار في عام 2022، وشكلت الصادرات الروسية إلى الدولة الخليجية 8.5 مليار دولار من هذا الإجمالي، وزار نحو مليون روسي الإمارات العام الماضي".

اقرأ أيضاً

زيارة بوتين للسعودية والإمارات.. شكوك تلقي بظلالها على تطبيع الرياض وتل أبيب

تسليح وتطبيع

كما "مارست الولايات المتحدة ضغوطا على الإمارات لوقف إمدادات الأسلحة المزعومة إلى قوات "الدعم السريع" المتمردة في السودان، والتي تقاتل الجيش منذ أبريل/نيسان الماضي، بينما نفت أبوظبي دعمها لهذه القوات"، كما تابع دورسي.

وزاد بأنه على الرغم فرض الولايات المتحدة عقوبات على شركات إماراتية لانتهاكها العقوبات المفروضة على روسيا، "إلا أن الإمارات نجحت حتى الآن في الاستفادة من قيمتها بالنسبة لواشنطن وأوروبا لضمان عدم قطع العلاقات".

وأوضح أن "الإمارات تحظى بمكانة لدى واشنطن بفضل اعترافها بإسرائيل (حليفة الولايات المتحدة) في عام 2020 إلى جانب البحرين والمغرب، ورفضها دعوات قطع العلاقات مع تل أبيب احتجاجا على حرب غزة، وإدانتها لهجوم (حركة) حماس في 7 أكتوبر".

وفي ذلك اليوم، وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية بمحيط غزة، فقتلت حوالي 1200 إسرائيلي وأصابت نحو 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

و"بهدوء، تعمل الإمارات على وضع تلميذها محمد دحلان، الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة والمثير للجدل والمعارض لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كحل وسط محتمل لإدارة غزة بمجرد صمت المدافع"، بحسب دورسي.

ويصر قادة الاحتلال الإسرائيلي على استمرار الحرب، على أمل إنهاء حكم "حماس" المتواصل للقطاع منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تقاوم الاحتلال.

ويشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت 17 ألفا و487 شهيدا، و46 ألفا و480 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية، و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

اقرأ أيضاً

صناعات روسيا العسكرية تظهر بمعرض دبي للطيران.. لماذا لم تحتج أمريكا لدى الإمارات؟

موالون لإيران

دورسي قال إنه "بعيدا عن النفط والتجارة وأوكرانيا، احتلت غزة مكانة عالية في أجندة بوتين، وأشارت تقارير إعلامية عربية إلى أن الإمارات طلبت مساعدة من موسكو في نقل الميليشيات الإيرانية في سوريا بعيدا عن مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، في محاولة لمنع التوسع الإقليمي لحرب الخليج".

وعسكريا ودبلوماسيا، دعمت كل من روسيا وإيران نظام الأسد ضد احتجاجات شعبية اندلعت في مارس/ آذار 2011، للمطالبة بتداول سلمي للسلطة، وزج القمع العسكري للمحتجين بسوريا في حرب أهلية مدمرة.

وتضامنا مع غزة، شنت جماعات موالية لإيران هجمات بصواريخ وطائرات مسيرّة على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية، وبينهم "حزب الله" في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا.

وأضاف دورسي أنه "في أكتوبر (الماضي)، حذرت الإمارات الرئيس السوري بشار الأسد من التدخل في الحرب أو السماح بشن هجمات على إسرائيل من الأراضي السورية، فمنع توسع الحرب هو مصلحة أمريكية وإماراتية رئيسية".

وتابع أـنه "في إشارة إلى نيتها الحفاظ على العلاقات (مع أبوظبي)، وافقت إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن قبل أيام على بيع 18 نظام رادار AN/TPQ-50 للإمارات بقيمة 85 مليون دولار".

و"مع ذلك، حذر تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي في وقت سابق من العام الجاري من أن "الدرجة التي قد تستفيد بها الإمارات من قوتها الناعمة بطرق مفيدة لمصالح الولايات المتحدة لا يزال يتعين متابعتها"، كما لفت دورسي.

اقرأ أيضاً

تقييد أمريكا صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي للشرق الأوسط.. ما علاقة السعودية والإمارات؟

المصدر | جيمس دورسي/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الإمارات حبل مشدود روسيا أمريكا الولایات المتحدة الإمارات على

إقرأ أيضاً:

لقاء يجمع أرودغان وبوتين.. تأكيد على رفع التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات

التقى الرئيس التركي بنظيره الروسي الأربعاء، في العاصمة الكازاخية، آستانة، على هامش القمة الـ24 لدول منظمة شنغهاي للتعاون، وذلك في لقاء هو الأول الذي يجمعهما منذ فترة طويلة.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن هدف أنقرة من التبادل التجاري مع روسيا يتمثل بالوصول إلى 100 مليار دولار.

وتطرق أردوغان خلال اللقاء المفتوح أمام وسائل الإعلام، إلى بناء تركيا مع روسيا محطة "آق قويو" النووية في ولاية مرسين جنوب تركيا.

وأضاف: "نتطلع لتشغيلها (محطة آق قويو) والانتهاء منها في أقرب وقت ممكن".

وتعد "آق قويو" التي دشنت أولى مراحلها في أبريل/ نيسان 2023، أول محطة تركية للطاقة النووية، وواحدة من بين أكبر الاستثمارات بالبلاد، في إطار اتفاق أبرمته تركيا مع روسيا عام 2010.


وذكر أردوغان أن تركيا تتباحث مع روسيا بخصوص محطة سينوب للطاقة النووية شمال البلاد، مؤكدا ثقته من إمكانية اتخاذ خطوات مهمة بهذا الصدد.

ونوه أردوغان باستمرار العلاقات بين شركة البترول التركية "بوتاش" و"غازبروم" الروسية ضمن أجواء يسودها الود والتفاهم.

وقال إن حجم التبادل التجاري الذي وصلت إليه تركيا وروسيا وبلغ 55 مليار دولار لا يشكل شيئا بالنسبة لإمكانات البلدين.

وأضاف: "نهدف للوصول إلى 100 مليار دولار (حجم التجارة بين تركيا وروسيا)، وواثق من قدرتنا على تحقيق ذلك ونملك الإمكانات اللازمة".

ولفت الرئيس التركي إلى أهمية قدوم 7 ملايين سائح روسي إلى بلاده.

ودعا الرئيس أردوغان نظيره الروسي إلى إجراء زيارة لتركيا، فيما أعلن بوتين قبول الدعوة وحرصه على تلبيتها.

وعقب اللقاء المفتوح، عقد أردوغان وبوتين لقاء مغلقا استمر مدة ساعة واحدة، حضره من الجانب التركي وزراء؛ الخارجية هاكان فيدان، والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار، والخزانة والمالية محمد شيمشك، والتجارة عمر بولاط، إضافة إلى كبير مستشاري الرئيس لشؤون السياسة الخارجية والأمن عاكف تشاغطاي قليج.


بدوره، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن العلاقات بين بلاده وتركيا تتقدم "رغم المصاعب حول العالم".

وأضاف الرئيس بوتين أن موسكو تنفذ مشاريعها الاستراتيجية مع أنقرة بطريقة مدروسة.

وأشار إلى أن 6.7 ملايين سائح روسي زاروا تركيا خلال العام الماضي 2023، مبينا أن بلاده حطمت رقما قياسيا في مجال السياحة.

وأعرب بوتين عن سعادته للقاء أردوغان، لافتا إلى التواصل باستمرار وبانتظام معه وتبادل الآراء حول القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين وعلاقاتهما الثنائية.

ولفت إلى تسجيل حجم التبادل التجاري بين البلدين 55 مليار دولار، رغم تراجعها بعض الشيء خلال الأشهر الماضية.

وأفاد بأن موسكو تنفذ مشاريعها الاستراتيجية مع أنقرة بطريقة مدروسة، وتخطط لمشاريع جديدة.
وتابع: سعيد بلقائكم لتقييم نتائج أعمالنا التي قمنا بها العام القادم، والخطوات التي سنخطوها في المستقبل القريب.

وأعرب بوتين عن شكره للرئيس أردوغان للتسهيلات التي تقدمها تركيا للزوار والسياح الروس.

كما عبر عن شكره لدعوته من قبل أردوغان لزيارة تركيا، مردفا: حتما سأزور تركيا.

مقالات مشابهة

  • «تايم»: التصعيد الروسي ضد الغرب.. هل نحن على حافة حرب نووية؟
  • بوتين يعتبر طالبان حليفة لروسيا في مكافحة "الإرهاب"
  • بوتين يعتبر طالبان حليفة لروسيا في مكافحة الإرهاب
  • برلماني روسي: موسكو تدرس نشر صواريخ في كوبا
  • بوتين: المفاوضات بشأن الاستقرار الاستراتيجي تتطلب "حسن نية" من جانب واشنطن
  • الصراع الجيوسياسي في ليبيا والحراك الأمريكي
  • روسيا البيضاء تنضم لمنظمة شنجهاي للتعاون الدولي
  • مطار زايد الدولي «يبهر» إيلون ماسك
  • لقاء يجمع أردوغان وبوتين.. تأكيد على رفع التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات
  • لقاء يجمع أرودغان وبوتين.. تأكيد على رفع التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات