غزة بعد الحرب.. سيناريوهات الحكم وإعادة الإعمار
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
بالموازاة مع احتدام الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، يناقش دبلوماسيون مصير القطاع، الذي يأوي أكثر من مليوني نسمة، نزح أغلبهم نحو الجنوب، قرب الحدود مع مصر، لكن فرص إيجاد صيغة محددة لمستقبل القطاع لا تزال بعيدة المنال، وفق تقرير لشبكة "إن بي سي نيوز".
وفي غمرة الجهود الدبلوماسية المستمرة لوقف إطلاق النار، تتردد عدة أسئلة حول من سيحكم القطاع بعد الحرب، وكيف سيكون شكل السلطة المستقبلية هناك؟ ما مستقبل حماس؟ هل سيكون للسلطة الفلسطينية الحالية أي دور؟ من سيتولى إعادة إعمار غزة؟ .
أحد أبرز السيناريوهات المتداولة إعلاميا، هو أن تستعيد السلطة الفلسطينية، التي تدير الضفة الغربية المحتلة -والتي لا تحظى بشعبية كبيرة-، السيطرة على القطاع .
في الصدد، قال رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية، محمد اشتية، من مقره في رام الله، في مقابلة مع وكالة بلومبرغ، الخميس، إن التصور الأفضل أن تصبح حماس، التي تدير القطاع حاليا، شريكا أصغر لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما يساعد على تأسيس دولة مستقلة جديدة تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
أما الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، فقال، في مقابلة مع رويترز، "أنا مع المفاوضات وأن يكون هناك مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية والذي يجب أن يقود إلى حل بحماية دولية يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف".
وفي تصور آخر نقلته الشبكة عن خبراء، يمكن أن تقوم دول الخليج العربي بتمويل الجهود لإعادة بناء غزة، على أن تحتفظ قوة حفظ سلام دولية بالإشراف على الأمن خلال الإعمار والإدارة.
وفي سيناريو ثالث، يتم تهجير الفلسطينيين إلى مصر أو دول أخرى -وهو المسار الذي أثاره مشرعون إسرائيليون على الرغم من أن رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، قال إن الحرب في غزة تهدف إلى "سحق حماس" وليس طرد الفلسطينيين.
يُذكر أن الولايات المتحدة عبرت في عدة مناسبات رفضها تهجير الفلسطينيين أو إعادة احتلال القطاع.
وعلى المدى القصير، من غير الواضح ما إذا كان ما يقدر بنحو 1.2 مليون فلسطيني فروا إلى الأجزاء الجنوبية من غزة سيتمكنون من العودة لمعرفة حال منازلهم.
ومن المحتمل أن تكون مجموعات الإغاثة الإنسانية هي الكيانات الوحيدة التي توفر الضروريات الأساسية في مشهد مدمر سيتطلب عقودا من إعادة البناء، وفق ذات التقرير.
ونقلت الشبكة عن مديرة حل النزاعات في معهد الشرق الأوسط، رندة سليم قولها "سيعيشون في الخيام، هكذا سيكونون، لن يكون هناك ماء، ولا كهرباء، ولا رعاية صحية.. غزة ستتحول إلى مدينة خيام".
ويشعر خبراء بالقلق من التنبؤ بمستقبل غزة، نظرا للوضع المضطرب في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما يجعل المستقبل غير قابل للتنبؤ.
ماذا تريد إسرائيل؟قال ناثان براون، الزميل البارز لبرنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، في حديث للشبكة، إن التنبؤ بنتائج هذه الحرب يشكل تحديا كبيرا لأن "أهداف إسرائيل لا تزال غامضة".
وتابع "ما هو واضح، هو أن إسرائيل سيكون لها وجود أمني مستمر في غزة، لذا فإن الأمر لا يتعلق بتصور حكم غزة عندما ينسحب الإسرائيليون، لأنهم لا يتحدثون عن أي انسحاب".
ولم يحتل الجيش الإسرائيلي غزة منذ عام 2005، عندما سحبت إسرائيل قواتها الأمنية من جانب واحد و21 مستوطنة إسرائيلية غير قانونية بعد ضغوط دولية متزايدة.
ولكن مع استمرار القوات الإسرائيلية في غزوها البري لغزة – التي أصبحت أجزاء منها بالفعل أرضا قاحلة – قال براون إنه من المرجح أن يكون لدى غزة بعد الحرب نقاط تفتيش عسكرية لمراقبة حركة البضائع والأشخاص.
وفي الوقت نفسه، أطلق عدد متزايد من السياسيين الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين دعوات للتهجير الجماعي للفلسطينيين إلى صحراء سيناء المصرية أو إلى بلدان أخرى.
وفي حين قال بعض المسؤولين الإسرائيليين إنّ "ليس لديهم رغبة في حكم غزة" أخبر مسؤولون إسرائيليون سابقون آخرون "إن بي سي نيوز" عن نواياهم في إنشاء "منطقة عازلة" شديدة التحصين في شمال غزة لحماية إسرائيل من أي هجمات مستقبلية.
وقال براون إن المسؤولين الإسرائيليين يتعاملون "بدبلوماسية بعض الشيء" مع رسائل تركز على ضمان أمن إسرائيل، لكنه يعتقد أنه لا توجد بدائل مشروعة تكون مقبولة لإسرائيل لا تنطوي على وجود قواتها على الأرض.
هل من دور للسلطة الفلسطينية؟يشك كثيرون في نجاح إسرائيل في القضاء على حماس، التي أصبحت الهيئة الحاكمة بحكم الأمر الواقع في غزة منذ عام 2007.
في المقابل، يقول آخرون إن هجوم السابع من أكتوبر يُظهر أن حماس لم تكن تنوي قط الاحتفاظ بالسلطة الإدارية.
في الصدد، قال ليفي، وهو أيضا رئيس مشروع الولايات المتحدة/الشرق الأوسط، وهو معهد سياسي مستقل "بالطبع كانت لديهم كل النية في البقاء كقوة عسكرية داخل غزة، ولكن ليس كقوة حاكمة".
وبدلا من ذلك، اقترح بعض المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين السابقين أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تحكم غزة.
لكن استطلاعا للرأي أجري مؤخرا أظهر أن 80% من الفلسطينيين يطالبون محمود عباس بالاستقالة.
ويشكك خبراء في الشرق الأوسط في أن يقبل السكان المحليون مثل هذا الاقتراح لأن الفلسطينيين ينظرون على نطاق واسع إلى حزب عباس على أنه "فاسد وغير فعال" في تأمين دولة مستقلة، وفق تقرير شبكة "إن بي سي".
وقالت سليم من معهد الشرق الأوسط "الناس في الضفة الغربية يعتبرونهم متواطئين من خلال التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، دون الحصول على أي شيء في المقابل".
وأضافت أن السلطة الفلسطينية من جانبها لن توافق على الأرجح على العودة إلى السلطة بدعم من إسرائيل لأن ذلك سيعطيها القليل من المصداقية للحكم.
وقال براون بالخصوص "إن أي ترتيب يتم التفاوض عليه بشأن غزة من المرجح أن يشمل الفلسطينيين فقط بطريقة شكلية".
وفي تصعيد حاد للعنف منذ 7 أكتوبر، قُتل أكثر من 240 شخصًا، وأصيب 3300 آخرين، ونُزح 1000 شخص قسرًا في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفقًا للأمم المتحدة.
قال طارق كيني الشوّا، الزميل في "الشبكة" وهي مؤسسة فكرية فلسطينية مستقلة "إننا نشهد عنفا متصاعدا في الضفة الغربية، وهجمات يشنها المستوطنون الإسرائيليون اليمينيون المتطرفون الذين يدعمهم ويحميهم الجيش الإسرائيلي".
وأضاف أن المستوطنين يتعرضون لتحريض من زعماء حزب الليكود المحافظ في إسرائيل.
ليفي قال من جانبه إنه إذا لم يكن هناك تهدئة في غزة أو الضفة الغربية قريبا، فمن الممكن أن يكون هناك "تحول جذري نحو تأكيد الفلسطينيين على حق اللاجئين في العودة"، حيث يتمكن الفلسطينيون من تشكيل قيادة جديدة.
لكن السلام من أي نوع كان بعيد المنال منذ فترة طويلة بالنسبة للفلسطينيين، يقول التقرير، قبل أن يتابع"لديهم تاريخ شابه التهجير المستمر والقمع والاحتلال، والحرب الحالية إضافة أخرى فقط".
كيف سيعاد بناء غزة ومن سيعيد إعمارها؟يشكل هذا السؤال جزءا آخر من اللغز وفق "إن بي سي" التي نقلت عن طارق كيني قوله "لن تكون هناك غزة لنعود إليها".
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ثلثي سكان غزة حتى الآن لن يكون لديهم منازل يعودون إليها بمجرد توقف العنف.
وقال خبراء إن تقديرات إعادة الإعمار لا يمكن فهمها في هذه المرحلة نظرا لنطاق القصف الإسرائيلي المتواصل، والذي تجاوز جميع الصراعات السابقة في غزة.
وحتى قبل هذه الحرب، كانت جهود إعادة الإعمار في غزة تختنق بالفعل وبعيدة عن الاكتمال، "على الرغم من تعهدات المساعدات بالمليارات وتوزيع المساعدات"، وفقا ليارا عاصي، زميلة في مؤسسة السلام في الشرق الأوسط "يتعهد الممولون في كثير من الأحيان بأكثر مما يقدمونه في نهاية المطاف، وبسبب القيود الإسرائيلية على الواردات، فإن الحصول على المواد اللازمة لإعادة الإعمار في غزة أمر صعب للغاية ويستغرق وقتا طويلا".
وقدرت عاصي وآخرون أن إعادة بناء غزة ستستغرق عقودا، وأضافت أن هناك "احتمالا حقيقيا بأن تتغير الجغرافيا الفعلية لغزة" بناء على الطموحات الإقليمية التي أعلنها الجيش الإسرائيلي والسياسيون اليمينيون المتطرفون.
وقال خبراء إن عدم تكافؤ القوى في هذا الصراع يعني أن إسرائيل سيكون لها دور كبير في تحديد ما إذا كان سيتم السماح لسكان غزة بالعودة إلى المناطق الشمالية.
وقالت سليم إن القوى الغربية ستدعو بلا شك دول الخليج العربية الغنية، وتحديداً قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية، إلى القيام بإعادة البناء، لكن لا يبدو أن تلك الدول لديها رغبة كبيرة لذلك.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة إعادة الإعمار الشرق الأوسط إن بی سی فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل يدعم ترامب ضم إسرائيل للضفة الغربية؟
عبر المرشح لمنصب السفير الأميركي لدى إسرائيل في الإدارة الأميركية الجديدة، مايك هاكابي، الأربعاء، عن تفاؤله بشأن دعم الرئيس المنتخب دونالد ترامب التوجه الإسرائيلي لضم الضفة الغربية.
وفي مقابلة أجراها مع إذاعة الجيش الاسرائيلي قال مايك هكابي الذي عينه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سفيرا لدى إسرائيل في إدارته المقبلة بشأن موافقة ترامب على ضم إسرائيل للضفة الغربية: "بالتأكيد".
وأضاف أنه "لن يصنع السياسات وانما سيطبق السياسات التي سيصنعها الرئيس ترامب".
وعبر هكابي عن تفاؤله بمسألة الموافقة على ضم إسرائيل للضفة "نظرا لقرارات ترامب السابقة كنقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس والجولان" معربا عن أمله في الاستمرار على نفس الطريق.
كانت هيئة البث الإسرائيلية، قد ذكرت، الثلاثاء، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو طرح في اجتماعات مغلقة ضم الضفة الغربية لإسرائيل مع تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهام منصبه.
يأتي هذا بينما كتب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عبر حسابه على منصة إكس: "2025 عام السيادة (الإسرائيلية) في يهودا والسامرة"، في إشارة إلى الضفة الغربية.