تقرير: هل سقط القذافي فعلا.. ماذا تغير في ليبيا؟
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
إذا استثنينا المساحة النسبية، التي أعطيت لحرية التعبير في ليبيا، بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي، عام 2011، فإن المراقب للوضع العام، في هذا البلد العربي الغني والكبير والمهم، لا يدعو للتفاؤل بولادة الدولة الليبية الحديثة، التي حلم بها الثوار قبل 12 عاما.
الجغرافيا الليبية الممتدة على مساحة (1.759.540) كيلومترا، والبالغ ناتجها الإجمالي (45.
الحقيقة أن التناحر على تركة القذافي، والسعي من قبل أطراف كثيرة للحصول على أعلى حصة، من هذه التركة، يعد سببا رئيسيا للمؤشرات السابقة، وعندما نقول أطراف كثيرة، فإننا نتحدث هنا عن أطراف داخلية وأخرى خارجية، فالجميع يريد نصيبا، وليبيا تدفع الثمن، على شكل صراعات داخلية، وتجاذبات إقليمية ودولية، وخسائر اقتصادية وبشرية، لا ندي إن كان بالإمكان تعويضها لاحقا؟
ماذا يجري في ليبيا، وهل سقط القذافي فعلا؟، كان الليبيون قبل (2011) يقولون: “نريد حرية وديمقراطية وتنمية متوازنة بين المناطقة وتوزيعا للدخل القومي بشكل عادل، وكانوا يأخذون على نظام العقيد القذافي، احتكاره للسلطات، والإعلام، والأموال، والسلاح، وتقديم القليل من كل ذلك لليبيين الصابرين”، وبعد الثورة، تفاءل الجميع، واعتقدوا أنهم على وشك دخول عصر الدولة الحديثة من بابه الواسع، فالنظام الشمولي سقط، ولا مبرر لغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني.
هل تحقق ذلك، ألا نلاحظ جميعا أن ليبيا تعيش مرحلة انتقالية هي الأطول ربما في التاريخ، 12 عاما، ولا شيء على الأرض، على العكس، الجغرافيا التي كانت موحدة، باتت تبحث عمن يوحدها، الاقتصاد المستقر، بات يبحث عن هوية له، القرار الفردي بات غياب قرار، أو تصارع قرارات، مجالس تمثيلية بالجملة، حكومات بالجملة، لقاءات سياسية، مؤتمرات دولية، اتفاقات يهتف لها الجميع، وينساها الجميع، اشتبكات مسلحة تذهب بالوضع الأمني إلى الهاوية، والأهم فقدان المواطن الليبي لليقين، فما عاد يعرف الحابل من النابل، وما عاد يعرف أي وسادة يتوسد، ضاع بين الشرق والغرب، بين الداخل و الخارج، فهل سقط النظام فعلا؟
جردة سياسية للأوضاع بين (2011) و(2023)
في أغسطس (2011) دخل الثوار العاصمة طرابلس دون مقاومة، بعد انسحاب مسلحي القذافي منها، وأعلن من ساحة طرابلس رسمياً عن سقوط النظام، وعمّت الاحتفالات الساحة الخضراء التي سميّت باسم “ميدان الشهداء”.
في 20 أكتوبر، أعلن مدير المكتب التنفيذي التابع للمجلس الانتقالي الليبي محمود جبريل مقتل معمر القذافي في هجوم للثوار على مسقط رأسه سرت، وشهدت ليبيا أول انتخابات تشريعية بعد 4 عقود من حكم القذافي في يوليو 2012، وصوت الليبيون لاختيار أعضاء المؤتمر الوطني العام الذي تسلم صلاحيات المجلس الوطني الانتقالي بعد شهر على انتخابه.
عام 2014، انطلق حراك مدني للمطالبة بإجراء انتخابات جديدة وعدم التمديد للمؤتمر الوطني العام، وفي هذا العام، ظهر على الساحة اسم اللواء خليفة حفتر، الذي سيطر مع قواته على شرق ليبيا، وتحولت ليبيا إلى ساحة قتال من جديد، ومع نهاية شهر أغسطس من العام نفسه، تمكن ائتلاف “فجر ليبيا” من السيطرة على العاصمة طرابلس وأعاد تفعيل المؤتمر الوطني العام الذي انتهت صلاحيته بعد الانتخابات.
شكّل الائتلاف حكومة جديدة في طرابلس، وفي الوقت ذاته انبثقت حكومة ثانية عن المؤتمر الوطني المنتخب في شرق البلاد، وانقسمت السلطة في ليبيا بين حكومتين وبرلمانين، وفي عام 2015، رعت الأمم المتحدة اتفاقاَ بين الأطراف الليبية في المغرب، عُرِف باتفاق الصخيرات ونتج عنه تشكيل حكومة وفاق وطني، لكن الأزمة لم تنته.
خلال هذه السنوات تحولت ليبيا إلى مسرح للتدخلات الأجنبية من دول مثل الإمارات ومصر وروسيا وتركيا وبريطانيا وأمريكا، ليبقى الوضع معلقا حتى عام 2020، عندما أطلقت الأمم المتحدة حواراً جديداً في ليبيا تحت اسم “ملتقى الحوار السياسي الليبي” لإنهاء الأزمة السياسية، واتفق المشاركون على تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وحدد تاريخ 24 ديسمبر 2021، موعداً لإجراء انتخابات جديدة.
لكن الانتخابات تأجلت مرة أخرى لعدم الاتفاق على قاعدة دستورية لإجرائها، وعاد الوضع في ليبيا من جديد إلى مرحلة الانقسام والصراع السياسي – العسكري.
واليوم يختلف الليبيون على قانون الانتخابات العامة (الرئاسية و البرلمانية)، ويتشاطر الجميع في التفسير، ولكل تفسيره، وبعد نجاح لجنة (6+6) في صياغة قانون انتخاب جديد وتسليمه للبرلمان، وبدا وكأن هذا الإجراء بلا فائدة، بعد رفض القانون من قبل الفرقاء الليبيين، وباتت الانتخابات حلما مؤجلا من جديد.
ليبيا التي أسقطت نظام القذافي، تعرف تماما أنه لابد من إسقاط نظام المناطق والجماعات والولاءات المحلية والخارجية، وإلا فإنها ستبقى تراوح في مرحلة انتقالية، تستهلك موارد البلاد دون أي هدف، وعلى من أسقطوا القذافي، وهم الآن في سدة السلطة، شرقا وغربا، أن يسقطوا من رؤسهم مفهوم السلطة ومنافعها، لصالح منفعة ليبيا، فعندما تسقط المصلحة الشخصية والحزبية، ترتفع المصلحة الوطنية، الليبيون يعرفون ذلك، فهل يعرفه السياسيون الذين باتوا يتجادلون في جنس الملائكة، بدل أن يتفقوا على صيغة تُعيد للمواطن الليبي ثقته بمؤسساته، وتشعره فعلا أن نظام القذافي سقط، ولن يعود النظام الفردي المصلحي أبدا.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: القذافي انتخابات ليبيا معمر القذافي فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
120 ألف زائر ينعشون السياحة الشتوية في بدية خلال إجازة العيد الوطني 54
شهدت ولاية بدية في محافظة شمال الشرقية حركة سياحية واقتصادية نشطة خلال إجازة العيد الوطني الرابع والخمسين المجيد، حيث توافدت العائلات والسياح الأجانب والزوار من مختلف الأماكن بالتزامن هذا العام مع انطلاق الموسم السياحي الشتوي في بدية، التي تشهد سنويًا تزيينًا خاصًا لاستقبال ضيوفها خلال الفترة الممتدة من نوفمبر حتى نهاية فبراير.
ومع أولى البرامج الشتوية اختتمت الولاية أمس كرنفال بدية لتحدي السيارات الذي تضمن العديد من الفعاليات الترفيهية والمسابقات الرياضية والتراثية والاقتصادية إضافة إلى أنشطة الرياضات الصحراوية، حيث حقق هذا المهرجان نجاحات ملموسة في تنشيط السياحة الداخلية، وجذب الجمهور من مختلف محافظات سلطنة عمان ودول الجوار.
وشهدت المرافق السياحية في ولاية بدية، خاصة المنتجعات والفنادق والمخيمات الصحراوية والعزب، ارتفاعًا في نسبة الإشغال لتتجاوز 90% نتيجة زيادة الطلب من الأسر العمانية وعشاق الرحلات الخلوية، ويُقدّر عدد الزوار خلال إجازة العيد الوطني لهذا العام بحوالي 120 ألف زائر.
قال سعادة محمود بن يحيى الذهلي، محافظ شمال الشرقية: تمثل السياحة الشتوية في بدية فرصة ثمينة يجب استثمارها من قبل الشباب، إذ نسعى لدعم الفعاليات التي تبرز مقومات المحافظة، خاصة من خلال مشاريع شبابية وأنشطة رياضية وترفيهية، وهذا ما لمسناه من خلال تنظيم كرنفال بدية لتحدي الرمال الذي يعكس مكانة ولاية بدية كوجهة سياحية محلية ودولية، مما يسهم في تحقيق «رؤية عمان 2040» من خلال تعزيز الاقتصاد المتنوع، وتشجيع السياحة الداخلية والخارجية إلى جانب تشجيع الشباب والشركات المحلية على تبني الأفكار الرائدة في مجال الاستثمار لمختلف المقومات.
من جهته قال محمد بن ناصر الحجري عضو المجلس البلدي: تعد ولاية بدية من الولايات العمانية التي تشهد حراك سياحي يتطور بشكل ملحوظ سنويا، وفي هذا العام لمسنا توافد أعداد كبيرة خاصة من العائلات العمانية والوافدة إلى جانب السياح الأجانب، ويعود ذلك إلى وجود مقومات طبيعية متنوعة، وتأتي الرمال الذهبية الناعمة والهواء العليل في مقدمة تلك المقومات، وكذلك وجود بيئة متنوعة تضم الواحات والتراث الأصيل ووجود خدمات الإيواء السياحي، وفي هذا العام كان الأثر واضحا للقرارات الأخيرة حول السماح للشباب من أبناء الولاية بإقامة مخيمات مؤقته وفق تنظيم واضح مما ساهم في وجود مخيمات سياحية عائلية يتم استثمارها لخدمة الزوار والعائلات، إضافة إلى زيادة أعداد المرافق السياحية كالشاليهات والغرف الفندقية بالمتنوعة التي أبدع شباب الولاية في تصميمها وفق أشكال حضارية جميلة مما ساهم في كثرة الإقبال عليها في إجازة العيد الوطني لهذا العام.
وأشار الحجري إلى أن نجاح التنظيم في كرنفال بدية لتحدي السيارات جاء هذا العام ليسهم في زيادة الجذب السياحي من خلال تنوع فقراته ومسابقاته وعروضه التي جمعت بين شغف التحدي والإثارة والتشويق وبين البرامج الترفيهية التي تلبي رغبات مختلف أفراد الأسرة من الشباب وكبار السن، وكذلك الأطفال من خلال روزنامة متنوعة للفعاليات المصاحبة التي استقطبت المشاركين والزوار وجمهور كبير من المتابعين لفقرات الكرنفال.