لجريدة عمان:
2024-09-19@22:16:29 GMT

نوافذ: موسم الغضب على جوتيريش

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

قامت دنيا إسرائيل ولم تقعد على أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، حين قرر يوم الأربعاء الماضي تفعيل مادة مهجورة وتكاد تكون منسية في الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة، تخوّله -بصفته الوظيفية- «لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حماية السلم والأمن الدوليين»، وهو ما فعله حين نبّه في رسالة وجهها للدول الخمس عشرة أعضاء مجلس الأمن إلى خطورة الانهيار الوشيك للنظام الإنساني بسبب الحرب في غزة، وأن تداعيات هذه الحرب ستكون وخيمة ليس فقط على الفلسطينيين وإنما على الأمن الإقليمي أيضا.

إذا تأملنا هذا الموقف من جوتيريش الذي وصفه البعض بــ «الشجاع» من منظور آلاف الأمهات الفلسطينيات المكلومات منذ السابع من أكتوبر الماضي فهو «أضعف الإيمان» ولا يعدو كونه محاولة يائسة لوقف الآلة الإجرامية الإسرائيلية التي يصمّ ما يسمى المجتمع الدولي أذنه ويعمي بصره عنها، والتي لم تستثنِ من إجرامها حتى المؤسسات الأممية نفسها. وقد جاء بعد أسابيع من تلعثم العجوز البرتغالي ومحاولته إمساك العصا من منتصفها بإدانة الجلاد والضحية معًا على ما يجري في غزة، وممارسته العادة الأثيرة لسلفه الكوريّ بان كي مون وهي «الإعراب عن القلق». لكنه مع ذلك أثار غضب إسرائيل التي يغضبها في العادة مجرد همسة عتاب عمّا ترتكبه من فظائع، فرأينا سفيرها في الأمم المتحدة جلعاد إردان يتهم جوتيريش بــ «الانحطاط الأخلاقي» (نعم، هذه ليست نكتة. مندوب إسرائيل يتحدث عن الانحطاط الأخلاقي!)، في حين اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ولاية جوتيريش في الأمم المتحدة، هي التهديد للسلام العالمي!، وإذا لم تستحِ فصرّح بما شئت.

نسي هذان (إردان وكوهين) أنه لم تمض سوى ثلاث سنوات فقط منذ منح المؤتمر اليهودي العالمي جائزة تيودور هيرتزل (مؤسس الحركة الصهيونية العالمية) لجوتيريش لا سواه في أكتوبر 2020م، وفي حفل تكريمه بالجائزة وصفه رئيس هذا المؤتمر رونالد لاودر بقوله: «على مدى سنوات عديدة أثبتَّ أنك صديق حقيقي ومخلص للشعب اليهودي ودولة إسرائيل»! ومن الجيد التذكير أن هذه الجائزة نالها أيضًا جو بايدن، الرئيس الأمريكي الذي يتفاخر بصهيونيته وبأنه «ليس عليك أن تكون يهوديًّا كي تكون صهيونيّا»، وأنها تُمنح للشخصيات البارزة التي «تعمل على نشر قيم هرتزل المتمثلة في عالمٍ أكثر أمانا وتسامحًا للشعب اليهودي، وكذلك دعم إسرائيل وتعزيز فهم التاريخ والثقافة والقومية اليهودية».

والحق أن جوتيريش يستحق هذه الجائزة الصهيونية بجدارة، فمنذ توليه منصبه في الأول من يناير 2017م، وهو لا يألو جهدًا ولا يدخّر وسعًا في خدمة إسرائيل والدفاع عنها في الأمم المتحدة. ويكفي فقط أن نعدد ما فعله في الأشهر الخمسة الأولى لولايته لنقف على عظيم الخدمات التي أسداها لإسرائيل. ففي 27 يناير من ذلك العام، وهو لم يكمل بعد شهره الأول في المنظمة الدولية، قال جوتيريش في رسالته بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الهولوكوست: «إن اعتبار محرقة اليهود مجرد نتيجة لجنون مجموعة من النازيين المجرمين، مغالطة خطيرة»، مضيفًا أنها «كانت تتويجًا لآلاف السنين من كراهية اليهود واتخاذهم أكباش فداء والتمييز ضدهم»، مؤكدًا أنه سيكون في طليعة المعركة ضد معاداة السامية، وهي التهمة التي اعتدنا في السنوات الأخيرة على رشقها في وجه كل من يتجرأ فينتقد إسرائيل.

بعدها بأقل من شهرين، وتحديدًا في 17 مارس 2017 استقالت المسؤولة الأممية الأردنية ريما خلف التي كانت تشغل منصب الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) في بيروت، بعد أن طلب منها جوتيريش سحب تقرير يتهم إسرائيل بأنها «دولة فصل عنصري». وبعد شهر من تلك الاستقالة، وتحديدًا في أبريل 2017 تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أمام الجمعية العامة للمؤتمر اليهودي العالمي في نيويورك ووعد بالعمل ضد ما وصفه «المدّ العالمي المتزايد لمعاداة السامية»، قائلًا: إن «الشكل الحديث لمعاداة السامية هو إنكار حق دولة إسرائيل في الوجود». ولم يمض شهر على هذه الخطبة، حتى انتُخِب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون في مايو 2017 نائبًا لرئيس الدورة السنوية الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

حدث هذا فقط في الأشهر الأولى لولاية جوتيريش، ومع كل هذا الذي قدمه لإسرائيل فقد نسيتْ كل شيء بمجرد أن صرح في 24 أكتوبر الماضي أي بعد ستة عشر يومًا من بدء حرب الإبادة على غزة، وفي مستهل جلسة مجلس الأمن الدولي، أن «أي طرف في الصراع المسلح -في غزة - ليس فوق القانون الدولي» من دون الإشارة الصريحة لإسرائيل، بل إن إشارته الصريحة كانت فقط ضد حماس، حين قال: «لا شيء يبرر الهجمات المروعة من قبل حماس». منذ ذلك التاريخ بدأ الهجوم عليه، وبُعَيد تلك الجلسة دعاه مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة إلى الاستقالة متهمًا إياه أنه «أبدى تفهُّمًا للإرهاب والقتل»!

أذكّر هنا أن جوتيريش يجيد التحدث بأربع لغات هي البرتغالية (لغته الأم) والإنجليزية والفرنسية والإسبانية، لكنه لا يجيد العربية. ولو أنه يجيدها فلا أشك أنه سيرد على إسرائيل ببيت المتنبي الشهير: إذا أنت أكرمتَ الكريم ملكتَه / وإنْ أنت أكرمت اللئيم تمردا.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الأمم المتحدة للأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

الغارديان: حرب التفخيخ التي تشنها إسرائيل غير قانونية وغير مقبولة

تناول المقال الافتتاحي في صحيفة "الغارديان" البريطانية، تفجيرات الاحتلال في لبنان التي استهدفت عددا من المدنيين وعناصر حزب الله.

وقالت الصحيفة، "في الحرب العالمية الثانية، نشرت قوات الفدائيين كميات ضخمة من الأجسام المفخخة التي يحتمل أن تجذب إليها المدنيين، وكانت الفكرة من ذلك التسبب في القتل العشوائي على نطاق واسع".

وأضافت، أن اليابانيين صنعوا غليون تدخين مفخخا بمواد فجرت بصاعق مرتد، أما الإيطاليون فأنتجوا سماعة تنفجر عند توصيلها.



وبعد مرور أكثر من قرن، تم إبرام معاهدة عالمية "حرمت في كافة الظروف استخدام الأجسام المفخخة أو أي وسائل أخرى تتخذ شكل ما يبدو أنها أجسام غير ضارة، ولكنها في الواقع مصممة ومركبة بحيث تحتوي على مواد متفجرة"، وفقا للمقال.

وتساءلت، هل أخبر أحد إسرائيل وأنصارها المبتهجين بأنها، كما أشار إلى ذلك برايان فينوكان من مجموعة الأزمات الدولية، أحد الموقعين على البروتوكول؟

ويوم الثلاثاء، انفجرت بشكل متزامن تقريبا أجهزة المناداة (البيجر) المستخدمة من قبل المئات من أعضاء مجموعة حزب الله في لبنان وسوريا، ما أفضى إلى مقتل ما لا يقل عن اثني عشر شخصا – بما في ذلك طفلان وأربعة من العاملين في المستشفيات – وكذلك إلى جرح آلاف آخرين.

وبينت الصحيفة، أن هذا الوضع مشابه تماماً للممارسات التاريخية التي تحرمها صراحة معاهدات التسليح العالمية الحالية.

وتقول وسائل الإعلام الأمريكية إن إسرائيل تقف من وراء الهجوم، وإن البلد لديه الحافز والوسائل الكفيلة باستهداف أعدائه المدعومين من قبل إيران.

وأشارت إلى أن زعماء إسرائيل يمتلكون تاريخا طويلا في تنفيذ العمليات المعقدة عن بعد، والتي تتراوح ما بين الهجمات السيبرانية، إلى الهجمات التي تنفذ بواسطة مسيرات انتحارية، إلى الأسلحة المتحكم بها عن بعد والمستخدمة في اغتيال العلماء الإيرانيين.

ويوم الأربعاء، نشرت تقارير تفيد بأن إسرائيل فجرت الآلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكية المستخدمة من قبل أعضاء حزب الله في لبنان، ما نجم عنه مقتل تسعة وجرح المئات.

وبينت أن هجمات هذا الأسبوع لم تكن، كما زعم المدافعون عن إسرائيل، "جراحية" أو أنها "استهدفت بدقة عمليات ضد الإرهاب"، ولا ريب في أن إسرائيل وحزب الله عدوان لدودان لبعضهما البعض.

فقد شهدت الجولة الحالية من القتال نزوح عشرات الآلاف من الإسرائيليين من الحدود الإسرائيلية اللبنانية بسبب صواريخ وطلقات المدفعية التي تنهال عليهم من طرف "المليشيات الشيعية"، وفق تعبير الصحيفة.

وأردفت بأن تفجيرات أجهزة المناداة قصد منها بوضوح استهداف الأفراد المدنيين – وبعضهم من الدبلوماسيين والسياسيين – الذين لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال القتالية.

وتابعت، يبدو أن الخطة كانت ترمي إلى إنتاج ما قد يطلق عليه المحامون "أضرار بليغة تلحق بالمدنيين عن طريق الصدفة"، لقد استخدمت نفس هذه الحجج ضد روسيا للزعم بأن موسكو ترتكب جرائم حرب في أوكرانيا.

وبحسب المقال، فإنه يصعب القول لماذا لا يتم تطبيق نفس المنطق في حالة إسرائيل – فيما عدا أنها حليف للغرب.

ومثل هذه الهجمات غير المتكافئة، والتي يبدو أنها غير قانونية، ليست فقط غير مسبوقة، بل ويمكن أيضاً أن تصبح أمراً طبيعيا، إذا كان الأمر كذلك، فإن الباب سيفتح أمام دول أخري لاختبار قوانين الحرب بشكل فتاك وفقا للغارديان.

وأشارت إلى أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تتدخل وتقيد حليفها، ولكن لا يظهر جو بايدن أي أمارات على الرغبة في التدخل لوقف سفك الدماء. يمر الطريق نحو السلام بغزة، ولكن خطة السيد بايدن للسلام – وتحرير الرهائن – لم تجد قبولاً لا لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا لدى حماس.



ويُخشى أن تفضي أفعال إسرائيل إلى صراع كارثي واسع النطاق، يجر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية، بحسب وجهة نظر الصحيفة، التي ترى العالم يقف على شفا هوة من الفوضى، لأن استمرار نتنياهو في إحكام قبضته على السلطة، وبالتالي تحصين نفسه من الملاحقة بتهم الفساد، يتوقف إلى حد كبير على خوض بلده للحرب.

وبين أنه لا يمكن لشيء من ذلك أن يحصل دون تواطؤ الولايات المتحدة ومساعدتها، لربما فقط بعد انتخاباتها الرئاسية قد تتمكن الولايات المتحدة من القول إن ثمن إنقاذ السيد نتنياهو لا ينبغي أن يدفعه الناس في شوارع لبنان أو الفلسطينيون في المناطق المحتلة.

وختمت، "حتى ذلك الحين، سوف يستمر النظام الدولي القائم على القواعد والأحكام عرضة للتقويض من نفس البلدان التي أوجدت النظام".

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: إسرائيل منعت دخول 83% من المساعدات إلى غزة
  • مندوب فلسطين في الأمم المتحدة: إسرائيل تنتهك القانون الدولي وتواصل ضم أراضينا
  • ما هي الدول التي صوتت ضد قرار إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية؟
  • مجلس الأطراف لمركز الملك عبدالله العالمي للحوار يناقش مراحل الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة
  • “خوري” تطّلع على عمليات “إيريني” والتحديات التي تواجهها
  • الغارديان: حرب التفخيخ التي تشنها إسرائيل غير قانونية وغير مقبولة
  • إسرائيل ترد على قرار الأمم المتحدة بشأن إنهاء الاحتلال
  • الأمم المتحدة: اعتماد قرار مطالبة إسرائيل بإنهاء احتلالها لفلسطين
  • جوتيريش: إسرائيل ترتكب «انتهاكات واسعة النطاق» ويجب محاسبتها
  • الأمم المتحدة: إسرائيل أصدرت 55 أمر إخلاء لسكان غزة منذ بداية الحرب