لجريدة عمان:
2025-04-27@04:14:18 GMT

نوافذ: موسم الغضب على جوتيريش

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

قامت دنيا إسرائيل ولم تقعد على أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، حين قرر يوم الأربعاء الماضي تفعيل مادة مهجورة وتكاد تكون منسية في الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة، تخوّله -بصفته الوظيفية- «لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حماية السلم والأمن الدوليين»، وهو ما فعله حين نبّه في رسالة وجهها للدول الخمس عشرة أعضاء مجلس الأمن إلى خطورة الانهيار الوشيك للنظام الإنساني بسبب الحرب في غزة، وأن تداعيات هذه الحرب ستكون وخيمة ليس فقط على الفلسطينيين وإنما على الأمن الإقليمي أيضا.

إذا تأملنا هذا الموقف من جوتيريش الذي وصفه البعض بــ «الشجاع» من منظور آلاف الأمهات الفلسطينيات المكلومات منذ السابع من أكتوبر الماضي فهو «أضعف الإيمان» ولا يعدو كونه محاولة يائسة لوقف الآلة الإجرامية الإسرائيلية التي يصمّ ما يسمى المجتمع الدولي أذنه ويعمي بصره عنها، والتي لم تستثنِ من إجرامها حتى المؤسسات الأممية نفسها. وقد جاء بعد أسابيع من تلعثم العجوز البرتغالي ومحاولته إمساك العصا من منتصفها بإدانة الجلاد والضحية معًا على ما يجري في غزة، وممارسته العادة الأثيرة لسلفه الكوريّ بان كي مون وهي «الإعراب عن القلق». لكنه مع ذلك أثار غضب إسرائيل التي يغضبها في العادة مجرد همسة عتاب عمّا ترتكبه من فظائع، فرأينا سفيرها في الأمم المتحدة جلعاد إردان يتهم جوتيريش بــ «الانحطاط الأخلاقي» (نعم، هذه ليست نكتة. مندوب إسرائيل يتحدث عن الانحطاط الأخلاقي!)، في حين اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ولاية جوتيريش في الأمم المتحدة، هي التهديد للسلام العالمي!، وإذا لم تستحِ فصرّح بما شئت.

نسي هذان (إردان وكوهين) أنه لم تمض سوى ثلاث سنوات فقط منذ منح المؤتمر اليهودي العالمي جائزة تيودور هيرتزل (مؤسس الحركة الصهيونية العالمية) لجوتيريش لا سواه في أكتوبر 2020م، وفي حفل تكريمه بالجائزة وصفه رئيس هذا المؤتمر رونالد لاودر بقوله: «على مدى سنوات عديدة أثبتَّ أنك صديق حقيقي ومخلص للشعب اليهودي ودولة إسرائيل»! ومن الجيد التذكير أن هذه الجائزة نالها أيضًا جو بايدن، الرئيس الأمريكي الذي يتفاخر بصهيونيته وبأنه «ليس عليك أن تكون يهوديًّا كي تكون صهيونيّا»، وأنها تُمنح للشخصيات البارزة التي «تعمل على نشر قيم هرتزل المتمثلة في عالمٍ أكثر أمانا وتسامحًا للشعب اليهودي، وكذلك دعم إسرائيل وتعزيز فهم التاريخ والثقافة والقومية اليهودية».

والحق أن جوتيريش يستحق هذه الجائزة الصهيونية بجدارة، فمنذ توليه منصبه في الأول من يناير 2017م، وهو لا يألو جهدًا ولا يدخّر وسعًا في خدمة إسرائيل والدفاع عنها في الأمم المتحدة. ويكفي فقط أن نعدد ما فعله في الأشهر الخمسة الأولى لولايته لنقف على عظيم الخدمات التي أسداها لإسرائيل. ففي 27 يناير من ذلك العام، وهو لم يكمل بعد شهره الأول في المنظمة الدولية، قال جوتيريش في رسالته بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الهولوكوست: «إن اعتبار محرقة اليهود مجرد نتيجة لجنون مجموعة من النازيين المجرمين، مغالطة خطيرة»، مضيفًا أنها «كانت تتويجًا لآلاف السنين من كراهية اليهود واتخاذهم أكباش فداء والتمييز ضدهم»، مؤكدًا أنه سيكون في طليعة المعركة ضد معاداة السامية، وهي التهمة التي اعتدنا في السنوات الأخيرة على رشقها في وجه كل من يتجرأ فينتقد إسرائيل.

بعدها بأقل من شهرين، وتحديدًا في 17 مارس 2017 استقالت المسؤولة الأممية الأردنية ريما خلف التي كانت تشغل منصب الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) في بيروت، بعد أن طلب منها جوتيريش سحب تقرير يتهم إسرائيل بأنها «دولة فصل عنصري». وبعد شهر من تلك الاستقالة، وتحديدًا في أبريل 2017 تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أمام الجمعية العامة للمؤتمر اليهودي العالمي في نيويورك ووعد بالعمل ضد ما وصفه «المدّ العالمي المتزايد لمعاداة السامية»، قائلًا: إن «الشكل الحديث لمعاداة السامية هو إنكار حق دولة إسرائيل في الوجود». ولم يمض شهر على هذه الخطبة، حتى انتُخِب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون في مايو 2017 نائبًا لرئيس الدورة السنوية الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

حدث هذا فقط في الأشهر الأولى لولاية جوتيريش، ومع كل هذا الذي قدمه لإسرائيل فقد نسيتْ كل شيء بمجرد أن صرح في 24 أكتوبر الماضي أي بعد ستة عشر يومًا من بدء حرب الإبادة على غزة، وفي مستهل جلسة مجلس الأمن الدولي، أن «أي طرف في الصراع المسلح -في غزة - ليس فوق القانون الدولي» من دون الإشارة الصريحة لإسرائيل، بل إن إشارته الصريحة كانت فقط ضد حماس، حين قال: «لا شيء يبرر الهجمات المروعة من قبل حماس». منذ ذلك التاريخ بدأ الهجوم عليه، وبُعَيد تلك الجلسة دعاه مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة إلى الاستقالة متهمًا إياه أنه «أبدى تفهُّمًا للإرهاب والقتل»!

أذكّر هنا أن جوتيريش يجيد التحدث بأربع لغات هي البرتغالية (لغته الأم) والإنجليزية والفرنسية والإسبانية، لكنه لا يجيد العربية. ولو أنه يجيدها فلا أشك أنه سيرد على إسرائيل ببيت المتنبي الشهير: إذا أنت أكرمتَ الكريم ملكتَه / وإنْ أنت أكرمت اللئيم تمردا.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الأمم المتحدة للأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

الاحتفال باليوم العالمي للأرض

د. فراج الشيخ الفزاري

يحتفل العالم الحر..في الثاني والعشرين من شهر ابريل , من كل عام'باليوم العالمي للأرض..وشعار هذه السنة ،2025،[ قوتنا..كوكبنا ] بما يعني أهمية التحرك الجماعي لحماية الأرض ،البيئة،الموارد الطبيعية والمائية..لضمان وجود كوكب الأرض أكثر استدامة وصحة،لنا وللأجيال القادمة.
ومن الحقائق الهامة التي يجهلها الناس أو يتجاهلها
هي أن فضائنا العالمي تسبح فيه الملايين من الاجرام السماوية..يحاول العلم الحديث يدرس القريب منا...وأن وكالة الفضاء الأمريكية[ناسا] ورغم الاكتشافات الرائعة التي حققتها..إلا أن ذلك لا يمثل الا جزءا صغيرا جدا من ملكوت السماوات التي لا يعرفها إلا الله..بينما نعرف نحن البشر
الكواكب الثمان المعروفة باسم :الارض،عطارد، الزهرة،المريخ ،المشتري،زحل، أورانوس...ونبتون.. وكل هذه الكواكب التي نعرفها والتي لا نعرفها.. قد رفضت رفضا باتا بأن يعيش فيها الأنسان...إلا...أمنا الروؤم [ الأرض] قد قبلت التحدي في استضافة الانسان وبقية الكائنات الحية..ورغم ذلك لم يحافظ الانسان علي هذه النعمة الإلهية بما يقوم به من تدمير وتخريب ...واشعال للحروب التي تعتبر العدو الأول للبيئة..ويصبح السؤال المؤلم : أين سيذهب الانسان ونسله اذا نحن البشر بأيدينا دمرنا أمنا الأرض ؟الحاضن الوحيد لوجودنا؟
بدأ الاحتفال باليوم العالمي للأرض جماهريا في سبعينات القرن الماضي بمبادرات فردية في الولايات المتحدة الأمريكية...ثم توسعت الدول والحكومات في هذا المجال مما جعلته الأمم المتحدة يوما عالميا عام 2009 بصفة رسمية ، فقد أشار القرار الأممي بأن الأرض وانظمتها البيئية هي موطننا وأنه من الضروري أن ندعم التناغم مع الطبيعة والأرض..
هناك الآن نحو 190 دولة ومئات المنظمات والجمعيات الدولية والمحليةتشارك في هذه الاحتفالات ..وهذا شيئ طيب ومطلوب ...ولكن في ذات الوقت هناك دول وحكومات ومنظمات تعمل علي تدمير هذا الكوكب من خلال الممارسات و السلوكيات الخاطئة في تعاملنا مع البيئة...وابرزها النزاعات المسلحة والحروب التي تغذيها الدول والأنظمة السياسية المتطرفة...فالحروب هي العدو الأول للبيئة والمهدد الأكبر لسلامة كوب الأرض.
ايضا..تأتي احتفالات هذه السنة وسط اختناقات و اخفاقات كثيرة تشهدها الساحة الدولية بشأن التمويل في صندوق الأمم المتحدة بشأن الاحتباس الحراري والتغير المناخي..فقد اتفقت الدول في (كوب 29) الذي عقد في (باكو) في اذربيجان علي تجميع ثلاثمائة مليار د ولار بشأن التغير المناخي ..لم يتم جمع منها الا ثلاثة مليار فقط وقد بقي على انعقاد كوب 30 القادم في البرازيل
عدة شهور ..فضلا عن رغبة الولايات المتحدة الأمريكية علي الانسحاب بعد عودة ترامب..
الاحتفال باليوم العالمي للأرض...يعني الاحتفال بوجودها.. وأننا لا زلنا نعيش حياتنا فيها رغم كل المخاطر المحيطة وأن الأرض لازالت هي الأم الرؤوم التي تتجاوز عن كل خطايانا..فهل يدرك الأبناء حجم هذه التضحيات.. و بأن[قوتنا ..كوكبنا]..أي ان حياتناو نشاطاتنا البشرية ،مرهونة بالحفاظ علي هذا الكوكب..؟وأن أقل ما يمكننا القيام به هو وجود بيئة صالحة مستدامة لنا ولاجيالنا القادمة ؟
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • سوريا تدعو مجلس الأمن الدولي إلى الضغط على إسرائيل لتنسحب من أراضيها  
  • مفيد شهاب: إسرائيل كيان مراوغ ينتهك القانون ويواجه النبذ العالمي
  • 202 شهيدًاوجريحًا في العدوان على غزة ودعوات للمشاركة في يوم الغضب العالمي
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تدعو للمشاركة في يوم الغضب العالمي ومحاصرة السفارات الأمريكية
  • “الشعبية” تدعو للمشاركة في يوم الغضب العالمي ومحاصرات السفارات الأمريكية
  • السيسي: التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تحتم تكثيف التعاون بين الدول العربية
  • ميلان «الغضب الثالث» للمرة الثالثة أمام إنتر ميلان!
  • الاحتفال باليوم العالمي للأرض
  • الأمم المتحدة: المساعدات الإنسانية التي نقدمها في غزة تتم وفق مبادئ الإنسانية
  • الأمم المتحدة تحيي "أسبوع التمنيع العالمي"