ملتقى الطفل بالجامع الأزهر يوجه بالإكثار من النوافل والتحلي بمحاسن الأخلاق
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، حلقة جديدة من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان «الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح»، وذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين، وحاضر في الملتقى الشيخ عبد الكريم أحمد، الباحث بوحدة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف، والشيخ محمود عبد الجواد، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.
وقال الشيخ عبد الكريم أحمد، إن الله عزّ وجلَّ خَلَق هذه الحياة وما فيها من بدائع وعجائبَ، وأفراح ومصائب، وفِتن وشهوات؛ ليبلوَنا أيُّنا أحسنُ عملاً؛ كما قال جل شأنُه: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾، وأخبرنا عزَّ وجلَّ أنَّ مَن اجتهد في العمل الصالح في جميع أيَّامه، فهو موعود بالحياة الطيِّبة والكرامة الخالدة والحِفظ والرعاية؛ قال - تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
وبيَّن الباحث بوحدة شئون الأروقة، أن الله تبارك وتعالى بشَّرنا في آيات كثيرات قاطعات بيِّنات، بالجزاء الأوْفَى والعاقبة الأسْنَى لمن آمن به واتَّقاه، فكان عملُه في طاعته ورضاه يمتثِل أمرَه، ويَجتنب نَهْيَه وزَجْرَه؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا﴾، مشيرا إلى أن النبى ﷺ يؤكِّد لنا هذه الحقيقة التي يغفُلُ عنها كثيرٌ من المسلمين اليوم، وهي أنْ يكون الهمُّ الأول للإنسان آخرتَه، وإنما يكون ذلك بالإيمان والعملِ الصالح، وإلا فالخسارة والندامة، يقول ﷺ {مَن كانت الآخرة هَمَّه، جعَلَ الله غِناه في قلبه، وجَمَع له شَمْلَه، وأتتْه الدنيا وهي راغمة، ومَن كانت الدنيا هَمَّه، جعَلَ الله فقْرَه بين عَينيه، وفرَّق عليه شَمْلَه، ولم يأتِه من الدنيا إلاَّ ما قُدِّر له} ويقول الله - عزَّ وجلَّ - في الحديث القُدسي: {يا عبادي، إنما هي أعمالكم أُحصيها لكم، ثم أُوَفِّيكم إيَّاها، فمَن وجَدَ خيرًا فليَحْمَدِ الله، ومَن وجَد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نفْسَه}.
وتابع: لقد فَقِه سيِّد الأنبياء والمرسلين - عليه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم - هذه المعاني حقَّ الفقه، وعَلِمها حقَّ العلم، فكان يجتهد في عبادته لربِّه أشدَّ الاجتهاد؛ قال عبيد بن عمير لعائشة - رضي الله عنها -: أخبِرِينا بأعجب شيءٍ رأيتِه من رسول الله ﷺ قال: فسكتَتْ ثم قالتْ: "لَمَّا كان ليلة من الليالي، قال: ((يا عائشة، ذَرِيني أتعبَّد الليلةَ لربِّي))، قلتُ: والله إني لأحبُّ قُرْبَك، وأحبُّ ما سَرَّك، قالتْ: فقام فتطهَّر، ثم قام يُصلِّي، قالتْ: فلم يَزَلْ يبكي حتى بلَّ حِجْرَه، قالتْ: ثم بَكَى فلم يزلْ يبكي حتى بلَّ لِحْيته، قالتْ: ثم بَكَى فلم يزل يبكي حتى بلَّ الأرض، فجاء بلال يُؤْذِنه بالصلاة، فلمَّا رآه يبكي، قال: يا رسول الله، لِمَ تبكي وقد غفَر الله لك ما تقدَّم وما تأخَّر؟ قال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا؟! لقد نزلتْ عليَّ الليلة آية، وَيْلٌ لِمَن قرأها ولَم يتفكَّر فيها: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.
تحذير من التمادي في الغفلةوحذر الشيخ عبد الكريم أحمد، المسلمين من التمادي في الغَفْلة، والركون إلى الدَّعَة؛ فإنَّ متاع الدنيا قليلٌ، ولا بُدَّ لكلِّ عبدٍ من الرحيل، والإقبال على الملك الجليل؛ ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾. فواجب على كل منا المحافظة على الْجُمَع والجماعات، والصيام وأداء الزكوات، والإكثار من النوافل والتطوُّعات، وأن نتحلَّى بمحاسن الأخلاق ومكارم الآداب؛ من بِرِّ الوالدين، وصِلَة الأرحام، والإحسان إلى الفُقَراء والمساكين والأيتام، وحِفظ اللسان، وغَضِّ البصر وجميع الجوارح عن الفواحش والآثام.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأزهر ملتقى الازهر أهمية الاجتهاد الجامع الأزهر
إقرأ أيضاً:
حكم الدعاء بقضاء حوائج الدنيا في الصلاة.. علي جمعة يوضح
يتساءل الكثيرون عن مدى جواز الدعاء بقضاء حوائج الدنيا أثناء الصلاة، وهل يؤثر ذلك على صحتها؟
أوضح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الدعاء أثناء الصلاة مشروع ولا يبطلها، مستشهدًا بما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد، ثم قال في نهايته: "ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو"، مما يدل على جواز الدعاء بما يختاره المصلي.
وأكد الإمام النووي في كتاب الأذكار أن الدعاء في الصلاة مستحب وليس واجبًا، ويُفضل تطويله بشرط ألا يكون المصلي إمامًا، مشيرًا إلى جواز الدعاء بأمور الدنيا والآخرة، سواء من الأدعية المأثورة أو مما يبتكره المصلي.
كما أيد الحافظ ابن حجر في فتح الباري هذا الرأي، مشيرًا إلى أن الحديث يؤكد حرية المصلي في الدعاء بما يشاء، بينما أضاف الشوكاني في تحفة الذاكرين أن المصلي له أن يطلب من الله ما يحب، بشرط ألا يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم.
وفي حديث آخر رواه مسلم عن ابن عباس، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الدعاء أثناء السجود، حيث قال: "فأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم".
وعلق المناوي في فيض القدير على هذا الحديث بأن الأمر يشمل الدعاء لكل حاجة، حتى لو كانت بسيطة، مما يدل على سعة الأمر.
وأشار علماء المالكية وغيرهم إلى أن الدعاء في الصلاة بأمور الدنيا والآخرة أمر جائز، حتى إن ابن عمر رضي الله عنهما استدل بآية ﴿واسألوا الله من فضله﴾ [النساء: 32]، مؤكدًا شمولية الدعاء وعدم وجود ما يمنع منه أثناء الصلاة.