أحمد ماهر أبو رحيل يكتب: للحرب فوائد أخرى
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
مع سقوط الاتحاد السوفياتي حسب الكثيرون أن الحرب الباردة انتهت وأن التهديد بالحرب لم يعد ضروريًا، وأن التوتر على صعيد العالم سوف يتلاشى، وأن صناعة السلاح النووي لم يكن لها مبرر.
لكن نظام القطب الأوحد الذى تترأسه أمريكا حول صراع الحضارات إلى صراع الأيديولوجيات السياسية والهيمنة الاقتصادية، فكأن هناك حاجة دائمة للحرب والحرب تلزمها نفقات والنفقات شأن مالي واقتصادي، لكن الحرب تحتاج إلى عدو محدد، وإذا لم يكن العدو في مكان ما فالإرهاب في كل مكان والحرب على الإرهاب حرب عالمية ولا يبقى إلا الربط بين حرب الإرهاب وصراع الحضارات وانتقاء حضارة لتكون هدفًا لحرب الإرهاب توفره الدراسات الاستراتيجية والأنثروبولوجية إضافة إلى الأحقاد التاريخية.
وحيث لا تكتمل المبررات إلا عندما يكون العدو المهيئ ليصير موضوعًا للحرب ضعيفًا، وهكذا يقع الاختيار على الإسلام أو على العرب حيث أن الغش في الدراسات العلمية المتعلقة بالتاريخ والأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا التى تدعم ذلك حيث أن هذه الدراسات لها سوق تستثمر فيها الإمكانيات العقلية كما تستثمر الأموال في سوق الأسهم وهذا واضح من مقولة "الاسلام فوبيا".
حيث صار العنف جزءًا من الحياة اليومية مع ظهور الرأسمالية، ولم يكن معدومًا من قبل وتعودت البشرية على حروب الإبادة وصار زوال الحضارات أمرًا مألوفًا لكن الرأسمالية الحديثة التي علمنا أنها فتحت منذ قرون عهدًا جديدًا بل تاريخًا جديدًا على أساس أن كل ما سبقها يدخل في عداد ما قبل التاريخ قائمًا على الإنتاج والتبادل، والتي تكرس عولمتها الراهنة على قاعدة الزعم بأنها تسهل التبادل التجاري، وأن التجارة والانفتاح يؤديان إلى الإزدهار في كل بقاع الأرض ولنضع في حسابنا المقولة الطريفة بأنه لم تقع حرب بين بلدين في كل منهما مطاعم ماكدونالدز). ولأن الإقناع بجدوى ذلك كله مستحيل ما بقيت للإقناع غير وسيلة واحدة هي الحرب، وحرب العراق خير دليل على ذلك بالاضافة إلى حرب أفغانستان وغيرها من الحروب.
لذلك يبحث النظام العالمى بشكل دائم عن أسباب له وطبيعي أن لا يجدها؛ لذلك فمن الضروري إذن أن يخترع الأسباب مستخدمًا وسائل الغش والكذب والخداع كما في بورصة الأسهم، ولكي تكتمل عدة شغل الكذب والخداع ينبغي أن تنقلب الأدوار، فتدعي الرأسمالية العالمية بأنها داعية سلام وأن الحرب يسببها الآخرون القادمون من حضارة ملعونة مدانة ويصبح العرب الذين دخلوا مفاوضات السلام منذ عشرة أعوام هم سبب الحرب، ويصير شارون داعية سلام، ويصير الفلسطينيون الذين وقعوا معاهدة أوسلو هم البنية التحتية للإرهاب، كما يصير الفريق الإسرائيلي الذي رفض أوسلو منذ البداية هو البنية الفوقية للسلام!!!
وإذا لم تكن الحرب للإبادة ومن الصعب تصديق أنه يمكن إبادة عشرات الملايين في هذا العصر؛ عصر تدفق المعلومات وتدفق الأمكنة دون تشويه سمعة القاتل حتى ولوكانت الرأسمالية وروادها هم القتلة، فالإنسانية تبقى متأصلة فى قلوب الناس وظهر ذلك جليًا فى المظاهرات والاحتجاجات التى خرجت لتندد بالمجازر التى يرتكبها العدو الصهيونى فى غزة فى كل بقاع العالم وعواصم المدن الكبرى فى أوروبا؛ حيث يجب الإشادة بالدور الإعلامى للمؤسسات الإعلامية فى غزة حيث لعبت دورًا كبيرًا فى توصيل الصورة بوضوح ونشرها فى كل مكان مما أدى إلى تعاطف الشعوب مع فلسطين وشعبها الذى يناضل من أجل حريته ووطنه ومستقبله.
كما أكبر دليل على أن للحروب فوائد أخرى حرب روسيا مع أكرنيا فكل الدول الغربية تحاول أن تهزم روسيا حيث إنها تدعم أكرنيا بكل إمكانياتها وذلك أيضا حفاظًا على النظام العالمى الحالى، وهو نظام القطب الواحد لأن عودة روسيا إلى الساحة الدولية بقوة مرة أخرى سوف يؤثر على سياسة النظام العالمى الحالى خاصة عندما يكون هناك داعم للقطب الروسى وهو الصين الأكبر اقتصاديًا حاليًا على مستوى العالم؛ فالصين قد غزت كل دول العالم بمنتجاتها فى جميع المجالات وفى جميع الصناعات، كما إنه لإنشاء مجموعة بريكس الاقتصادية لدور كبير على الاقتصاد العالمى حتى وإن لم يظهر دوره على الواقع الملموس حتى الآن لكنه بعدًا استراتيجيًا هامًا يجمع تحت لواءه أكبر اقتصاديات العالم؛ وهذه خطوة حقيقية وجادة للخروج من نفق القطب العالمى الواحد والوحيد.
كما هناك أدلة اخرى لفائدة الحروب بالنسبة للرأسمالية العالمية هو ترويج سوق السلاح الذى يقوم عليه الاقتصاد فى الغرب فلولا احتياج الناس للسلع لتوقفت المصانع؛ فكيف للدول الرأسمالية أن تهدم اقتصادياتها؟!
كما أن للحروب فائدة ايضا فى زيادة عدد الموتى فى العالم وتخفيف الضغط على الموارد العالمية الطبيعية فمحاولة قتلهم بالحروب العادية أو ىبالحروب البيولوجية شئ نافع بالنسبة لهم ويدعون إليه فى بعض كتبهم امثال "ادم سميث"
اما بالنسبة للحرب الفلسيطينية هى حرب فكر وأيديولجيات فى المقام الأول ومحاولة فرض السيطرة على الأرض وتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد خاصة مع صعود اليمين المتطرف وأكبر دليل على ذلك هو تهجير الفلسطينين من شمال قطاع غزة ودفعهم إلى الهروب من الموت المحتم إلى الجنوب حيث رفح حيث الحدود المصرية، ولعل ذلك أفضل وقت لتصفية القضية الفلسطينية حيث أن صمود الدوب الروسى فى الحرب الأكرانية واقتصاده بمساعدة الدول الحليفة كالصين وكوريا الشمالية والهند وإيران ينذر بضرورة وحتمية تغيير النظام العالمى الجديد وعدم قدرة الإدارة الأمريكية على السيطرة على النظام العالمى بمفردها وهذا مؤشر على عودة النظام ثنائى الأقطاب وبالتالى يمكن للقطب الجديد أن يدعم القضية الفلسطينية ويرفض تصفيتها كما هو حادث الآن بالشجب والتنديد والاستنكار، ولكن فيما بعد قد يحدث تدخل عسكرى وتنتقل الحرب إلى حرب إقيميمة فى منطقة الشرق الأوسط.
كما أن فى النهاية يجب أن نشير على أن للحرب فوائد أخرى في التخويف وزرع الرعب في نفس كل من تسول له نفسه الاعتراض مجرد فقط الاعتراض، ولكن وجب التنويه بأن العالم الآن أصبح أكثر جرأة ووعيًا وفهمًا، فلم يعد بمقدور الغرب أن يكذب على الشعوب بحجة الانسانية وقيمها البناءة فلم يعد للحديث مصداقية.
حفظ الله مصر.. حفظ الله فلسطين.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الاقتصاد العالمي التبادل التجاري الحرب الباردة
إقرأ أيضاً:
أحمد نجم يكتب: الطفل العنيد صناعة أسرية
من الخطأ تجاهل الدور الأسري لصناعة الطفل العنيد، أحيانا بدون قصد يداعب الوالدين أو أحد أفراد الأسرة الطفل الصغير بأن يمنع عنه شئ يحبه، ويتلذذ البعض بمحاولات الطفل الصراخ للتوصل للشئ الممنوع عنه، وتزداد الضحكات عليه في الوقت الذي يشعر الطفل بالرغبة الشديدة للوصول وتقليد مافعله الٱخر معه.
يتصور البعض بأن الطفل لا يدرك الأمر لكن في الحقيقة تتولد مظاهر العناد لدي الطفل إبتداء من بلوغه العامين والنصف، فقد قسم علماء الاجتماع العناد عند الأطفال إلى:
أولا عناد مرضي: يكون علي صورة مرض عصبي ونفسي يصيب الطفل ويكون علاجه لدي طبيب مختص .
ثانيا عناد عرضي: هو عناد مؤقت غير دائم يكون رد فعل للطفل بسبب إكراهه علي فعل شى لا يحبه فلا يجب التعامل بحده مع الطفل لتنفيذ الأوامر .
ثالثا عناد متكرر: هو شائع عند الأطفال برفض الأوامر فيغضب الوالدين لأنه يمس حرج إجتماعي وتربوي، فلا يجب أن يتشدد الوالدين في رد الفعل ولكن التعامل يكون بإسلوب الترغيب والمكافأت لتغيير تشبث الطفل برأيه .
الطفل يصبح عنيداً لأنه يطلب منه تنفيذ الأوامر بدعوي التربية الصحيحة ، وكلها أفعال أمر و إذا قام بكسر الأشياء يعاقب و الأفضل للأم إبعاد الأشياء المعرضه للكسر من أمامه لأنه في هذه المرحلة العمرية لا يعرف قيمة الحفاظ علي الأشياء ويجب تدريبه علي ذلك بعد عمر العامين ونصف .
يبدأ العناد عند الأطفال في سن مبكر، يبدو في صورة سلوك سلبي ، برفض ما يطلبه الآخرون. ويكون بين سنة إلى ثلاث سنوات طبيعي جدا ، ويصبح مشكلة سلوكية عند النمو .
حين تنشغل الأسرة عن الطفل يحاول أن يفعل ٱي شى لمحاولة لفت الإنتباه له خاصة عند وجود أطفال ٱخرين هو يحاول أن يكون محور الإهتمام به، وقد يتعرض الطفل للعقاب لشئ فعله، فيحاول غاضبا أن يكرر مافعله إنتقاما ممن عاقبه، مثل أن يلقي أشياء علي الأرض، فيتم ضربه علي يده، وبرغم تألمه من العقوبة إلا إنه يكرر إلقاء الأشياء محاولا أن يثير غضب من عاقبه .
قد تظهر مظاهر عناد الطفل عند عدم إشباع رغباته فيصاب بالتوتر وفعل ٱي شئ لعدم تلبية رغباته، أحيانا مثلا يحاول النوم، فتظل الأم تداعبه لكي يستيقظ لينام ليلا وتأخذ هي راحتها، ومع إصراره ورغبتها في إيقاظه يتولد إصرار الطفل علي موقفه ولا تعلم الأم أنها تصنع أولي مظاهر العناد لدي طفلها .و أحيانا يكون العناد وراثيا لذلك يجب علينا مراعاة تصرفاتنا أمام الأطفال .
قد يختلف تفسير الأبوين لتصرفات الطفل، ومن الأفضل التأكد من سلوكياته لوضع أسس العلاج، فهناك فرق بين الطفل العنيد وقوي الشخصية حر الإرادة، الطفل العنيد يتمسك برأيه ولا يتقبل آراء الٱخر، ويصر علي تنفيذ ما يفعله بجانب ميله للإستقلالية واعتماده علي نفسه فقط، وأحيانا يصاب بنوبة صراخ لكي يلفت أنظار الٱخرين له .
قد تكون المرونة والدلع الزائد وتلبية رغباته الكثيرة وعدم المنع، مثلا يصرخ فتتم الإستجابة لطلباته فورا لمنع بكائه، من أهم أسباب ظهور ظاهرة العناد لدي الطفل لأنه يعرف كيف يتم تنفيذ طلباته، وقد يكون عناد الوالدين حين يصرا على تنفيذه الأوامر دون إقناعه.
وتبدو رغبة الطفل في تأكيد ذاته خاصة أمام الآخرين برفض الأوامر وتنفيذ مايحلو له نوعا من العناد العمدي، لشعوره بالظلم عندما يتلقي أمر بعمل شئ مع راحة أخيه ، أو محاولة كبت حركته ونشاطه ، وأحيانا شعور الطفل بالضعف يدفعه للعناد لإثبات ذاته أو شعوره بالغيرة بسبب التفرقة في المعاملة بين الأخوات، مما يصببه بالتوتر النفسي فيقوم بعمل كل شئ عكسي
هنا لابد من تدريب الطفل علي تبادل الأشياء، الأخذ والعطاء والتعاون في أعمال البيت الخفيفة لتقليل حدة الأنانية فجميع الأطفال يكتسبون صفات وراثية وجينات تحمل في بعضها سلوك العناد وخاصة في إبداء الرأي لذلك تنتشر مقولة ( الواد طالع لابوه دماغه ناشفة) لذلك يجب أن يتجنب الوالدين معاقبة الطفل أمام الأخرين كي لا يشعر بالحرج ويحاول إثبات ذاته، وهنا لا يجب أن نقول الواد صغير ولا يفهم، فمرحلة الإدراك لدي الطفل تبدأ مبكرا جدا .
يجب علي الآباء التحلي بالصبر وعدم الغضب من التصرفات الطبيعية لسن الطفل ولا يجب إخراج شحنة التعب من متطلبات الحياة والعمل في الطفل، والتحدث معه بلغته والنزول لمستوي عقله وتفكيره .
من المهم أن يكون هناك حوار بين الطفل ومعطي الأوامر وإحترام رأي الطفل فحين يصر الطفل علي إرتداء ملابس معينة يجب تلبيه رغبته وإحترام مشاعره، والإستماع جيدا لطلباته ويمكن بعد تلبيه طلبه إقناعه بأن يرتدي الملابس الأخري ونجعله ينظر للمرٱة ونستدرجه للموافقه علي ما نريده .
يجب أيضا عدم الإنفعال علي تصرفاته وإخراج حاله الضيق من إرهاق اليوم عليه، والصبر علي تصرفاته وتوضيح الصواب له بطريقة فكاهية ليتقبلها .
جميل جدا أن يقوم الوالدين بمدح سلوكياته الإيجابية والتقليل من رفض طلباته بلفظ لا، لأنه يرددها دون أن يدرك نتيجتها، ويتم ذلك بألفاظ سهلة مرنة، ويمكن قبل النوم أن يقوم أحد الوالدين بإلقاء حدوتة قبل النوم يطرح فيها تصرف خاطئ قام به الطفل وطرح الصواب وجعل الطفل يردده في دعابة للاستفادة.
أيضا يجب عدم إجبار الطفل علي تنفيذ أمر هو لا يرغبه و يكرهه، مثل تناول طعام معين أو الجلوس في مكان محدد أو عدم الخروج، وأن نحترم في سلوكيات الطفل الإرادة المعاكسة، ونتقن إسلوب التفاوض والحوار مع سنه .
فقد يبدو سبب عناده مضحكا، فإذا رفض مثلا الإستحمام قد يكون بسبب خشيته من المياه أو الغرق في البانيو أو خلع الملابس، لذا يجب إبراز الجوانب الإيجابية في المكان لجذب إنتباهه وحبه في التصرف.
من الخطأ الصراخ في وجهه، فهو يتعلم العصبية وأحيانا يقلد الوالدين مع الأخرين حين يراهما يتشاجران أمامه، يقلد بدون وعي، وأحيانا يقوم بضرب من حوله وإهانتهم وبذلك نكون ساهمنا في صنع طفل عدواني .
من الأفضل عدم عقاب الطفل العنيد بقسوة والتجاوز عن الأخطاء البسيطة التي يفعلها لأنه سوف يكررها بدافع استحباب رد فعلك كأنك تداعبه، ويمكن معاقبته بحرمانه من اللعب بألعابه المفضلة وإخفائها عنه، أو تقليل وقت لعبه لفترة بسيطة، أيضا بث روح الإعتذار عند قيامه بسلوك خاطئ، بإسلوب إيضاحي يناسب عمره .
طفلك بذرة نقية طاهرة، لابد أن توفر لها مناخ تربوي مناسب لتكسب أنت حياتك قبل أن يكسب هو حياته .