تشاتام هاوس: العواصف الترابية تحد أمني يدهم الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 13th, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة قطر عن تشاتام هاوس العواصف الترابية تحد أمني يدهم الشرق الأوسط، سلط تقرير لمركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن الضوء على مناسبة اليوم العالمي الأول لمكافحة العواصف الرملية والترابية 12 يوليو تموز ، مشيرا إلى .،بحسب ما نشر الخليج الجديد، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات تشاتام هاوس: العواصف الترابية تحد أمني يدهم الشرق الأوسط، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
سلط تقرير لمركز "تشاتام هاوس" للأبحاث في لندن الضوء على مناسبة اليوم العالمي الأول لمكافحة العواصف الرملية والترابية (12 يوليو/تموز)، مشيرا إلى أن إقراره يدل على أن الأمم المتحدة قلقة بشأن تزايد حدة انتشار هذه العواصف.
وذكر التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن عام 2022، شهدت تأثيرا للعواصف الترابية على عديد الدول بالشرق الأوسط، من تركيا إلى عمان، وضربت العراق بشكل خاص.
وفي حين أن السماء البرتقالية هي سمة مناخية طبيعية للمنطقة، فإن شدة وتواتر ومدة العواصف الترابية في السنوات الأخيرة تلفتت الانتباه إلى تغير حادث.
وتحدث العواصف الترابية في البيئات القاحلة وشبه القاحلة عندما تهب الرياح وتعلق وتنقل جزيئات التربة الرخوة، ويبلغ قطر جزيئاتها أقل من 0.05 ملم ويمكن أن تنتقل لآلاف الكيلومترات، ما يميزها عن جزيئات العواصف الرملية الأكبر حجمًا والتي تنتقل بضعة كيلومترات على الأكثر.
ويلفت تقرير إلى أن البناء على ضفاف الأنهار وسوء ممارسات إدارة الأراضي والمياه يزيد من حدة المشكلة، وأن الحكومات في الشرق الأوسط، المشتتة بسبب الصراع والظروف الاقتصادية الهشة، لم تعط ظاهرة العواصف الترابية الأولوية.
ففي سوريا والعراق، على سبيل المثال، هزت سنوات من الضربات العسكرية الجوية والمعارك البرية الأرض، ما أدى إلى تدمير الغطاء النباتي والغابات عبر مناطق شاسعة.
ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم هذه المشكلة، إذ يخلق الجفاف مصادر للغبار عن طريق تدهور التربة وتسريع التصحر، وتحول فترات الجفاف الأطول والأقسى، الناجمة عن تغير المناخ، الأرض مصدر دائم للغبار.
وهنا ينوه التقرير إلى تقلص بحيرة هامون والأراضي الرطبة على الحدود الأفغانية الإيرانية، مع انتشار الجفاف على مدار الثلاثين عامًا الماضية.
ووفقًا لدراسة إيرانية، يؤدي تجفيف المسطحات المائية إلى زيادة انبعاثات الغبار بنسبة تصل إلى 80 %.
ومع أن العواصف الترابية قد تكون مفيدة بيئيًا، حيث تلعب دورًا مهمًا في نقل مغذيات التربة، إلا أن تأثيرها على المجتمعات البشرية يمكن أن يكون مدمرًا، فهناك مخاطر فورية لها، كما يتضح من الوفيات والإصابات الناجمة عن تراكم المركبات الناجمة عن العاصفة الترابية بولاية إلينوي الأمريكية في مايو/أيار الماضي.
الأثر الصحي
كما تتعرض الصحة على المدى الطويل للخطر من جزيئات العواصف الصغيرة التي تؤدي إلى تفاقم مشاكل الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية ويمكن أن تنشر مسببات الأمراض المحمولة جوا.
ويمكن أن تؤدي العواصف الترابية أيضًا إلى بوار المحاصيل ونفوق الحيوانات، وبالتالي تهدد الأمن الغذائي الهش في المنطقة.
يمكن أن "تنتقل" الآثار الضارة للعواصف الترابية إلى البنية التحتية الحيوية، ففي فبراير/شباط 2017، تسببت التصريفات الكهروستاتيكية الناتجة عن عاصفة ترابية في حدوث ماس كهربائي في محولات الطاقة بمقاطعة خوزستان الإيرانية المنتجة للنفط.
وانخفض إنتاج النفط في المقاطعة بمقدار 700 ألف برميل في يوم واحد، وعانت العديد من المدن، بما في ذلك العاصمة الأهواز، من انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 24 ساعة.
وتعطلت خدمات الهاتف المحمول والإنترنت، واضطرت المدارس والمكاتب العامة إلى الإغلاق لعدة أيام، وواجهت المستشفيات صعوبة في الحصول على طاقة احتياطية محدودة، ما دفع المواطنين، المحبطين بالفعل من البطالة ونقص المياه، إلى الاحتجاج.
التوتر الجيوسياسي
وفي منطقة يمزقها التوتر الجيوسياسي، يمكن للعواصف الترابية أن تغذي لعبة إلقاء اللوم على الخارج، ففي إيران، غالبًا ما يحمل المسؤولون المسؤولية على جيرانهم، وألقوا باللوم على عاصفة 2017 في خوزستان على سوء إدارة الأراضي والمياه في العراق.
وبالمثل، في عام 2022، اتهم رئيس منظمة حماية البيئة الإيرانية، علي سلاجقة، كل من السعودية وتركيا بتأجيج العواصف الترابية الأخيرة.
ورغم أن تركيا ليست مصدرًا رئيسيًا للغبار، إلا أن برنامجها المكثف لبناء السدود على نهري دجلة والفرات قلل من تدفق المياه في دول المصب، ما أدى إلى فقدان الغطاء النباتي وتوسع النقاط الساخنة للعواصف الترابية.
ونظرًا لأن تغير المناخ يقلل من هطول الأمطار ويزيد من معدلات التبخر، يصبح الوصول إلى المياه متشابكًا مع الأمن القومي. وقد تؤدي عاصفة ترابية في المستقبل إلى إشعال فتيل الصراع بين الدول في الشرق الأوسط، والذي ستنتشر عواقبه إلى ما هو أبعد من المنطقة، بحسب تقرير "تشاتام هاوس".
ويؤكد التقرير على ضرورة أن لا تعالج الحلول إخفاقات الحوكمة العابرة للحدود فحسب، بل إخفاقات الحوكمة الوطنية أيضا، مشيرا إلى أن العراق مثال على ذلك، إذ تعاني معظم الأراضي الزراعية من التصحر أو باتت معرضة لخطره.
وتشكل عائدات النفط 85% من الميزانية الوطنية العراقية، ما يخلق نظامًا موجهًا نحو خدمة قطاع الهيدروكربونات على حساب قطاعات مثل الزراعة والمياه.
التعاون الإقليمي
وهنا يلفت التقرير إلى وجود مجال للعمل التعاوني لمعالجة الآثار السلبية الفورية والطويلة الأجل للعواصف الترابية، فبصفتها أعضاء في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، تستفيد جميع بلدان المنطقة من برنامج نظام الاستشارات والتقييم للإنذار بالعواصف الرملية والترابية (SDS-WAS) ، الذي يوفر المعرفة والتكنولوجيا اللازمة للتخفيف من العواصف الترابية وتقليل تأثيرها.
وفي هذا الإطار، حصلت السعودية على اعتماد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لمركزها الإقليمي الخاص بالتحذير من العواصف الرملية والترابية في يوليو 2023.
وأطلقت بعض الحكومات الوطنية مبادرات واسعة النطاق لغرس الأشجار لزيادة الغطاء الأخضر وتقليل التقاط الغبار، خاصة السعودية والأردن.
لكن دولا أخرى لا تبادر في الاتجاه ذاته، فليس لدى تركيا، على سبيل المثال، حافزًا كبيرًا لتقليص طموحاتها في مجال الطاقة الكهرومائية للتخ
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
قرية الغجر: كيف أشعل خط على الخريطة نيران الصراع في الشرق الأوسط؟
نشرت مجلة "نيو لاينز" تقريرًا يسلط الضوء على قضية قرية الغجر، التي تقع عند الحدود بين سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة، والتي أصبحت ضحية لخطأ خرائطي استعماري أدى إلى تقسيمها، موضحًا أن جذور المشكلة تعود إلى خط الحدود المعروف بـ"الخط الأزرق"، الذي رسمته الأمم المتحدة عام 2000 لتحديد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أدى إلى حالة من الهدوء الهش على الحدود بين لبنان و"إسرائيل".
ووفقًا لمذكرة تفاهم نشرتها الولايات المتحدة وفرنسا، ستقوم الولايات المتحدة، بالشراكة مع الأمم المتحدة، بتسهيل المحادثات غير المباشرة بين البلدين لحل النقاط المتنازع عليها على طول ما يسمى بالخط الأزرق، وهو خط رسمه رسامو الخرائط التابعون للأمم المتحدة في أيار/ مايو 2000، إيذانًا بانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان.
وقد تجاوز عمر هذا الخط الأزرق، الذي زُعم أنه مؤقت، عمر الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان بسبع سنوات الآن، ولا يزال يشكل مصدر توتر سياسي بين "إسرائيل" ولبنان ومصدر قلق هائل لسكان المنطقة الحدودية المتنازع عليها.
وتعد قرية الغجر، وهي قرية يسكنها علويون، وتسيطر عليها "إسرائيل" وتطالب بها كل من لبنان وسوريا، أخطر نقاط الخلاف؛ فقد قسم الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة قرية الغجر إلى قسمين. جزء يقع تحت السيطرة اللبنانية والآخر تحت السيطرة الإسرائيلية، مع كل القيود المفروضة على الحركة التي يمكن للمرء أن يتخيلها في منطقة حدودية بين بلدين في حالة حرب، لقد قسم خط مرسوم على الخريطة العائلات وعطّل حياة القرويين الذين عاشوا كمجتمع متماسك لقرون.
وتجمع القصة الكامنة وراء تقسيم قرية الغجر بين الإرث الاستعماري للشرق الأوسط الحديث، وترسيم الحدود الأخرق، والأخطاء والتلاعبات في رسم الخرائط، والصراعات العربية الداخلية، والصراعات الغربية الإسرائيلية حول الوصول إلى المياه في سياق الجغرافيا السياسية الأوسع في الشرق الأوسط.
وأوضحت المجلة أن قرية الغجر، التي يبلغ عدد سكانها 2,806 نسمة وفقًا لإحصاء سنة 2022، تقع على الضفة الشرقية لنهر الحاصباني، بين سوريا ولبنان و"إسرائيل"، وهي قريبة من المنحدرات الغربية لجبل الشيخ ومنبع نهر الأردن، وقد احتلت "إسرائيل" القرية وبقية هضبة الجولان خلال حرب حزيران/ يونيو 1967.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 1981، أقرّ الكنيست قانون مرتفعات الجولان، الذي طبّق القانون الإسرائيلي على المنطقة ومنح الجنسية الإسرائيلية لسكان الغجر؛ حيث يعرّفون أنفسهم بأنهم علويون سوريون ولكنهم مندمجون تمامًا في الحياة السياسية والاقتصادية في "إسرائيل".
ولعدة قرون، كانت الغجر قرية فقيرة ونائية في ولاية دمشق التابعة للإمبراطورية العثمانية، ثم أصبحت قرية سورية خلال فترة الانتداب الفرنسي عندما منحت عصبة الأمم فرنسا حق الوصاية المؤقتة على سوريا بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.
وقسمت فرنسا المنطقة المعروفة باسم سوريا الكبرى إلى لبنان وسوريا، وفرضت الحكم الفرنسي على البلدين، وكان إنشاء الدولتين تعبيرًا عن منهجية "فرّق تسد" الاستعمارية.
وفي 31 آب/ أغسطس 1920، أصدر هنري غورو، أول مفوض سامٍ فرنسي في سوريا ولبنان، المرسوم 318، معلنًا إنشاء لبنان الكبير منفصلًا عن سوريا. ورغم أن الفرنسيين لم يرسموا حدود هذه الدولة الجديدة بدقة، إلا أنهم استخدموا خريطة فرنسية تعود لسنة 1862، "خريطة لبنان"، لتوضيح نواياهم فيما يتعلق بخطوطها.
على الرغم من أن "خريطة لبنان" كانت خريطة مرسومة بشكل جميل، إلا أنها كانت غير دقيقة وكان مقياس رسمها صغيرًا جدًا بحيث لا يمكن استخدامها لأغراض ترسيم الحدود بشكل احترافي.
ووفقًا لهذه الخريطة، فإن خط الحدود في المنطقة التي تهمنا يتبع مجرى نهر الحاصباني وينحني شرقًا باتجاه جبل الشيخ شمال الغجر، مما يضع القرية داخل سوريا مباشرة، ونظرًا لأن سوريا ولبنان لم يوقعا حتى هذا التاريخ معاهدة رسمية لترسيم الحدود، فإن الخريطة الفرنسية غير الدقيقة المرسومة عام 1862 هي الوثيقة الرسمية الوحيدة التي تُظهر الخطوط العريضة لحدود لبنان كما رسمتها فرنسا.
في سنة 1936؛ أنتج الفرنسيون أخيرًا خريطة أحدث للمنطقة. واستنادًا إلى الخرائط العثمانية لسوريا ولبنان، والتي كانت لا تزال غير مهنية نسبيًا، وُضعت قرية الغجر داخل سوريا بينما تم تحديد نهر الحاصباني كنهر حدودي بين سوريا ولبنان، وفقاً للنوايا الأصلية للفرنسيين في سنة 1920.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحداث الحرب العالمية الثانية أدت إلى تفاقم الارتباك في رسم الخرائط، ففي تموز/ يوليو 1941، احتلت قوات الحلفاء بقيادة بريطانيا سوريا ولبنان، التي كانت تحتلها فرنسا الفيشية في ذلك الوقت، حليفة ألمانيا النازية.
وفي سنة 1942، أصدرت السلطات البريطانية خرائط عالية الجودة نسبيًا وواسعة النطاق لسوريا ولبنان، لكنها لم تقم بعمل جيد في نقل البيانات الخرائطية الأساسية من الخريطة الفرنسية لسنة 1936.
لم تحافظ الخريطة البريطانية على الحدود كما ظهرت في خريطتي 1920 و1936، التي تركت الغجر داخل سوريا والحاصباني كخط حدودي، ونتيجة لذلك، تظهر قرية الغجر على خريطة 1942 داخل لبنان بالكامل، بينما وُضع نهر الحاصباني جنوب القرية في سوريا، لأن خط الحدود لم يُرسم داخل مجرى النهر بل غربه. ومع ذلك لم يؤثر الخطأ على أهالي الغجر: فقد ظلت القرية سورية تدار من قبل سوريا كجزء من مرتفعات الجولان، بينما استمر وصول لبنان إلى نهر الحاصباني دون عوائق كما كان قبل وصول القوات البريطانية.
وذكرت المجلة أن الهيمنة البريطانية في إنتاج الخرائط خلال الفترة الاستعمارية، وميل رسامي الخرائط في جميع أنحاء العالم إلى نسخ الحدود من المصادر الموجودة لتوفير تكاليف البحث وتجنب المسؤولية، أديا إلى قيام رسامي الخرائط من جميع أنحاء العالم بنسخ الحدود الخاطئة في خرائطهم.
وتُعرف أوائل الستينيات بأنها سنوات "حروب المياه" بين "إسرائيل" وجيرانها العرب؛ فقد أقامت "إسرائيل" ناقل المياه الوطني لنقل المياه من بحر الجليل إلى صحراء النقب، بينما كانت الدول العربية تبذل جهودًا لتحويل منابع نهر الأردن الموجودة في سوريا ولبنان ومنعها من التدفق إلى بحر الجليل في "إسرائيل"، وكان أحد هذه المنابع هو نهر الحاصباني، ولا سيما رافد الوزاني الموجود غرب الجزء الشمالي من قرية الغجر.
غير أن الأمر الأقل شهرة عن "حروب المياه" هو أنه حتى عندما كانت "إسرائيل" وجيرانها العرب يتصارعون على السيطرة على موارد المياه الإقليمية، كان لبنان وسوريا يحاولان تحديد حقوق استخدام الأنهار الثلاثة التي يتشاركانها: العاصي والكبير والحاصباني.
في هذا السياق، بدأ رسامو الخرائط اللبنانيون سنة 1963 في إعداد سلسلة من الخرائط لأول مرة منذ حصول البلاد على الاستقلال، الأمر الذي كانت له تداعيات مترتبة على قرية الغجر.
وأوضحت المجلة أن رسامي الخرائط اللبنانيين كانوا يعلمون أن القرية كانت تدار من قبل سوريا، لكنهم اختاروا رسم الحدود بما يتوافق مع مصالح لبنان، خاصة فيما يتعلق بالموارد المائية.
ففي الجنوب الغربي من الغجر، أعادوا خط الحدود إلى مجرى نهر الحاصباني كما في الخريطة الفرنسية لسنة 1920، مما جعل نهر الحاصباني نهرًا حدوديًا يمكن الوصول إليه من قبل سوريا ولبنان، ولكن للتأكد من بقاء منابع الوزاني، في لبنان بالكامل، انحرفوا عن الخريطة الفرنسية السابقة.
وبدلاً من الالتفاف حول قرية الغجر شمال القرية وتركها بالكامل في سوريا، رسموا خطًا باتجاه الشمال الشرقي، إلى الجنوب من الينابيع، قاطعين القرية وتاركين النصف الشمالي في لبنان والجنوبي في سوريا، ولأنهم أدركوا أن تقسيم القرية على الخريطة سيؤدي إلى حالة شاذة قد تلفت الانتباه، أطلقوا على النصف الشمالي من القرية اسم "الوزاني"، مما خلق انطباعًا خاطئًا بأنها قرية مختلفة.
ولكن لأن قرية الغجر لم تكن مقسمة فعليًا، استمر سكان القرية في العيش كما كانوا يعيشون دائمًا، ولم يخبرهم أحد أن الخريطة الجديدة أظهرت قريتهم مقسمة إلى نصفين.
وقد قام رسامو الخرائط في جميع أنحاء العالم، استمرارًا لممارسة توفير المال المذكورة أعلاه، بنسخ الخرائط اللبنانية؛ ونسخوا الخط الخاطئ الذي وضعه رسامو الخرائط اللبنانيون في منطقة الغجر، بما في ذلك قرية الوزاني الوهمية، وقد ظهر هذا الخط حتى في الخرائط السورية والإسرائيلية، وفي نهاية المطاف، وجد طريقه إلى خرائط الأمم المتحدة.
لكن سكان القرية بقوا كما كانوا من قبل، في قرية الغجر غير المقسمة، غافلين تمامًا عن حقيقة أن جميع الخرائط، بما في ذلك خرائط "إسرائيل" بعد 1967، التي أظهرت قريتهم الواحدة كقريتين منفصلتين - الغجر والوزاني - مقسمة بالحدود السورية اللبنانية، ولم يتغير واقعهم المعاش إلا في أيار/ مايو 2000، عندما اتخذت "إسرائيل" القرار الأحادي الجانب بإنهاء وجودها العسكري في جنوب لبنان، ورسمت الأمم المتحدة خط الانسحاب.
وذكرت المجلة أن المواد التي قدمها الإسرائيليون إلى رسامي الخرائط التابعين للأمم المتحدة أوضحت أن قرية الغجر كانت جزءًا لا يتجزأ من مرتفعات الجولان السورية حتى حرب حزيران/ يونيو 1967، والتي انتهت بسيطرة "إسرائيل" على المنطقة، لكن فريق الأمم المتحدة قرر الاعتماد بشكل أساسي على خريطته الخاصة التي نسخت الحدود المرسومة من الخريطة اللبنانية لسنة 1963-1964، والتي أظهرت الغجر مقسمة بين سوريا ولبنان.
رفض سكان القرية، الذين صدموا عندما علموا أن مصير قريتهم كان موضع تساؤل، السماح لفريق الأمم المتحدة بدخول قرية الغجر، ولم يتمكن فريق الأمم المتحدة من أن يدرك أن قرية الغجر كانت مجتمعًا واحدًا غير مقسم، وهكذا رسموا الخط عبر الغجر، مما خلق الأزمة الإنسانية والأمنية التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
تُظهر خرائط "غوغل" حاليًا الخط الأزرق الذي يمر عبر القرية، وتكرّس هذا التقسيم الزائف الذي يقسم القرية إلى مجتمعين منفصلين، مجتمع الوزاني الوهمي في الشمال والغجر في الجنوب.
وقال فريق رسم الخرائط التابع للأمم المتحدة إنهم رسموا الخط الأزرق لأغراض عملية، على أن يتم تحديد القرار النهائي بشأن الحدود الدولية باتفاق بين الدول المعنية.
وبعد أن بدأ الاشتباك العسكري بين "إسرائيل" وحزب الله في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية إمكانية استخدام اتفاق وقف إطلاق النار لحل النقاط المتبقية المتنازع عليها على طول الخط الأزرق، وربما يؤدي ذلك إلى إبرام معاهدة رسمية للحدود بين لبنان و"إسرائيل".
ختمت المجلة بأن الوقت قد حان لتحرير سكان الغجر من الصدمة المفروضة عليهم وما يترتب عليها من عواقب، ويبقى أن نرى ما إذا كانت الأمم المتحدة التي كرّست أخطاء الآخرين دون أن تدري ستصحح خطأها، ولعلّ إزالة هذه النقطة الخلافية غير الضرورية على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية يحقق بعض العدالة لسكان القرية، ويخفف من مخاوفهم الوجودية ويساعد في تخفيف التوتر الجيوسياسي.