جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-08@13:12:42 GMT

"فيتو" أمريكي.. و"ندب" عربي

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

'فيتو' أمريكي.. و'ندب' عربي

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

 

وأنا أكتب هذا المقال، لا أعرف كم سيزيد عدد الشهداء والجرحى واليتامى والثكالى في غزة، ولا أعلم كم قذيفة ستسقط على رؤوس الأبرياء؟! ولا أتكهن بحجم المأساة التي ستحل خلال هذه الدقائق التي أنتهي فيها من كتابة المقال.

الشيء الوحيد الذي أكاد أجزم بمعرفته هو أن الإجرام الإسرائيلي لن يتوقف، وأن المذابح لن تنتهي، وأن العرب لن يتحركوا من مكانهم، وأن الولايات المتحدة ستُمارس لعبة الكذب والتماهي التام مع الصهاينة، وأن هذا العالم المنافق لن يتوقف عن مساواة الضحية بالقاتل، وأن الأمم المتحدة ما هي إلا ألعوبة صنعتها الدول المنتصرة لكي "تشرعن"، و"تقنن" جرائمها، وانتهاكاتها، وممارساتها، واتخاذها أداة لتمرير قراراتها على كل دولة "مارقة" عن فلكها.

لقد كان "الفيتو" الأمريكي للقرار الداعي لوقف الحرب في غزة، صفعة في وجه العالم، وصفعة قوية على الخد العربي الذي اعتاد الصفع، وآثر الصمت، حتى تحولت فلسطين إلى عبء على الحكومات العربية، وتحالف بعضهم مع الكيان الصهيوني من أجل أجندات ضيقة، وحسابات واهمة، ومبررات واهية من مثل: (القضاء على جماعة الأخوان المسلمين، أو الخشية من إيران، وأحياناً من أجل الحصول على حفنة من الدولارات..)، حتى باتت القضية الفلسطينية مجرد "بند ثابت" على طاولات الجامعة العربية، يكتفون فيها بالشجب والندب، وهم في الواقع يمدون أيديهم من تحت الطاولة لمصافحة إسرائيل، ولذلك لم يعد هذا الكيان يخشى أحدا، ولا يعير التفاتا إلى صوت عربي، مهما علا، واستعلا، ولهذا يمارس الجيش الإسرائيلي كل همجيته، ووحشيته في فلسطين، دون أن يرف له جفن، أو يلقي بالا لتصريح عربي هنا، وهناك.

وما مشهد فيديو الفلسطينيين وهم عُراة، ومقيدين في غزة، إلّا نوع من الإذلال النفسي والجسدي للعرب جميعًا؛ بل للمسلمين بشكل عام، وهو رسالة واضحة لمدى التحقير الإسرائيلي للحكومات والشعوب العربية، وتحدٍ لكل عرف أخلاقي، أو معيار إنساني، وما الفيتو الأمريكي في وجه قرار وقف الحرب في غزة، إلّا رسالة أمريكية مُخزية واضحة إلى العرب تُبيِّن مدى استخفافهم بهم، ورغم ذلك تتمسك الحكومات العربية بأذيال الثوب الأمريكي، ويتسولون منهم السلام، ويطلبون ودهم بشكل مذل، وضعف مُهين.

لا أعلم لماذا يعتقد العرب أنَّ الولايات المتحدة هي حليفهم الكبير، والذي لا يمكنهم التغلب عليه، أو التحرر من عبوديته؟ رغم أنها السبب الرئيسي لكل مصائبهم، بالتواطؤ مع بريطانيا، ولا أكاد أذكر قرارًا يُدين "إسرائيل" في كل تاريخ الأمم المتحدة، لم ترفع الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" في وجهه، لذلك فإسرائيل تعربد، مزهوة بقوتها الوهمية، وتتشدق بأكاذيب لا يصدقها حتى هي، ولكن الصمت العربي أغراها، وأغرى أمها وربيبتها أمريكا بالتمادي في غيها، ولذلك لم ولن تحل القضية الفلسطينية أبدا، ما دام الراعي لمفاوضاتها متحيز إلى طرف، وينظر للطرف الآخر باستخفاف، وسيكون الموقف الإسرائيلي أكثر تعنتا الآن، وهو يملك ذريعة أخرى لخداع العالم، والكذب عليه.

لقد كانت مواقف بعض الدول غير العربية أكثر صرامة وحزمًا وتقدمًا من الموقف العربي؛ سواءً تلك الدول التي سحبت سفراءها، أو تلك التي صرحت بكل قوة ووضوح بإدانة الوحشية الإسرائيلية، بينما اكتفت الدول العربية باستجداء إسرائيل لفتح ممر لإدخال المساعدات، أو نقل الجرحى، واكتفوا بالفرجة على إخوانهم يذبحون من الوريد إلى الوريد أمامهم كل يوم في فلسطين، واكتفوا بالدعوات الخجولة لوقف المجازر، والخطب الرنانة التي لا تقدم ولا تؤخر، دون أن يحرك عربي ساكنًا، ودون أن تتوحد القوة العربية لتقول للإجرام الإسرائيلي: "كفى".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ورقة ضد الأمريكيين.. مخاوف إسرائيلية من تدهور العلاقات مع الصين بعد حرب غزة

تراقب أوساط الاحتلال الاسرائيلي الميل المتصاعد في المواقف الصينية لصالح الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، لكن اندلاع العدوان على غزة في أكتوبر 2023 قفز خطاب بكين تجاه تل أبيب خطوات أكثر عدائية، ما دفع الأخيرة لمحاولة معرفة السبب وراء التوجه الصيني الجديد، وما علاقة الدول العربية والولايات المتحدة بذلك، وماذا يجب على الاحتلال أن يفعله لوقف التدهور الحاصل، بعد أن شهدت علاقاتهما في السنوات الماضية تحسّناً ملحوظا، ولو على الأقل في الجانب الاقتصادي.

توفيا غيرينغ، الباحثة بمركز "ديان وغيلفورد غلاسر" للسياسة الإسرائيلية الصينية، والزميلة في مركز الصين العالمي التابع للمجلس الأطلسي، ربطت هذا التدهور "بانعقاد منتدى التعاون الصيني العربي CASCF هذا العام بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسه، وعلى مر السنين، أصبح المنتدى منصة للصين لزيادة نفوذها على الدول العربية على حساب الولايات المتحدة والغرب، لكن في الوقت نفسه تؤثر عليه الدول العربية لتبني مواقف متطرفة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقد جاء البيان المشترك هذا العام على خلفية الحرب في غزة، هو الأكثر أحادية وعدائية للاحتلال حتى الآن، ويعكس أدنى نقطة وصلت إليها العلاقات الصينية الإسرائيلية".


وأضافت في ورقة بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة "تل أبيب"، وترجمتها "عربي21" أنه "طالما استمرت حرب غزة، وتزايد التنافس بين القوى، فمن المحتمل أن تفضل الصين استخدام ورقة الاحتلال الإسرائيلي كعصا للتغلب على الأميركيين، حتى على حساب الإضرار بالعلاقات الثنائية بينهما، مما يستدعي من الاحتلال الحفاظ على حوار مباشر ومفتوح مع بكين خلف الأبواب المغلقة لتخفيف الاتجاهات السلبية في سياستها، مع العلم أن انحياز الصين ضد الاحتلال ليس جديدا، وترى أن دعمها للفلسطينيين لا يأتي على حساب التعاون الاقتصادي مع الاحتلال".

وأشارت إلى أن "إقامة العلاقات الدبلوماسية بين تل أبيب وبكين منذ 1992، وبقاء القضية الفلسطينية دون حل، جعل الصين مستمرة في تقليدها السياسي المتمثل بزيادة الضغط على الاحتلال، حتى أن المنتدى الصيني العربي المنعقد كل عامين بات يشهد تصريحات ضده أكثر عدائية، بما في ذلك الدعوات المتكررة لـ"وقف الاحتلال"، ورفض "المستوطنات"، ودعم عضوية فلسطين في الأمم المتحدة واليونسكو، حتى جاء البيان الأخير الأكثر تطرفاً، ويكشف عن النقطة المتدنية التي وصلت إليها العلاقات الثنائية، والأكثر تشاؤماً لمستقبلها".

ورصدت الباحثة "إشادات حماس المتصاعدة ببكين، وتمتعهم بالشرعية التي توفرها، مما دفع "المعتدلين" الفلسطينيين لزيادة تشددهم ومواقفهم ضد الاحتلال، مع الحديث المتواتر حول أن "الصين ستقود العالم"، وبينما كشف استطلاع دولي لمركز "بيو" عام 2019 أن إسرائيل من بين الدول الخمس الأكثر تأييدا للصين في العالم، فقد أظهر استطلاع جديد في مايو أجراه معهد دراسات الأمن القومي أن غالبية الإسرائيليين يعتبر الصين حاليا غير ودية 42%، أو حتى معادية 12%، فيما أقلية صغيرة 15% تعتبرها صديقة أو حليفة، وهذه جميعاً معطيات قاتمة".


تكشف هذه الدراسة أنه مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتصاعد التنافس مع الولايات المتحدة، ستواصل بكين استخدام ورقة الاحتلال كـ"عصا" للتغلب على واشنطن، التي تستخدم ورقة حرب أوكرانيا ضدها، صحيح أن للاحتلال مصلحة بالحفاظ على العلاقات مع الصين، لكن ذلك قد يتطلب منه تجنب الإجراءات التي من شأنها أن تفاجئها، ولهذا السبب فإن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية يسرائيل كاتس لم يردا على الموقف المناهض الذي عبرت عنه منذ بداية حرب غزة، لكنهما في ذات الوقت لم يتحدثا مع نظرائهما هناك، ولم يحضر ممثلون عنها هنا، فضلا عن تحذير رعاياها بعدم زيارة دولة الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • معلومات الوزراء: 41 مليار دولار قيمة الأضرار الناجمة عن تغير المناخ في 2024
  • الإعلام والتشويش
  • بعد ساعات من انتخاب بزشكيان.. إيران تحتج على بيان عربي بمجلس الأمن
  • إيران غاضبة من «جامعة الدول العربية».. فما السبب؟
  • أمين جامعة الدول العربية الأسبق: هناك انحياز أمريكي مطلق لإسرائيل
  • الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية: هناك انحياز أمريكي مطلق لإسرائيل
  • عمرو موسى: ضغط اللوبي الإسرائيلي أدى لحصار المبادرة العربية بشأن فلسطين
  • ورقة ضد الأمريكيين.. مخاوف إسرائيلية من تدهور العلاقات مع الصين بعد حرب غزة
  • الإسلام لا يُهزم، وإن هُزِم المسلمون
  • وزير الري يلتقي مدير المكتب الإقليمى للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى UNDP