في سابقة عالمية، توصل مفاوضو الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق أمس الجمعة بشأن أول قواعد شاملة للذكاء الاصطناعي في العالم، مما يمهد الطريق للرقابة القانونية على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي وعدت بتغيير الحياة اليومية وأثارت تحذيرات من مخاطر وجودية على البشرية، وقد تغلب المفاوضون من البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء الـ 27 في الكتلة على خلافات كبيرة حول النقاط المثيرة للجدل بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي واستخدام الشرطة لمراقبة التعرف على الوجه للتوقيع على اتفاق سياسي مبدئي لقانون الذكاء الاصطناعي.

 

"اتفاق!" هكذا بفرحة غرد المفوض الأوروبي تييري بريتون قبل منتصف الليل بقليل، ليكمل: "أصبح الاتحاد الأوروبي أول قارة تضع قواعد واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي"، وجاءت النتيجة بعد محادثات ماراثونية مغلقة هذا الأسبوع، حيث استمرت الجلسة الأولية 22 ساعة قبل بدء الجولة الثانية صباح الجمعة، وكان المسؤولون يعملون وكأنهم تحت السلاح لضمان انتصار سياسي للتشريع الرئيسي، ومع ذلك، استقبلته مجموعات المجتمع المدني بشكل فاتر بينما تنتظر التفاصيل الفنية التي سيتعين تسويتها في الأسابيع المقبلة، وقالوا إن الصفقة لم تقطع شوطا كافيا في حماية الناس من الأذى الذي تسببه أنظمة الذكاء الاصطناعي.

 

الاتفاق بداية العمل الفني المهم والضروري

وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة npr الأمريكية، فقد قال دانييل فريدلندر، رئيس المكتب الأوروبي لرابطة صناعة الكمبيوتر والاتصالات، وهي مجموعة ضغط لصناعة التكنولوجيا، إن الاتفاق السياسي اليوم يمثل بداية العمل الفني المهم والضروري بشأن التفاصيل الحاسمة لقانون الذكاء الاصطناعي، والتي لا تزال مفقودة، حيث أخذ الاتحاد الأوروبي زمام المبادرة في وقت مبكر في السباق العالمي لوضع حواجز الحماية للذكاء الاصطناعي عندما كشف النقاب عن المسودة الأولى لكتاب القواعد الخاص به في عام 2021، ومع ذلك، فإن الطفرة الأخيرة في الذكاء الاصطناعي التوليدي دفعت المسؤولين الأوروبيين إلى التدافع لتحديث اقتراح من شأنه أن يكون بمثابة مخطط أولي. للعالم.

 

فيما قال براندو بينيفي، وهو مشرع إيطالي يشارك في قيادة جهود التفاوض في الهيئة، لوكالة أسوشيتد برس في وقت متأخر من أمس الجمعة، إن البرلمان الأوروبي سيظل بحاجة إلى التصويت على القانون في أوائل العام المقبل، لكن مع إبرام الاتفاق، يعد ذلك إجراء شكليا، وأوضح في رسالة نصية بعد سؤاله عما إذا كانت تحتوي على كل ما يريده، أنه جيد جدًا، فمن الواضح أنه كان علينا قبول بعض التنازلات ولكن بشكل عام جيد جدًا، ولن يدخل القانون النهائي حيز التنفيذ بالكامل حتى عام 2025 على أقرب تقدير، ويهدد بعقوبات مالية صارمة على الانتهاكات التي تصل إلى 35 مليون يورو (38 مليون دولار) أو 7٪ من حجم مبيعات الشركة العالمية.

 

الانبهار يتحول إلى رعب من الذكاء الاصطناعي 

 

وقد انفجرت أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل ChatGPT من OpenAI في وعي العالم، مما أبهر المستخدمين بالقدرة على إنتاج نصوص وصور وأغاني تشبه الإنسان، ولكنها سرعان ما تحولت إلى رعب، حيث أثارت المخاوف بشأن المخاطر التي تشكلها التكنولوجيا سريعة التطور على الوظائف والخصوصية وحماية حقوق الطبع والنشر وحتى حياة الإنسان بحد ذاتها، والآن، تقدمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين والتحالفات العالمية مثل مجموعة السبعة من الديمقراطيات الكبرى بمقترحاتها الخاصة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أنها لا تزال تلحق بأوروبا.

 

وتقول آنو برادفورد، الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا والخبير في قانون الاتحاد الأوروبي والتنظيم الرقمي، إن القواعد القوية والشاملة من الاتحاد الأوروبي يمكن أن تكون مثالاً قوياً للعديد من الحكومات التي تفكر في التنظيم، فالدول الأخرى قد لا تنسخ كل حكم ولكن من المرجح أن تحاكي العديد من جوانبه، أضافت: "شركات الذكاء الاصطناعي الخاضعة لقواعد الاتحاد الأوروبي من المرجح أن تقوم بتمديد بعض هذه الالتزامات خارج القارة، ففي نهاية المطاف، ليس من الفعال إعادة تدريب نماذج منفصلة لأسواق مختلفة".

 

 

هكذا كانت فلسفة صياغة القانون 

 

 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد تم تصميم قانون الذكاء الاصطناعي في الأصل للتخفيف من المخاطر الناجمة عن وظائف محددة للذكاء الاصطناعي بناءً على مستوى المخاطر، من منخفض إلى غير مقبول، ولكن المشرعين دفعوا لتوسيع نطاقه ليشمل النماذج الأساسية، وهي الأنظمة المتقدمة التي تدعم خدمات الذكاء الاصطناعي للأغراض العامة مثل ChatGPT وBard chatbot من Google، ويبدو أن نماذج الأساس ستكون واحدة من أكبر النقاط الشائكة بالنسبة لأوروبا، ومع ذلك، تمكن المفاوضون من التوصل إلى تسوية مبدئية في وقت مبكر من المحادثات، على الرغم من المعارضة التي قادتها فرنسا، والتي دعت بدلاً من ذلك إلى التنظيم الذاتي لمساعدة شركات الذكاء الاصطناعي الأوروبية المحلية التي تتنافس مع المنافسين الأمريكيين الكبار، بما في ذلك شركة مايكروسوفت الداعمة لشركة OpenAI.

 

وتُعرف هذه الأنظمة أيضًا باسم نماذج اللغات الكبيرة، ويتم تدريبها على مجموعات كبيرة من الأعمال المكتوبة والصور الملتقطة من الإنترنت، إنها تمنح أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية القدرة على إنشاء شيء جديد، على عكس الذكاء الاصطناعي التقليدي، الذي يعالج البيانات ويكمل المهام باستخدام قواعد محددة مسبقًا، وسيتعين على الشركات التي تبني النماذج الأساسية إعداد الوثائق الفنية، والامتثال لقانون حقوق الطبع والنشر في الاتحاد الأوروبي، وتقديم تفاصيل المحتوى المستخدم للتدريب، وستواجه النماذج الأساسية الأكثر تقدمًا والتي تشكل "مخاطر نظامية" مزيدًا من التدقيق، بما في ذلك تقييم تلك المخاطر والتخفيف من حدتها، والإبلاغ عن الحوادث الخطيرة، ووضع تدابير الأمن السيبراني موضع التنفيذ والإبلاغ عن كفاءتها في استخدام الطاقة.

 

 

مخاوف مشروعة من خطورة الذكاء الاصطناعي

 

حذر الباحثون من أن النماذج الأساسية القوية، التي بنتها مجموعة من شركات التكنولوجيا الكبرى، يمكن استخدامها لتعزيز التضليل والتلاعب عبر الإنترنت، أو الهجمات الإلكترونية أو إنشاء أسلحة بيولوجية، كما تحذر جماعات حقوق الإنسان أيضًا من أن الافتقار إلى الشفافية بشأن البيانات المستخدمة لتدريب النماذج يشكل مخاطر على الحياة اليومية لأنها تعمل كهياكل أساسية لمطوري البرامج الذين يبنون خدمات مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

 

وأصبح الموضوع الشائك هو أنظمة مراقبة التعرف على الوجوه التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وقد توصل المفاوضون إلى حل وسط بعد مساومة مكثفة، وأراد المشرعون الأوروبيون فرض حظر كامل على الاستخدام العام لمسح الوجه وأنظمة "التعرف البيومتري عن بعد" الأخرى بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية، ولكن حكومات الدول الأعضاء نجحت في التفاوض على الإعفاءات حتى تتمكن سلطات إنفاذ القانون من استخدامها لمعالجة الجرائم الخطيرة مثل الاستغلال الجنسي للأطفال أو الهجمات الإرهابية.

 

 

القانون لا يرضى جماعات حقوق الإنسان

 

 

ويبدوا أن القانون الجديد لا يحظى برضى الجميع، فقد قالت جماعات حقوق الإنسان إنها تشعر بالقلق إزاء الإعفاءات والثغرات الكبيرة الأخرى في قانون الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الافتقار إلى الحماية لأنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة في الهجرة ومراقبة الحدود، والخيار المتاح للمطورين لاختيار عدم تصنيف أنظمتهم على أنها عالية المخاطر.

 

وقال دانييل لوفر، أحد كبار محللي السياسات في مجموعة الحقوق الرقمية Access Now: "مهما كانت الانتصارات في هذه المفاوضات النهائية، تظل الحقيقة أن عيوبًا كبيرة ستظل موجودة في هذا النص النهائي".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أنظمة الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی الاتحاد الأوروبی بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

وزير االاتصالات: ندرس إصدار ميثاق افريقيا للذكاء الاصطناعي

ترأس الدكتور/عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الجلسة الختامية للدورة الثانية للحوار العالمى لحوكمة الذكاء الاصطناعى بين مجموعة عمل الاتحاد الإفريقى للذكاء الاصطناعى ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD التى استضافتها مصر خلال الفترة من 19 إلى 21 نوفمبر الجارى بهدف توجيه الجهود نحو تنفيذ استراتيجية الاتحاد الأفريقى القارّية للذكاء الاصطناعى، وذلك بمشاركة الدول الأعضاء فى مجموعة العمل الأفريقية للذكاء الاصطناعى، ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وخبراء فى مجال الذكاء الاصطناعى من القارة الأفريقية ومراكز أبحاث وجامعات مرموقة فى أوروبا.
يأتى ذلك فى ضوء آليات عمل الاتحاد الأفريقى، وفى إطار رئاسة مصر لمجموعة عمل الاتحاد الإفريقى للذكاء الاصطناعى.

وفى كلمته؛ أشار الدكتور/ عمرو طلعت إلى أن هذا الاجتماع يأتى تتويجا للجهود التى بدأت منذ عام 2019 عندما دعت مصر الدول الأفريقية من خلال الاتحاد الأفريقى لتشكيل مجموعة عمل لوضع استراتيجية الذكاء الاصطناعى لإفريقيا، حيث ترأست مصر مجموعة الدول الأفريقية التى تضم حوالى 20 دولة لوضع استراتيجية قارية للذكاء الاصطناعى تهدف إلى الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعى مع مراعاة أخلاقيات وحيادية بيانات الذكاء الاصطناعي. وانضم للاجتماع مجموعة مؤسسات دولية منها منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية بالإضافة إلى مجموعة دول رائدة فى مجال الذكاء الاصطناعى مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وأضاف الدكتور/ عمرو طلعت أنه على مدار الدورة الثانية للحوار تم استضافة أكثر من 20 دولة أفريقية ودول غير أفريقية ومنظمات دولية بهدف مناقشة آليات تنفيذ استراتيجية الذكاء الاصطناعى لإفريقيا بركائزها المختلفة، وبعض المبادئ الأساسية نحو إصدار ميثاق افريقيا للذكاء الاصطناعىى؛ مشيدا بجهود الدول الأفريقية التى شاركت فى هذا العمل من خلال مجموعة عمل الاتحاد الأفريقى للذكاء الاصطناعى، مؤكدا أن هذه الجهود تكرس ريادة مصر على المستوى الاقليمى فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال ترأسها هذه المجموعة البالغة الأهمية، كما تسهم فى تسليط الضوء على رؤى الدول الأفريقية فى مختلف قضايا للذكاء الاصطناعى.

وأوضح السفير/ عمرو الجويلى مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولى أن الذكاء الاصطناعى يأتى ضمن الموضوعات التى تناولها الميثاق الرقمى العالمى، حيث ساهمت مصر والدول الأفريقية فى المناقشات ذات الصلة بصياغة الميثاق، كما تحرص مصر على المساهمة فى الآليات الأممية ذات الصلة لضمان الاستفادة منه والاستخدام الآمن لهذه التكنولوجيا الرائدة.

وخلال الجلسة؛ أشارت السيدة / انجيلا كاسيل بوش مفوضة هيئة الاتصالات الليبيرية إلى الاهتمام الذى توليه الدول الأفريقية بسبل استفادة الدول الأفريقية من الذكاء الاصطناعى، من خلال زيادة الوعى وتمكين الشباب.

وفى كلمة السيدة / لوسيا روسو الخبيرة الاقتصادية ومحللة السياسات التي شاركت ممثلة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؛ أشادت بالتعاون فيما بين المنظمة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى إطار الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى والتطور الذى تم احرازه فى ضوء هذه الاستراتيجية شاملًا ذلك تطوير الكفاءات وبناء القدرات، فضلًا عن الدور الريادى فى إدارة الحوار على المستوى القارى للخروج بالاستراتيجية الأفريقية. كما تم الإشارة إلى ثراء المناقشات التى تمت خلال جلسات الحوار على مدار يومين، الأمر الذى يؤكد على استعداد دول القارة لاغتنام فرص تنفيذ الاستراتيجية.

وأشار ممثل المملكة المتحدة إلى الدعم الذى توليه دولته إلى المناقشات الإقليمية ذات الصلة بتنفيذ الاستراتيجية الأفريقية للذكاء الاصطناعى. كما نوهت ممثلة الولايات المتحدة الامريكية إلى المبادرة ذات الصلة التى تم الإعلان عنها على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر 2024.

هذا وقد شارك فى الجلسة الدكتورة/ هدى بركة مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية المهارات التكنولوجية، والسفير/ خالد طه مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لشئون العلاقات الدولية، والدكتورة/ عبير شقوير مساعد الممثل المقيم ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى مصر، وممثلين عن سفارات المملكة المتحدة وإيطاليا والولايات المتحدة.

الجدير بالذكر أن انعقاد الدورة الثانية للحوار العالمى لحوكمة الذكاء الاصطناعى بين مجموعة عمل الاتحاد الإفريقى للذكاء الاصطناعى ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD يأتى استكمالا للنجاح الذى حققته الدورة الأولى التى انعقدت فى العاصمة الفرنسية باريس فى مارس 2024 والتى هدفت بالأساس إلى تقديم الدعم للدول الأفريقية للخروج بالاستراتيجية القارية للذكاء الاصطناعى.

وتناولت جلسات الحوار استعراض منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية لأفضل تجاربها لوضع خطة لتنفيذ الاستراتيجية الأفريقية للذكاء الاصطناعى التى اعتمدت خلال القمة الأفريقية النصف سنوية فى يوليو 2024، وركزت على التعاون الدولى والإقليمى للتنفيذ، مع تحديد الخطوات العملية والموارد المطلوبة لتحقيق أهداف الاستراتيجية. كما تم تناول الخبرات العالمية المعنية بإعداد استراتيجيات محددة لإدماج الذكاء الاصطناعى فى المجالات ذات الاولوية للقارة الأفريقية مثل الخدمات الحكومية والصحة والتعليم والزراعة. وتبادل الرؤى حول إعداد ميثاق لأخلاقيات الذكاء الاصطناعى فى القارة الأفريقية.

مقالات مشابهة

  • مقيم سوداني في أوروبا: الجو الأوروبي أكبر خدعة.. فيديو
  • أوكرانيا على مشارف كارثة نووية تهدد أمن القارة العجوز بأكملها.. ماذا يحدث؟
  • أحلم بالتعايش بين البشر والذكاء الاصطناعي ..وسيتمكن الناس من تحميل لقطات من ذاكرتهم للحاسوب
  • أوروبا تهدد واشنطن في حال عودة ترامب لـ “حرب الجمارك”
  • وزير االاتصالات: ندرس إصدار ميثاق افريقيا للذكاء الاصطناعي
  • أدوات جوجل الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لجعل حياتك أسهل
  • كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يشكل مستقبل التجارة الدولية؟
  • المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى يناقش الجهود المبذولة لحوكمة الذكاء الاصطناعي
  • بيل غيتس يلقي محاضرة عن الذكاء الاصطناعي
  • الاتحاد الأوروبي : ما يحدث في غزة مأساة من صنع الإنسان