لماذا تعود أميركا إلى القمر بمركبة جوالة جديدة؟
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
قررت وكالة الفضاء والطيران الأميركية ناسا أن تطلق مهمتها الجديدة إلى القمر والمسماة "بيرغرين"، في 24 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، على أن تهبط على سطح القمر خلال الأسبوع الأخير من ديسمبر/كانون الأول 2024، لأول مرة منذ نحو نصف قرن.
مهمة بيرغرينطُورت مهمة بيرغرين من قبل شركة أستروبوتيك الأميركية، والتي استهدفت خفض الكلفة لدرجة أنها حصلت قبل عدة أعوام على عقد بقيمة 79.
وتحمل المهمة الحالية نحو 10 حمولات من مختلف الأنواع تبلغ كتلتها جميعا نحو 90 كلغ، وستضم أدوات أرسلتها وكالة ناسا لدراسة البيئة القمرية، وبشكل خاص الغلاف الخارجي للقمر، والخصائص الحرارية للثرى القمري ووفرة الهيدروجين فيه، والمجال المغناطيسي للقمر.
وتتبع التجارب التي ستجريها المهمة وكالة ناسا، ما عدا واحدة وهي كاشف الإشعاع حيث يتبع فرقا بحثية ألمانية، وستقيس هذه الكواشف بدقة مستوى الإشعاع الذي سيواجهه جسم الإنسان في رحلة إلى القمر والعودة.
وتأتي كل تلك المهام العلمية كخطوات جانبية لخدمة مهمات أرتميس المأهولة التابعة لناسا، والتي ستنطلق تباعا خلال الأعوام القليلة القادمة بغرض وضع أقدام البشر على القمر مرة أخرى، ومن المتوقع أن يحدث ذلك في ديسمبر/كانون الأول من عام 2024.
وإذا نجحت المهمة في تحقيق أهدافها، فستكون أستروبوتيك هي أول شركة خاصة تتمكن من الهبوط بمركبة على سطح القمر في التاريخ، ومن المتوقع مع نجاح المهمة أن تستمر الولايات المتحدة في التعاقد مع نفس الشركة لتحويل عدد من الأدوات إلى القمر قبل وصول رواد الفضاء الأميركيين إلى هناك.
ويأتي ذلك في سياق تحوّل لوكالة ناسا ناحية الشركات الخاصة في تطوير عدد من المهام، والواقع أن هذه النسخة بالكامل ستدار عبر شركات خاصة، فالمهمة نفسها تتبع شركة أستروبوتيك بينما ستنطلق المهمة على متن صاروخ تابع لشركة سبيس إكس الأميركية.
بل ويمتد الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث ظهرت خلال السنوات الأخيرة سلسلة من المشكلات في محطة الفضاء الدولية، وبات من الواضح أنها ستخرج من العمل قريبا، وقد بدأت ناسا بالفعل خططها من أجل بناء محطة فضائية جديدة، لكن على عكس المحطة السابقة فإن القطاع الخاص سيسهم بقوة هذه المرة.
وقد توصلت الوكالة إلى اتفاق مع شركة "أكسيوم سبيس" في أواخر العام الماضي لإرسال وحدة من محطتها الفضائية لربطها بمحطة الفضاء الدولية كتجربة أولية، ومنحت ناسا كذلك عقودا لتطوير محطات فضائية تجارية بقيمة إجمالية تبلغ 415.6 مليون دولار لشركة بلو أوريجين التابعة لجيف بيزوس، من ضمن شركات أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى القمر
إقرأ أيضاً:
5 أسئلة لفهم أزمة رائديْ الفضاء العالقين بالمحطة الدولية
تستعد كل من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وشركة "سبيس إكس" لخطوة تمثل الفصل الأخير في أزمة غير متوقعة استمرت 9 أشهر لرائديْ فضاء أمريكيين.
وكان من المفترض أن تستمر مهمتهما على متن محطة الفضاء الدولية لمدة 8 أيام فقط، إلا أنهما وجدا نفسيهما عالقين في المدار منذ يونيو/حزيران 2024 بسبب خلل في نظام الدفع الخاص بمركبة "ستارلاينر" التابعة لشركة بوينغ.
ونظرً لاعتبار "ناسا" أن المركبة غير آمنة لرحلة العودة، وُضعت خطة بديلة لإعادتهما عبر كبسولة "كرو دراغون" من "سبيس إكس" لكنها تأجلت أكثر من مرة.
رائدا الفضاء العالقان على متن محطة الفضاء الدولية هما سونيتا "سوني" وليامز (59 عامًا) وزميلها باري "بوتش" ولمور (62 عامًا) وكلاهما من رواد الفضاء المخضرمين الذين تلقوا تدريبًا في "ناسا".
وقد انضمت وليامز، القائدة الحالية لمحطة الفضاء الدولية والضابط المتقاعد بالبحرية الأميركية، إلى "ناسا" عام 1998. وخلال مسيرتها المهنية، أمضت 322 يومًا في الفضاء وأكملت 9 عمليات سير في الفضاء.
وكانت تحمل سابقًا الرقم القياسي لأكبر عدد من عمليات السير في الفضاء التي قامت بها رائدة فضاء، حتى عام 2017 عندما ذهب اللقب إلى بيغي ويتسون التي أكملت 10 عمليات.
إعلانأما ولمور فقد سافر إلى الفضاء لأول مرة عام 2009 على متن مكوك الفضاء "أتلانتس". وقبل مهمة "بوينغ ستارلاينر" كان قد أمضى 178 يومًا في الفضاء. وعمل مهندس طيران وقائد مهمات سابقة لمحطة الفضاء الدولية، حيث أجرى أبحاثًا حول نمو النباتات بالفضاء، وتأثيرات انعدام الجاذبية على جسم الإنسان، والتغيرات البيئية على الأرض.
وكانت مهمة الإنقاذ، المعروفة باسم "كرو-10"، مقررة أصلا للإطلاق من ولاية فلوريدا الأربعاء الماضي، ولكن خللا مفاجئا بأنظمة التحكم الأرضية للصاروخ أدى إلى تأجيل المهمة.
والآن، غادر ولمور ووليامز محطة الفضاء الدولية صباح اليوم على متن كبسولة "سبيس إكس" في رحلة عودة إلى الأرض.
ومن المقرر أن يهبط الطاقم المكون من 4 أفراد، والذي كان جزءًا رسميًا من مهمة تناوب رواد الفضاء التابعة لوكالة "ناسا" على سطح الماء قبالة ساحل فلوريدا في وقت لاحق اليوم.
حيث ستتيح هذه المهمة أخيرا عودة ولمور ووليامز، رفقة زميليهما الأميركي نيك هيغ والروسي ألكسندر غوربونوف، على متن الكبسولة.
سافر وليامز وولمور إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة ستارلاينر "سي إس تي 100" من بوينغ كجزء من أول رحلة تجريبية مأهولة لها. وكان هدف المهمة، في إطار برنامج "ناسا" التجاري للطاقم هو تطوير مركبة فضائية خاصة لنقل رواد الفضاء من وإلى المحطة.
وخلال الرحلة التي استغرقت 25 ساعة إلى محطة الفضاء الدولية، واجهت "ستارلاينر" تسربات من الهليوم وعطلًا بأحد محركات الدفع (يساعد على التوجيه والتحكم في عملية العودة إلى الغلاف الجوي). وعند وصولها في 6 يونيو/حزيران، تعطلت 4 محركات دفع أخرى من أصل 28 مما أدى إلى تأخير الالتحام بالمحطة.
إعلانورغم أن المهندسين أعادوا 4 محركات دفع من أصل خمسة معطلة، اعتبرت "ناسا" المركبة الفضائية محفوفة بالمخاطر للغاية للسفر البشري، فأعادتها فارغة تاركةً وليامز وولمور عالقين على متن محطة الفضاء الدولية.
وفي أغسطس/آب 2024، قررت ناسا إعادتهما على متن مركبة "سبيس إكس". وقد رست مركبة "كرو دراغون-9" التي أُطلقت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، في محطة الفضاء الدولية منذ ذلك الحين، لكن إعادتهما إلى الأرض قبل ذلك كان سيترك رائد فضاء أميركيًا واحدًا فقط على متن المحطة، مما يحد من البحث والاستجابة للطوارئ.
أخذت إقامة ولمور ووليامز الممتدة على متن المحطة الفضائية طابعا سياسيا غير مسبوق، إذ زعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس" إيلون ماسك أن الرئيس جو بايدن ترك رواد الفضاء عالقين عمدا لأسباب سياسية، لا سيما بعد تغريدة ماسك الصريحة يوم 20 فبراير/شباط الماضي حول عرض خدماته مرارا وتكرارا إلا أنه قوبلت بالرفض.
وقد أثارت هذه الاتهامات جدلا واسعا في أوساط الفضاء، خاصة أنها تتناقض مع تصريحات "ناسا" في مؤتمراتها الصحفية التي شددت على التزامها الصارم ببروتوكولات السلامة والتخطيط الدقيق للمهمات الفضائية.
ومن جانبه، نفى ولمور وجود أي دوافع سياسية وراء تأخير عودتهما، مؤكدا أن القرار كان مجرد استجابة لمشكلة تقنية غير متوقعة. وقال في تصريح سابق له "لقد أتينا إلى هنا ومستعدون للبقاء فترة طويلة، رغم أننا خططنا لمهمة قصيرة. إلا أن هذا هو جوهر البرامج الفضائية، وعلينا التعامل مع حالات الطوارئ غير المتوقعة، وقد فعلنا ذلك بنجاح".
وبالرغم من الجدل السياسي المثار، أكدت ناسا أن ولمور ووليامز بقيا في أمان على متن المحطة الفضائية، حيث واصلا إجراء التجارب العلمية وأعمال الصيانة الروتينية. وكانت المهمة قد حُددت مبدئيا للعودة في 26 مارس/آذار، إلا أن "ناسا" قررت تسريع الجدول الزمني باستخدام كبسولة "سبيس إكس" جاهزة بدلا من المركبة التي كانت مقررة سابقا.
إعلان هل علق رواد فضاء بالفضاء من قبل؟وليامز وولمور ليسا أول رائدي فضاء يواجهان إقامة مطولة في الفضاء بسبب ظروف غير متوقعة. فقد كانت هناك حالات سابقة اضطر فيها رواد فضاء للبقاء في المدار فترة أطول من المخطط لها بسبب مشاكل فنية أو أحداث جيوسياسية.
وكانت أطول رحلة فضائية لرائد فضاء أميركي هي مهمة فرانك روبيو التي استمرت 371 يومًا على متن محطة الفضاء الدولية، من عام 2022 إلى 2023، ومُددت بسبب مشاكل في مركبة سويوز التي نقلته إلى المدار، وعاد في النهاية على متن كبسولة "سويوز" مختلفة.
وعام 1991، تقطعت السبل برائد الفضاء السوفياتي سيرجي كريكاليف على متن محطة "مير" الفضائية التي أُخرجت من الخدمة آنذاك، لمدة 311 يومًا بسبب تفكك الاتحاد السوفياتي، وعندما هبط أخيرًا في مارس/آذار 1992، لم يعد إلى الاتحاد السوفياتي بل إلى روسيا حديثة الاستقلال.