الأونروا لـعربي21: نصف سكان غزة نزحوا إلى مرافقنا (شاهد)
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
قال الناطق الرسمي باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، كاظم أبو خلف، إن "مدارس الأونروا في غزة تحوّلت قسرا لمراكز إيواء تستضيف أكثر من مليون ومائتي ألف من النازحين، ما يعني أن نصف سكان قطاع غزة تقريبا يسكنون الآن في مرافقنا، وهذا يوضح إلى أي مدى وصل حجم الدمار في قطاع غزة".
وشدّد أبو خلف، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أنه "لا يوجد أي مكان آمن في غزة، بما فيها منشآتنا ومدارسنا؛ فالقصف يطال الجميع ويمتد من شمال غزة إلى جنوبها، ورغم أن الناس تبحث عن الأماكن الآمنة، لكننا حقيقة لا ندري أين توجد تلك الأماكن الآمنة؟".
وردا على الاتهامات التي توجّه لوكالة الأونروا بأنها تخلت عن واجبها ومسؤولياتها في غزة، أضاف: "نحن ننظر لتلك الاتهامات من زاوية (عتب المحب)؛ فالكرب شديد جدا في غزة، ونستقبل هذه الاتهامات بعين الاعتبار، ونحاول أن نستخلص الدروس، وتصحيح مسار خدماتنا، ولكن في النهاية نحن نقف حيث يجب أن نقف".
وأشار أبو خلف، إلى أنهم جمعوا 31% فقط من المبلغ الذي طلبته المنظمة الأممية مؤخرا، من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الحرجة والمتزايدة في غزة والضفة الغربية، مضيفا: "بالتأكيد هذا أفضل من لا شيء، ولكن لا يزال أمامنا شوط طويل في هذا المضمار".
وفي 9 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أطلقت "الأونروا" نداءً عاجلا موسعا من أجل الأرض الفلسطينية المحتلة، وطلبت 481 مليون دولار من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية للأشخاص المتضررين في غزة والضفة وحتى نهاية هذا العام.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
إلى أي مدى تأثرت خدمات الأونروا بالعدوان على غزة؟
"الأونروا" هي أكبر مؤسسة أممية عاملة في قطاع غزة، ولدينا في القطاع مئات المرافق، ومئات المركبات، ولدينا 13 ألف من العاملين والموظفين، وهؤلاء جميعا في «الأونروا» فقط، بخلاف المؤسسات الإنسانية الأخرى.
أعمال الحرب حدت كثيرا من عمل وكالة الغوث؛ فقد أصبحت تحركاتنا مرتبطة بمعطيات الميدان والعمل الحربي؛ لأن الأساس في الاستجابة الإنسانية هو المحافظة على المنشآت، والعاملين، وإلا كيف سننفع الناس لو انضممنا إلى هذا العدد الكبير من الضحايا المدنيين.
أما عن عدد الضحايا من العاملين في "الأونروا"، فقد فقدنا 132 موظفا منذ بداية الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
"الأونروا" أطلقت نداءً بقيمة 481 مليون دولار من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية في غزة والضفة قبل نهاية العام الجاري.. فكيف تقيّم حجم الاستجابة لهذا النداء؟
هناك عدد من الدول قدمت بعض التبرعات سواء كانت تبرعات مادية أو عينية، وعندما أطلقت المنظمة الأممية هذا النداء المُتمثل في استجلاب مليار ومائتي مليون دولار للاستجابة الإنسانية الحرجة في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) استطعنا أن نجمع 31% فقط من هذا المبلغ، وبالتأكيد هو أفضل من لا شيء، ولكن لا يزال أمامنا شوط طويل في هذا المضمار.
كيف ترى تداعيات العجز الحالي في ميزانية "الأونروا" على الأوضاع الإنسانية في غزة والضفة؟
موضوع ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حتى قبل اندلاع الحرب كان هو شغلنا الشاغل، وكنّا نناقش مسألة احتمال الانهيار المالي بسبب شح الموارد المالية الذي يقابله تنامي لا يتوقف في احتياجات الناس كمّا ونوعا.
ومع بداية الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر اختلفت الأحوال، وأصبح الجهد منصب على أهمية دور وكالة الغوث في الاستجابة الإنسانية لهذا العدد المهول جدا من النازحين في قطاع غزة، وهذا لا يعني أننا خرجنا من الضائقة المالية، بل على العكس هذا يبعث برسالة قوية إلى كل الدول المانحة مفادها بأن الآن هو الوقت الأنسب لدعم وكالة الغوث، خاصة بعد أن ثبت أهمية دورها في الاستجابة الإنسانية في هذه المنطقة الحساسة من العالم.
كيف يمكن سد العجز في ميزانية الأونروا من وجهة نظركم؟
كما هو معلوم فإن وكالة الغوث تعتمد تقريبا بشكل شبه كامل على التبرعات الطوعية التي تقدمها الدول المانحة، وبدون تبرعات الدول المانحة لن يكون بالإمكان سد العجز، والمطلوب من الدول المانحة زيادة حجم التبرعات.
الدول المانحة يقصد بها جهات مختلفة، منها: الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وكذلك الدول العربية، والدول التي تقدم بعض التبرعات بين الفينة والأخرى مثل الصين وروسيا، وحتى أفغانستان التي قدمت قبل سنوات مليون دولار، وهو مبلغ بسيط لكنه رمزي، وذو أهمية عالية، لأنه يأتي من بلد هو بالأساس يعاني من الدمار الاقتصادي، وفي مناحي الحياة الأخرى، بالإضافة لبعض دول الاتحاد السوفيتي السابق.
العجز المالي في وكالة الغوث عجز مزمن مع الأسف الشديد، وما لفت الانتباه عنه -وليس إليه- هو واقع الحال في قطاع غزة، وبما أن العالم قد أدرك الآن أهمية دورنا فعليه أن يبدأ مُجدّدا في إعادة النظر في آلية تمويل وكالة الغوث، بمعنى أن يكون هناك تمويل مستدام، حتى نتنبأ به، وبالتالي نضع خططا وفق هذا التمويل.
ما ردكم على الاتهامات التي توجّه لوكالة الأونروا بأنها تخلت عن واجبها ومسؤولياتها، وهل تتفهمون غضب الشارع الفلسطيني؟
وكالة الغوث تعمل مع اللاجئين الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة عقود، وعلى مدار نلك العقود كانت توجّه إلينا بين الفينة والأخرى اتهامات بالتقصير.
أما عن اتهامنا بالتقصير في دورنا تجاه غزة فنحن ننظر إليه من زاوية "عتب المحب"؛ فالكرب شديد جدا في قطاع غزة، وعندما تشتد وطأة الكرب على الناس يسهل الاتهام؛ لأن الناس ببساطة تحتاج إلى المزيد من الخدمات، ولو تمكّن الناس من التقاط الأنفاس، والنظر بهدوء إلى ما تقدمه وكالة الغوث لأدركوا أهمية هذه الوكالة التي وقفت بجانبهم منذ النكبة أو بعد النكبة بعام أو اثنين.
نحن نستقبل هذه الاتهامات بعين الاعتبار، ونحاول أن نستخلص الدروس، ونحاول تصحيح مسار خدماتنا، ولكن في النهاية نحن نقف حيث يجب أن نقف، لأن في المقابل هناك اتهامات أخرى لنا من الجانب الإسرائيلي، فطالما نقع في دائرة الاتهام من طرفي نقيض فهذا يثبت أننا نقف في المكان الصحيح.
هل تواجه «الأونروا» ضغوطا إسرائيلية من أي نوع؟
الجانب الإسرائيلي يضغط على وكالة الغوث من خلال الدعوة إلى تجفيف منابعنا، وهناك مراكز أبحاث تقف مع الجانب الإسرائيلي وتتهمنا على سبيل المثال بأن لدينا مناهج دراسية تشجع على "معاداة السامية"، علما بأن ليس لوكالة الغوث أي مناهج دراسية في مدارسها، وإنما تدرس مناهج السلطة المضيفة؛ فمدارسنا تمنح التعليم حتى الصف التاسع فقط، ثم ينتقل الطلاب إلى المدارس الحكومية، لذا نحن ملزمون بتدريس مناهج الدولة المضيفة، حتى لا يكون هناك أي لَبس عند الطالب في مرحلة الانتقال من الصف التاسع إلى ما بعده.
لماذا قامت "الأونروا" بسحب موظفيها ومجال عملياتها من شمال غزة؟
كما ذكرت في بداية اللقاء: الأصل في الاستجابة الإنسانية هو ضمان أمن وسلامة المستجيبين، وأعني المستجيبون في الصفوف الأولى الذين ينزلون إلى الشارع لتقديم الخدمات، ولو نذكر في فترة جائحة كورونا كانت الأولوية القصوى لدى العالم ليس علاج المرضى وإنما الحفاظ على حياة وسلامة الأطباء، وهذا ينسحب أيضا على العاملين في المجال الإنساني، فكيف سنُفيد الناس إذا انضم العاملون في المجال الإنساني بمؤسساته المختلفة إلى قائمة الضحايا، فكان أحد أسباب الانسحاب هو الحفاظ على أمن وسلامة موظفينا.
كم عدد الأشخاص الذين اُستشهدوا داخل منشآت ومدارس «الأونروا»؟
فقدنا 132 من العاملين في وكالة الغوث، وجُرح العشرات من الزملاء، أما عن الضحايا من النازحين في مرافقنا التي يبلغ عددها 156 مرفقا وتعرض العشرات منها للضرر المباشر نتيجة العمل الحربي، فقد سقط داخل هذه المرافق 226 من المدنيين وجُرح قرابة الألف مدني. في الواقع، لا يوجد مكان آمن في غزة بما فيها منشآتنا ومدارسنا، ولا يوجد شخص آمن في غزة بطبيعة الحال، والقصف يطال الجميع ويمتد من شمال غزة إلى جنوبها، ورغم أن الناس تبحث عن "الأماكن الآمنة"، لكننا حقيقة لا ندري أين توجد تلك "الأماكن الآمنة"؟؛ فالتقارير تفيد بأنه حيثما أتجه الناس إلى أي مكان هناك إمكانية لتعرضهم للقصف.
هل تحوّلت كل المدارس والمنشآت التابعة للأونروا في غزة إلى ملاجئ؟ وكيف أوضاعها الراهنة؟
الغالبية العظمى من مدارسنا تحولت بالفعل إلى مراكز إيواء، ولدينا مرافق أخرى وهي مكاتب الموظفين، لكن لا يمكن أن تتحول إلى مراكز إيواء لأن هذا سيعطل عمليات الاستجابة الإنسانية.
وأشير إلى أن مدارس «الأونروا» التي تحوّلت قسرا لمراكز إيواء تستضيف أكثر من مليون ومائتي ألف من النازحين، ما يعني أن نصف سكان قطاع غزة تقريبا يسكنون الآن في مرافقنا، وهذا يوضح إلى أي مدى وصل حجم الدمار في قطاع غزة.
لو تحدثنا عن أوضاع النازحين من غزة، وكم بلغ عددهم حتى الآن؟
من أصل مليوني وثلاثمائة ألف إنسان يسكنون قطاع غزة هناك ما بين مليون وثمانمائة إلى مليون وتسعمائة ألف إنسان أصبحوا في عداد النازحين داخليا، منهم -كما ذكرت- مليونا ومائتا ألف إنسان قد نزحوا إلى مرافقنا في «الأونروا»، وبعض النازحين أصبحوا ينامون في أقرب نقطة ممكنة من المرافق الخاصة بـ"الأونروا"، بحثا عن الأمن والسلامة تحت العلم الأزرق، وهناك مئات الآلاف ممن نزح إلى مدارس غير تابعة للأونروا مثل الصالات الرياضية أو قاعات الأفراح وحتى محطات الوقود. الناس تسعى للبحث عن مأوى ومأمن؛ فحجم الدمار كبير للغاية، وهذا الحجم من الدمار يُفسّر هذا العدد المهول من النازحين في قطاع غزة، فبعض الأرقام تتحدث بأن 60%من البيوت تدمّرت دمارا كليا أو جزئيا.
هل أنتم قادرون اليوم على إدخال المساعدات إلى شمال غزة؟
لا، لا نستطيع إدخال المساعدات إلى شمال غزة؛ فنحن منعزلون عن شمال غزة نتيجة العمل الحربي، ولكن عندما دخلت الهدنة حيز التنفيذ تمكنا من إدخال بعض المساعدات مع غيرنا من المؤسسات الإنسانية، ولهذا يشتد الضغط على الجانب الإسرائيلي، وعلى كل الأطراف الفاعلة والوازنة بضرورة الدفع بفرض وقف إطلاق النار حتى نتمكن من جديد من الوصول إلى مناطق لا يمكن الوصول إليها بفعل الحرب ومعطيات الميدان.
ونحن ندعو الجهات الوازنة والفاعلة في المجتمع الدولي، والأطراف ذات التأثير والصلة، إلى ضرورة أن تفعل شيئا ملموسا من أجل إيقاف إطلاق النار، لأن الناس لم يعد بإمكانها أن تتحمل المزيد من القصف، والمؤسسات الإنسانية لم يعد بمقدورها تقديم الخدمات لهذا العدد المهول جدا من النازحين. والوضع حاليا في غزة مأساوي جدا ويدعو إلى وقفة حقيقية من المجتمع الدولي من أجل فرض هدنة جديدة أو وقف شامل لإطلاق النار أو إيجاد ممرات أمنة حتى تتوفر شروط الاستجابة الإنسانية.
ما أبعاد التنسيق بين "الأونروا" وباقي الجهات والمؤسسات الإنسانية والإغاثية الأخرى؟
بالتأكيد هناك تنسيق حتى نضمن الفعالية في تقديم خدماتنا؛ فهناك مؤسسات إنسانية تعمل في الاستجابة الإنسانية غيرنا؛ فلسنا وحدنا في الميدان، وإن كنّا نحن الأكبر، فهناك الصليب الأحمر، والهلال الأحمر الفلسطيني، وغيرهما من المؤسسات الإنسانية، ومنها مؤسسات أممية مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، والصندوق الانمائي وغيرهم من المؤسسات، والتنسيق يجري بين الجميع حتى نتجنب تكرار المساعدة لفئة بعينها، وهذا من أبسط عوامل الفاعلية في تقديم المساعدات.
ما تقييمكم لمجمل الجهود التي قامت بها «الأونروا» في فلسطين على مدار 75 عاما؟
هذا السؤال يوجّه بالدرجة الأولى لمَن استفاد من خدمات "الأونروا"، ولكن بشكل عام فإن «الأونروا» تقدم خدماتها الأساسية لأي نظام مدني إنساني، مثل التعليم الأساسي، والرعاية الصحية الأولية، والحماية، والقروض الصغيرة، ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين على تحقيق تطلعاتهم؛ فلدينا بصمتنا التي لا يجادل فيها أحد على مدار عقود.
نحن نعمل في خمس مناطق للعمليات منها: غزة، والضفة الغربية، ونعمل أيضا في الأردن، وفي سوريا، وفي لبنان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات الأمم المتحدة الأونروا غزة الإسرائيلي إسرائيل الأمم المتحدة غزة حقوق الإنسان الأونروا مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الاستجابة الإنسانیة اللاجئین الفلسطینیین المؤسسات الإنسانیة الجانب الإسرائیلی الأماکن الآمنة الدول المانحة فی غزة والضفة ملیون دولار وکالة الغوث من النازحین فی قطاع غزة هذا العدد شمال غزة أن الناس إلى أی من أجل
إقرأ أيضاً:
نهلة الصعيدي: الأخوة الإنسانية جزء أساسي من رسالة الإسلام وتعزز التعايش السلمي بين الأديان
نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، اليوم الثلاثاء، ندوة بعنوان "احتفالية الأزهر باليوم العالمي للأخوة الإنسانية"، شاركت فيها أ.د/ نهلة الصعيدي، رئيس مركز تعليم الطلاب الوافدين، ومستشار شيخ الأزهر لشئون الوافدين،الأنبا إرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، وأدار الندوة الدكتور محمد البحراوي أستاذ الصحافة بإعلام الأزهر.
قالت الدكتورة نهلة الصعيدي، إن العالم بحاجة إلى تعزيز مفاهيم الأخوة والسلام، وبحاجة إلى فهم الآخر لأن ذلك يساعد في حل المشكلات، وأكدت على أهمية تطبيق مبادئ الأخوة الإنسانية حيث أنها تعد جزءًا أساسيًا من رسالة الإسلام، نظرًا لأن الدين الإسلامي حثَّ على تعزيز قيم التعاون والمساواة بين البشر جميعًا، وجاء الخطاب القرآني ليؤكد على أن الناس خلقوا ليتعارفوا ويتعاونوا، لا ليتصارعوا، وأضافت أن الإسلام يعتبر التنوع في البشر مصدرًا للغنى الحضاري، ويعزز من مبدأ السلام والتعايش بين مختلف الأديان والثقافات.
حكم من لا يستطيع الوفاء بالنذر.. أمين الفتوى يوضح
ما حكم حضور من لا يحتاج إليه في غسل الميت؟ .. الإفتاء تجيب
وأشارت الصعيدي إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر مع بابا الفاتيكان تعتبر تطبيقًا عمليًا لتعاليم الدين الإسلامي، وتلخيصًا مهمًا لما جاءت به كل الأديان السماوية حيث جاءت كافية وشافية وشاملة لكل الفئات والأطياف والأديان، حيث أكدت على ضرورة التعايش السلمي واحترام الآخر، واهتمت بالمرأة وأهمية تكريمها، وجعلت العمل الصالح هو أساس التكريم وليس اللون أو النوع، وبيَّنت الصعيدي أن المبادئ والقيم التي جاءت بها وثيقة الأخوة الإنسانية دعت إلى نبذ الكراهية والعنف، والعمل من أجل السلام العالمي، كما شجعت على التفاهم والاحترام والفهم المتبادل بين جميع الناس بغض النظر عن معتقداتهم أو ثقافاتهم. وعن دور الأزهر ورسالته، أكدت الصعيدي أنها رسالة عالمية منبثقة من رسالة الإسلام وهدي نبيه الذي دعا للسلام والتسامح، حيث عقد الأزهر الشريف ملتقى الأخوة الإنسانية وملتقى الطلاب الوافدين للتأكيد على أهمية لغة الحوار وتعزيز قيم فهم الآخر، كما عززت مناهج الأزهر من القيم الإنسانية الراقية، ولقد خلق الله الناس جميعا من نفس واحدة على اختلاف لغاتهم وثقافاتهم المختلفة، تربطهم صلة واحدة هي صلة الأخوة والإنسانية.
من جانبه أوضح الأنبا إرميا، الأسقف العام - رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، أن احترام الآخر يعد من أصول الأديان كافة، حيث يُعتبر الإنسان أكرم مخلوقات الله وله مكانة عظيمة في جميع الأديان، مؤكدًا أن وثيقة الأخوة الإنسانية جاءت لتسليط الضوء على حقوق الإنسان وحمايتها، مشيرًا إلى أن دور علماء الدين لا يقتصر على التفسير الديني فقط، بل يشمل التطبيق الفعلي لهذه المبادئ في حياتنا اليومية، كما أشار إلى جهود الأزهر في تأسيس "بيت العائلة المصرية" الذي يعزز التعايش بين المسلمين والمسيحيين في مصر ويعمل على تعزيز روح الأخوة والتسامح بين أفراد المجتمع، مؤكدًا أن بيت العائلة ليس فقط مؤسسة دينية، بل هو أيضًا منصة للحوار والتفاهم بين مختلف الأديان والثقافات، ويُسهم بشكل كبير في حل القضايا الاجتماعية والدينية بطريقة متوازنة وعادلة، ويمثل نموذجًا حقيقيًا للوحدة الوطنية والحوار بين الأديان.
وأشار الأنبا أرميا إلى أن الأديان السماوية جميعها تدعو إلى التسامح والتعايش المشترك والسلام، موضحًا أن القرآن الكريم جاء بالسلام وخاطب الناس جميعًا باختلاف ثقافاتهم وطالبهم أن يتعارفوا على المودة والمحبة والسلام، مؤكدًا أنه يجب على علماء الدين أن يكونوا قدوة في نشر قيم المحبة والتفاهم بين الناس، كما أنهم على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم يتحملون مسؤولية كبيرة في تعزيز الوحدة بين البشر من خلال الحوار البنَّاء والتعاون في خدمة المجتمع، وأشار إلى أن الأخوة الإنسانية تقتضي احترام التنوع الثقافي والديني، والعمل معًا من أجل نشر السلام وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهو ما يجب أن يسعى إليه كل عالم دين مخلص لرسالته، داعيًا الجميع إلى تعزيز الاحترام المتبادل والعمل سويًا من أجل إرساء دعائم السلام حول العالم.