الجزيرة:
2024-11-26@14:55:26 GMT

هل تسبب نقص السيولة في مصر انتشار العملة المزيفة؟

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

هل تسبب نقص السيولة في مصر انتشار العملة المزيفة؟

القاهرة ـ بضع بقرات سمان، تسر الناظرين، كانت أحشاؤها منتفخة لا بالطعام، ولكن بالنقود المزيفة، حيث تمكّن تجار مواشي من تخبئة آلاف الأوراق النقدية من فئة 200 و100 جنيه بداخلها.

كانت تلك حيلة إحدى عصابات تزوير العملات المزورة مؤخرا لنقلها من إحدى أقاليم الصعيد للقاهرة، وعُدّ سقوطها خبرا عاديا وسط توالى أخبار القبض على عصابات التزوير.

هذه الأوراق ربما كانت ستؤول مثلما آل غيرها، بيد محمود عبد النعيم، وهو صاحب متجر لبيع مستلزمات المحمول بالقاهرة، قال للجزيرة نت، إنه بات في حاجة ملحة لجهاز كشف العملات المزيفة، بعد ما صار من المعتاد أن يكتشف وكلاء مستلزمات ـيبيعهاـ عملات مزيفة بين النقود التي يورّدها إليهم، وهو ما يضعه في حرج شديد، خاصة أن مراجعة الكاميرات لا تسعفه في معرفة من سلّمه العملة المزورة، وربما كان واحدا من الزبائن لم يدرك بأن العملة التي اشترى بها أغراضه مزيفة.

وأفاد صحفي مختص بأخبار الحوادث بإحدى المواقع المحلية الإخبارية كثافة أنباء سقوط مزوري العملة المحلية مؤخرا، وتابع في حديثه للجزيرة نت ـطالبا عدم كشف هُويتهـ بأن "دلالة ذلك تؤشر إلى أن هذا النشاط بات مدرا لربح الخارجين على القانون أكثر من النشاطات الأخرى، ربما يفوق المخدرات نفسها، ما يعني كذلك أن نشاط رجال مباحث الأموال العامة تزايد مع تصاعد نشاطات تلك العصابات".

في التفسير الأمني، يعني تصاعد الاتجاه لتزوير العملة تطور أساليب التزوير، ما يغري المنحرفين باللجوء لهذا النوع من الجرائم، بيد أن محللين اقتصاديين يرون أن الأمر مرتبط من زاوية أخرى بانخفاض السيولة، ما يغري المنحرفين إلى تلبية طلب السوق المتعطش للعملة المحلية بعملات مزورة، مع وجود الأدوات الفنية اللازمة.

انخفاض السيولة في مصر أغرت بعض المنحرفين لتزوير العملة (رويترز) انخفاض السيولة

وانخفاض السيولة، برأي هؤلاء المحللين، له أسبابه الواضحة المتصاعدة منذ سنوات عدة، وتتجلى في اتجاه معظم المصريين إلى ضخ أموالهم في شهادات بنكية ذات فائدة مرتفعة، سعيا لامتصاص السيولة من السوق وخفض معدل التضخم، بينما يفضل مدخرون تجميد مدخراتهم على شكل أصول؛ مثل: الذهب أو العقار أو حتى تحويلها لدولار، حرصا على حفظ قيمة أموالهم مع توالي نزول قيمة الجنيه التي تراجعت في السوق الموازية إلى 52 جنيها للدولار، وارتفاع نسبة التضخم لمستوى 39%.

وقدّرت تقارير رسمية عدد الوحدات السكنية المشتراة خلال هذا العام بأكثر من 660 ألف وحدة سكنية، وزادت أسعار العقارات بنسبة 25%، مع توقعات بأن ينمو حجم سوق العقارات السكنية في مصر من 18.04 مليار دولار في 2023 إلى 30.34 مليار دولار بحلول 2028، مدفوعا بطلب متزايد على الوحدات السكنية في المدن الرئيسة في مصر، حسب مركز معلومات مجلس الوزراء.

وكشف تقرير حديث أن مشتريات المصريين من الذهب قفزت بنسبة 46.3% خلال النصف الأول من العام الحالي، لتتجاوز 33.5 طن، مقارنة بنحو 22.9 طن في الفترة نفسها من 2022.

التزوير يستهدف العملات ذات الفئة الأعلى 200 و100 جنيه (الجزيرة) شكاوى التجار

وشكا عضو الغرفة التجارية القليوبية سيد البحيري، وهو تاجر حبوب -أيضا- من أن السوق باتت تعاني من نقص السيولة، مضيفا في حديث للجزيرة "كنت أبيع مثلا في ساعات محدودة نحو نصف طن، حاليا قد يمر أسبوع ولا أستطيع بيع 150 كيلو؛ نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل يومي، والنقص الحاد في السيولة".

وأكد صلاح شاهين، وهو تاجر جملة للأدوات الصحية أن نقص السيولة أنتج انتشار ظاهرة العملات المزيفة، خاصة من فئة 100 و200 جنيه، مشيرا في حديث للجزيرة نت بأن "الأمر ازداد خطورة لدرجة أن بعض محترفي التزييف يعلنون عن نشاطهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وانتشرت آلات طباعة النقود في قرى بعينها.

وأوضح الخبير الاقتصادي وائل النحاس أن الرهان على أوعية آمنة للفوائض المالية، "الدولار والعقار والذهب"، أسهم في تبخر الأموال من الأسواق، بما انعكس في أزمة السيولة، مكرسا حالة الركود، مع استمرار ارتفاع أسعار السلع رغم قلة الطلب عليها، ما دفع تجارا لحرق الأسعار والبيع دون هامش ربح، وفاء بالتزاماته.

ودعا وائل النحاس في حديثه للجزيرة نت إلى سياسة جديدة تعمل على مواجهة التضخم والركود، في الوقت نفسه الذي لا تشلّ فيه حركة الأسواق.

شكاوى عديدة لتجار يعرفهم مدرس الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر والخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، تشير إلى أن البلاد دخلت "أزمة سيولة كبيرة"، بتعبيره، ما دفع بعضهم بدورهم إلى تجميد أموالهم في بضائع وتخزينها، في ظل ما يتردد عن قرب تعويم الجنيه، ما أوقف دورة السيولة.

ويرى الخبير الاقتصادي أن سعي الحكومة المصرية لمواجهة المشكلة متأخر عامين على الأقل، مطالبا في حديث للجزيرة نت بسرعة اتخاذ خطوات في تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي، بإخراج مؤسسات الدولة من الاقتصاد، والكف عن منافسة القطاع الخاص، ودعم النشاطات الموفرة للعملة الصعبة.

مطالب بإجراءات

بالمقابل يؤكد الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح أنه لا توجد أزمة سيولة في مصر، ولكن الأمر لا يعدو أن يكون تراجعا في معدلات الشراء والبيع، نتيجة تدني القدرة الشرائية لقطاعات واسعة من المصريين، انعكاسا للأزمة الاقتصادية.

وتابع، تقارير البنك المركزي الأخيرة لا تتحدث عن أزمة سيولة بالمرة رغم الحديث عن ملامسة معدلات التضخم لمستوى 40%.

وشدد المتحدث على أن البنك المركزي متيقظ بشدة لتجنب المعاناة من أزمة السيولة عبر استخدام أدواته، وضخ مليارات الجنيهات في الأسواق، موضحا في حديث للجزيرة نت أن سلوكيات المستهلك مؤخرا، دفعت بعض الناس للحديث عن نقص السيولة.

بيد أن هاني أبو الفتوح لا ينفي ارتفاع معدلات انتشار الأموال المزيفة في الأسواق، إلى حد ظهور مجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي، جرى ضبط أحدها، كان أصحابها يعلنون عن تسليم 1000 جنيه مزورة مقابل 300 جنيه صحيحة.

بتفسيره، لا يعود لنقص السيولة، لكن المتحدث يعزوه إلى سهولة امتلاك آلات الطباعة بشكل طبيعي دون قيود، مع الاعتماد على تقنيات عالية في التزييف يصعب ملاحقتها بالوسائل التقليدية، فضلا عن وجود رغبات في تحقيق مكاسب مالية وثراء سريع عبر استغلال الأزمة الاقتصادية، بشكل سهل رغم مخالفة القانون.

ودعا الخبير الاقتصادي لتعزيز الرقابة على الأسواق لمواجهة هذه الظاهرة التي تعدّ -طبقا للقانون- جريمة أموال عامة، وتغليظ العقوبة، مع تقليل الاعتماد على التداول اليدوي، والتوسع في نظام المدفوعات الإلكترونية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الخبیر الاقتصادی للجزیرة نت فی مصر

إقرأ أيضاً:

إيبن بارلو للجزيرة نت: التاريخ سيكون أكثر قسوة على إسرائيل

أكد إيبن بارلو رئيس ومؤسس شركة "النتائج الحاسمة" الجنوب أفريقية، أول وأشهر شركة جيش خاص في العالم، أنه من الصعب المقارنة بين الصراعات التي يتعامل معها في قارة أفريقيا وبين الصراع في فلسطين، مشيرا إلى أنه لا يمكن استخدام نموذج للصراع في أفريقيا وفرضه على منطقة أخرى في الشرق الأوسط، وأضاف أن متابعة الصراع في فلسطين مطلوبة لمحاولة فهم كل شيء وراء هذا الصراع.

وبشأن رأيه في حال قبول شركة من شركات الجيوش الخاصة عقدا من إسرائيل لتكون جزءا من حربها على الفلسطينيين، أعرب بارلو عن اعتقاده أن الأمر سيكون صعبا.

وأضاف "أعلم بصعوبة هذا الأمر بناء على خبرتي في أفريقيا، فأنا شخصيا وشركتي (النتائج الحاسمة) لا نشارك في صراعات لا نفهم تضاريسها ولا لغات شعوبها ولا ثقافاتها المختلفة ومجموعاتها العرقية وأديانها. ولذا، فإنه يتوجب على أي شركة أمن خاصة أن تفهم هذه الأشياء، قبل أن تقبل مثل هذا العقد إذا أرادت أن تُحدث تأثيرا إيجابيا على أي من الجانبين".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماذا تعرف عن إمبراطورية لوكهيد مارتن التي تُشعل ساحات الحروب بالعالم؟list 2 of 2القسام يخترق إسرائيل ويقتنص معلومات خطيرة وهذه أشهر العملياتend of list

وبشأن اتفاقه مع حكومة بلاده جنوب أفريقيا في رفعها قضية أمام محكمة العدل الدولية عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ أكثر من عام، وتعريفه للإبادة الجماعية والتطهير العرقي في سياق عسكري، قال بارلو إن الحكومات تتخذ القرارات، والناخبين يلتزمون بها.

إيبن بارلو: الفصل العنصري تحول إلى مصطلح طنان لكثيرين (الجزيرة)

وأضاف أنه من الطبيعي أن البعض يؤيدون وآخرين يعارضون بشدة، "ولكنى أري أنه قبل أن نبدأ في محاولة حل مشاكل الآخرين يجب علينا أن ننظر إلى ما يحدث في وطننا"، مشيرا إلى أن جنوب أفريقيا لم تقم بإدانة الحرب الروسية على أوكرانيا. وأضاف "إذا كنا سندين طرفا، فتجب إدانة طرف آخر وألا نكون انتقائيين".

وردا على سؤال بشأن ما يجب أن يكون عليه سلوك الجيوش الشريفة في المناطق الحضرية المكتظة بالمدنيين، وذلك في ضوء مقتل أكثر من 45 ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين على يد إسرائيل خلال الأشهر الـ13 الماضية، قال بارلو إن المناطق الحضرية المكتظة بالسكان تسبب مشاكل لأي قوة عسكرية بسبب خسائر المدنيين، مشيرا إلى أنه من دون التخطيط للعمليات بشكل جراحي فستكون هناك مشاكل، "ومع ذلك، نعتقد أن القوات العسكرية يجب أن تبقى خارج المناطق الحضرية لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين والأضرار الهائلة التي تصيب جميع الأطراف المشاركة في هذا الأمر".

إيبن بارلو وبين يديه كتابه الذكاء البشري (الجزيرة)

وردا على اقتناعه بفاعلية ما وصفها بضرورة التخطيط للعمليات في المناطق المكتظة بالمدنيين بشكل جراحي، رد بارلو بالقول "لا، لا أعتقد ذلك فعليا، ولكن بشكل عام، الناس يحبون استخدام تعبير (ضربات جراحية) ككلمة طنانة، ولكن، لا يوجد أي اعتبار للأضرار الجانبية الناجمة عنها على المدنيين". وأضاف "في كثير من الأحيان، أعتقد أن الضربة الجراحية يجب تعريفها فعليا كضربة غير جراحية".

وردا على سؤال بشأن ما يشعر به عندما توصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، وذلك بالنظر إلى أنه خدم في الجيش والمخابرات الجنوب أفريقية في زمن العنصرية، أوضح بارلو أنه طبقا للدراسات، فإن عدد الذين قتلوا في هذا الصراع منذ عام 1960 حتى 1994 وصل إلى 21 ألف قتيل، ومن ثم لا يمكن المقارنة بين ما حدث في جنوب أفريقيا وما يجري في فلسطين.

وأضاف أن الفصل العنصري تحول إلى مصطلح طنان لكثيرين، مشيرا إلى أن الوضع كان مختلفا في جنوب أفريقيا من حيث إن الفصل العنصري ببساطة كان يتحكم في حركة الناس، مما أدى إلى مظالم كثيرة بحق السود والملونين في كثير من النواحي، ولكن لا يمكن المقارنة بين النموذجين.

ونفى بارلو أي تشابه بين نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، "فرغم ما قد يقوله البعض، فإن الجنوب أفريقيين لم يغزوا جنوب أفريقيا التي كانت مستعمرة مثلها مثل عديد من بلدان العالم، وإن غالبية البيض نشؤوا في أفريقيا ويعتبرون أنفسهم أفارقة أو جنوب أفارقة. فنحن لم نغز ولم نحتل أحدا".

بارلو : العقوبات التي طبقت على جنوب أفريقيا كانت هائلة، ولا نراها تصدر بحق إسرائيل (الجزيرة)

وأوضح بارلو -الذي عمل في ثمانينيات القرن الماضي مديرا للمكتب الإقليمي لمخابرات جنوب أفريقيا في أوروبا الغربية- أن هناك قاعدتين حاليا، واحدة تنطبق على أفريقيا والشرق الأوسط، والأخرى على بقية العالم، وأن ذلك يترجم إلى المعايير المزدوجة، فجنوب أفريقيا لم تذهب خارج حدودها لتحتل أراضي غيرها وتبني فوقها مساكن.

وعن اعتقاده بضرورة فرض عقوبات ضد إسرائيل بسبب جرائمها ضد الفلسطينيين كالعقوبات التي طبقت ضد نظام الفصل العنصري واعتباره جريمة ضد الإنسانية، قال رئيس ومؤسس شركة "النتائج الحاسمة" إن العقوبات التي طبقت على جنوب أفريقيا كانت هائلة، ولا نراها تصدر بحق إسرائيل، واعتبر الأمر كله يقوم على النفاق.

إيبن بارلو خلال مشاركته في القتال بأدغال أفريقيا (الجزيرة)

وعن تناقض موقف جو بايدن عضو مجلس الشيوخ الأميركي في الثمانينيات بوصفه النظام في جنوب أفريقيا يثير الاشمئزاز ودعوته إلى تشديد الحصار عليه، وبين موقفه وهو رئيس يدعم إسرائيل في جريمة الإبادة ضد الفلسطينيين، وصف إيبن بارلو ذلك بالنفاق، مشيرا إلى أنه رغم أخطاء نظام الفصل العنصري واستخدامها مبررا لتركيع جنوب أفريقيا البيضاء، فإن ما نشهده قصة مختلفة تماما، إذ ترسل الولايات المتحدة قواتها إلى إسرائيل، ولهذا أقول إنه النفاق الدولي.

ويرى بارلو أن فصائل المقاومة الفلسطينية التي تقاتل داخل وطنها ويصنفها الغرب إرهابية، تقاتل من أجل ما تؤمن بأنه حقها تماما "كما كنت سأفعل لو تعرضنا لغزو من قبل غزاة أجانب".

وأضاف أن التاريخ سيكون أكثر قسوة مع إسرائيل مقارنة بنظام الفصل العنصري، خاصة في ظل تصاعد المعارضة الأوروبية المتزايدة لما تقوم به في غزة ولبنان. لكن بغض النظر عن ذلك، فسوف يتعين التوصل إلى حل سياسي.

واختتم بارلو الجزء الأول من الحوار بالتشديد على ضرورة التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، إذ قال "لا يمكن أن تقضي على معتقدات الناس ومبادئهم، فلن تستطيع قتلهم جميعا ولا قتل معتقداتهم".

مقالات مشابهة

  • «تجارة في العملة».. الداخلية تضبط 11 مليون جنيه آخر 24 ساعة
  • ضبط قضايا اتجار في العملة بقيمة 12 مليون جنيه
  • ضبط قضايا اتجار في العملة بالسوق السوداء بـ11 مليون جنيه
  • ضبط قضايا اتجار في العملة بقيمة 11 مليون جنيه
  • ضبط قضايا اتجار في العملة بـ11 مليون جنيه
  • أزمة النقل الجوي تحاصر أهم مفاصل العدوّ الصهيوني وسط انهيار مُستمرّ للقطاع المصرفي والعقاري
  • شعبة الدواجن: البيض المحلي أرخص من التركي ويباع في السوق بـ148 جنيهًا
  • إيبن بارلو للجزيرة نت: التاريخ سيكون أكثر قسوة على إسرائيل
  • ضبط قضايا اتجار في العملة بقيمة 9 ملايين جنيه
  • البتلو بـ400 جنيه.. أسعار اللحوم اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024 في الأسواق