محمد على العجمي يكشف أهمية الترابط الأسري وأثره على تطور المجتمعات العربية
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
قال د. محمد على العجمي، الداعية الإسلامي، إن المجتمعات العربية شهدت في الآونة الأخيرة معدلات تفكك كبيرة جدًّا في كياناتها الاجتماعية التي تظهر بشكل كبير في التفكك الأسري، حتى أصبح أمرًا لا يخفى على أحد حجم القضايا التي تمتلئ بها أروقة المحاكم، حتى أصبحت ظاهرة اجتماعية لا بد من التصدي لها.
وأضاف العجمي، أن هذا التفكك المجتمعي المتمثل في التفكك الأسري له أسباب عديدة منها ما يرجع إلى المجتمعات وتركيبتها الفكرية والثقافية والمادية، ومنها ما يرجع إلى الأفراد وتكوينهم النفسي والديني والاجتماعي.
وتابع أنه لا بد من نشر الوعي بقضايا الأسرة في المجتمعات والهيئات الاجتماعية حتى نرجع بالأسرة لأصالته مع مراعاة ظروف التطور التكنولوجي الذي نحياه.
وأكد د. محمد علي العجمي، على أن القرآن الكريم اهتم بقضية الترابط الأسري بأركانه الثلاثة: الأب، والأم، والأولاد، وأولى اهتمامًا خاصة بالمرأة بحكم أنها أهم ركن من أركان الأسرة.
فمن وصايا القرآن الكريم بالمرأة:
_( ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ﭮ) التقدير للمرأة، وحفظ حقها، واحترام مشاعرها واجب شرعي لم يعذر فيه أحد مهما علا قدره، فهو فرض عين على كل أفراد الأمة عظيمها ووضيعها -وحاشها أن يكون فيها وضيع-.
_( ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ) أدنى الإحسان للمرأة مهما تكن قرابتها منك (أمًا- أختًا- جدة- خالة- عمة- زوجة- بنتًا).
أن تُقر عينها، ولا تحزن قلبها، وتبلغ رضاها القلبي، وفق طاعة الله تعالى، وفي حدود الإمكانيات التي حباك الله إياها دون غش أو مكر أو خداع.
_ بلوغ الرضا والعيش في راحة نفسية أدنى متطلبات الزوجين من بعضهم: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ﭮ).
وأكدت خاتمتها:( وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا) على أن الحلم مفتاح السعادة بينهما.
وأنه تعالى عليم بإمكانيات كل فرد منهما، مطلع على قلوبهما، وحليم على من تجاوز وتعدى منهما بالعمد أو الخطأ.
فلو انتبه الزوجان لحلم الله عليهما لحلم كل فرد منهما على الآخر.
وتابع: وصايا القرآن بالمرأة:
هذه القاعدة الذهبية في ضبط علاقة الرجل بالنساء: (لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا) وكأنه قال للرجل: النساء بحر لا يشبع منه شاربه، فكن قنوعًا بما أحله الله لك، ولا تشرعن شهوتك وميلك نحوهن، بحجة أنه الشرع والدين، فإنه إن لم يكن لك ضابطًا من نفسك يضبط علاقتك بهن ويحجم ميلك إليهن، فلن تغنيك نساء العالمين.
كما لفت د محمد علي العجمي الانتباه إلى اهتمام القرآن بالترابط بين الزوجين: (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) الله شهيد على أيها الرجل على الكلمة التي أخذت بها هذه المرأة تحت رعايتك.
والله شهيد على رضاك أيتها المرأة عندما قبلت أن يكون هذا الرجل في رعايتك.
فليتق الله كل منكما في الآخر حتى يستقر المجتمع.
واختتم د محمد علي العجمي مؤكدًا على وثائق الترابط الزواجي التي دعت إليها سورة البقرة:
الوثيقة الأولى: أساس نجاح العلاقة في حسن الاختيار:
(وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون ﮟ)
الوثيقة الثانية: الطهارة أساس العلاقة:
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين ﯠ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين)
الوثيقة الثالثة: ضبط النفس واللسان من ضوابط السعادة:
(وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم ﰄ لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيم)
الوثيقة الرابعة: التشديد مُؤْذِنٌ بالتشديد:
(لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم)
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
المقصود بـ"مكر الله" في القرآن الكريم
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، جاء مضمونه كالتالي: ما معنى قوله عز وجل: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: 30]؟.
تفسير " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين"
قالت دار الإفتاء في إجابتها، إن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بالمكر ولا بالكيد ابتداءً، وهو سبحانه منزه عن النسيان، قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64].
وأوضحت الإفتاء أن المقصود من " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين"، وغيرها أن الجزاء من جنس العمل، وأن هؤلاء مهما بلغوا في مكرهم وكيدهم فهو لا يساوي شيئًا أمام عظمة الله وقدرته وقهره وانتقامه وتدبيره في هلاكهم وقمع شرهم وباطلهم، وكل ما أضافه الله تعالى لنفسه من صفاته وأفعاله فهو منزَّه عما يخطر بالبال من صفات المخلوقين وأفعالهم، وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك.
وأضافت الإفتاء أن هذا الكلام مَسُوقٌ على سبيل المشاكلة والمقابلة كما يقول البلاغيون، وهو أسلوب لغوي بليغ جاء كثيرًا في القرآن الكريم، كقوله تعالى:﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: 67]، وقوله تعالى: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ [السجدة: 14]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق: 15، 16].
يتساءل الكثيرين عن تفسير قول الله عز وجل: «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»، وما هو المكر، وهو ما يٌوضحه ويٌجيب عنه الشيخ محمد متولي الشعراوي، في مقطع فيديو من إحدى دروسه الدينية.
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
وفسّر الشيخ متولي الشعراوي قول الله عز وجل: «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»، قائلاً: إن المكر هو التبييت والشيء الخفي، الذي يمكر ويُبيت شيئًا خفيًا بالنسبة لعدوه، وليس لديه القدرة على المُواجهة، فيبيت من خلفه، فلا يمكر إلا الضعيف.
وأضاف: أن البعض يردد قول الله: «إن كيد الشيطان كان ضعيفا» وكذلك: «إن كيدهن عظيم»، موضحًا أنه مادام الكيد عظيم فالضعف أعظم.
وتابع: أن إخفاء الله أمر عن الخلق فهو في مصلحتهم، وبذلك يكون المكر الحسن والتبييت الجميل، «والله خير الماكرين».