جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-19@09:35:14 GMT

عاد الإسلام غريبًا كما بدأ غريبًا

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

عاد الإسلام غريبًا كما بدأ غريبًا

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

لقد عاد الإسلام غريبًا كما بدأ غريبًا، وقد أصبحت سنن الكون تعبث فيها اليوم شرذمة تتحكم في شؤون النَّاس في عالم بات عجيبًا حكمه وقوله وأفعاله.

أكثر من مليار مُسلم يشكلون أكثر من ثلث من يُعمِّرون ويسكنون الأرض في سبات وفي هويةً سحيقة فرضتها عليهم أنظمة علمانية متصهينة، فجعلتهم تائهين في الأرض باحثين كالأنعام عن شهواتهم وملذاتهم الدنيوية، فأردناهم صرعى بين أتون حياة ما خلقهم الله فيها إلا لعبادته وعمارة أرضه واستخلافها بالخير والصلاح.

لقد عاد الإسلام غريبًا كما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحاطًا بأعداء الله من كل صوب ليقضوا عليه ولكن بفضل إرادة الله وجهاد فئة قليلة تحقق النصر؛ فسطع نوره في السموات والأرض، واليوم يعود غريبًا ليس من قلة عدد وعُدة، وإنما من خيانة وضعف إيمان والبحث عن الملذات والسعي نحو العزة والمجد التي خلّفت من يركع تحت طغيان أعداء الله ورسوله، فباع البعض نفسه للشيطان لنرى هذا الخوان الذي جعل من بيننا من هم مُستعبدين.

لقد عاد الدين غريبًا وأطفال ونساء وشيوخ وشباب فلسطين يقتلون بلا ذنب ولا هوادة، جرمهم الوحيد الدفاع عن دينهم ووطنهم وعزتهم وكرامتهم وإخوانهم قد أطبق عليهم الصمت خوفًا من فتك اليهود بهم فلا رادع يردعهم ولا أمة تقمعهم، ارتكبوا ابشع مجازر التاريخ والكل مكتوف الأيدي حتى من الصراخ في وجه الشيطان فقد باع المسلمون أنفسهم وأصبحوا قوما خواء وكثرةً كغثاء السيل لا فائدة منه.

عاد الإسلام غريبًا وقد تبدلت في بعض بقاع الأرض مسمياته بأسماء غريبة تدعو للتسامح والتشارك مع عقائد فاسدة لأنه دين يدعو إلى الوحشية والكراهية وهو الذي أُنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رحمةً للعالمين وهدى للمتقين وسعادة للإنسان في منهاج حياته واصطفاءً له من رب العالمين ليعيش في سلام ًوأمان واطمئنان مقرونا بمرضاة ربه وصلاح أمره فعادت حبائل الشيطان تملأ الأكوان بظلمها وفجورها وبغيها حتى تكالبت علينا الأمم.

اليوم محّص الله الحق من الباطل ففضح الجميع أمام الأشهاد في غرابة دينهم وسوء عملهم وقبح جريرتهم فما حصدته أيديهم اليوم من مساندة ودعم للظالم سيعود عليهم غدَا وبالًا وأضعافًا مضاعفة فالله غالب على أمره ولن ينسى أمر عباده المستضعفين فلا أحقر من خيانة الأخ لأخيه وأذل من باع دينه وخلقه وعزته وكرامته لمحتل ظالم غاشم.

عاد الإسلام غريبًا وسيشع نوره من جديد على أيدي عباده المتقين فإنما هي ظلمة ليل سيشرق فجرها غدًا بإذن الله وستنكشف الغمة التي سادت الأكوان وإن نصر الله قريب.

فدين الله غالب، وهو المنتصر لأنه دين الحق نزل من رب العالمين وسيعود منتصرًا بإذن الله يحكم بالخير بين أهل الأرض من عباده المتقين الصالحين.

اليوم نرفع أكف الضراعة والدعاء لله الواحد القهار أن ينصر إخواننا في فلسطين ويخزي عدوهم ويشتت شمله في البلاد كما شتت بظلامهم من قبل، فلا مستقبل للعدو سوى الدمار والشتات بإذن الله.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: كان محمد ﷺ رحمة للناس حتى في مواطن الحروب والاقتتال والصراعات المسلحة

أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن المتأمل في صفات رسول الله محمد ﷺ، يحار فلا يدري بأيها يبدأ ولا بأيها يختم، ولا ماذا يأخذ من هذا الوابل الصيب من صفات الجمال وصفات الجلال، ولا ماذا يدع.. وكيف لا! وقد وصف الله سعة أخلاقه الشريفة بوصف العظم، فقال في كتابه الكريم: "وإنك لعلى خلق عظيم"، كما وصفته أخبر الناس به، زوجه السيدة عائشة أم المؤمنين - حين سئلت عن أخلاقه، فقالت: «كان خلقه القرآن»، مبينا أنها -رضوان الله عليها- قد أدركت الأفق المتعالي لهذا الخلق النبوي، وصعوبة بيانه للناس: عدا وحصرا واستقصاء، فأحالت البيان إلى أخلاق القرآن الكريم، وما بينها وبين أخلاقه -صلوات الله وسلامه عليه- من تطابق وتماثل، وبما يعني أن الخلق القرآني إذا لم تكن له نهاية في حسنه وكماله، فكذلك «الخلق المحمدي» لا نهاية لحسنه وكمالاته، ولا حدود لسعته واستيعابه العالمين بأسرهم.

وأوضح شيخ الأزهر خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، والمنعقد بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، وتنظمه وزارة الأوقاف بحضور فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، أن المطابقة بين أخلاق القرآن الكريم وأخلاقه ﷺ هي السر في اختصاص نبي الإسلام برسالة تختلف عن الرسالات السابقة، حيث جاءت رسالة خاتمة للرسالات الإلهية، ورسالة عامة تتسع للعالمين جميعا: إنسا وجنا، وزمانا ومكانا، بينما جاءت الرسالات السابقة رسالات محدودة بأقوام بعينهم وفي زمان معين ومكان محدد لا تتجاوزه لمكان آخر.

وبين فضيلته أن أخلاق محمد ﷺ وإن تنوعت عددا ومنزلة وعلو درجة وكمال شأن، حتى وصف بالإنسان الكامل - فإن صفة من صفاته هذه قد انفردت بالذكر في القرآن الكريم، وهي: صفة «الرحمة» التي وصف بها ﷺ في قوله تعالى في آواخر سورة التوبة، في معرض الامتنان الإلهي على المؤمنين، حيث بعث فيهم رسولا منهم، وصفه بأنه حريص على هدايتهم، وأنه «رؤوف رحيم» بهم، ثم ذكرت صفة «الرحمة» مرة ثانية في قوله تعالى في آواخر سورة الأنبياء: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وجاءت بأسلوب القصر الذي يدل على أن هذا الرسول اتحد ذاتا وأفعالا بصفة: «الرحمة» حتى صارت سجية راسخة متمكنة في مشاعره، ومتغلغلة في أطوائه، ومسيطرة على تصرفاته.

وتابع شيخ الأزهر أنه ﷺ قد أكد اتصافه بالرحمة بقوله في سنته الشريفة: «إنما أنا رحمة مهداة»، وطبقه في كل تصرفاته مع البشر ومع جميع الكائنات والمخلوقات، وكان ينزع في كل تصرف من تصرفاته من معين هذه «الرحمة» التي فطره الله عليها، وألان بها قلبه، وكان ذلك من أقوى أسباب دخول المشركين في الإسلام: "فبما رحمة من الله لنت لهم.. "، بل إنه كان رحمة للناس حتى في مواطن الحروب والاقتتال والصراعات المسلحة بين الأمم والشعوب.

وأشار فضيلته إلى أن أول ما يطالعنا من تجليات الرحمة النبوية في مواطن الحروب والاقتتال هو: أن القتال في شريعة الإسلام لا يباح للمسلمين إلا إذا كان لرد عدوان على حياتهم أو دينهم أو أرضهم أو عرضهم أو مالهم، أو غير ذلك مما يدخل تحت معنى: «العدوان» بمفهومه الواسع، أما القتال نفسه، أو حرب العدو، أو: الصراع المسلح، فله في شريعة الإسلام خطر وأي خطر، وله قواعد وضوابط وتشريعات شرعها الله تعالى!، وطبقها رسوله ﷺ تطبيقا عمليا وهو يقود بنفسه جيوش المسلمين في معاركهم مع أعدائهم، وأمر أمته بالتقيد بها كلما اضطرتهم ظروفهم وألجأتهم إلى مواجهة عدوهم..

وأوضح شيخ الأزهر أن أول ما يلفت النظر من قواعد الاقتتال لرد العدوان في الشريعة الإسلامية: قاعدة «العدل»، وهي قاعدة كلية بعيدة الغور في شريعة الإسلام، أمر الله بالالتزام بها في معاملة الصديق والعدو على السواء: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، ثم إن قاعدة العدل هذه تستدعي قاعدة ثانية تلازمها ولا تفارقها في أي تطبيق، وهي قاعدة: «المعاملة بالمثل» والتي تعني أول ما تعني حرمة تجاوز حدود العدل إلى حدود الظلم والعدوان على الغير، يتبين ذلك من قوله تعالى: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين".

وتابع فضيلته أن من قواعد الإسلام العامة في القتال التزام مبدأ «الفضيلة» ومبدأ «الإحسان» الذي كتبه الله على كل شيء سواء تعلق هذا الشيء بالإنسان أو بالحيوان، وقد ترجم أمراء المسلمين وقادة جيوشهم، مبدأ «الفضيلة» هذا إلى لوحة شرف في قوانين الحروب، لا يعرف التاريخ لها نظيرا في غير معارك المسلمين، وها هو الخليفة الأول، أبو بكر "رضي الله عنه" يودع قائد جيشه إلى الشام ويقول له: «أوصيكم بتقوى الله، لا تعصوا، ولا تغلوا، ولا تجبنوا، ولا تهدموا بيعة- أي: كنيسة أو معبدا.. "

وأضاف شيخ الأزهر أن صورة القتال في الإسلام لا تكتمل بدون الإلمام بصورة «الأسرى» في الحروب الإسلامية، لافتا إلى أن فقه «الأسير» في الإسلام يدور على أمرين لا ثالث لهما، حددهما القرآن الكريم في قوله تعالى: "فإما منا بعد وإما فداء"، والمن على الأسير هو إطلاق سراحه وتحريره بغير عوض ولا فدية، أما فداؤه فهو تحريره وإطلاق سراحه مقابل فدية يدفعها هو أو تدفع له، مبينا أن الأسير الذي يأسره المسلمون من جيش العدو يحرم على المسلمين قتله، كما تدل الأحكام الفقهية على وجوب إطعام الأسير، ووجوب الإحسان في معاملته، وحمايته من الحر والبرد، وتوفير ما يكفيه من كسوة وملابس، وإزالة كل ما يصيبهم من ضرر، ووجوب «احترام مراكزهم وكرامتهم الشخصية حسب مكانة كل فرد منهم»، مستلهمين في ذلك إلى دعوته ﷺ للرفق بالناس في قوله: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف» وقوله: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم».

وأوضح فضيلته "ما أظنني في حاجة بعد ما سمعناه في شأن الحرب في الإسلام، وهو قليل من كثير - إلى عقد مقارنة أو مناظرة بين الحرب في شريعة الإسلام ونموذجها الإنساني الرفيع، وبين الصورة البشعة للحرب الحديثة في القرن الواحد والعشرين، والتي آل أمرها إلى إبادات جماعية ومجازر همجية وجرائم منكرة، ترتكب ضد شعوب مضطهدة تخلى عالمنا القوي المتحضر عن نصرتها، والوقوف إلى جوارها، وصمت صمت القبور عن آلامها وصرخاتها، ثم راح يشمر عن ساعد الجد ليتصدق على هذه الشعوب البائسة بكلمات عزاء فارغة لا تقول شيئا، أو بمشاعر باردة تذكر بمشاعر القاتل الذي يمشي في جنازة قتيله ويتقبل عزاء الناس فيه، فالمقارنة في هذا المقام مضللة ومزيفة لكل نتيجة تنتجها مقدماتها".

واختتم شيخ الأزهر "حسبنا أن نعلم من جديد أنه لا يصح في حكم العقل أن نقارن بين الخير والشر، ولا بين الحسن والقبح، ولا بين الفضيلة والرذيلة، ولا بين قانون الغاب والأحراش، والدرس الذي يجب أن نذكر به مع تجدد ذكرى المولد النبوي هو تجديد وعي هذه الأمة بذاتها وتاريخها العريق المشرف، وقدراتها المادية والروحية، وطاقاتها الخلاقة، وأن تكون على يقين من أنها تملك دواءها إن أرادت، وأن تكون على ذكر دائم من قوله صلى الله عليه وسلم في شأن أمته: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها.. "، وأن تبذل قصارى الجهد للتضامن مع أطفال غزة ونسائها وشبابها وشيوخها، ومع شعوبنا في السودان واليمن وغيرها، وأن نعلم أن ذلك ليس منة يمن بها على هذه الشعوب المعذبة في الأرض، وإنما هو واجب القرابة في الدين، وصلة الدم والرحم والمصير المشترك".

اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك الصباح

وزير الأوقاف خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف: الاصطفاف خلف فضيلة شيخ الأزهر هو المبدأ والمنطلق لنا

شيخ الأزهر يكرم أوائل الثانوية الأزهرية ويهنئهم على تفوقهم ونجاحهم

مقالات مشابهة

  • فضل دعاء الأم ومكانتها في الإسلام
  • الصحبة في الإسلام.. شروط ومواصفات الصاحب الصالح
  • مكانة الصلاة في الإسلام وحكم تاركها
  • أهمية الصدقة في الإسلام وأثرها على الفرد والمجتمع
  • شيخ الأزهر: القتال في الإسلام لا يباح إلا لرد العدوان (فيديو)
  • شيخ الأزهر: التضامن مع غزة والسودان واليمن والشعوب المعذبة في الأرض واجب ديني
  • شيخ الأزهر يطالب بالتضامن مع غزة انطلاقا من صلة الدم والرحم والمصير المشترك
  • شيخ الأزهر يطالب بالتضامن مع غزة انطلاقا من صلة الدم والمصير المشترك
  • شيخ الأزهر: كان محمد ﷺ رحمة للناس حتى في مواطن الحروب والاقتتال والصراعات المسلحة
  • اليوم.. مسيرة في الهند للاحتفال بالمولد النبوي الشريف