جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-02@02:46:02 GMT

غزة وفنون الإتيكيت

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

غزة وفنون الإتيكيت

 

هند الحمدانية

تعيش غزة منذ حوالي 64 يومًا ظروفًا حياتيةً استثنائيةً قاسية يشهدها العالم أجمع، وسلّطت الأضواء عالميًا على هذا القطاع المحاصر وعلى ظروف أهاليه وشبابه وأطفاله وتفاصيل حياتهم وتعاملاتهم، ولأن غزة اليوم تقابل كل شعوب العالم على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمقروءة، فاقتضى الأمر منَّا أن نشير إلى فنون الإتيكيت وقواعد الآداب التي أتقنها الغزاوي خلال ممارساته الميدانية والحياتية اليومية والتي استخدم فيها أفضل السبل، وأكثرها جمالًا، ورقيًا، وتهذيبًا.

هذا المقال هو بمثابة "Ticket" بطاقة دخول إلى المجتمع الغزاوي الراقي، هنا سنعيش معًا فنون الإتيكيت والذوقيات الفخمة التي تتعامل بها غزة وأهلها مع أرواحهم أولا ثم مع الآخرين والعالم أجمع.

يقول الله تعالى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم): "وإنك لعلى خلق عظيم"، ويخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه فيقول: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، من هنا بدأت بذور ممارسات آداب الإتيكيت الحياتية والتي تدور في فلك مكارم الأخلاق والتي يجب أن تتجذر في الفطرة الإنسانية السليمة والعلاقات بين أفراد المجتمع.

ولقد لاحظنا جميعًا خلال الشهرين المنصرمين أن غزة كانت أيقونةً عالمية جاذبة لفنون الإتيكيت والخصال الحميدة ونموذجا مذهلا للدراسة والاقتداء، فترافق فيها مفهوم الإتيكيت مع البساطة والرقي والابتسامة والجمال والعفوية وحسن الظن بالله.

"إتيكيت الروح".. كيف يتعامل الغزاوي مع روحه الطاهرة، كيف ترفع بها عن ملذات الدنيا، كيف رقاها بآيات كتاب الله ثم كرمها في سبيله، كيف أنصت لنفسه وأعطاها الاهتمام المطلق في التساؤل والاستفسار: إلى متى هذا الذل وهذا العار؟ ومن ثم أجابها بحب ورقي: لن يدوم لأننا نقاوم، فإما النصر أو الشهادة، علمتنا غزة أن الإتيكيت يبدأ من الروح ثم يمتد بعدها ليشمل كل تعاملات الحياة الأخرى.

انعدمت الأسباب.. شح الماء والطعام والدواء وكل سبل الحياة الكريمة، والنازحون من أهالي غزة تحت القصف بدون مأوى آمن وبدون غطاء، لكنهم يتسلحون بالإيمان والخلق القويم، فلا سرقات رغم الفقر والجوع، ولم نسمع بحالات اعتداء أو تحرش، لم نسمع بعبارات تذمر أو تأفف، كل ما كان وما زال يتردد طيلة أكثر من شهرين "الحمدالله رب العالمين" ويا رب خذ منَّا حتى ترضى، ألا يصنف هذا التعامل من أعلى درجات إتيكيت التعامل مع النفس ومع الآخرين؟!

ذوقيات غزة حققت "ترندًا" عالميا في مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة في التعامل مع الأسرى، والذي بدا واضحًا وجليًا مع عقد الهدنة الإنسانية وبدء تبادل الأسرى؛ حيث انكشف لكل شعوب العالم التعامل الإنساني الراقي والسلوكيات البالغة التهذيب التي أظهرتها حماس للأسرى المحتجزين، والرفق والرحمة التي أحاطوهم بها وطبخ الطعام لهم، واحترام أشخاصهم وشرفهم ومعاملة الأسيرات من النساء مع ما يتناسب مع جنسهن، وتوفير الرعاية الصحية وغيرها وتهيئة ظروف جيدة لهن، وذلك ما أكدته الأسيرة الإسرائيلية المسنة ليفشيتس المفرج عنها: أنهم لم يتعرضوا لأي نوع من العنف أو الإهانة، أبهرتني حماس عندما اهتمت بتفاصيل راحة الأسرى النفسية قبل الجسدية عندما جمعوا ساكني كل مستوطنة من الأسرى مع بعضهم البعض ليشعروا بالراحة والأمان والألفة، ثم ينتشر مقطع الفيديو المُذهل؛ حيث الفتاة الإسرائيلية مايا ريغيف وهي تلوح لمسلح حماسي يقول لها "وداعًا مايا" فترد عليه مبتسمة راضية "شكرا" ،حقيقة ً إن غزة أسست مدرسة إتيكيت من الطراز الرفيع في فنون التعامل مع الأسرى لم تشهده البشرية منذ قرون طويلة.

"إتيكيت الإعلام الحربي".. المصداقية والشفافية في نقل الأحداث، أصول الصورة والتحرير والإعداد وفن التعامل والكاريزما والكلمة رغم صعوبة الظرف، دروس قيمة في الإتيكيت الإعلامي نستخلصها لكم في عدة نقاط، اختيار الوقت المناسب لإيصال المعلومة وبثها، واستخدام كلمات سحرية تبقى في ذهن المتابع المترقب (لا سمح الله)، لغة جسد ثابتة ونبرة صوت واثقة وكلمات صادقة، ولذلك آمنت وانبهرت كل شعوب العالم بمصداقية الرجل الملثم وشجاعته وذكاءه وإقدامه، فما أجمل أبو عبيدة! المقاوم المحترم الذكي المغوار الذي امتاز بثقة فخمة ممزوجة بعزة وكرامة، لا يتحدث كل يوم، لكنه إذا تحدث أسكت القوم.

فأهلًا وسهلًا بكم وبكل شعوب العالم العربي والغربي في مدرسة الإتيكيت الغزاوية وإلى البلاط الملكي الغزاوي الشريف الذي غسل بدماء الشهداء وطرز بالعفة والنقاء، ففاحت منه ريح الطيب والمسك والجنة وتزاحمت بين شرفاته الملائكة حاملةً الأجنة، أهلا بكم جميعًا من السابع من أكتوبر وإلى أن يتحرر الأقصى ونُكبِّر.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مُحامي يُرصد أوضاعا صعبة يعيشها الأسرى في سجن "النقب"

رصد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أوضاعًا صعبة، يعيشها الأسرى الفلسطينيون في سجن النقب الإسرائيلي.

ونقلت الهيئة عن محاميها الذي تمكن من زيارة سجن "النقب"، أن إدارة السجن تمارس بحقهم حربا نفسية وجسدية، ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق الدولية والإنسانية، حيث يتعرضون  بشكل مستمر للضرب والإهانات من قبل السجانين، كما يتعمدون ممارسة الإهمال الطبي بحقهم، فلا علاج ولا فحوصات تقدم لهم. 

وأضافت، أن هناك انتشارا واسعا للأمراض الجلدية، نظرا لغياب أدنى مقومات النظافة ونقص في الملابس، كما أن الطعام المقدم سيء كما ونوعا، والوجبة المقدمة لا تكفي لمعتقل واحد، ونتيجة لذلك فقد العديد من المعتقلين عشرات الكيلوغرامات من أوزانهم.

وطالبت بضرورة التحرك الفوري وعلى أعلى المستويات الدولية والإقليمية، نطراً لخطورة ممارسات الاحتلال بحق أسرانا، والعمل على إلزام دولة الاحتلال باحترام وتنفيذ أحكام القانون الدولي.

وتطرقت إلى حالتي معتقلين في النقب، وهما: جهاد ابراهيم ناصر، وابراهيم سعيد سالم، على النحو التالي: 

يعاني المعتقل جهاد ابراهيم ناصر( 26 عاما) من مخيم قلنديا شمال مدينة القدس ، من اصابة متطورة ومتقدمة بمرض (سكابيوس- الجرب)، الذي استفحل في جسده، حيث أصبح جاف ومقشر بشكل كامل، وانتشرت الدمامل والالتهابات في كل أنحاء جسمه، الى جانب معاناته من آلام شديدة منعته من تحريك أطرافه، فلا يستطيع رفع يده او كتفه، ولم يتمكن من النوم و الأكل و الاستحمام لأيام كثيرة، ورغم ذلك لم يقدم للأسير أي علاج، ولا حتى حبة مسكن.   

اعتقل ناصر اعتقل بتاريخ 01/12/2021، وصدر بحقه حكما بالسجن لمدة 4 سنوات، وحاليا طرأ تحسنا كبيرا على صحته، وتعافى بشكل كامل.

أما المعتقل ابراهيم سعيد سالم (39 عاما)، من مخيم العين بمدينة نابلس ، فقد تم أخذ "خزعة" من لسانه، قبل الحرب بشهرين، نتيجة التهابات شديدة عانى منها في الفم والحلق، وكانت نتيجة الفحوصات بأنه لا يعاني من سرطان، أو مرض خطير، لكن لم يتم تشخيص المرض، ومنع بعدها من مراجعة العيادة، بسبب الإجراءات الانتقامية، التي فرضت على المعتقلين بعد 7 أكتوبر.

ويعاني سالم اليوم من مرض "سكابيوس"، الذي تفاقم بشكل كبير في الآونة الاخيرة، وهو يطالب بالعلاج لكن دون جدوى.

ونقل المحامي على لسان المعتقل سالم:" الأوضاع قاسية جدا، والاعتداءات متنوعة ومتكررة، وتمارس بحقنا بشكل ممنهج، وادارة السجون تتعمد التجويع الجماعي بحقهم، ما أدى الى انخفاض أوزاننا، فأصبحنا كالهياكل العظمية، وأغلبنا نعاني من الهزل، والارهاق". وكان قد اعتقل بتاريخ 15/01/2008، وصدر بحقه حكما بالسجن مدة 26 عاما.

المصدر : وكالة وفا

مقالات مشابهة

  • توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية
  • أغلى أنواع الأرز في العالم.. أسراره وفوائده التي ستدهشك!
  • أكثر من 11 ألف حالة اعتقال بالضفة والقدس منذ 7 أكتوبر
  • تكريم الدكتور محمد العجمي بإعلام 6 أكتوبر
  • متظاهرون قبالة منزل نتنياهو يطالبون باتفاق لتبادل الأسرى بغزة
  • متظاهرون قبالة منزل نتنياهو يطالبون باتفاق لتبادل الأسرى في غزة
  • المتشددون في إيران يطالبون بإغلاق مضيق هرمز وبناء قنبلة نووية.. وانتقادات ضد بزشكيان بسبب تقاعسه في التعامل مع إسرائيل
  • مُحامي يُرصد أوضاعا صعبة يعيشها الأسرى في سجن "النقب"
  • فيفا يكشف عن ملاعب كأس العالم للأندية 2025 التي ستقام في أمريكا
  • هيئة شؤون الأسرى: قوات الاحتلال اعتقلت 40 فلسطينيا من الضفة الغربية أمس