مقالات "عصر الجاهز"!
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"الحروب تدور في مجال السياسة، ومشاهدها الأخيرة فقط هي التي تنتقل إلى ميادين القتال" محمد حسنين هيكل.
********
في أحد الحوارات مع أحد الأحبة أكد لي أننا نعيش "عصر الجاهز"؛ إذ يقول: "الناس ما عندها وقت تقرأ وتريد أحدًا يقرأ لها، حتى في الأكل تجد أكثر المطاعم انتشارًا ونجاحًا وربحية هي مطاعم المأكولات السريعة، كل وأنت تمشي، وممكن جدًا وأنت تجري"!
وفي كتابة المقالات التي أصبح عدد قراءها يتناقص حينا بعد حين، حتى أنت الذي تقرأ هذه العبارة أتصور أنك قد لا تقرأ مقالات بعد مدة، قد تكتفي بتغريدة عابرة، وفيها ما لذ وطاب من الأخبار المختصرة جدًا.
نحن في وقت حتى اللغات فيه ذابت، تطبيقات الترجمة سيطرت على أسواق اللغات (هل هناك أسواق للغات؟)، وأصبح التنافس بينها محتدما، بالكاميرا ممكن تظبط أوضاعك الكلامية بأي مكان بالعالم، حتى لغات الهنود الحمر ممكن تجدها بتطبيقات الترجمة، لم يعد الآن هناك عذر لعدم معرفة اللغة، فقط حمل التطبيق الملائم لك وابتدأ بالتحدث عن طريق هذه التطبيقات، وإن لم تستسغ هذا الأمر، ولايهمك كاميرا التطبيق تكفيك عناء السؤال وتترجم لك ماتريد بذات اللحظة، فقط أشر بها على مكان الكتابة، وأهلًا وسهلًا، هل هناك دلالات أكثر من ذلك؟
على ذكر الترجمة أتذكر أن أحدهم كان مسافرًا لعاصمة النور قبل سنوات وأظن معرفته باللغة الفرنسية كمعرفتك بمكاني الآن، لا أطيل عليك هو كان يسير بأحد الجادات الباريسية وأمامه إعلان مشوق فيه دعاية على طريقة يمين يسار يمين يسار- حسب فهمه وفق الإشارات المشاهدة- وأثناء المشاهدة لليمين يسار يمين يسار، وكان يتحدث مع صديقه المرافق بصوت مسموع على اعتبار أن لا أحد سيفهم اللغة العربية الغريبة على أهل باريس، لكن أستوقفه أحد المارة بجانبه فنبهه عن الفهم الخطأ، وأفهمه بأن قصد الإعلان مختلف، وان العاصمة لا تخلو من بني يعرب.
نحن في زمن كثير من البديهيات تغيرت فيه، أعطيك مثالًا: في السابق كانت الحروب العربية بالسيوف والدروع والأسلحة البيضاء وركوب الخيل، ثم جاءت الدبابات والأسلحة الميكانيكية، وأصبح من يصنع السيارة ممكن جدًا أن يصنع مركبة مصفحة، وكثرت مشتريات العرب من السلاح حتى أصبحوا تقريبا هم الزبون رقم واحد عند شركات السلاح، وبعد ذلك توالت الهزائم العربية، وأصبحت هذه الأسلحة مناسبة جدا للإستعراضات العسكرية أو مقاتلة بعضنا بعضًا، أما إن في حروب الصهاينة فإننا مؤدبين وملتزمين بالقانون في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لدرجة انه أصبحت ذروة جهادنا هي من يطلق تصريحات أكثر حدة من الآخر.
بالطبع الشعوب لاتملك سوى ماتستطيعه وأكثره وليس أقله المقاطعة لكل من تثبت صهيونيته، و بالطبع الشعوب ليست مسئولة عن فرق التقنيات الميكانيكية بين الدبابة الصهيونية أو العربية، ولا حتى الفرق بين المرسيدس 600، والأودي السبورت، وإن كانت من بلاد الجرمان التي أصبحت صهيونبة وكأنها تتعذر عما فعله هتلر إبان العصر الغابر!
الأكيد أننا في وقت كل شئ فيه تغير، لا الأكل هو نفس الأكل، ولا حتى الرياضة، الآن بإمكانك شراء عجلة تلعب بها رياضتك المفضلة في غرفتك ببيتك العامر، وقد تضع أمامك شاشة تلفزيونية تشاهد خلالها مشاهد القتل المأساوية في غزة الجريحة، وأنت تجري واقفًا، حتى حركة مشي لن تحتاجها، فالجهار مشكورا جعلك تتحرك واقفا، وياسلام على العولمة!
عمومًا.. فلننتظر حرب التصريحات وتأثيرها على الصهاينة، وهل هُم فعلًا متأثرين بها، أم يتندرن عليها، الأكيد والتأكيد والمؤكد أن الحرب في مواجهة الرجال للرجال، والجيش للجيش، ومن لم يستطع فليقل خيرا أو ليصمت، فالوقت وقت سلاح ورجال ومال، والتصريحات في وقت السلم فقط، فهمت وإلا أفهمك زيادة: في وقت السلم فقط.
يقول نزار قباني:
يا تلاميذ غزة
علمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا
علمونا بأن نكون رجالا
فلدينا الرجال صاروا عجينا
علمونا كيف الحجارة تغدو
بين أيدي الأطفال ماسا ثمينا
كيف تغدو دراجة الطفل لغما
وشريط الحرير يغدو كمينا!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم.
نيويورك – يرصد خبراء أن اللغة العربية التي يحتفل بها في 18 ديسمبر من كل عام، وجود نقص حاد في المتخصصين الذين يعرفون اللغة العربية والثقافة العربية في العالم.
الاحتفال بيوم اللغة العربية تحدد في 18 ديسمبر، اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 بإدراجها ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في المنتظم الأممي. اللغات المعتمدة في الأمم المتحدة ست وهي العربية، والإسبانية والإنكليزية والروسية والصينية والفرنسية.
أهمية اللغة العربية تتزايد باضطراد في العالم ويسجل تزايد في الإقبال على تعلمها. يمكن للذين يدرسون اللغة العربية الحصول على وظائف في مختلف المجالات مثل الصحافة والأعمال التجارية والمالية والمصرفية وفي الصناعة والتعليم والترجمة الشفوية والاستشارات والخدمات الدبلوماسية.
الجدير بالذكر أن اللغة العربية تحظى منذ القدم بمكانة هامة في روسيا التي يعيش بها في الوقت الحالي حوالي 20 مليون مسلم، أي ما يمثل نحو 15 بالمئة من مجمل السكان.
يُسجل أيضا أن اللغة العربية لها شعبية كبيرة في روسيا، وهي تعتبر من أشهر اللغات الشرقية المتاح تعلمها في عدد من المؤسسات التعليمية الروسية.
هذه الأهمية تأتي من حاجة روسيا، التي تقيم علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية مع الدول العربية، إلى متخصصين في مجال اللغة العربية للحفاظ على هذه الصلات الهامة والتقليدية.
علاوة على ذلك، تشهد معظم المنطقة السوفيتية السابقة عملية إحياء للقيم الروحية والثقافية الإسلامية، وهذه العملية ترتكز بالدرجة الأولى على تعلم اللغة العربية، لغة القرآن، ومعظم الأعمال الدينية الكبرى.
حتى الولايات المتحدة تتزايد الحاجة فيها إلى متخصصين يتقنون اللغة العربية. يوجد في هذا البلد أكثر من 1.35 مليون شخص يتحدث باللغة العربية، ما يجعل منها سادس أكثر اللغات شيوعا في البلاد وهي تستعمل من قبل ما يقرب من 0.5 بالمئة من سكان الولايات المتحدة.
اللغة العربية اكتسبت صفتها باعتبارها كنزا للحضارة العالمية نظرا لأنها لغة القرآن الكريم وهي أساسية لمعتنقي الدين الإسلامي، وهي توصف أيضا بأنها أم اللغات الشرقية، وبفضل الترجمات العربية وصلت أعمال العلماء القدماء إلى العالم في حقبة العصور الوسطى.
تحتل اللغة العربية المرتبة الخامسة في العالم بالنسبة لعدد الناطقين بها، ويستعملها في العالم أكثر من 300 مليون ناطق أصلي، ولها مكانة خاصة في 26 دولة في آسيا وإفريقيا، إضافة إلى مكانتها الرئيسة في 23 دول عربية. علاوة على كل ذلك، هي إحدى أربع لغات في العالم إلى جانب الصينية والسنسكريتية واليونانية، أسهمت في نشوء تقاليد لغوية أصيلة.
أهمية اللغة العربية تظهر في وجود كلمات ومفردات في اللغات الأخرى بما في ذلك عدد من المصطلحات العلمية وأسماء بعض المنتجات والمفاهيم والظواهر الثقافية. الثقافة العربية الإسلامية ظهر فيها مثلا علم الجبر، وجاءت من العالم العربي منتجات مثل القهوة والقطن وكذلك الياسمين والليمون.
تأثير الثقافة العربية يوجد في كثير من اللغات الأخرى وخاصة الفارسية والتركية والكردية والإسبانية والبرتغالية والسواحيلية والأردية ولغات أخرى.
يشار أيضا إلى أن معظم الشعوب التي تنتمي إلى العالم الإسلامي كانت تستخدم حتى وقت قريب الحروف العربية في ابجدياتها. في هذا السياق تمتد كتابة العديد من الأعمال الكلاسيكية للأدب التركي والتتاري والأوزبكي والأذربيجاني والطاجيكي والفكر الديني والفلسفي بالمجمل بأحرف عربية متكيفة مع خصوصيات اللغات الوطنية.
من المعروف أيضا أن الحروف الهجائية الحديثة للفارسية والأردية والباشتو ولغات أخرى تعتمد على الحروف العربية. لذلك تتم دراسة الحروف العربية في الوقت الحاضر ليس فقط في المؤسسات التعليمية الدينية، بل وفي المدارس العامة.
علاوة على ذلك يجري تدريس فنون كتابة النصوص بالخط العربي الفريد في جمالياته في المدارس الخاصة. كل ذلك يشير إلى أن اللغة العربية إضافة إلى مكانتها الدينية والثقافية الراسخة، هي لغة بمستقبل واعد مع ازدياد الحاجة إليها في محتلف المجالات في العالم.
المصدر: RT