جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-26@07:58:32 GMT

غزة في قلوب العُمانيين

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

غزة في قلوب العُمانيين

 

د. سلطان بن خميس الخروصي **

sultankamis@gmail.com

 

 

خلال أكثر من سبعة عقود ونصف العقد شكلت القضية الفلسطينية مرتكزًا محوريًا نحو السيادة الاستراتيجية والحلم الخالد في سبيل الوحدة العربية، فمرّت هذه القضية بموجات ارتدادية متتالية وبقيت بين فرٍّ وكرٍّ لتشي بواقع هُلامي للمشروع العربي الوجودي، والذي تجسد آخره في الصمت المخزي تجاه الإبادة الإنسانية للأطفال والنساء والحياة في قطعة أرض لا تتجاوز (360 كم2) أُمطرت بعشرات الأطنان من أدوات القتل والتدمير والإبادة.

كل ذلك وسط تجاهل عربي مُخزٍ وتصفيق غربي منافق عن الديمقراطية والحُرية، وأمام كل هذا التعرِّي الأخلاقي والقومي والإنساني والديني ينبري الموقف العُماني المسؤول سلطاناً وحكومة وشعباً بعمق صناعة القرار السياسي والانتماء القومي الأصيل مع كثير من المُتغيرات والمساومات وتقلّب الأمزجة والأنظمة وازدواجية الولاءات والانتماءات الإقليمية والدولية، حيث التَّمسُك بالموقف الرزين المتين في تقييمه للحق العربي متضلّعاً بقاعدة الثوابت والأولويات، لتظل مواقفه خالدة يشدو برُبابتها التأريخ؛ فيَسمع أثيرها جموع الأُمم والشعوب، ليرشفوا من مَعِينِ جنائِنِها أُرجوزة المدنِّيَة والتحضُّر وصناعة السياسة واحترام الإنسانية وحق تقرير المصير.

نأت عُمان الخالدة بنفسها عن صخب ازدواجية المعايير وتمييع المفردات والمفاهيم، فسلطان البلاد المفدى وفي خطابه السامي أثناء افتتاح مجلس عُمان نجده يُشدَّد على موقف البلاد الثابت والحضاري بحق الشعب الفلسطيني بأرضه وسمائه، ويُجرِّم مجازر الصهيونية تجاه الحياة الإنسانية الكريمة، ليتناغم مع خطاب جلالته رسائل سماحة الشيخ أحمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عُمان، والتي يبارك فيها أفعال المقاومة وحركات التحرر الوطنية والدعوة لمقاطعة الشركات الداعمة للصهاينة ومن عاونهم، ويوجه خطاباته ونداءاته لعلماء الأمة بأن يتحملوا ذنب صمتهم عند الله تعالى عن إزهاق الأرواح بدون وجه حق في غزة، ليكتمل بهاء الموقف العُماني المشرِّف شعبًا وحكومة من خلال دعوة عُمانية خالصة بمحاكمة دولية لمجرمي الحرب في غزة والتي جسَّدتها الصحافة العُمانية الرسمية والخاصة بكل مصداقية وجُرأة وشفافية عبر صفحاتها الأولى، ويكون للشعب ومؤسسات التنشئة الاجتماعية كلمتها الثابتة الراسخة جنبا إلى جنب مع سلطانها ومؤسسات الدولة والصحافة في المظاهرات الجماهيرية التي يقودها ثُلَّة من الشباب المؤمن بمبادئه والقابض على ثوابته كالقابض على الجمر، وغرس تلك السجايا في نفوس النشء عبر المؤسسات التربوية و تكريس ثقافة وقيمة الدفاع عن الوطن والتضحية من أجله، وتعزيز قيم الولاء والانتماء التي هي مكون رئيسي نصَّ عليه النظام الأساسي للدولة.

إنَّ الهجمة المستعرة في الفترة الأخيرة على الموقف العُماني الواضح والصريح والجريء في مناصرة القضية الفلسطينية، والدعوة لإنصاف الإنسان في قطاع غزة بحقه في الحياة الكريمة ووقف حمام الدم وآلة الموت الصهيونية المُستعرة لها مآرب واهية سمجة يقتات على فتاتها زُمرة مراهقة من مرتزقة المواقف والمصالح، فهم يعرفون تاريخ هذا البلد العظيم ومواقفه السيادية الرصينة في الكثير من القضايا القومية والعالمية، فما جرى تروجيه بأنه تعزيز لقيم العنف وخلق جيل متضلِّع بالكراهية تجاه القوميات والأديان الأخرى في إشارة إلى اليهود ما هو إلا تكريس لسياسة التطبيع والانبطاح في القيم والثوابت بعدما أتعبتهم الفلسفة السياسية والتربوية في القدرة على خلق جيل يحمل في صدره حب فلسطين وعروبتها وطيفها الديني القويم، لقد آلمتهم صلاة الجمعة التي ما فتأت تُذِّكر العالم بحق الحياة للفلسطينيين الذين أغرقوا أرضهم بدمائهم الزكية وصلاة الغائب على أرواحهم الطاهرة في ظل صمت عربي مُخيف والخشية حتى من رفع أكف الضراعة لله تعالى بأن ينصرهم ويرحم شهداءهم، عُمان ليست  بحاجة لأنَّ تُعلِّمها الصُّحف الصفراء، ولا أن يقوِّم ويقيّم مواقفها صُغراء القلم وتُجَّار المواقف، ولا أن يوجَّه سفينتها الأقزام والقراصنة فهم رُبَّان البحار على مدار الزمان،  بل هي تُلجم تلك الأفواه بالإرث التاريخي المُشرِّف تجاه القضايا العربية والإقليمية منطلقة في ذلك من إرثها الحضاري ومسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية.

** باحث ومتخصص في الشؤون التربوية والاجتماعية والثقافية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لاجئ سوداني تقوده الحرب إلى إيقاف كرستيانو رونالدو و ساديو ماني غداً السبت

 

ما زال توماس دينغ يواجه العديد من الصعاب، بداية من هروبه مع عائلته من الحرب الأهلية في السودان، وصولا إلى محاربته للعنصرية في أستراليا، قبل أن يجد نفسه، يوم السبت، في مهمة الذود عن مرمى فريق يوكوهاما إف مارينوس الياباني، أمام لاعبين بوزن الأسطورة كريستيانو رونالدو وساديو ماني.

التغيير ـــ وكالات

ويلتقي يوكوهاما إف مارينوس مع النصر السعودي، يوم السبت، على ملعب مدينة الأمير عبد الله الفيصل في جدة، ضمن ربع نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة.
ما زال توماس دينغ يواجه العديد من الصعاب، بداية من هروبه مع عائلته من الحرب الأهلية في السودان، وصولا إلى محاربته للعنصرية في أستراليا، قبل أن يجد نفسه، يوم السبت، في مهمة الذود عن مرمى فريق يوكوهاما إف مارينوس الياباني، أمام لاعبين بوزن الأسطورة كريستيانو رونالدو وساديو ماني.

ويلتقي يوكوهاما إف مارينوس مع النصر السعودي، يوم السبت، على ملعب مدينة الأمير عبد الله الفيصل في جدة، ضمن ربع نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة.
ويتطلع يوكوهاما، الذي أنهى مرحلة الدوري (منطقة الشرق) في صدارة الترتيب، إلى الوصول إلى النهائي الثاني على التوالي، بعد تأهله إلى أول نهائي له في نسخة 2023 /2024 عندما خسر أمام نادي العين الإماراتي.

وفي سبيل تحقيق ذلك، يتعين على توماس دينغ مساعدة فريقه من أجل إيقاف خطورة هجوم نادي النصر.

قصة مأساوية

قصة الدولي الأسترالي ذي الأصول جنوب سودانية أقل ما يقال عنها مأساوية، بعدما فرت عائلة البالغ من العمر “28 عاما” من جنوب السودان الذي مزقته الحرب في التسعينات، وقضت سنوات في مخيم للاجئين بنيروبي الكينية، قبل أن تستقر في النهاية بأديلايد الأسترالية.
ولد المدافع في 20 مارس 1997 بنيروبي، بعدما فرت عائلته من السودان “انفصل جنوب السودان عن السودان في 2011″، وكان عمره ست سنوات فقط عندما حصلت عائلته على اللجوء في أستراليا، وبينما كان توماس وإخوته الأربعة الأكبر سنا ووالدتهم يتعرفون على المجتمع في أستراليا، ظل والده في كينيا للعمل كطبيب في منظمة إنقاذ الطفولة، ولم تجتمع العائلة مرة أخرى، إذ توفي والده بشكل مأساوي في عام 2007، تاركا والدته لتتولى كامل المسؤولية.

ورغم أنه كان صغيرا جدا بحيث لم يتمكن من تذكر تفاصيل رحلتة عائلته إلى أستراليا، إلا أن توماس دينغ يدرك جيدا التضحيات الشديدة التي أجبر والدها على تقديمها بحثا عن حياة أفضل، إذ قال: لقد مررنا بخيم اللاجئين قبل أن ننتقل إلى أستراليا، أتذكر أن أمي كانت دائما تقول لنا إننا نأتي لهدف نبيل، كان الهدف دائما هو تعليم الأطفال وتوفير المزيد من الفرص للعائلة، لكن كان الأمر بمثابة صدمة كبيرة أن أنزل من الطائرة وأدخل مكانا جديدا من دون أن أعرف ما أتوقعه وكيف يعيش الناس هناك.

أقر بأن شغفه بكرة القدم نشأ في إفريقيا “كان لدي شغف بكرة القدم قبل مجيئي إلى أستراليا، كنت دائما أتبع إخوتي الأكبر سنا وألعب مع الأطفال في الشارع، وقد عشقتها منذ صغري، وما زلت”.

وكان حب دينغ لكرة القدم، وحقيقة قدرته على التحدث باللغة الإنجليزية، سببا في جعل انتقاله إلى أسلوب الحياة الجديد في أستراليا أسهل بكثير مقارنة بالآخرين.

شقيقه بيتر يلعب لمنتخب جنوب السودان

وقال دينغ في تصريحات سابقة: شقيقي الأكبر بيتر يلعب كرة القدم أيضا، ومثل منتخب جنوب السودان مؤخرا، لذا فإن وجوده جعل من السهل تكوين صداقات في المدرسة، الجميل في كرة القدم هو أنك لست بحاجة إلى لغة، يمكنك تكوين الصداقات بمجرد اللعب، مما سهل علينا الانتقال كثيرا، وكذلك على العائلة بأكملها.
العنصرية

لقد أدت موهبة دينغ وهوسة بكرة القدم إلى صعوده عبر صفوف الناشئين في نادي أديلايد بلو إيغلز وانتهى به الأمر باللعب مع نادي ملبورن فيكتوري في عام 2015، لكن أثناء إقامته في ملبورن، لاحظ دينغ أنه كان يُعامل بشكل مختلف بسبب مظهره.
وحكى: كان هناك أوقات ألعب فيها لفريق ملبورن فيكتروي في عطلة نهاية الأسبوع، ثم كنت أسيرا عبر المتاجر وأجد حراس الأمن ينظرون إلى بغرابة أو يتبعونني، معتقدين أنني سأسرق شيئا ما.

تمثيل أستراليا

لقد حاول المدافع الأسترالي الحفاظ على ارتباطه بتراثه الإفريقي من خلال تعلم اللغة السواحلية وزيارة عائلته في جنوب السودان – لكنه لم يرَ نفسه إلا كمواطن أسترالي.

دينق مع مع منتخب استراليا

يتذكر دينغ لحظة دخوله الملعب عام 2018 مرتديا قميص المنتخب الأسترالي، ويصفها بأنها تجربة لا تنسى، وما زادها روعة هو أنه كان يلعب إلى جانب صديقه وزميله الأسترالي من جنوب السودان أوير مابيل.
تواجد مع منتخب أستراليا في كأس العالم 2022
في عام 2021، شارك دينغ مع منتخب أستراليا في الأولمبياد، وقاده أداؤه الرائع إلى التواجد في كأس العالم 2022.

خاض المدافع تجربة في فريق آيدهوفن الهولندي تحت 21 عاما، قبل أن يتجه إلى الدوري الياباني ليلعب مع أوراوا ريدز العريق والبيريكس نيغاتا، وفي الانتقالات الشتوية الماضية انضم إلى يوكوهاما إف مارينوس.
ويتابع دينغ ثنائي النصر السعودي كريستيانو رونالدو وساديو ماني عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن يتعين عليه مراقبتهما، يوم السبت، في ربع نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة للحد من خطورتهما.

الوسومالنصر السعودي دوري أبطال أسيا دينق ساديو ماني كرستيانو رونالدو

مقالات مشابهة

  • لاجئ سوداني تقوده الحرب إلى إيقاف كرستيانو رونالدو و ساديو ماني غداً السبت
  • مجدي مرشد: ذكرى تحرير سيناء ستظل خالدة في قلوب كل المصريين
  • سيد قنديل: عيد تحرير سيناء" يسطر تاريخ أمة لا تُنسى
  • مفاجأة.. قبل وفاته بأيام.. البابا فرنسيس يودع الحياة بلفتة إنسانية مؤثرة تجاه السجناء
  • مواقف البابا فرنسيس تجاه القضية الفلسطينية والصراع في غزة.. مناهضة للاحتلال ودعوات مستمرة للسلام
  • ساديو ماني أول نجم عالمي يتطوع مع مركز الملك سلمان للإغاثة
  • «خِلال وظِلال».. ديوان جديد يُضيء سماء الشعر العُماني
  • كرم رونالدو الخفي يُضيء قلوب موظفي فندق يوناني
  • رحيل البابا فرنسيس وأثره في قلوب السجناء
  • وفاة الإعلامي صبحي عطري بعد مسيرة لامست قلوب النجوم