عبادة عجيبة.. علي جمعة يوضح كيف تكون ممن يواظبون على الذكر باستمرار
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق ، إن الذكر عبادة غريبة، عجيبة، لطيفة، خفيفة، لأنها عبادة لا تستهلك وقتًا، ويمكن فعلها في كل الأحوال، مستشهدًا بقول الله تعالى: « فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» الأنفال.
وأوضح «علي جمعة» في بيان له، أن الله -سبحانه وتعالى- جعل العبادات كلها ذكر؛ ربط الحج بذكر الله، ربط الزكاة بذكر الله، ربط الصلاة بذكر الله ، ربط الصيام بذكر الله ، ربط كل شيء، مشيرًا إلى أن الذكر أيضا أوسع من هذا حتى سمى القرآن ذكرًا {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
وأضاف أنه ورد في الحديث «من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أحسن ما أعطي السائلين» موضحًا أنه جمع بين القرآن والذكر؛ وأن تلاوة القرآن هي نوعٌ من أنواع الذكر.
وتابع أنه يجب أن نعرف المفتاح وندرب أنفسنا على أن يكون هناك صلةٍ مع الله سبحانه وتعالى إلى هذا الحد الذي ننشغل فيه عن الدنيا ومسائلها فيُعطينا الله سبحانه وتعالى أحسن ما يُعطي السائلين. {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وأكمل: أصبحت قاعدة يقول فيها رسول الله ﷺ: «لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله» لافتًا إلى أنه من هنا وجدنا الشريعة الغراء قد أمدتنا ببرنامج للذكر عجيب غريب، أمدتنا ببرنامج للذكر يقول لك بعد ما تنتهي من الصلاة -والصلاة تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم، الله أكبر والسلام عليكم، السلام اسم من أسماء الله، وفي وسطها كله ذكر - فيقول: «من سبّح لله في دُبر كل صلاة» مع أننا منتهيين من الصلاة وكلها ذكر؛ لكن اذكر مرة أخرى لأن الذكر في غاية الأهمية.
وأشار إلى أنه لذلك اهتم المسلمون بجمع الأذكار في كتب كثيرة ، كل هذه الكتب إنما هي جمع ما كان عليه رسول الله ﷺ وما كان عليه الصحابة من الذكر في كل مقام، لافتًا إلى أنه كان إذا دخل المسجد ذكر «اللهم افتح لنا من أبواب رحمتك» ،وعندما يخرج «اللهم افتح لنا من أبواب فضلك» ،وعند دخول الخلاء -دورة المياه- فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث» ،وعندما يخرج يقول: «غفرانك».
وأفاد بأنها أشياء بسيطة ولكنها تحفظك ، سهلة أن يلهج الإنسان بالأذكار بالليل والنهار، وأن النبي ﷺ في الحديث يقول: «أفضل الأعمال إلى الله سُبحة الحديث» قالوا: وما سبحة الحديث يا رسول الله؟ قال: «القوم يتكلمون والرجل يُسبّح» وهى ما قالوا عليها : "خلوتهم في جلوتهم"، يعني هو خلوته مع الله سبحانه وتعالى في الجلوة وهو جالس مع الناس، لكن قلبه معلق بالله، القوم يتكلموا في شؤون الحياة ،والرجل يُسبّح ، واللسان يُعين الجنان لأن هناك ذكر بالقلب، وهناك ذكر باللسان، وهناك ذكر بهما .
وأستطرد أن الإمام النووي يقول: إن ذكر اللسان حتى مع عدم حضور القلب مطلوب لأنه يذكرك. لكن أنت عندما تتعود على عدم الذكر فلن تأخذ فوائده فيقول ربنا: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
واسترسل أن العلماء قد تكلموا عن حد الكثرة والقلة، متى تكون قد ذكرت الله كثيرًا؟
أولًا: قالوا إنه لا نهاية لها. إذًا فلا تُنكر على أخيك أن يزيد في الذكر لأن كثرة العباد ليست ببدعة، وألّف الشيخ عبد الحي الكوني كتاب «إقامة الحجة أن الإكثار من العبادة ليس ببدعة» بل هو مطلوبٌ في الشرع إنما على قدر الطاقة فـ «إن الله لا يمل حتى تملوا».
واختتم عضو هيئة كبار العلماء أن بعض العلماء ذكر: تدخل في حد الكثرة إذا واظبت على أذكار السنة. وهل نزيد عليه؟ قال: طبعًا تزيد عليه، بعض النابتة يقول لا، ولكن في الآية الكريمة {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أن "كثيرًا" مفتوحة الحد الأعلى من فضل الله علينا، داعيًا: فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة سبحانه وتعالى بذکر الله ک ث یر ا ل ت ف ل ح ون إلى أن
إقرأ أيضاً:
كأنهم في مباراة كرة قدم .. علي جمعة يعلق على استخدام السبحة الإلكترونية
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن المشايخ استحسنوا أن يَذْكُر الذَاكِر الذّكْر متوافقًا مع الكون.
وعلّل علي جمعة، في منشور له عن التسبيح، هذا الأمر بأن عقيدة المسلم أن الكون حولنا يذكر الله بذكر الحال، منوها أنه قد سمع أهل الله الأشياء تُسبّح بذكر المقال، فميّزوا تسبيح الخشب عن تسبيح الرخام، وتسبيح السجاد عن تسبيح الحديد.
وتابع: وكانوا يدعون الله أن يغلق عنهم هذا الكشف، لأنه يرهقهم ويشغلهم، فإن انكشف لهم هذا الأمر، فإنهم لا يحبون استمراره ، بل يدعون الله أن يرفعه عنهم؛ إذ لا يفيدهم إلا تعزيز اليقين، وإذا بلغوا اليقين فلا حاجة لاستمرار هذا السماع، لأنه قد يشغل قلوبهم عن الله.
وذكر علي جمعة، أن أهل الله تراهم يفضلون التسبيح بسبحٍ مصنوعٍ من المواد الطبيعية مثل : الزيتون، الأبنوس، اليُسر، الكوك، وأيضًا من ثمار الدوم والبأس. فهذه المواد تذكر الله معهم، وهم يتعاملون مع الكون الذي يذكر خالقه.
وأوضح علي جمعة، أنه في الوقت الحالي، نجد البعض يستخدم العدّادات الأوتوماتيكية في الذكر، وكأنهم في مباراة كرة قدم، في الظاهر لا بأس بذلك، لكن في المعنى قد يفقد الإنسان التوافق مع الكون في ذكر الله، فقد شاهدنا من أولياء الله الصالحين من يرى الذكر على السُبحة وكأن لكل ذكر لونًا وإشعاعًا يميّز به درجات الآخرين، ويعرف مكانهم ومصدرهم.
وحكي علي جمعة قصة له فقال: أذكر أنني كنت في إحدى البلاد، فأعطاني أحدهم سبحتين، قائلاً: "هذه سبحة الشيخ الفاتح رضي الله عنه، وهي لي، أما الأخرى فهي هدية لك". احتفظ هو بسبحة الشيخ الفاتح، وأخذت الأخرى. وعندما دخلت على أحد أولياء الله الصالحين، نظر إلى السبحة التي كانت معي وقال: "من أين لك هذه السبحة؟ إنها لأحد كبار أولياء الله الصالحين من السودان ". أدركت حينها أن الله قد منحني هذه السبحة كرامة منه.
وأشار إلى أن هناك وراء هذا العالم المنظور عالم غير منظور يدركه من أدرك، ويخفى من خفي عليه، ولكن ما أود تأكيده أن السبح والكرامات وكل هذه الأمور ليست الغاية، بل المقصود الأعظم هو الله سبحانه وتعالى. إذا أصبحت هذه الأشياء حجابًا بيننا وبين الله، فإننا نكون قد ضللنا الطريق.
وذكر أن هذه الأمور إنما هي إشارات ولطائف من الله التي تشجعنا وتثبتنا على الحق، ولكنها ليست الغاية ؛ الغاية هي أن ينصرف القلب إلى الله وحده، دون أن تشغله الوسائل أو المظاهر.