أيمن الجميل: المشاركة في الانتخابات واجب وطني وتصويتنا سيكون للاستقرار والتنمية وإعادة بناء مصر الحديثة
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
قال رجل الأعمال أيمن الجميل إن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية غدا الأحد واجب وطنى علينا جميعا ، لابد أن نؤديه بفرح واحتفال لأننا سنصوت على مشروع النهضة الشاملة الذى بدأه الرئيس عبد الفتاح السيسي ، والذى يستهدف إعادة بناء مصر الحديثة واللحاق بالدول المتطورة تكنولوجيا وعلميا من خلال التعليم الحديث وتطوير الزراعة والصناعة ودعم الابتكار والبحث العلمى
ودعا رجل الأعمال أيمن الجميل جموع المواطنين للتعبير عن فرحهم بوطنهم واختيار القائد الذى يستطيع الحفاظ على البلاد واستقرارها وإعادة تقييم موارد الدولة واستغلالها الاستغلال الأمثل لاستكمال مشروعات التنمية الشاملة والعمران الذى انطلق ليحول الصحراء شمالا وجنوبا وشرقا وغربا فى جميع أنحاء الجمهورية إلى مجتمعات متكاملة ومناطق صناعية ومزارع ضخمة على أعلى مستوى تقنى من اختيار البذور إلى الرى الحديث
وأضاف رجل الأعمال أيمن الجميل ، أنا شخصيا سأختار القائد الرئيس عبد الفتاح السيسي حبا فى بلدى وفى ما قدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي من إنجازات خلال السنوات العشر الماضية ، وكلها إنجازات لم نكن نتصور أنها يمكن أن تتحقق ، لأننا نعانى من غيابها منذ عقود ، فمن كان يتصور أننا يمكن أن نقضى على أزمة العشوائيات الخطرة التى زحفت على جميع م\دن مصر الكبرى وتسبب فى كوارث عديدة أقلها انهيار صخرة كبيرة من جبل المقطم بمن عليها من عشوائيات، ومن كان يتصور أننا قادرون على إطلاق كل هذه المجتمعات العمرانية الجديدة التى تصل إلى نحو 40 مدينة ذكية جديدة بينها مدن عالمية مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وغيرهما
وتابع أيمن الجميل ، لو استطردنا فى تعداد الإنجازات التى تحققت خلال السنوات العشر الأخيرة والتى تسلم فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية لن ننتهى من الكلام ، خاصة وأن هناك إنجازات إعجازية مثل مبادرة حياة كريمة التى تعمل على تجحسين جودة الحياة لنحو 60 مليون مواطن مصرى من قاطنى الريف ، فهل نال الريف المصرى قلب الوطن النابض مثل هذا الاهتمام من قبل ؟ لا أعتقد ولابد أن نكون منصفين ونحن ذاهبين إلى صناديق الاقتراع والمشاركة بفرح فى الانتخابات الرئاسية لأن ما تحقق كثير جدا بلغة العقل والمنطق وكان يحتاج خمسين عاما حتى يتحقق، ويجب فقط أن نعيد الذاكرة للوراء لنتذكر حال البلد ومؤسساته المتهاوية والحرب فى طوابير الخبز والبوتاجاز وانقطاع الكهرباء المستمر وشبح الحرب الأهلية والتطرف والتهديد الإرهابى على حدودنا من كل جانب ومن الداخل ، ثم ننظر كيف أصبحنا الآن لندرك حجم النقلة النوعية التى حققها الوطن تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي
.المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أيمن الجميل رجل الاعمال أيمن الجميل انتخابات الرئاسة الرئيس السيسي الانتخابات الرئاسية الرئیس عبد الفتاح السیسی أیمن الجمیل
إقرأ أيضاً:
تفكيك الحداثة وإعادة إنتاج «الجاهلية».. قراءة نقدية في خطاب «داعش»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أفكار متطرفة وإقصائية تحمل عنف ونبذ للتيارات الأخرى تنظيم داعش يعتمد فى خطابه على تفكيك المفاهيم السياسية الحديثة وإعادة تأويلها لصالحه، تقسيم صارم للعالم إلى فئتين متعارضتين تمامًا ولا يترك أى مجال للحلول الوسط أو التعايش.
تُمثّل افتتاحية العدد ٤٨٦ من صحيفة النبأ الصادرة عن تنظيم داعش فى الساعات الأولى من صباح الجمعة ١٤ مارس ٢٠٢٥، نموذجًا مكثفًا لخطابه الأيديولوجي، الذى يستند إلى تقسيم ثنائى للعالم (مسلم مقابل كافر)، وتبرير العنف من منطلق ديني، ورفض كل المفاهيم الحديثة للدولة والمواطنة. يحاول هذا التحليل تفكيك بنية هذا الخطاب وفق منهج تحليل الخطاب النقدي، الذى يركز على كشف آليات تشكيل المعنى، والأدوات البلاغية، والأطر المفاهيمية التى يستند إليها النص.
أولًا: الاستراتيجيات الخطابية فى النص
يعتمد النص على عدة استراتيجيات خطابية تكرّس رؤيته للعالم، وأبرزها:
الثنائية القطعية (Binary Opposition)
يعتمد خطاب تنظيم داعش فى افتتاحيته على تقسيم صارم للعالم إلى فئتين متعارضتين تمامًا، بحيث لا يترك أى مجال للحلول الوسط أو التعايش. فمن جهة، هناك "المسلمون"، وهم حصريًا من يلتزمون بتفسير التنظيم الخاص للإسلام، بما يشمل العقيدة والتطبيق العملى للأحكام. ومن جهة أخرى، هناك "الكفار" و"المرتدون"، وهم جميع من لا يندرجون تحت مظلة التنظيم، سواء كانوا أفرادًا أو جماعات، بما فى ذلك الدول القومية، الفصائل الإسلامية التى تخالف نهجه، الأقليات الدينية، والمؤسسات الدولية. هذه القسمة الثنائية تُستخدم كأداة لتحديد من يستحق الولاء والدعم، ومن يستحق العداء والقتال، مما يؤدى إلى خطاب متشدد ينفى شرعية كل من يعارض التنظيم أو يختلف معه.
تتجلى هذه الثنائية القطعية فى لغة النص، حيث يتم تصوير غير المنتمين للتنظيم ليس فقط كخصوم سياسيين أو عسكريين، بل كأعداء عقديين يجب القضاء عليهم. فعلى سبيل المثال، يوصف "العلويون النصيريون" بأنهم طائفة كفر وردة "محاربة باقية على حربها"، مما يعنى نفى أى إمكانية للتعايش معهم، حتى لو لم يكونوا منخرطين فى الصراع المسلح. وبالمثل، يتم نزع الشرعية عن الفصائل الإسلامية الأخرى بوصفها "مرتدة"، لمجرد أنها لا تتبنى ذات الأيديولوجيا، حتى وإن كانت تناصر بعض أهداف التنظيم. هذا الاستخدام للثنائية القطعية لا يخدم فقط تبرير العنف ضد هذه الفئات، بل يهدف أيضًا إلى ترسيخ عقلية الانعزال والاستعلاء داخل صفوف التنظيم، حيث يتم تلقين أفراده فكرة أنهم وحدهم يمثلون الإسلام الصحيح، بينما الآخرون جميعًا فى ضلال.
يعتمد تنظيم داعش فى خطابه على تفكيك المفاهيم السياسية الحديثة وإعادة تأويلها ضمن إطار دينى يضعها فى خانة "الجاهلية"، أى باعتبارها مفاهيم مخالفة للإسلام يجب رفضها واستبدالها بمفاهيم بديلة مستمدة من تأويلاته للنصوص الشرعية. هذه الاستراتيجية تمكن التنظيم من نزع الشرعية عن النظم السياسية والاجتماعية القائمة، وتبرير العنف ضدها بوصفه "تصحيحًا شرعيًا" للوضع القائم. فعلى سبيل المثال، يتم تصوير مفهوم "المواطنة" الحديثة على أنه خروج عن العقيدة الإسلامية، إذ تقوم المواطنة على الانتماء الوطنى بغض النظر عن الدين، بينما يرى التنظيم أن العلاقات الاجتماعية والسياسية يجب أن تبنى على مبدأ "الولاء والبراء"، أى الولاء للمسلمين والبراءة من غيرهم. وفقًا لهذا المنظور، فإن تبنى مفهوم المواطنة يعنى وضع المسلم وغير المسلم على قدم المساواة، وهو ما يعتبره التنظيم تفريطًا فى أصول الدين.
بالإضافة إلى ذلك، يقوم الخطاب بتشويه مفهوم الدولة الوطنية الحديثة من خلال اختزالها فى كونها "كيانًا جاهليًا" يتعارض مع "حكم الله"، ما يعنى ضرورة إسقاطها واستبدالها بما يسميه التنظيم "الدولة الإسلامية". فى هذا السياق، لا يُنظر إلى الدول القومية على أنها كيانات سياسية طبيعية نشأت لتأطير العلاقات بين السكان وفقًا لنظم القانون المعاصر، بل يتم تصويرها كامتداد لمشاريع استعمارية صُممت خصيصًا لتقسيم الأمة الإسلامية وإضعافها. ومن هنا، يصبح رفض الدولة الوطنية والتخلى عن هويتها شرطًا أساسيًا للالتزام "بالإسلام الصحيح"، حيث يُستبدل مفهوم "الدولة القومية" بفكرة "الخلافة"، التى يرى التنظيم أنها الشكل الوحيد المشروع للحكم.
وعلاوة على ذلك، تمتد هذه الاستراتيجية إلى مفاهيم مثل "حقوق الأقليات" والعلاقات الدولية، حيث يتم إعادة تأويل هذه المفاهيم ضمن إطار الصراع بين "الإسلام" و"الجاهلية". فحقوق الأقليات فى الدولة الحديثة، التى تستند إلى مبادئ المساواة والمواطنة، يتم رفضها باعتبارها بدعة قانونية غربية تحاول فرض نموذج غير إسلامى للعلاقات بين المسلمين وغير المسلمين. وبدلًا من ذلك، يطرح التنظيم تصنيفات فقهية مثل "الذمي" و"المعاهد" و"المستأمن"، ويشدد على أن التعامل مع غير المسلمين يجب أن يتم وفقًا لهذه التصنيفات التقليدية، لا على أساس قوانين حقوق الإنسان الدولية. هذا التأويل يتيح للتنظيم تبرير ممارسات الإقصاء والعنف ضد الأقليات الدينية، إذ يتم تصوير أى خروج عن هذه التصنيفات كتمرد على "أحكام الشريعة"، وبالتالى يصبح استهداف الأقليات مشروعًا تحت ذريعة "تطبيق الإسلام".
يعتمد خطاب تنظيم داعش على توظيف انتقائى للأحداث التاريخية بهدف تعزيز سرديته القتالية وإضفاء الشرعية الدينية على رؤيته للصراع. من خلال استدعاء أمثلة تاريخية مختارة بعناية، يسعى التنظيم إلى تقديم قراءته الخاصة للتاريخ باعتبارها حقيقة ثابتة، متجاهلًا التعقيدات والسياقات التى أحاطت بهذه الأحداث. فمثلًا، يشير النص إلى تأسيس فرنسا لـ"دولة العلويين" خلال فترة الانتداب على سوريا، ليقدمها كدليل على أن الأقليات الدينية ليست سوى أدوات استعمارية صُنعت لضرب الأمة الإسلامية وإضعافها من الداخل. هذا الطرح يتجاهل العوامل السياسية والاجتماعية التى أدت إلى نشوء هذه الكيانات، ويختزلها فى مؤامرة مقصودة تهدف إلى تفتيت المسلمين. بهذه الطريقة، يُعاد تفسير الماضى ليخدم أهداف التنظيم فى الحاضر، حيث يُقدَّم الصراع مع الأقليات باعتباره استمرارًا لحرب استعمارية لم تنتهِ بعد.
إلى جانب ذلك، يستشهد النص بفتوى المفتى أمين الحسيني، التى نُشرت فى "جريدة الشعب الدمشقية" عام ١٩٣٦، والتى اعتبرت العلويين مسلمين، ليقدمها كدليل على "مؤامرة قديمة" لإضفاء الشرعية على وجود الطائفة العلوية داخل النسيج الإسلامي. يتم تصوير هذه الفتوى ليس كاجتهاد دينى ضمن سياق تاريخى معين، وإنما كخديعة متعمدة أدت إلى نتائج كارثية على المسلمين، ما يهدف إلى ترسيخ فكرة أن كل محاولات إدماج الأقليات هى محاولات خادعة وخطيرة يجب الحذر منها. عبر هذا الاستخدام للتاريخ، يخلق التنظيم شعورًا بالاستياء والعداء تجاه أى جهود سابقة أو حالية للتعايش، مما يعزز خطابه القائم على ضرورة المواجهة العنيفة بدلًا من البحث عن حلول سياسية واجتماعية.
علاوة على ذلك، فإن هذا التوظيف التاريخى لا يقتصر فقط على تحليل الماضي، بل يُستخدم كأداة لتشكيل هوية قتالية لدى أتباع التنظيم. من خلال رسم صورة متكررة عن الأقليات كعملاء للقوى الخارجية، يتم تحفيز أفراد التنظيم على رؤية أنفسهم كامتداد لحركات المقاومة التاريخية ضد "الغزاة"، مما يعزز من دافعهم للقتال. كما أن هذا الخطاب يجعل الصراع يبدو وكأنه ليس مجرد حرب معاصرة، بل معركة ممتدة عبر الزمن، يُطلب من الأتباع الاستمرار فيها حتى تحقيق "النصر الإسلامي". هذا النهج يعزلهم عن أى رؤية بديلة للتاريخ، ويغلق الباب أمام أى محاولات للمصالحة أو إعادة بناء العلاقات بين مكونات المجتمع، مما يضمن بقاء التنظيم فى حالة حرب دائمة تُبرر وجوده وأفعاله.
نزع الإنسانية عن الآخر (Dehumanization)
يستخدم خطاب تنظيم داعش استراتيجية نزع الإنسانية عن خصومه كوسيلة لتبرير العنف ضدهم وإضفاء الشرعية على عمليات القتل والإبادة التى يمارسها. هذه الاستراتيجية تقوم على تجريد الأعداء من أى صفات بشرية، وتصويرهم ككيانات شريرة مطلقة لا يمكن التعايش معها. يظهر ذلك بوضوح فى الأوصاف المستخدمة فى النص، مثل "العلويون النصيريون طائفة كفر وردة خبيثة"، و"النظام المرتد"، و"شركاء وأخوة الطلقاء". هذه العبارات لا تكتفى بتحديد الخصوم فحسب، بل تُضفى عليهم صفات تُسهل رفض أى إمكانية للحوار أو الحلول الوسط، مما يجعل العنف ضدهم يبدو وكأنه "ضرورة شرعية" لا بديل عنها.
إضافة إلى ذلك، يسعى التنظيم من خلال هذه اللغة إلى خلق صورة ذهنية سلبية عن خصومه، بحيث لا يتم التعامل معهم كأفراد أو جماعات لها مواقف وسياقات سياسية، بل كمجرد أدوات للشر يجب محوها. عندما يصف النص العلويين بأنهم "خبيثون" ويصنفهم ضمن خانة "الكفر والردة"، فهو لا يترك مجالًا لرؤية أى بُعد إنسانى لهم، ولا حتى لفهم تعقيداتهم الاجتماعية والدينية. هذا النوع من الخطاب يجعل استهداف هذه الفئات يبدو وكأنه واجب ديني، وليس مجرد خيار سياسي، مما يعزز عقلية الإبادة لدى أتباع التنظيم.
علاوة على ذلك، فإن نزع الإنسانية عن الآخر يُستخدم أيضًا لتجريد الخصوم من أى حقوق، سواء كانت دينية أو قانونية أو حتى أخلاقية. فحينما يُصوَّرون كأعداء أبديين، يصبح أى انتهاك يُمارَس ضدهم مبررًا، سواء كان ذلك القتل، التهجير، أو حتى التعذيب. وهكذا، فإن هذه الاستراتيجية لا تعمل فقط على تحفيز أتباع التنظيم على ارتكاب أعمال عنف، بل تُسهم أيضًا فى خلق بيئة تُبرر الجرائم الجماعية باعتبارها أفعالًا مشروعة بل ومطلوبة، مما يعزز منطق الإبادة الجماعية فى سردية داعش الخطابية.
يعكس خطاب تنظيم داعش تناقضًا جوهريًا فى موقفه من السلطة والجهاد، حيث يهاجم التنظيم الأنظمة الحاكمة، سواء النظام السورى القديم أو الجديد، باعتبارها "جاهلية" تحكم بغير ما أنزل الله. لكنه فى الوقت نفسه يوجه انتقادات لاذعة للفصائل الإسلامية الأخرى، متهمًا إياها بأنها لم تتبنَّ بالكامل رؤيته لـ "الحكم الشرعي". هذا التناقض ينبع من محاولة التنظيم احتكار تفسير الإسلام السياسى وإقصاء أى مشروع منافس له، حتى لو كان يحمل شعارات إسلامية، مما يجعل خطابه قائمًا على رفض مزدوج: رفض الأنظمة الحاكمة باعتبارها كافرة، ورفض الفصائل الإسلامية الأخرى باعتبارها "مرتدة" أو "متساهلة" مع مفاهيم الدولة الحديثة.
إحدى الإشكاليات الكبرى التى يكشفها هذا التناقض هى استحالة تحقيق النموذج الذى يطرحه التنظيم على أرض الواقع. فمن جهة، يرفض داعش الاعتراف بأى سلطة لا تستند إلى تفسيره الحرفى للشريعة، ومن جهة أخرى، يسعى إلى تأسيس كيان سياسى يُفترض أن يحكم وفقًا لأحكام الإسلام كما يراها التنظيم. إلا أن التجربة أثبتت أن إقامة "دولة إسلامية" وفق هذا النموذج لا يمكن أن تتم دون التفاوض مع القوى الفاعلة، سواء أكانت محلية أم دولية، وهو ما يتناقض مع شعاراته الرافضة لأى مساومة أو مواءمة سياسية.
علاوة على ذلك، فإن التنظيم يُظهر موقفًا متناقضًا حيال فكرة الجهاد نفسها؛ فهو يستخدمها أداةً لنزع الشرعية عن خصومه، لكنه يطبقها بشكل انتقائى وفقًا لمصالحه السياسية. فعلى سبيل المثال، بينما يدعو إلى "جهاد" لا يلين ضد الأنظمة والفصائل الإسلامية المخالفة، فإنه يتجنب المواجهة المباشرة مع بعض القوى الإقليمية والدولية عندما لا تخدم المعركة أهدافه الاستراتيجية. هذا الانتقائية تكشف أن الخطاب الذى يدعو إلى "نقاء الجهاد" ورفض كل "أنظمة الجاهلية" لا يعدو كونه أداة سياسية يُكيفها التنظيم وفقًا لظروفه، مما يفرغ شعاراته من مضمونها العقائدي، ويحولها إلى مجرد أدوات تبريرية لممارسة السلطة بأساليب قمعية.
ثانيًا: التحليل الأيديولوجى والدلالي
يعتمد خطاب تنظيم داعش على التلاعب بالمصطلحات الدينية وإعادة تفسيرها بطريقة تخدم رؤيته الأيديولوجية المتشددة. من أبرز هذه الأساليب تقديم القتال ضد الأقليات الدينية والمخالفين على أنه "جهاد"، دون التمييز بين الفئات المختلفة التى وضعها الفقه الإسلامى عبر القرون. فبدلًا من التفريق بين قتال المحاربين، والتعامل مع الذميين والمستأمنين وفقًا لأحكام الشريعة التى تضمن لهم الأمان ضمن دار الإسلام، يقوم الخطاب بتعميم أحكام الحرب على الجميع، مما يُضفى طابعًا تبريريًا على العنف ضد كل من يرفض الانصياع لرؤية التنظيم. هذا التفسير المتشدد يُهمل تمامًا التراث الفقهى الذى أكد على ضرورة التفريق بين مختلف الحالات وعدم إباحة الدماء بغير ضوابط شرعية واضحة.
إضافةً إلى ذلك، يعتمد النص على توظيف انتقائى للآيات القرآنية والأحاديث النبوية، مقتطعًا إياها من سياقاتها الأوسع. يتم استخدام نصوص شرعية تُشير إلى قتال الأعداء فى ظروف الحرب، لكن دون النظر إلى بقية النصوص التى تتحدث عن العدل، والوفاء بالعهود، وحرمة قتل غير المحاربين. هذه الانتقائية تُستخدم كأداة لتبرير العنف، حيث يتم إخفاء النصوص التى تتعارض مع التوجهات القتالية للتنظيم، مما يؤدى إلى تقديم صورة مشوهة عن تعاليم الإسلام. وبهذا، يتحول الدين من منظومة قيمية شاملة إلى مجرد أداة دعائية تُستخدم لدعم مشروع التنظيم السياسي.
كما أن مفهوم "السنة" فى النص يُطرح باعتباره هوية عقدية صلبة لا تتداخل مع الهوية الاجتماعية أو الثقافية، ما يعكس محاولة التنظيم فرض رؤية إقصائية تستبعد حتى المسلمين الذين لا يتبنون تفسيره المتشدد. فبدلًا من اعتبار "السنة" مذهبًا واسعًا يشمل طوائف ومدارس فكرية متعددة، يحاول داعش تضييق تعريفها ليقتصر فقط على أتباعه، مما يُفضى إلى تكفير المخالفين وعزلهم عن الجماعة المسلمة. هذا التوظيف الأيديولوجى للمذهب السنى يسعى إلى خلق انقسام حاد داخل المجتمعات الإسلامية، وتحويل الخلافات الفكرية إلى صراعات وجودية.
وأخيرًا، يعكس النص رغبة التنظيم فى إعادة صياغة مفاهيم الإسلام بطريقة تخدم مشروعه السياسى والعسكري، عبر محو أى تعددية فكرية أو فقهية داخل التراث الإسلامي. فبينما قام علماء المسلمين على مدار التاريخ بوضع قواعد لضبط مسألة التكفير والقتال، يتجاهل داعش هذه الضوابط ليحول الصراع السياسى إلى "معركة عقدية"، مما يمنحه مبررًا دينيًا لاستمرار القتال. هذا الخطاب الأيديولوجى لا يستهدف فقط خصوم التنظيم، بل يسعى أيضًا إلى إخضاع المجتمعات الإسلامية لمنهجه عبر فرض تفسير واحد جامد للإسلام، يُختزل فى العنف والإقصاء بدلًا من الحوار والتنوع.
ثالثًا: الاستنتاجات والتداعيات..
تحريض مباشر على العنف الطائفي
يشكل الخطاب الوارد فى افتتاحية صحيفة "النبأ" نموذجًا صريحًا للتحريض على العنف الطائفي، حيث يُقدَّم الآخر—خاصة الأقليات الدينية—ليس فقط كخصم سياسى أو ديني، بل كعدو متآمر يجب استئصاله. يتم تصوير هذه الأقليات على أنها أدوات بيد "القوى الصليبية واليهودية"، مما يضفى على الصراع بُعدًا عقديًا مطلقًا لا مجال فيه للحوار أو التعايش. هذا التصوير يهدف إلى تعبئة الأتباع نفسيًا ودينيًا لتبرير استهداف هذه الفئات، ليس فقط باعتبارها منافسة سياسية أو عسكرية، بل ككيانات "معادية" وجوديًا، ما يُفضى إلى شرعنة العنف ضدها بوصفه "دفاعًا عن الإسلام".
إن هذه الاستراتيجية الخطابية لم تظل مجرد كلمات على الورق، بل كان لها تداعيات خطيرة فى الواقع، خاصة فى سوريا والعراق، حيث أدى هذا النوع من الخطاب إلى تأجيج النزاعات الطائفية وتعزيز دوامة العنف المتبادل. فمن خلال تصوير الجماعات المخالفة بأنها "أعداء الإسلام" بشكل مطلق، تم تبرير العمليات العسكرية والهجمات ضدهم، ما أدى إلى موجات من القتل والتهجير والتطهير الطائفي. كما أن هذا الخطاب ساهم فى تأجيج ردود فعل مماثلة من الأطراف الأخرى، مما عمّق حالة الاستقطاب الطائفي، وأدى إلى استدامة الصراع بدلًا من إيجاد حلول سياسية واجتماعية.
إضافةً إلى ذلك، يحمل هذا الخطاب خطرًا أوسع يتمثل فى إعادة إنتاج التوترات الطائفية حتى بعد انتهاء النزاعات العسكرية، حيث يزرع فى أذهان أتباع التنظيم عقيدة تقوم على اعتبار الآخر "عدوًا أبديًا" لا يمكن التعايش معه. وبهذا، يصبح العنف ضد الأقليات والمخالفين ليس مجرد تكتيك عسكرى مرحلي، بل جزءًا من هوية أيديولوجية مستمرة، تُغذيها مفاهيم مثل "الولاء والبراء" وفق تفسير داعش. وهذا ما يجعل هذا النوع من الخطاب تهديدًا مستمرًا، ليس فقط فى مناطق النزاع، بل فى أى مجتمع يتعرض لهذه الأفكار التحريضية، حيث يمكن أن تؤدى إلى هجمات فردية أو عمليات إرهابية تستهدف الأقليات فى أى وقت.
رفض المفاهيم السياسية الحديثة
يعكس الخطاب الوارد فى افتتاحية "النبأ" موقفًا جذريًا من الدولة الوطنية الحديثة والقانون الدولي، حيث يرفض أى صيغة سياسية لا تستند إلى مفهوم "الخلافة الإسلامية" وفق تصوّرات التنظيم. يُنظر إلى الدولة القومية، التى تقوم على المواطنة بغض النظر عن الدين، باعتبارها كيانًا "جاهليًا" يستند إلى قوانين وضعية تناقض "حكم الله"، وبالتالى يجب هدمها وإحلال "دولة إسلامية" مكانها. هذا الرفض المطلق لا يقتصر على الأنظمة الحاكمة فحسب، بل يمتد إلى جميع الأطر القانونية والسياسية التى تنظم العلاقات داخل المجتمعات، ما يجعل الخطاب فى حالة قطيعة تامة مع النظام السياسى العالمى المعاصر.
تنعكس هذه الرؤية فى الموقف المتطرف من القانون الدولي، حيث يتم تصويره على أنه "وثنية حديثة" تُفرض على المسلمين من قبل "الصليبيين والمرتدين". يتم التعامل مع الاتفاقيات الدولية، مثل معاهدات حقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة، باعتبارها جزءًا من مشروع استعمارى يسعى لتقويض "الأمة الإسلامية"، ما يبرر، وفقًا للخطاب، رفض الالتزام بأى قوانين أو معايير دولية. حتى المفاهيم التى تتعلق بحماية الأقليات أو ضمان الحقوق المدنية يتم اعتبارها أدوات لخداع المسلمين وإخضاعهم لحكم "الطاغوت". هذا التصور يخلق مناخًا يعادى أى شكل من أشكال الانخراط السياسى أو الدبلوماسى مع العالم الخارجي، ما يعزل أتباع التنظيم فكريًا وسياسيًا عن أى بدائل أخرى.
هذا الرفض الجذرى لا يؤدى فقط إلى القطيعة الفكرية مع الدولة الحديثة، بل ينتج عنه نهج تصادمى يجعل أى محاولة للتفاوض أو التسوية مستحيلة. فالتنظيم لا يكتفى برفض الدولة الوطنية نظريًا، بل يشرعن محاربتها فعليًا، ويعتبرها عدوًا يجب القضاء عليه. ونتيجة لهذا الموقف، يُمارس التنظيم العنف ضد كل من يتبنى نموذج الدولة الحديثة، سواء كانوا حكومات أو جماعات معارضة له، بما فى ذلك الحركات الإسلامية الأخرى التى قبلت بفكرة الدولة القومية. وبهذا، يتحوّل الخطاب إلى عامل يُعمّق الصراعات بدلًا من أن يطرح رؤية قابلة للتطبيق سياسيًا، مما يجعله فى حالة صدام دائم مع الواقع السياسى والاجتماعي.
فكر إقصائي
رغم أن الخطاب الوارد فى افتتاحية "النبأ" يركز على مهاجمة النظام السورى بوصفه "نظامًا مرتدًا"، إلا أنه لا يوفر أيضًا الفصائل الإسلامية الأخرى من النقد والهجوم الحاد. يُنظر إلى تلك الفصائل على أنها "متخاذلة" لأنها لم تتبنَّ بالكامل رؤية التنظيم للحكم الشرعي، أو لأنها دخلت فى تحالفات محلية وإقليمية تتطلب الاعتراف بأنظمة وقوانين تُعتبر، وفقًا للخطاب، "جاهلية". هذا الموقف يُظهر طبيعة التنظيم الإقصائية التى لا تقتصر على خصومه السياسيين أو الأيديولوجيين المباشرين، بل تمتد لتشمل حتى الحركات الإسلامية التى قد تتشارك معه فى بعض الأهداف العامة، لكنها تختلف فى آليات العمل أو الرؤية السياسية.
يكشف هذا الخطاب عن نزعة شمولية داخل التنظيم، حيث يُصوّر نفسه على أنه الممثل الوحيد "للإسلام الصحيح"، ويضع الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تبنّى رؤيته بالكامل، أو الوقوع فى دائرة "الردة والانحراف". وبهذا، يتم تصوير الفصائل الإسلامية الأخرى، سواء أكانت ذات توجهات سلفية، إخوانية، أو جهادية، على أنها حركات "مُساوِمة" أو "مُرتدة" بسبب قبولها ببعض القواعد السياسية الحديثة، مثل الانتخابات، أو تعاملها مع المجتمع الدولي. هذا النهج يجعل التنظيم فى حالة عداء مستمر، ليس فقط مع القوى العلمانية أو الأنظمة الحاكمة، ولكن حتى مع أقرب الفصائل الإسلامية إليه، ما يعكس استحالة بناء أى تحالفات حقيقية معه.
هذا الإقصاء لا يُترجم فقط إلى صراع أيديولوجي، بل يؤدى إلى مواجهات عسكرية مباشرة، حيث يستهدف التنظيم الفصائل الإسلامية الأخرى بقدر ما يستهدف الأنظمة السياسية القائمة. إذ يعتبر أن أى تنظيم مسلح لا يتبنى مشروعه بالكامل هو "عدو داخلي" يجب تصفيته، مما يؤدى إلى معارك دامية بينه وبين فصائل أخرى يفترض أنها تقف فى معسكره نفسه ضد النظام السوري. هذا الصراع الداخلى يُضعف القوى الإسلامية المسلحة، ويفتح المجال أمام مزيد من التفكك داخل المشهد الجهادي، مما يعكس مدى تطرّف الخطاب واستحالة اندماجه حتى داخل بيئته القريبة.
ويمثّل هذا النص نموذجًا متطرفًا فى خطاب الجماعات الجهادية، حيث يعيد إنتاج سرديات العداء المطلق، ويؤسس لمنظور إقصائى للعالم يقوم على تصنيف البشر وفق ثنائية "الإيمان والكفر". يعتمد الخطاب على تحريف المفاهيم الدينية والتاريخية لخدمة مشروعه السياسي، ما يجعله جزءًا من الدعاية التى تحاول خلق واقع عنيف يُبرر وجود التنظيم وأفعاله.