تحل في 9 ديسمبر الذكرى الثامنة والخمسين لحل الحزب الشيوعي بواسطة البرلمان وطرد نوابه منه. وهي حادث سياسي جلل يعيد النظر في جدواه من ارتكبوه أو من ورثوه عنهم. وآمل ألا تكون قصارى ذكرانا لتلك الحادثة بمثابة تأنيب ضمير، أو تأسياً لأعراضها اللاحقة على جسدنا السياسي. وصح هنا، كما صح في حال الحركة الإسلامية، أن نسأل أنفسنا: ماذا خسرنا بكبوة الحزب الشيوعي التي لعب فيها حله في 1965 دوراً لا خلاف حوله؟ ويحتاج الناظر في هذه الخسارة إلى معرفة أفضل بتاريخ الحزب الشيوعي وصراعاته منذ حله.

وهي معرفة لا غني لكتابات الشيوعيين فيها. وأهل الرأي عندنا (بما فيهم الشيوعيون بل ربما على رأسهم) لا يقيمون وزناً لأدب الحزب الشيوعي ويعتقدون أنهم إذا عرفوا شيئاً من أدب الحزب الشيوعي الفرنسي أو ما شئت فكأنك عرفت أدب الحزب الشيوعي السوداني جميعاً. وكم غاظني كتاباً ذوي دربة يخوضون في تاريخ هذا الحزب بغير كتاب منير ويكثرون من الشواهد المزجاة (anecdotal) مثل قال أبو سن حدثه المحجوب أن عبد الخالق قال.
أريد هنا أن أستعيد ذكرى أليمة لواقعة تراجيدية تمت خلال حملة الاحتجاج على حل الحزب. فقد اتفق لرفيقنا عبد الله السماني، من أهالي مدني، أن يفدي الحزب فينتحر بإشعال النار في جسده. رحمه الله. وكان ذلك النوع من الاحتجاج شاع بين الكهنة البوذيين في كوريا الجنوبية كما أعتقد وطفحت بأخباره الصحف.
وممن ذكر استشهاد عبد الله السماني المرحوم الخاتم عدلان في حديث له مع مجلة الخرطوم الجديدة. قال إنه ورفاقه خاضوا معركة حل الحزب الشيوعي في مدني. وكان طالباً بثانويتها وصديقاً لعبد الله السماني الطالب بالكلية المهنية بمدني. وعلى بعد الكلية من ثانوية المدينة اتصلت المودة بين الطالبين لأنهما كانا عضوين بمكتب الطلاب الشيوعيين في مدني. وكان ثالثهما بالمكتب تاج الأصفياء الذي مثل المدرسة العربية. وكانوا دفعة في الالتحاق بالحزب. وشاركوا في موكب احتج على حل الحزب في مدني. وكان السماني مفرط الانفعال يندد بالمحجوب والصادق المهدي. ثم صب جالون جاز على نفسه وأحرق نفسه والهتاف لم ينقطع حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وذكر علي عبد القيوم السماني في ديوانه "الخيل والحواجز":
يسحقني الحزن لأن الفتى
إذ عطّر بالغاز أنفاسه
وأشعل الثقاب ثم انفجر
قد كان يدري . . . ويا حسرتي
أن صباحاً جميلاً عميقاً أغر
تحصن من ظلمات الليالي
بجوف كؤوس الزهر
وأغرى بهجراننا مهرجان الغمام
ووقع هديل الحمام
ورعش المطر
لكنه . . . ويا أسفي
وبعد أن أيقظنا
بشرنا بالنصر ثم انتحر!
أذكر للخاتم كلمات قلائل منها "هديل الحمام" راوح عليها طويلاً في أمسية أدبية ونحن بسجن شالا بدارفور يوماً. أيام!

 

IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تعلن اغتيال قياديين في الحزب.. من هما؟

أعلن الجيش الإسرائيليّ، اليوم الأحد، إستهداف قياديين في "حزب الله" في منطقة الخيام - جنوب لبنان. وذكر بيان لجيش العدو أن قوات من الفرقة 91 إلى جانب طائرات سلاح الجو، اغتالت فاروق أمين العاصي وهو قائد سرية لـ"حزب الله" في الخيام، في حين جرى أيضاً استهداف يوسف أحمد نون، وهو قائد فصيلة في قوة الرضوان بمنطقة الخيام أيضاً. وزعم جيش العدو أنّ نون كان يُشارك في إطلاق صواريخ ومضادة للدروع باتجاه إسرائيل.  

مقالات مشابهة

  • «دفاع مدني أبوظبي» تحصد جائزة في سنغافورة
  • حزب الله ينفي مزاعم العدو اغـتيال ابو علي رضا
  • حبس 3 سنوات وتعويض مدني.. الحكم على المتهمين في قضية غرق معدية أبو غالب
  • ترامب: لم أعترف بالهزيمة وكان يجب ألا أغادر البيت الأبيض
  • الأكارم والكريمات في الحزب الشيوعي في المملكة المتحدة وآيرلندا، «ما دهاكم؟»
  • الأكارم والكريمات في الحزب الشيوعي في المملكة المتحدة وآيرلندا، “ما دهاكم؟” إن الحزب الشيوعي ما زال حزباً كبيراً!
  • مديرة صندوق النقد الدولي: شرفت بلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وكان اللقاء مثمرا وملهما
  • إنتهاء الحرب سريعاً.. كيف يخدُم حزب الله؟
  • الحزب الشيوعي السوداني يصدر بيانًا بشأن أحداث لندن  
  • إسرائيل تعلن اغتيال قياديين في الحزب.. من هما؟