سودانايل:
2024-07-04@12:30:33 GMT

الموقف السوداني الصحيح هو وقف الحرب

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

كتبت في الأسبوع الماضي عن الانقسام الحدي في المجتمع السوداني بين مؤيدي الحرب ومعارضيها، وعن الالتباس في الموقفين، حيث إن المؤيدين للجيش السوداني صاروا بالضرورة مؤيدي استمرار الحرب، وإن معارضي الحرب يتم تصنيفهم على أنهم داعمون لـ«قوات الدعم السريع»، وهذا خلط لا يصمد أمام أي تحليل موضوعي للمواقف ومقدماتها ومآلاتها.

وليس هناك ما يمنع أن يكون الداعمون للجيش السوداني هم في نفس الوقت معارضون للحرب لأنهم رأوا مآلاتها، ووصلوا لقناعة ألا خير فيها لأي طرف في الوطن، وليس هناك أي سبب يجعل أي رافض للحرب بالضرورة مؤيداً لـ«الدعم السريع»، لأن هذا التصور يقول إن «قوات الدعم السريع» رافضة لاستمرار الحرب، وليست هذه حقيقة الموقف على الأرض.

المؤيدون للقوات المسلحة في حربها مع «الدعم السريع» ينطلقون من أن وجود «الدعم السريع» خطر حقيقي على الوطن وأمنه القومي، وأنه ما دامت «قوات الدعم السريع» بدأت الحرب، فإنها أعطت القوات المسلحة الفرصة لتصفيتها بشكل سريع ومباشر، وتتحقق واحدة من شعارات ثورة ديسمبر؛ بأن تكون هناك قوات مسلحة موحدة، وأن يتم حل «قوات الدعم السريع» («الجنجويد» في التسمية الشعبية). وبناء على هذا الموقف، فقد تم عَدّ أي موقف مجافٍ لهذا الموقف بالضرورة خيانة وطنية وتخذيلاً للجيش الوطني ودعماً لـ«قوات الدعم السريع». حسنٌ... هل يسير الأمر كما يتمناه هؤلاء...؟

الواقع الآن يقول إن موقف القوات المسلحة متدهور جداً، وإنها تفقد كل يوم بعض مواقعها؛ فبعد نحو 8 أشهر من الحرب، تحتل «قوات الدعم السريع» ثلاثة أرباع ولاية الخرطوم، وبعض مساحات في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض، وبعض مدن ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان، وأربع من 5 ولايات في دارفور. وتنحصر الوحدات العسكرية للقوات المسلحة في ولاية الخرطوم داخل ثكناتها فيما تبقى من سلاح المدرعات وسلاح الذخيرة في الشجرة وجزء من القيادة العامة في مدينة الخرطوم، وفي سلاح الإشارة في الخرطوم بحري، وسلاح المهندسين والسلاح الطبي في أمدرمان ومنطقة كرري العسكرية ووادي سيدنا.

ورغم أن القوات المسلحة لا تعلن عن شهدائها من الجنود والضباط، فإن صفحات وسائل التواصل الاجتماعي تحمل كل يوم صور عشرات من شباب غضّ من صفوف الجيش أو المتطوعين المنضمين حديثاً الذين ماتوا في الحرب، وخلَّفوا وراءهم حسرة وأسى.

شهادات ضباط وجنود القوات المسلحة في الحاميات التي استسلمت لـ«قوات الدعم السريع» في زالنجي والضعين وبابنوسة والمجلد وغيرها تتحدث بحسرة عن الإهمال الذي تعرضوا له، ونقص المعدات والسلاح والذخيرة والغذاء، وعن عدم صرف المرتبات لأشهر طويلة.

انتهاكات «قوات الدعم السريع» لا تتوقف؛ كلما دخلوا منطقة عاثوا فيها فساداً، فسرقوا ونهبوا وقتلوا، والقوات المسلحة غير قادرة على إيقافهم أو حماية المدنيين؛ فهي تكتفي بمحاولة حماية ثكناتها. وإن فعلت شيئاً، فهي ترسل طائراتها لتقصف بلا هدى، فيعاني المواطنون الأمرَّين، وما لم تدمره قاذفات «الدعم السريع» تتكفل به طائرات الجيش.

قيادة الجيش الحالية أهملت القوات المسلحة، وانشغلت بالعمل السياسي وعالم الأعمال، وتركت الساحة لـ«قوات الدعم السريع» لتنمو وتتزايد وتتسلح، حتى أصبحت القوات المسلحة عاجزة عن ردعها. والقيادة الحالية للقوات المسلحة تآمرت على الفترة الانتقالية والحكم المدني، ونفَّذت انقلاباً عسكرياً في أكتوبر (تشرين الأول) 2021م بالتآمر مع الجنرال حميدتي و«قوات الدعم السريع»، واتجهت للاحتماء بإسرائيل وعقد الصفقات معها، ومنحت روسيا قاعدة بحرية، وقتلت 200 من المتظاهرين السلميين ضد الانقلاب. بعد هذا كله يحاول البعض أن يقول إن الوقوف مع القيادة الحالية للجيش هو الموقف الوطني الصحيح، بينما الوطن ينهار طوبة طوبة، وليس لهذه القيادة أي فكرة أو قدرة على وقف الانهيار، وهي ببساطة لا يمكن أن تؤتمن على الوطن ولا جيشه ولا مواطنيه.

هل الموقف الصحيح هو الوقوف مع «قوات الدعم السريع»...؟ بالتأكيد: لا، فهي تثبت كل يوم أنها ميليشيا قبلية متفلتة، ترتكب الجرائم والانتهاكات حيثما وُجدت، وهي قوة هدم وليست قوة بناء، ولم تستطع ولن تستطيع إدارة المناطق التي تقع تحت سيطرتها؛ فهي تكتفي بنهبها وسلبها وتدمير كل أوجه الحياة فيها.

الموقف الوطني الصحيح هو المطالبة بوقف الحرب بدءاً بوقف إطلاق النار وإزاحة المظاهر العسكرية في المدن بما فيها خروج «الدعم السريع» من منازل المواطنين، ثم دعوة «القوى المدنية الديمقراطية» للتحاور فيما بينها لوضع تصور عملي للانتقال وتصفية الميليشيات وبناء جيش قومي موحَّد، وتكوين لجنة تحقيق دولية بإمكانيات عالية في جرائم الحرب، وإحالة المنتهكين لمحاكمات دولية.

لا يزال عظم الوطن قوياً وقادراً على تحمل أعباء إعادة البناء، مع صعوبتها، إذا توفرت الرغبة والإرادة الشعبية، وإن استمرت الحرب فقد ينهار عظم الوطن ويتهاوى... ويتلاشى وطن عظيم اسمه السودان.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لـ قوات الدعم السریع القوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

البرهان يحدد شروطا للتفاوض مع الدعم السريع.. وتوسع في خطة مساعدة السودان

شدد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، على شرطه عدم الانخراط في مفاوضات مع قوات الدعم السريع إلا في حال "ذهب الجيش بعزة للتفاوض"، وذلك على وقع احتدام المعارك المتواصلة بين الجانبين المتنازعين منذ العام الماضي.

وقال البرهان في كلمة له أمام عدد من المقاتلين، الثلاثاء، إن "الجيش لن يخضع لأي ابتزاز، ولن يدخل في أي تفاوض يسلب هيبته، ولا يلبي طموح الشعب السوداني".

وأضاف "نحن دعاة سلام، ولا نرغب في الحرب، ولكن لن نتفاوض بشكل مهين، ولن نذهب للتفاوض إلا بعزة"، مطالبا الوسطاء "بحث ميليشيا الدعم السريع للخروج من منازل المواطنين".

وشدد البرهان على أنهم "لن يتفاوضوا مع عدو يستمر في الانتهاكات، ولا مع من يؤيده، وواجبنا إعداد العدة للقتال، ونرى الانتصار أمامنا كما نراكم الآن"، حسب تعبيره.


وقال إن الجيش "ربما يخسر معركة، ولكنه لم يخسر الحرب"، مردفا: "إذا خسرنا أشخاصا، فالسودانيون كثر، وكل الشعب السوداني يقف مع الجيش، عدا فئة ضالة تساند الباطل وميليشيا الدعم السريع".

واختتم حديث أمام المقاتلين بالقول إن "هذه البلاد لن تسعنا مستقبلا، إما نحن أو هم، ونحن ملتزمون أن نسلم الشعب السوداني الوطن خاليا من التمرد، أو نفنى جميعا كقوات مسلحة"، حسب تعبيره.

توسع خطة مساعدة السودان
يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، توسيع خطة الاستجابة الإقليمية لمساعدة اللاجئين السودانيين بإضافة دولتي ليبيا وأوغندا، موضحة أنها "تسعى إلى الحصول على موارد إضافية لدعم ملايين الأشخاص الذين أجبروا على الفرار".

وأشارت المفوضية في بيان،  إلى أنها سجلت أكثر من 20 ألف لاجئ سوداني وصلوا إلى ليبيا منذ نيسان /أبريل  2023، فيما استقبلت أوغندا 39 ألف لاجئ سوداني منذ بداية الحرب، عند التاريخ ذاته، حسب وكالة الأناضول.


ومنذ نيسان/ أبريل 2023، تدور معارك عنيفة بين الجيش السوداني  بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ما تسبب في مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة.

وفي شباط/ فبراير الماضي، أطلق الجيش السوداني مهمة عسكرية للقضاء على "الدعم السريع"، بعدما فشلت مفاوضات بينهما رعتها السعودية والولايات المتحدة في مدينة جدة خلال الفترة الماضية، بإحراز اختراق يقود إلى وقف الحرب التي دخلت شهرها الحادي عشر.

ولم تنجح مساع أفريقية تقودها "الهيئة الحكومية للتنمية شرق أفريقيا" (إيغاد)، بالجمع بين البرهان و"حميدتي"، تمهيدا لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات، وفقا لوكالة الأناضول.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن تحرير نساء من قبضة الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن صد هجوم للدعم السريع على منطقة الميرم بولاية غرب كردفان
  • شاهد بالفيديو.. الفنان عاطف السماني يقود احتفالات للجيش بمناطق أم بدة والدوحة بعد تحريرها وتنظيفها من قوات الدعم السريع والجنود يغنون معه في الشارع العام (طريق حبك)
  • الجيش السوداني يعلن صد هجوم للدعم السريع بغرب كردفان
  • الجيش السوداني يحدد 4 شروط للتفاوض مع الدعم السريع
  • البرهان يحدد شروطا للتفاوض مع الدعم السريع.. وتوسع في خطة مساعدة السودان
  • القائد العام للجيش السوداني يصدر قرارات جديدة
  • الانتحار السوداني ... متى يتوقف وكيف؟!
  • تدمير جسر الحلفايا الرابط بين بحري وأم درمان .. الجيش والدعم السريع يتبادلان الاتهامات
  • الجيش السوداني يتهم الدعم السريع بتدمير جزء من جسر رئيسي في الخرطوم