سودانايل:
2025-04-30@07:41:37 GMT

الموقف السوداني الصحيح هو وقف الحرب

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

كتبت في الأسبوع الماضي عن الانقسام الحدي في المجتمع السوداني بين مؤيدي الحرب ومعارضيها، وعن الالتباس في الموقفين، حيث إن المؤيدين للجيش السوداني صاروا بالضرورة مؤيدي استمرار الحرب، وإن معارضي الحرب يتم تصنيفهم على أنهم داعمون لـ«قوات الدعم السريع»، وهذا خلط لا يصمد أمام أي تحليل موضوعي للمواقف ومقدماتها ومآلاتها.

وليس هناك ما يمنع أن يكون الداعمون للجيش السوداني هم في نفس الوقت معارضون للحرب لأنهم رأوا مآلاتها، ووصلوا لقناعة ألا خير فيها لأي طرف في الوطن، وليس هناك أي سبب يجعل أي رافض للحرب بالضرورة مؤيداً لـ«الدعم السريع»، لأن هذا التصور يقول إن «قوات الدعم السريع» رافضة لاستمرار الحرب، وليست هذه حقيقة الموقف على الأرض.

المؤيدون للقوات المسلحة في حربها مع «الدعم السريع» ينطلقون من أن وجود «الدعم السريع» خطر حقيقي على الوطن وأمنه القومي، وأنه ما دامت «قوات الدعم السريع» بدأت الحرب، فإنها أعطت القوات المسلحة الفرصة لتصفيتها بشكل سريع ومباشر، وتتحقق واحدة من شعارات ثورة ديسمبر؛ بأن تكون هناك قوات مسلحة موحدة، وأن يتم حل «قوات الدعم السريع» («الجنجويد» في التسمية الشعبية). وبناء على هذا الموقف، فقد تم عَدّ أي موقف مجافٍ لهذا الموقف بالضرورة خيانة وطنية وتخذيلاً للجيش الوطني ودعماً لـ«قوات الدعم السريع». حسنٌ... هل يسير الأمر كما يتمناه هؤلاء...؟

الواقع الآن يقول إن موقف القوات المسلحة متدهور جداً، وإنها تفقد كل يوم بعض مواقعها؛ فبعد نحو 8 أشهر من الحرب، تحتل «قوات الدعم السريع» ثلاثة أرباع ولاية الخرطوم، وبعض مساحات في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض، وبعض مدن ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان، وأربع من 5 ولايات في دارفور. وتنحصر الوحدات العسكرية للقوات المسلحة في ولاية الخرطوم داخل ثكناتها فيما تبقى من سلاح المدرعات وسلاح الذخيرة في الشجرة وجزء من القيادة العامة في مدينة الخرطوم، وفي سلاح الإشارة في الخرطوم بحري، وسلاح المهندسين والسلاح الطبي في أمدرمان ومنطقة كرري العسكرية ووادي سيدنا.

ورغم أن القوات المسلحة لا تعلن عن شهدائها من الجنود والضباط، فإن صفحات وسائل التواصل الاجتماعي تحمل كل يوم صور عشرات من شباب غضّ من صفوف الجيش أو المتطوعين المنضمين حديثاً الذين ماتوا في الحرب، وخلَّفوا وراءهم حسرة وأسى.

شهادات ضباط وجنود القوات المسلحة في الحاميات التي استسلمت لـ«قوات الدعم السريع» في زالنجي والضعين وبابنوسة والمجلد وغيرها تتحدث بحسرة عن الإهمال الذي تعرضوا له، ونقص المعدات والسلاح والذخيرة والغذاء، وعن عدم صرف المرتبات لأشهر طويلة.

انتهاكات «قوات الدعم السريع» لا تتوقف؛ كلما دخلوا منطقة عاثوا فيها فساداً، فسرقوا ونهبوا وقتلوا، والقوات المسلحة غير قادرة على إيقافهم أو حماية المدنيين؛ فهي تكتفي بمحاولة حماية ثكناتها. وإن فعلت شيئاً، فهي ترسل طائراتها لتقصف بلا هدى، فيعاني المواطنون الأمرَّين، وما لم تدمره قاذفات «الدعم السريع» تتكفل به طائرات الجيش.

قيادة الجيش الحالية أهملت القوات المسلحة، وانشغلت بالعمل السياسي وعالم الأعمال، وتركت الساحة لـ«قوات الدعم السريع» لتنمو وتتزايد وتتسلح، حتى أصبحت القوات المسلحة عاجزة عن ردعها. والقيادة الحالية للقوات المسلحة تآمرت على الفترة الانتقالية والحكم المدني، ونفَّذت انقلاباً عسكرياً في أكتوبر (تشرين الأول) 2021م بالتآمر مع الجنرال حميدتي و«قوات الدعم السريع»، واتجهت للاحتماء بإسرائيل وعقد الصفقات معها، ومنحت روسيا قاعدة بحرية، وقتلت 200 من المتظاهرين السلميين ضد الانقلاب. بعد هذا كله يحاول البعض أن يقول إن الوقوف مع القيادة الحالية للجيش هو الموقف الوطني الصحيح، بينما الوطن ينهار طوبة طوبة، وليس لهذه القيادة أي فكرة أو قدرة على وقف الانهيار، وهي ببساطة لا يمكن أن تؤتمن على الوطن ولا جيشه ولا مواطنيه.

هل الموقف الصحيح هو الوقوف مع «قوات الدعم السريع»...؟ بالتأكيد: لا، فهي تثبت كل يوم أنها ميليشيا قبلية متفلتة، ترتكب الجرائم والانتهاكات حيثما وُجدت، وهي قوة هدم وليست قوة بناء، ولم تستطع ولن تستطيع إدارة المناطق التي تقع تحت سيطرتها؛ فهي تكتفي بنهبها وسلبها وتدمير كل أوجه الحياة فيها.

الموقف الوطني الصحيح هو المطالبة بوقف الحرب بدءاً بوقف إطلاق النار وإزاحة المظاهر العسكرية في المدن بما فيها خروج «الدعم السريع» من منازل المواطنين، ثم دعوة «القوى المدنية الديمقراطية» للتحاور فيما بينها لوضع تصور عملي للانتقال وتصفية الميليشيات وبناء جيش قومي موحَّد، وتكوين لجنة تحقيق دولية بإمكانيات عالية في جرائم الحرب، وإحالة المنتهكين لمحاكمات دولية.

لا يزال عظم الوطن قوياً وقادراً على تحمل أعباء إعادة البناء، مع صعوبتها، إذا توفرت الرغبة والإرادة الشعبية، وإن استمرت الحرب فقد ينهار عظم الوطن ويتهاوى... ويتلاشى وطن عظيم اسمه السودان.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لـ قوات الدعم السریع القوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني: مقتل 7 أشخاص بقصف للدعم السريع على الفاشر  

 

الخرطوم - أعلن الجيش السوداني، الأحد 27 ابريل 2025، مقتل 7 مدنيين من أسرة واحدة وإصابة 7 آخرين، جراء قصف مدفعي نفذته قوات "الدعم السريع" على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي البلاد.

وبحسب الفرقة السادسة مشاة للجيش في الفاشر في بيان، "قامت مليشيا الدعم السريع بقصف أحياء مدينة الفاشر بالمدافع أمس السبت، وأدى ذلك إلى استشهاد أسرة كاملة مكونة من 7 أشخاص، بينهم طفلة عمرها 5 سنوات".

كما أدى القصف إلى "إصابة 7 مدنيين آخرين، بينهم امرأة وكادر طبي بجروح عميقة، وتم نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج"، وفق المصدر ذاته.

وأكد البيان أن "الوضع في مدينة الفاشر تحت السيطرة، وقوات الجيش والقوات المساندة تعمل بتنسيق كامل، ولن يتم التفريط في شبر واحد من المدينة".

ولم تعلق "الدعم السريع" فورا على بيان الجيش السوداني، لكنها تواصل منذ أيام قصفا مدفعيا على الفاشر، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى، بحسب السلطات السودانية.

ومنذ 10 مايو/أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين قوات الجيش و"الدعم السريع" رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.

ويخوض الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش، وتسارعت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.

وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).

مقالات مشابهة

  • عاجل | مصدر عسكري بالجيش السوداني للجزيرة: ارتفاع عدد الجنود القتلى في قصف مليشيا الدعم السريع بمدينة كوستي إلى 11
  • هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع
  • الجيش السوداني: سقوط 41 مدنيا وإصابة عشرات بقصف مدفعي للدعم السريع في الفاشر
  • مع احتدام معارك الفاشر.. الدعم السريع تعرض ممرات آمنة للجيش
  • الحكم بإعدام “مصورة” قوات الدعم السريع شنقًا
  • موثقة بفيديو صادم.. تصفية أكثر من 31 مواطن على يد الدعم السريع بأم درمان في أبشع مجزرة وجريمة قتل بدم بارد.. مواقف مفاجئة من صمود والمؤتمر السوداني والأمة القومي
  • “أطباء السودان”: الدعم السريع قتلت 31 شخصا بينهم أطفال بالخرطوم “بتهمة الانتماء للجيش”، وفق بيان للشبكة، دون تعليق فوري من “الدعم السريع”
  • تصاعد استخدام المسيّرات في الحرب السودانية .. «قوات الدعم السريع» تواصل قصف مواقع مدنية وعسكرية
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 7 من أسرة واحدة بقصف الدعم السريع على الفاشر
  • الجيش السوداني: مقتل 7 أشخاص بقصف للدعم السريع على الفاشر