طلعت الطيب من الثورية إلي لتفكير العقلاني ” 1-2″
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
كتب الدكتور طلعت الطيب على جدارية " مركز ابحاث الديمقراطية و الدراسات الإستراتيجية" رؤوس موضوعات فلسفية ينشد بها حوارا، يرتقي بالناس من حالة الهتاف و الاصطفاف الذي أفرزته عملية الاستقطاب الحاد الجارية في المجتمع إلي التفكير العقلاني الذي يقدم حلولا منطقية للأزمة السودانية التي وصلت إلي أعلى درجاتها في الحرب.
قدم طلعت تسجيلا يشرح فلسفة كانط ثم علق عليها يقول ( قبل كانط كان الاعتقاد حول إمكانية قدرتنا على معرفة العالم هو الاعتقاد الساذج السائد و لكن كانط هو من أوضح بجلاء عكس ذلك و أن ما ندركه من معارف هو نسبي و مشروط بطريقة عمل العقل البشري. و لذلك أصبح العقل البشري هو محور الاهتمام الجديد مثلما صارت الشمس هي مركز دوران الأرض و الكواكب الأخرى) و يقول في شرحه لفلسفة كانط مقارنة برؤى االآخرين ( ملاحظ أن الكثير مما تسوقه الأحزاب الشيوعية خاصة في منطقتنا العربية و الأفريقية في أن مراحل التاريخ الأربعة من " مشاعي – اقطاعي – رأسمالي – أشتراكي" كمفاهيم ماركسية أصيلة هي في الواقع من بنات أفكار لينين ثم ستالين و لا علاقة لها بماركس على الإطلاق كما هو شائع و الذي كان قد تطرق فقط للمفهوم المادي للتاريخ. مثل ما تفعل المذاهب و الطوائف الإسلامية مثل الأخوان و الوهابية ما هي إلا محاولات لاحتكار التحدث بأسم الإسلام و مصادرة التعددية في المفاهيم الدينية لصالح تفسيراتهم لوحدهم. كذلك يفعل اليسار الشمولي، فالحزب الشيوعي كان قد تبنى النسخة اللينينية من الماركسية بينما هي في الحقيقة تحتوي على نسخ متعددة؛ مثل ماركسية التوسير في الغرب أو مدرسة فرانكفورت ثم الماركسية التحليلية و هذا على سبيل المثال لا الحصر) أن ما قدمه طلعت الطيب مدخل لحوار عقلاني لتيارات الفكر أتخذ من الفلسفة الكانطية قاعدة للإنطلاق.
أن طلعت حاول أن يقدم كانط كداعية للعقل و التجريب و القوانين الأخلاقية.. و معلوم أن كانط تتكيء فلسفته على العقل، و العقل التجريبي الذي يؤسس للمعرفة. و العقل عند كانط هو مصدر الأخلاق التي تعد كقوانين أخلاقية تحكم الواقع. و هي تترجم في أن الحقيقة التي يعتمدها العقل تأتي من التجريب و البحث العلمي و هي كلها نافعة للبشرية من خلال تقديرات العقل. في مسار أخر حاول طلعت أن يجر القاريء إلي الماركسية باعتبارها تلعب دورا الآن في الواقع السياسي السوداني، و يعتقده من خلال فهم خاطيء لا يؤسس على الماركسية كتيار معرفي عام يمكن التعامل مع المصدر و ليس التجارب التي الأخرى التي حاولت أن تكيف فلسفة المصدر وفقا لواقعها لذلك أتخذ الينينية مثالا باعتبار أن الحزب الشيوعي السوداني اتخذها مصدرا.
أن لينين أتخذ الماركسية مصدرا لمسار الثورة البلشفية في الاتحاد السوفيتي، و أهم اجتهاداته تتمثل في (الدولة و تصنيفاتها ديكتاتورية البوليتاريا و اشتراكية و الدولة الديمقراطية. و الصراع في كل منهما " الديمقراطية – الاشتراكية" و الدفاع عن الفلسفة المادية في مواجهة المثاليين.. و تصنيفات المكونات الاجتماعية المختلفة الشعبوية و النزعات اليسارية و غيرها.. ألي جانب نظرية المركزية الديمقراطية و نظرية الثورة و التحالفات التي تخلقها.. امتدادا إلي تطور الراسمالية إلي الامبريالية) أن تعدد رؤى الماركسية جاءت لتعدد البيئات الاجتماعية، و لينين و ستالين كل حاول أن ينهل من المصدر للماركسية و يطوعه بما يتلاءم مع الواقع الذي يريده، و مع ما يخدم مصالح الشخصية؛ مثل ستالين الذي أطاح و إغتال أي رأي مخالف لحكمه. و هناك الفيلسوف الفرنسي الماركسي لويس التوسير الذي كتب كتاب " إعادة قراءة رأس المال" و هو نقد لكتاب ماركس " رأس المال" و يفرق فيه بين ماركس الشاب الذي تأثر بمثاية هيجل وكان يدافع عن الأيديولوجية الهيجلية و بين ماركس المفكر الذي قدم علما و ليس فلسفة تتبلور في " المادية التاريخية" و التوسير الناقد للماركسية أيضا أثرت فيه البيئة التي يعيش فيها و هي المجهودات الفكرية التي قام بها عدد من المفكرين الماركسيين في فرنسا و اسقطت ديكتاتورية البوليتاريا، و تبنت الصراع السياسي عبر صناديق الاقتراع. و مدرسة فرانكفورت هي نفسها تشكل مرحلة نقد للماركسية و التي تسمى مرحلة " ما بعد الحداثة" و هي اجتهادات حاولت أن تنطلق من مصدر الماركسية و نقدها، هذا النقد لا يبتعد عن البيئة الديمقراطية التي عاش فيها فلاسفة معهد فرانكفورت في المانيا.
أن تطور الفكرة عند الدكتور طلعت؛ أملتها حالة الصراع السياسي في السودان، و التي تطورت إلي أعلى درجاتها الحرب، رغم ذلك أن العقلية عند النخبة السياسية ظلت كما هي، تتعامل مع أحداث الواقع كأن شيئا لم يكن، و يعتقد الدكتور طلعت أن الواقع لكي يتغير لابد من قراءة جديدة لمصادر الفكر الذي يحكم اجتهادات الناس، و يعتقد أن فلسفة كانط يمكن أن تكون أرضية جيد لكي تبعث الناشط في العقل، و لذلك يجب إعادة قرأتها لأنها تعتمد على العقل في تقيم الأشياء، و في نفس الوقت أنها تعتبر العقل مصدرا للعلم من خلال عمليات العلم التجريبي؛ أيضا هو مصدر لتموضع الأخلاق التي تكون في صياغات قانونية. أن طلعت وضع خطوط عامة دون ربطها بواقع السودان، ربما في أطروحاته القادمة يحاول أن يقيم عملية الربط، و هي مسألة في غاية الأهمية.
أن العقل السياسي يعاني حالة من الجمود جعلته لا يستطيع التفكير خارج الصندوق لكي يحدث تطورا في العملية السياسية، ربما يكون ذلك راجعا لطول فترات الحكم الشمولي إلتي أثرت سلبا على القوى السياسية، و على اداء الأحزاب، و أيضا طول فترة النظم الشمولية اوجدت تراكم كبير للثقافة الشمولية حيث اضعفت الثقافة الديمقراطية، و من خلال التجربة و الرصد أن السائد الآن ثقافة شمولية يتعامل بها الكل. نواصل. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
أليك تطلق “استراتيجية الروبوتات” التي تهدف إلى أتمتة 5٪ من أعمال البناء بحلول عام 2030
أعلنت شركة أليك عن “استراتيجية الروبوتات” التي تركز على تحويل عمليات البناء الأساسية من خلال استخدام حلول الأتمتة المتطورة، وجاء هذا الإعلان خلال فعالية يوم الابتكار السنوية التي تنظمها الشركة. وتماشياً مع أجندة الابتكار الأشمل التي تنتهجها الشركة، سيتضمن هذا البرنامج عقد أليك لشراكات استراتيجية مع الشركات الرائدة في مجال الروبوتات على مستوى العالم بهدف تطبيق حلول مبتكرة في مشاريع البناء التي تنفذها، وإدخال هذه التقنيات إلى المنطقة، مما سيسهم بالارتقاء بقطاع البناء بأكمله.
وتطرّق السيد باري لويس، الرئيس التنفيذي لشركة أليك إلى أن الشركة بتبنيها لهذه الاستراتيجية المبتكرة تظهر التزامها العميق بدعم المبادرات الحكومية في المنطقة، حيث قال: “نظراً لكون قطاع البناء يوظف نسبةً كبيرة من القوى العاملة، وانطلاقاً من كون أليك شركة مبتكرة وذات تفكير مستقبلي، فإنها تدرك مدى أهمية دمج الروبوتات في عملياتها. كما نعمل في الوقت ذاته بشكل وثيق مع جميع الأطراف ذات الشأن في هذا القطاع، فكل تقدّمٍ يطرأ على القطاع يعتبر تقدّماً لجميع الجهات العاملة فيه، وهذا يعني أن زيادة الاعتماد على الأتمتة على مستوى قطاع البناء كاملاً ستساعد في حل العديد من التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع، بدءًا من تعزيز الاستدامة ومعالجة نقص العمالة الماهرة إلى الإيفاء بالمتطلبات الدقيقة للمشاريع.”
وتمثل استراتيجية الروبوتات الجديدة التي تتبعها أليك امتداداً لمبادرة “الروبوتات المصغّرة” التي أطلقتها أليك خلال عام 2017، والتي تضمّنت منذ إطلاقها قيام الشركة باختبار تسعة حلول مبتكرة مرتكزة على الروبوتات، وتطبيق هذه الحلول بشكل فعلي في مشاريعها. وامتداداً لهذه الجهود الكبيرة، ستتعاون الشركة الآن بشكل وثيق مع الجهات الحكومية والجامعات المحلية والدولية والشركات المخضرمة والناشئة في مجال الروبوتات لتقييم ما يصل إلى 20 فكرة وشراكةً في مجال الروبوتات كل عام. وتهدف الشركة على مدار خمس سنوات إلى أتمتة 5% من أعمال البناء في مشاريعها من خلال تطبيق حلول روبوتية مدروسة ومتقدمة.
وخلال المرحلة الأولى من استراتيجية الروبوتات التي ستتبناها الشركة، تعتزم أليك التركيز على تحقيق الريادة في استخدام تقنيات الروبوتات العالمية التي أثبتت جدارتها بشكل فعلي، إضافةً إلى المساعدة في تسريع التقدّم الذي تحققه مشاريع الروبوتات الواعدة التي ما زالت قيد التطوير. وقد قامت الشركة بالفعل بتحديد بعض مزودي هذه التقنيات، واستعرضت أعمال العديد منهم ضمن فعاليات يوم الابتكار الذي تنظمه الشركة.
ومن بين الشركات الرائدة في مجال روبوتات البناء من جميع أنحاء العالم التي حضرت هذه الفعالية المتميزة، والتي كان عددها 14 شركة، كانت جامعة نيويورك أبوظبي، والتي تستكشف حلول الذكاء الاصطناعي والروبوتات لاكتساب البيانات بشكل ذاتي في مشاريع البناء. كما قدمت شركة (هيلتي HILTI) عرضاً توضيحياً مذهلاً لروبوتها (جايبوت Jaibot)، وهو روبوت بناء شبه مؤتمت، ومصمم لأعمال التركيب الميكانيكية والكهربائية وأعمال السباكة والتشطيب الداخلي. بينما أذهلت شركة (كونستركشن روبوتيكس Construction Robotics) الحضور بروبوتها (ميول MULE) ، وهو حل روبوتي مخصص للمساعدة على رفع الأوزان الثقيلة، وهو مصمم لتحميل المواد الثقيلة ونقلها وتنزيلها في مواقع البناء. أما في مجال الحلول المرتكزة على الطائرات المسيّرة الذي يشهد تقدّماً سريعاً، فقد تميزت شركة (أنجيلز وينغ Angelswing) بمنصتها الرقمية المزدوجة المبتكرة التي ترتكز في عملها على الطائرات المسيرة، والتي تعزز الفعالية والكفاءة طيلة فترة المشروع من مرحلة التخطيط وحتى إتمام التنفيذ.
وفي هذا الصدد، قال السيد عماد عيتاني، رئيس قسم الابتكار في شركة أليك: “في خضم التحولات الكبيرة التي يشهدها سوق البناء، يمثل الوعي البيئي والتقدم التكنولوجي السريع فرصةً مثالية أمام قطاع البناء لتحقيق القدّم السريع نحو عصر يتسم بالكفاءة المعززة والاستدامة والتميز، وتقود أليك مسيرة التحول هذه. ومن خلال الدعم الكبير الذي يقدمه قسم الابتكار الذي نمثله، فقد تم إدماج ثقافة الابتكار في التكوين الجوهري للشركة. كما مكنتنا أطر العمل المصممة بدقّة متناهية من وضع أهداف واضحة ذات معالم ملموسة تضمن استمرارية التطور. وبصفتها شركة البناء الرائدة في المنطقة، فإنّ أليك تدرك تماماً أن نجاحاتها ستقف شاهدةً على القيمة والجدوى التي تتمتع بها الأساليب الجديدة المتبعة في عالم البناء. وانطلاقاً من هذا الإدراك، سنواصل التعاون وعقد الشراكات مع أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم لتقديم أفضل الحلول والتفوق على توقعات المساهمين لدينا”.