وجه طرفا النزاع في السودان، ضربة جديدة لأمال السودانيين في إنهاء الحرب المدمرة في بلادهم، بعدما أعلن الوسطاء تعليق مفاوضات الجيش والدعم السريع –غير المباشرة- في جدة السعودية.

الخرطوم _ التغيير

وسرت أنباء عن توصل الفرقاء في جدة لتوافقات بشأن إجراءات تعزيز الثقة، ما قاد إلى تسرب الأمل في نفوس الأهالي –هذه المرة- بإمكانية انتهاء الجولة الأخيرة بإعلان لوقف إطلاق النار بشكلٍ دائم، ما يقود لاستئناف بعضاً من مظاهر الحياة المتوقفة لزهاء التسعة أشهر.

وكشفت حصائل حديثة عن تبعات الحرب، عن ارتقاء ما يزيد عن 12 ألف مدني، وتشريد ما يربو على 6.5 مليون عن منازلهم، مع توسع رقعتها لتشمل مدناً وأقاليم جديدة، كل ذلك بالتزامن مع دمار غير مسبوق لمشروعات البنى التحتية.

وأعلن الوساطة العربية – الغربية، عن تعليق أعمال المنبر، بعد فشل الطرفين في إحراز أيّ تقدم، بل وسط أنباء عن حالات نكوص عن التوافقات السابقة.

ولتكتمل قتامة المشهد، جاء الانهيار بالتزامن مع الإعلان عن إنهاء تفويض البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس)، وهو أمراً وجد ترحيباً كبيراً في المعسكر الداعم للحرب.

وكالعادة، تبادل الطرفان الاتهامات بشأن المسؤولية عن انهيار المنبر، إذ يقول الجيش إن الدعم السريع تمنع عن الخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية، بجانب إصراره على إقامة نقاط ارتكاز عسكرية في العاصمة مع إبقاء عناصره المسلحة تجوب المدينة.

في المقابل، تعترض قوات الدعم السريع على تراجع الجيش عن تعهداته بتوقيف قادة النظام البائد الموقوفين على ذمة قضايا، وفي مقدمتهم نائب المخلوع، علي عثمان طه، والأمين العام للحركة الإسلامية المحلولة علي كرتي، وأحمد هارون المطلوب مع البشير وآخرين عند قضاة المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية في دارفور في الفترة من 2003 – 2008.

وتشمل لائحة اعتراضات الدعم السريع على الجيش، ما يصفه باستمرار التصعيد الإعلامي، بجانب إصراره على عدم إدخال المساعدات الإنسانية لدارفور وكردفان عبر مطارات الإقليمين.

سر التعنت

وتحسرت القوى المدنية الداعمة للديموقراطية، من انهيار منبر جدة، لكونه يعني بالضرورة تفاقم الأزمات الأمنية والاقتصادية وارتفاع كلفة فاتورة الحرب.

وفي الصدد، ألقى حزب الأمة القومي، في بيان باللائمة على من أسماه (الطرف المتشدد) بالوقوف وراء انهيار الجولة.

وقال الباحث في الشؤون العسكرية، المقدم (م) أحمد فضل المولى، إن الجيش يظهر موقفاً متشدداً في المفاوضات على الرغم من تقهقهره في الميدان.

واستدل بتقرير مجلة الإكونوميست القائل: “هناك عدم تطابق صارخ بين ضعف الموقف العسكري للقوات المسلحة السودانية وموقفها التفاوضي المثير للسخرية”.

وعزا في حديثه مع (التغيير الإلكترونية) موقف الجيش لما وصفه بوقوع قائد الجيش، الجنرال عبد الفتاح البرهان، في براثن الإسلاميين، والإنابة عنهم في خوض معركتهم المؤجلة الوجودية ضد قوات الدعم السريع احتجاجاً على أدوار القوات في الإطاحة بالبشير في 2019.

وقال فضل المولى إنه من الغريب أن تظهر قوات الدعم السريع الموصوفة بشبه العسكرية مرونةً تفاوضية على الرغم من سيطرتها على معظم الخرطوم وغالبية إقليم دارفور، وأجزاء غير قليلة من كردفان.

وحثّ قادة الجيش من باب المسؤولية على وقف التصريحات المؤيدة للحرب، والاستجابة لصوت العقل والمنطق، مع تقديم التنازلات الكفيلة بإنهاء أزمة الأهالي التي وصلت حد وضعهم عند في خيام النزوح، وعلى تخوم المجاعة.

رأي مغاير

في المقابل، يعتقد المحلل السياسي، مجاهد حسب الله، أنّ الدعم السريع وراء انهيار جولات المفاوضات السابقة من خلال استمراره في الانتهاكات، واحتلال بيوت المواطنين، علاوة على تمسكه بالاحتفاظ بقواته المنفلتة -على حد قوله- في قلب المدن.

وقال لـ(التغيير الإلكترونية) إن مليشيا الدعم السريع الممتعضة مما يصفه تصريحات قادة الجيش، تمارس العدائيات علانيةً بالتزامن مع جولات التفاوض بالانفتاح على المناطق الآمنة، وترويع أهلها، وسلب ممتلكاتهم بطرق غاية في الهمجية والبربرية.

ولفت إلى أن الجيش في الحرب الحالية وإن لم يكن يعبر عن جميع السودانيين، فإنه يعبر على الأقل عن السواد الأعظم منهم، خاصة سكان الخرطوم ودارفور الذين فر معظمهم هرباً من تفلت عناصره، ما يعني إن مواقفه في التفاوض تتأسس على رغبة المنكوبين بعودة آمنة إلى ديارهم.

وشدد على أن حرص المليشيا –حد تعبيره- على وضع نصوص تحفظ بقائها وسط المدنيين، يدفع الجيش للمضي قدماً في الخيار العسكري كونه الأمثل في هذه الحالة لحفظ أرواح المواطنين.

وختم حسب الله، ما يسميه زهد الدعم السريع في إنهاء الحرب عبر التفاوض، بإرسال مفاوضين ضعاف الخبرة والحيلة إلى جدة.

وتابع: يستمر الغياب المحير للجنرال محمد حمدان دقلو حميدتي، وأخوه غير الشقيق عبد الرحيم المشمول بعقوبات الخزانة الأمريكية، فيما يظهر (أولاد صغار) تعوزهم الإرادة والخبرة في المنبر، نزولاً عند توصيف المستشار توت قلواك.

النتائج

السؤال الأهم الذي يحتاج لإجابة حاسمة بعد الإعلان عن انهيار المفاوضات، هو الخاص بـ: إلى أين تمضي الأوضاع؟

نبتدر ذلك بالمحلل مجاهد حسب الله، الذي يقول إن خيار الحسم العسكري بات الأكثر رجاحةً وموضوعيةً، حيث سيلجأ الجيش مضطراً لاستخدام أقصى درجات العنف والقوة، مدعوماً بما وصفه بالرأي الشعبي الذي ملَّ من اتخاذ المليشيا للمفاوضات فرصة لإطالة أمد الأزمة، وكسب أراضٍ جديدة، مع زيادة تسليحها وعتادها الحربي.

في الضفة الموازية، يرى أحمد فضل المولى، إن الأمور ناحية إلى تدخل دولي سافر في الشأن السوداني، يعزز من ذلك تأكد الوسطاء بزهد الطرفين في الوصول إلى تسوية سياسية، وتفاقم الأزمة في السودان بدرجة تهدد الأمن والسلم الإقليميين، وليس نهاية باستمرار حكومة الأمر في إظهار عدائها للكيانات الدولية.

وعبر عن دهشته مما وصفه بحالة السعادة التي اجتاحت من نعتهم بنافخي كير الحرب من إنهاء تفويض بعثة (يونيتامس) والتصريح بأن ذلك انتصار صريح لسلطة الانقلاب.

وقال إن ذلك يعني أمراً واحداً هو قرب استخدام مجلس الأمن للبند السابع، لفرض الأمن في السودان، بالقوة.

الوسومأمريكا إنهيار البند السابع السعودية الوساطة جدة مفاوضات

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا إنهيار البند السابع السعودية الوساطة جدة مفاوضات

إقرأ أيضاً:

معارك الجيش السوداني والدعم السريع تشعل الخرطوم

المناطق_متابعات

تفاقمت حدة المواجهات المشتعلة في العاصمة الخرطوم منذ فجر (الخميس) وحتى صباح اليوم (الجمعة) بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع. وأكدت مصادر سودانية وشهود عيان تجدد المواجهات العسكرية العنيفة بين الطرفين، لليوم الثاني على التوالي في محور وسط الخرطوم.

وتحدثت عن أصوات انفجارات متقطعة وأسلحة ثقيلة سُمعت في منطقة المقرن بوسط المدينة، فيما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من محيط المنطقة. وقصفت قوات الدعم السريع باستخدام المدفعية الثقيلة، وبصورة متقطعة، مواقع الجيش في مدينة أم درمان.

أخبار قد تهمك “الصحة العالمية”: توقّف عدد من المستشفيات عن العمل في مناطق الصراع بالسودان 27 سبتمبر 2024 - 4:36 مساءً مكتب الأوتشا : الجوع والنزوح وتفشي الأمراض تهدد حياة الملايين في السودان وسط نقص حاد في التمويل 21 سبتمبر 2024 - 6:20 صباحًا

وكان الجيش السوداني شن في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث، أوسع عملية عسكرية استخدم فيها الطائرات الحربية والمسيرة، إلى جانب المدافع الثقيلة والأسلحة المتوسطة، إضافة إلى قوات برية تزامنت تحركاتها في معظم مقار وقواعد الجيش بالعاصمة. وعبرت قوات الجيش من مدينة أم درمان إلى العاصمة الخرطوم لتبدأ واحدة من أكبر وأسخن المعارك البرية.

وكانت النقطة الأسخن منطقة وسط الخرطوم، أي السوق العربية والمقرن، حيث وصلتهما قوات الجيش عبر جسرين. ونفّذت حشود الجيش ضرباتها ضد الدعم السريع، في خطة مدعومة بالمقاتلات الحربية ومدفعيات عسكرية، وفقا لمصدر عسكري.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعرب خلال لقاء مع قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان عن «قلقه البالغ» حيال تصعيد النزاع في السودان، فيما نددت الجمعيات الإنسانية بالجحيم الذي يعيشه المدنيون.

وتحدث غوتيريش خلال لقاء على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن قلق بالغ إزاء تصعيد النزاع في السودان، منددا بتداعياته المدمّرة على المدنيين السودانيين ومخاطر تمدّده إقليميا، وفق ما أفاد المتحدث باسم الأمين العام في بيان.

وبحث الطرفان الحاجة إلى وقف إطلاق نار آنٍ ودائم، والسماح بوصول الإغاثة الإنسانية إلى المدنيين «بدون عوائق».

فيما حذّر المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، من أن الأوضاع باتت مروعة في السودان. ودعت وكالات تابعة للأمم المتحدة ودول أعضاء خلال المؤتمر إلى اتخاذ تدابير ملموسة خصوصا لحماية المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية غير الكافية إطلاقا لسد الحاجات.

مقالات مشابهة

  • الآلية التقنية لقهر انتهاكات الجيش والدعم السريع
  • حاكم إقليم دارفور: جهات دولية دفعت الدعم السريع للسعي لامتلاك السودان بالقوة
  • السودان.. مقتل أكثر من 48 شخصا بقصف لقوات «الدعم السريع»
  • مقتل عشرات السودانيين خلال معارك بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم
  • تقرير تقصي الحقائق وقوة حفظ السلام هل تشكل مقدمه للفصل السابع
  • شبكة أطباء السودان: «18» قتيل حصيلة قصف الدعم السريع للفاشر اليومين الماضيين
  • مقتل 18 في قصف مدفعي للدعم السريع على الفاشر
  • عشرات القتلى في هجمات نفذها الدعم السريع في السودان.. ومعارك بالخرطوم
  • معارك الجيش السوداني والدعم السريع تشعل الخرطوم
  • 18 قتيلا في هجوم للدعم السريع في الفاشر غرب السودان